المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : واقع الأرصاد الجـوية (2) مقال حامد البراشدي


الخليل بن أحمد
21-12-2011, 08:39 PM
صباح الخير يا وطن
واقع الأرصاد الجـوية (2)
لـ حامد بن أحمد البراشدي

في الجزء الأول من هذا الموضوع كنت قد أوضحت بأنني لم أستهدف أي جهة مسئولة،حيث أن الكلام كان موجها بالدرجة الأولى إلى القارئ الكريم بشكل عام، ذلك لثقتي بأن مسئولينا بشتى مناصبهم يعلمون تماما ما تعانيه أرصادنا الجوية منذ أمد ليس بالقريب ، ولقد كانت هذه المعوقات وغيرها مما يؤرق مسيرة العمل لدينا مطروحة على طاولاتهم بشكل منظّم يحترم تسلسلهم الوظيفي ابتداء من أول مسئول مباشر إلى ان تجاوزت أروقة الوزارة حتى ما هو أبعد ولكم أن تتخيلوا!!
وإذا كان كلامي السابق موجها إلى الرأي العام، فليكن تالي الكلام إلى من يهمه الأمر وذو مسؤولية مناطة بواجبه، وليعلم الجميع بأنني لم أكن يوما متذمرا بالسجية، ولا ناقدا بالطباع، بنفس القدر الذي لا أجد فيه نفسي مع عمّ المجاملين، ومن أجل أن لا يتم حشري مع جمّة المتذمرين -والتي ذاع صيتها مؤخرا-، فإنني وقلمي في عراك مستمر كي لا أمدّه بالكتابة عن كل ما يؤرقني حول هذا الموضوع، وإن كنت أجد في الكتابة متنفسا لما يضيق به الصدر، و"من ضاق صدره اتسع لسانه"، لكن القلم أمانة يتوجب فيها مراعاة الرب قبل الضمير، ولأن المجال الذي أوثقنا به القدر ارتباطا هو خدمة المجتمع بالدرجة الأولى و بشتى فئاته، فإنني أرى أنه من حقنا أن نصارحكم بما يتوجب عليكم معرفته، فالأرصاد الجــوية في كل دول العالم باتت جزءاً لا يتجزأ من بنية المجتمع واهتماماته الرئيسة، بل أدركت العديد من الدول أهمية هذا القطاع الحيوي وتداخله في تخطيط الحياة الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية؛ فألحقته بجهات سيادية أو هيئات مستقلة بعيدا عن التعقيدات الروتينية للجهات الخدمية، وإذا كنا قد تعودنا بأن يقال لنا لا تقارنونا مع جيراننا غربا أو أشقائنا دول الخليج بحجة الفارق الكبير في الموارد، فلا بأس بأن نولي وجوهنا شطر الجنوب حيث أشقائنا في الجمهورية اليمنية والذين أسسوا "الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد" منذ أكثر من 35 عاما ومنح الأرصاد الجوية فيها الصفة الهيكلية والاعتبارية، على نقيض ما يبتغيه بعض مسئولينا حاليا في تأسيس "هيئتهم" من "إزاحة" أرصادنا الجوية عن الطيران المدني وإلى أماكن قد لا تمت لها بصلة وكأنها "كرة" تتقاذف في ملعب "المصالح"، وهو الأمر المتوقع والغير مفاجئ بالنسبة لموظفي الأرصاد الذين لا يرون أصلا في الحديث عن "الهيئة المزمعة" سوى شماعة لتعليق مطالبهم المشروعة المؤجلة، بعيدا عن التفاؤل في ظلّ الوضع الإداري الحالي الذي تسوده "التفرقة والتمييز" وعدم الاكتراث بقطاع الأرصاد وكأن لسان الحال يقول "سيما خت مقزح".
وللتوضيح فإن تواجد الأرصاد الجوية جنبا إلى جنب مع الطيران المدني تفرضه الحاجة الفعلية لعمليات الطيران إلى خدمات الأرصاد وليس العكس وذلك طبقا للملحق الثالث من معاهدة شيكاغو للطيران المدني الدولي والموقعة عام 1944م ، وكما هو معلوم فإن الأرصاد تقوم بأدوار شتى بالإضافة إلى خدمة الطيران، كالخدمات العامة للمجتمع والإعلام، والملاحة البحرية، والقطاع العسكري والأمني، والقطاع الخاص وغيرها من الخدمات التي تتطلب المشورة والقرار فيما يختص بأحوال الطقس والمناخ.
حوار طويل دار بيني وبين معالي الدكتور الوزير الموقر على إثر ما تم التطرق إليه من واقع للأرصاد الجوية في المقال السابق، اتفقنا أم اختلفنا في تفاصيل ما ذكرته من "بعض" الأمور التي تلخص الواقع الغير مرضي بالفعل لأرصادنا الجوية، إلا أنها كلمة حق يجب عليّ قولها وهي تفهم معاليه التامّ لجوهر الموضوع ووعده بالمتابعة والتطوير. لكنني أؤكد لمعاليه بأنه "ليست كل حقيقة تقال" و لا كل الهموم تكتب؛ وبالرغم من تقديرنا لانشغاله الكبير بأربعة قطاعات كبرى إلاّ أن الأرصاد الجوية بحاجة إلى تدخله السريع من خلال متابعته المباشرة ووجوده الشخصي بيننا كــ"صانع قرار"، لاسيما بعدما أضحى جلّ مسئولينا المباشرين يتوارون منا خشية "الأرق" أو "الصداع" الذي ربما ينتابهم من كثرة تشكينا و"الشكوى لغير الله مذلة"، بالرغم من حاجتنا المعنوية لوقوفهم بجانبنا خصوصا أثناء الحالات الجوية الاستثنائية.
دائما وقبل كل أنواء مناخية محتملة يتبادر إلى ذهني السؤال الأصعب، ما الذي تغير لدينا إيجابيا منذ الأنواء المناخية الأولى في العهد القريب "إعصار جونو"؟؟ وبعيدا عن الاستفادة المعرفية في عالم "إدارة الأزمات"، هل استفدنا من تجاربنا في تطوير ما من شأنه أن يعيننا في رسم تنبؤات أكثر دقة وواقعية تساهم في التخفيف من الأضرار المتوقعة؟؟؟
