المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حوار مع القاص التونسي فيصل الزوايدي / حاوره بسام طعان


فيصل الزوايدي
01-11-2009, 08:17 PM
حوار مع القاص التونسي فيصل الزوايدي

فيصل الزوايدي:للذات تأثير أساسي في الكتابة، وندين للبيئة بكل نصوصنا

حاوره: بسام الطعان

كاتب وقاص تونسي ، يكتب بلغة قال عنها النقاد بأنها عذبة ومميزة، ترجمت بعض قصصه إلى اللغة الفرنسية، حاصل على عدة جوائز أدبية في تونس، وينشر نتاجه في الصحف والدوريات، وتقديرا لمسيرته الأدبية التي يسير فيها وبهدوء وروية استضفناه وكان لنا معه هذا الحوار:

ـ فيصل الزاويدي.. أنا والكثير من القراء نعرفك، ولكن هناك من لم يعرفك بعد، فماذا تقول عن نفسك كشاعر وكانسان ؟

* و كيف يقدم الكاتب نفسه أخي بسام ؟

لا .. ليس السؤال بسيطا كما نتوهم ..

سأكتفي بالقول : فيصل الزوايدي كاتب تونسي من مواليد مارس 1974 بمدينة الحامة بالجنوب . متحصل على الأستاذية في اللغة العربية و آدابها ، عضو اتحاد الكتاب التونسيين .

أكتب القصة القصيرة و لي فيها إصداران الأول منهما بعنوان " قصة بسيطة جدا " و قد صدر سنة 2007 و الثاني حمل اسم " قلعة الأرض" و صدر سنة 2008 .

ـ ماذا يعني لك أن تكون كاتبا وقاصا؟

* أعتقد أن ذلك يعني أن تكون إنسانا فاضحا لنفسه ، و حاملا لقلم في مواجهة الخيبة و اللامبالاة و الأيام التي تحملنا إلى حيث لا ندري و كثيرا إلى حيث لا نريد .

ـ ما هو أهم رافد من روافد تشكيل العالم القصصي لدى القاص؟

* كل ما يعيشه الكاتب يمثل رافدا لتشكيل عالمه بوعي أو دون وعي .. الواقع بتفاصيله البسيطة و عفويته و انعكاس ذلك على الذات المرهقة باليقظة و الانتباه أعتقد انه ابرز الروافد .

ـ حدثنا عن القصة القصيرة المعاصرة في تونس، كيف تراها وهل تختلف عن القصة في أي بلد عربي آخر؟

* في ظني أن كل الإنتاج القصصي في البلدان العربية يشترك في سمات عامة بشكل أو بآخر و لكن أيضا لكل قطر عربي خصوصياته التي تميز إنتاجه بسبب ما ذكرناه قبل قليل من اتصال الإبداع بالبيئة التي ينشأ فيها . القصة في تونس من خلال اطلاعي الذي لا يمكن أن يكون شاملا ، تتوزع بين صفتين مختلفتين إلى حد التناقض : التجريب والمبالغة فيه إلى درجة تمنع تقبلها من القارئ، و التقليد السطحي الساذج للقصة الكلاسيكية ..

ـ من الذي يكتب القصة، أنت ،أم هي، أم العالم من حولك؟

* القصة تقتحمك دون استئذان فلا تملك إلا أن تكتب صاغرا و لكن أيضا مرتاحا لان فعل الكتابة يصبح تنفسا .. أما وظيفة العالم من حولك فأن يكون قادحا للشرارة حتى تـندلع القصة بداخلك .

ـ ما هي أهم المؤثرات التي شكلت عالمك القصصي؟

* للذات تأثير أساسي في الكتابة .. للحكايات التي التقطها بوعي و أحيانا كثيرة دون وعي .. لما اطلعت عليه من تراث سردي و لما وقع بين يدي من نتاج أدبي عربي أو مترجم إلى العربية ..

المؤثرات كثيرة .. إنها حياتك كما عشتها ستتشكل على الصفحات .

ـ هل لك عوالم خاصة تلجأ إليها عن الكتابة؟

* لان الكتابة عفوية ، لا تستطيع أن تنتظرها بطقوس مناسبة ، إنها أشبه بالحب من النظرة الأولى : لا تعلم متى و أين و كيف و لماذا ؟

ـ كيف تتعامل مع اللغة التي تعتبر أهم أداة من أدوات التعبير للمبدع وهل لك لغة خاصة تكتب بها؟

* التعامل مع اللغة ليس إراديا فاللغة تحضر كالفكرة بشكل عفوي و لا يستطيع كاتب أن يصف لغته بأنها مميزة لان قربه من نصه لا يتيح له إصدار أحكام موضوعية .. القارئ عموما و الناقد خصوصا هما المؤهلان لهذه الأحكام . لاحظت في نقد كثير من نصوصي ثناء النقاد على لغتي و وسمها بالتميز و هو ما يسعدني .