شخصيا لا استطيع التوهم بأننا أنجزنا الكثير، ونحن نشق طريق النصف الثاني من خامس عام بعد (جونو) لم نشهد التطور السريع الذي كنا نأمله ويأمله المواطن أو المقيم المستفيد من خدمات الأرصاد، فبالرغم من الاهتمام الرسمي الذي غمرنا مباشرة بعد تلك الأزمة والمتمثل في التكريم السامي لبعض من مسئولينا والذي نفخر به ونعدّه تكريما لجميع الأرصاد الجوية، إلا أن تنفيذ التوصيات بتطوير هذا القطاع الهام كانت ولا تزال بطيئة جدّا حتى وكأننا "نسمع قعقعة ولا نرى طحنا".
كنا نأمل بأن لا يغلق هذا العام أبوابه قبل وجود شبكة رادارات خاصة لمتابعة العواصف الرعدية تؤمّن تغطية أجواء السلطنة من شمالها إلى جنوبها، وشبكة من محطات الرصد الآلية تنتشر في كل ولاية من ولايات السلطنة، وتحديث كامل لأنظمة التنبؤات العددية بما يتلاءم مع طبوغرافية السلطنة، وتركيب نماذج عددية مختصة بمتابعة الحالات المدارية تفعّل جميعها مع منظومة التوابع الاصطناعية ضمن نظام متابعة دقيقة لحركة العواصف الرعدية والعواصف الغبارية وتيارات الرياح وغيرها من العوامل الجوية المؤثرة حتى يتم احتواء المناطق المعرضة للمخاطر وتحذير قاطنيها مبكرا قبل "سقوط الفاس في الرأس".
كنا نأمل أن يكثف الاهتمام بالتدريب، ويشجع البحث العلمي في هذا الجانب والذي يبدو مهملا بشكل يعرضك للحرج حينما تبحث عن مراجع توثيقية تستعين بها لدراسة ما.
كنا نأمل ولا زلنا نتأمل، لكنني لا زلت أرى بأن الاستثمار في الكوادر المؤهلة والقادرة على إدارة هذه الأجهزة وغيرها من المهام هو الأهم، حيث تم تعطيل العديد من المشاريع التطويرية بسبب هجرة هذه الكفاءات الوطنية المتخصصة التي توالت بعد "جونو" وكأن الأمر ليس ذو معنى أو أهمية!!
وبالعودة مجددا إلى الفجوة الكبيرة في مخصصات بدل طبيعة العمل بين موظفي الأرصاد الجوية وزملائهم في المجال الآخر ضمن نفس المديرية العامة، حيث حالنا أشبه بأخوين لأب واحد، يعيشان في بيت واحد؛ أحدهما صاحب حرفة والآخر بائعها، ليمنح الأب بعدها البائع عشرات أضعاف ما يعطيه المحترف!!
ومع احترامي الشديد لمؤسسات القطاع العام في الدولة، لكنني أبحث عن إجابات لسؤالي المستمر حول المسئول عن الوصول بأوضاع موظفي الأرصاد إلى ما هو عليه من انحدار نفسي ومهني؟
بالفعل لم أعد قادر على تفهم ما يمكن استثناؤه من قانون الخدمة المدنية مما يحرّم التعدي عليه، ولمن يكون؟ فهناك امثلة عديدة لاستثناءات مزعجة مثالها أن يستثنى موظف من قطع بدل طبيعة العمل أثناء تمتعه بأجازته الاعتيادية في حين تقطع عن زميل له في مديرية عامة واحدة ويخضعان لذات قانون الخدمة!!
بالفعل أجهل المغزى من عرقلة وزارة المالية لموضوع رفع بدل طبيعة عمل موظفي الأرصاد - رغم قلّة عددهم - والتي أتت بعد جهد جهيد ومخاطبات عديدة وصبر طويل وبتوصيات جهات عليا، وفي الوقت الذي بات باب الرزق "قاب قوسين أو أدنى" من فتحه بالاعتماد، تعود المالية لتغلقه بحجة عدم رغبتها في فتح هذا الباب أمام جهات أخرى في حالة تم فتحه لنا، والأغرب أن يبقى ذات الباب مفتوحا فقط أمام الغير، وحتى لا يساء الفهم فلسنا هنا ذو "حقد" أو "حسد" على من أنعم الله عليه، بل نقدّر ما يقوم به "تخطيط" هذه الوزارة من جهد لتقدير من يستحق، لكننا نأمل بأن تكون نظرتهم أكثر واقعية وإنصافا، والتحري من ذات الوظائف ومخصصاتها في دول أخرى ذو تجارب سابقة ومدى تمييزها ماديا عن غيرها من الوظائف المقارنة بنسبة وتناسب يقبلهما العقل والمنطق، إذ لا نكترث بطبيعة عمل غيرنا ليقيننا بأحقية بدله نظير عمله، فالجميع في نظرنا مستحق طالما أنه يؤدي ما يستحق، لكننا نؤمن أيضا بطبيعة عملنا وما يترتب عليه من مسؤوليات ومتاعب، فقط حاولوا أن تفهموها جيدا، بعدها نعذركم في غيرنا ولو آتيتم أحدهم أو "إحداهن قنطارا".
لقد كان من الصعوبة بمكان أن تسعى جاهدا لكسب ثقة المجتمع والوطن فيما يمكنك أن تفيد من عملك وخبرتك، لاسيما وأن المجال واسع ومتجدد، يواجه فيه الفكر عالم من الفرضيات المعقدة، في الوقت الذي تبصر فيه العين واقع الحياة، لكن الأصعب هو أن تحافظ على هذه الثقة الغالية رغم ما يكتنفها من منغصات. لنتكلم طالما أن الكلام مباح، فالهدف "وطــن" والدافع "غيرة" ، هي رسائل موجهة لأجل "عمــان"، لنتقبلها بصدر رحب، فالأرصاد "منكم وإليكم" وهي بالنسبة إلينا رسالة قبل أن تكون مهنة، يجب علينا جميعا أن نفهمها كثقافة عامة تلامس واقع حياتنا، وننشر الوعي بها أنّا وجدنا.
حامد بن احمد البراشدي

سالم الريسي
24-12-2011, 11:02 AM
الخليل


شكراا لوجودك هناااا

شكراا لعودتك


ونتمنى

ان تكتب لنا انت شيئا

ايها الراقي,,



دمت

سالم الوشاحي
24-12-2011, 11:56 AM
أخي العزيز خليل بن أحمد البراشدي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مقال جميل أشكرك على نقله لنا

والشكر موصول للأخ الكبير في عطأه

المتفاني في عمله ومجهوده الواضح

في خدمة هذا الوطن الغالي ((حامد البراشدي))

الخليل بن أحمد
26-12-2011, 03:20 PM
مقال جميل حمل كومة هموم وأثقال من المعاناة

تابعناه في الجريدة

وأسلوب الطرح قوي وجميل

إلى الأمام

وشكرا للخليل بن أحمد


شُكراً لكِ سيدتي على تواجدك
هكذا هو الحال بنا ,, يجبرنا على التأمل في معاناة أخوتنا هُناك

ألمٌ كبير ... تحياتي لك

الخليل بن أحمد
26-12-2011, 03:21 PM
الخليل


شكراا لوجودك هناااا

شكراا لعودتك


ونتمنى

ان تكتب لنا انت شيئا

ايها الراقي,,



دمت


أهلا أهلا بالحبيب العزيز ..

بارك الله فيك أستاذي وقريباً إن شاء الله سيكون لي نصيب في هذه الكتابات;)


تحياتي النرجسية

نبيلة مهدي
31-12-2011, 10:36 AM
الأخ العزيز الخليل بن أحمد

الله يعطيك العافية ومقال جميل
شكرا لك و لهذا الجهد..

كل الاحترام و التقدير

الخليل بن أحمد
31-12-2011, 11:58 AM
شكرا لكما استاذتي نبيلة مهدي وبوسامي
ربي يخليكم
والمقال وصاحب المقال يستحقان المتابعة والإشادة