ـ ماذا قدمت لك البيئة التونسية من نصوص قصصية، وهل تأخذ كل شخصياتك منها؟

* نحن ندين للبيئة التي ننتمي إليها بكل نصوصنا حتى تلك التي لا تتحدث عن واقع قطري معين .. لأن الكتابة هي نتاج مؤثرات تتصل بالواقع .. البيئة التونسية خصبة و حركية و الشارع مليء بالصراعات و المواقف الحية و الانفعالات المتنوعة و الكاتب يلتقط تلك الحياة ..

ـ من هو القاص الذي يسعد المتلقي بقصصه؟

* هو القاص الذي يصدق مع نفسه فيصدّقه الناس و هو الكاتب الذي لا ينسى دوما ، مهما كان عمق القضية التي يتناولها ، أن القراءة متعة ..

ـ في قصصك من يكون البطل، الفكرة ،أم الأسلوب؟

* أحيانا تكون الغلبة للفكرة و أحيانا للأسلوب و في حالات يتصالحان و لكن لا مفر من التقائهما في كل النصوص بمقدار أو بآخر .

ـ ماذا عن القصة الساخرة في تونس، هل لها قصاصون متميزون؟

* أبرز علم في القصة الساخرة في تونس هو رائد القصة القصيرة فيها " علي الدوعاجي " و عاشت تونس فترات زاهية في هذا الفن و لكنها انحسرت تدريجيا فليس لها حظ كبير الآن .

ـ لماذا أغلب القصاصين يطبعون مجموعاتهم القصصية على نفقتهم؟

* الطبع على النفقة الخاصة يجنب الكاتب كثيرا من المشاكل والتلاعب خاصة في مستوى زمن النشر و مناطق التوزيع و لا اعتقد أن الصعوبة التي تواجه الكاتب في الطباعة بقدر ما هي تتصل بالتوزيع ففيه مقدار كبير من العناء و البؤس لولا مساهمة وزارة الثقافة (في تونس) التي تخفف بعضا من ذلك باشترائها لنسبة من النسخ .

ـ رأيك بالحركة النقدية في تونس وفي العالم العربي، وقبل أن تجيب اسمح لي أن اسرد لك هذه القصة: "أحد النقاد كتب عن مجموعة قصصية ما يلي: قرأت هذه المجموعة القيمة والطريفة من القصص القصيرة للأستاذ .... فوجدتني اثر انتهائي من قراءتها، مشدودا إليها بأكثر من سبب يشوقني لإعادة قراءتها من جديد". بينما ناقد آخر كتب عن المجموعة ذاتها ما يلي:" كنت أتمنى وأنا اشد نفسي إلى قراءة المجموعة، أن يتوافر الإعجاب بيني وبينها". كما تلاحظ هذا رأي على النقيض تماما. والآن الكلام لك؟

* الأدب فعل إنساني ، للعاطفة فيه مساحة كبيرة في الإنتاج و في التلقي و مهما كان الناقد موضوعيا فأنه لا يستطيع التخلص من حضور ذاته في القراءة ، لذلك مثلما ذكرتَ في هذا المثال و هو شائع كثيرا ، تجد ناقدا يعتمد مقاييس معينة فيتجه نقده وجهة تسمح له بمدح النص في مقابل ناقد أخر يكشف هناته و مطاعنه من خلال وجهة نقده رغم أن النص واحد . إشكالية النقد ليست في هذا التباين في القراءات ، بل لعلّ ذلك أمر طبيعي .. انه في عزوف النقاد عن تناول النصوص الإبداعية إما تعاليا أو انكفاءً داخل أسوار الجامعات أو ارتباطا بمصالح و علاقات شخصية لذلك نجد سيلا هائلا من المقالات " النقدية " التي لا تساوي شيئا خارج إطار المجاملة .

ـ أين مكانك على خارطة القصة التونسية؟

* هذا أيضا لا استطيع تحديده بدقة .. عندما أكتب أنسى كل مقاييس الحكم على النص أو صاحبه .. هذا ليس من مهامي ..

ـ هل يمكن القول عن القصة القصيرة العربية وصلت إلى العالمية؟

* كل إنتاج قصصي هو جزء من المنظومة العالمية و لعلك تعني أن يصبح ذلك الإنتاج معترفا به على الصعيد الدولي فهذا يتحقق بعسر و ببطء شديدين و اعتقد أن النشر الرقمي و ما يتصل به من ترجمات للنصوص ، بقطع النظر عن الإتقان التام ، سيساهم في تسريع تلك الحركة .

ـ ماذا تقول للقاص العربي وللقارئ العربي؟

* رسالة واحدة و قصيرة : تعالوا نلتقي عند عتبات الكلام ، نتهادى الكلمات ، كلٌّ بما لديه .. و لن يمكث بين الخَلق إلا الإبداع .