المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رقائــق القلبِ في رمضان..( 10 )


يزيد فاضلي
30-07-2012, 02:56 PM
رقائــق القلبِ في رمضان..( 10 )


أحبتي الكِرام البررة..نجيءُ الآن لرقيقةِ الرقائق...

الصـــــــلاة..وما أدراك ما الصلاة..؟؟!!!

هذه القربى العظيمـة التي بينها وبينَ المسلم قِصَّــةُ عِشْقٍ عجيبةٍ تستغْرقُ العُمُرَ كُلَّهُ..لاَتندرسُ إقامتُها على كر الغداة ومَـرِّ العَـشِيِّ،وهي من المسلم بمثابة الروح من الجسد،أو الهواء النقي لرئتيْه...

يستقبلُ الواحدُ منا بها يومَه من غَبَش الفجر،ويُنْهيه على الركوع والسجود في محرابها عند غَسَق الليل..وبين هذا وذاكَ يتردد بين الفيْنَة والأخرى في رابعةِ نهار يومه،فيَصِلُ بروافدها منابعَ قلبه وعقله وكيانه،ليبقى الوصْلُ الحميم بينه وبين مولاهُ مَدداً من الأنوار والإشراق لا ينقطع أبداً...

سبعَ عشْرةَ ركعةً-عَــدَا القربى بالنوافل-هي الوقود الرباني الذي يرقى بإنسانيتنا الخسيسة إلى الذُّرَى،ويدفعُ بها إلى مراتب الكمالات في الدنيا الفانية والآخرة الباقية...

وإنها لنشوةٌ-ما بعدها مزيدٌ-ونحن نعفِّــــــرُ وجوهَنَا وجبَاهَنا-وهما أكرمُ وأشرفُ ما خلقَ الله عزوجل في خِلْقَتِنَا-نمرِّغْهُما في تراب العبودية والإذلال لقيُّـــــوم السماوات والأرض،ونمضي في سجودنا الطويل،تخالطُ همَسَاتِنا ومناجاتِنا وأدعيتِنا زخَّاتٌ حَــــرَّى من دمع العيْن السَّخِيَّةِ،نَبُثُّ بها-ونحن الضعاف المذنبين الكافرين بالنعمة-حزننا وَوَجَلَنا وخوفَنا ورجاءَنا للعظيم القريب (( غافر الذنب وقابل التَّوْب شديدِ العقاب ذي الطَّوْل لا إله إلا هو إليه المصير ))،ونرمي بأثقال أوزارنا وهمومنا-ونحن نُمعن في تمريغ وجوهنا وجباهنا-على أمل الرجاء أن ننال لمحةَ النظـــر بالرضى من مولانا ذي الجليل،وطَمَعاً في باحة رحمته الواسعة التي وسِعَتْ كل شيء...

يَحدُونا في ذلك شرفُ التأسي بمبعوث العناية الإلهية وشمس الهداية الربانية،سيد العابدين والساجدين والقانتين والمخبتين محمدٍ-صلى الله عليه وسلم-الذي عَلَّمَنا أن (( أقربَ ما يكونُ العبدُ إلى ربه وهو ساجد ))..وكيفَ لاَ ؟ وقد كانت الصلاةُ بالنسبة إليه إكسيراً عاش به-داعيا إلى الله ومجاهدا-وتركها وصيَّةً ملزمةً لنا وهو-صلى الله عليه وسلم-في النزع الأخير،قبل انتقاله للرفيق الأعلى (( الصـلاةَ..الصـلاةَ وما ملكتْ أيْمَانُكُم ))...

نَعَــــــــــــــمْ...

ألاَ مَا كانَ أشد حبه للصلاة-عليه الصلاة والسلام-كان إذا سمعَ المؤذنَ القَيِّمَ يقول : قد قامت الصلاة..طَفِقَ وجهُهُ الشريفُ يمتلىءُ نوراً وبِشراً ونَضَارةً وسعادةً،فيقول مبتسما-كما روى أبو داوود في سُننه-:(( أقامَهَا اللهُ وأدامَها... ))..

وإذا ما حَزبَه أمرٌ أو اهتَــمَّ به ( داخلَهُ الكربُ والهمُّ )،كان-صلى الله عليه وسلم-يجدُ عَزاءَه الوحيدَ في الصلاة،حتى أنه كان يَهمـسُ لبلال بن رباح-رضي الله عنه-قائلاً:(( أرحْنَا بها يا بلالُ.. ))...!!

ولـقدْ ورثَ السلفُ الصالح-عن نبي الأمة صلى الله عليه وسلم-هذا العِشقَ الفريدَ للصلاة-إقامةً ومحافظةً وخشوعاً-وكانوا-رحمهم الله جميعاً-ينأوْنَ بِأنفسهم بعيداً خشيةَ أن يشملَهم الوعيدُ الرهيبُ في قول الله عزوجل : (( فخَلَفَ من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصلاةَ واتَّبَعوا الشهَوَاتِ فسوفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ))...

فهل تـَـعْجَبُـون-أحبتي-إن عَجِبْتُمْ،ونحن نقرأ لرجل صالحٍ،من رجال التربية والسلوكِ الكبار في تاريخنا ؛ الإمام الجليل حاتم الأصم-عليه سحائب الرحمة-وقد سُـئِلَ : كيفَ تصلي صَلاَتَكَ يا إمام..؟

فقال رحمه الله : (( أتوضَّـــأ،فأسبِغُ الوضوءَ،ثم آتي موِضِعَ الصلاة بسكينةٍ ووقارٍ،فأكَبِّـــرُ تكبيراً بتوقير..أقرأ قراءةً بترتيل..أرْكَعُ ركوعاً بخشوع..أسجد سجوداً بتذلل..أتمثَّلُ الجنَّةَ عن يميني والنارَ عن شمالي والكعبةَ بيْن حاجبَيَّ ومَلَكَ الموتِ فوق رأسي..وأعتبرُها آخرَ صلاة لي،والذنوبُ محيطةٌ بي..ثم أتبِعُها الإخلاصَ ما استطعتُ..وأسَلِّمُ،وأنا لا أدري؛أيَتَقَبَّلُهَا اللهُ مني أم يَرُدُّهَا علَيَّ..؟؟؟!!! ))...

فللـهِ دَرُّ سلفِنا الميامين..!! ما أوْصَــلَ قلوبَهمْ وعقولـَهُم بربها سبحانه..!!!

لكأني بحاتم-رحمه الله-أسمعُه وهو يهمِسُ لنا بقول القائل :

فــلاَ واللهِ ما خابتْ جـِــبَاهٌ ** تنيـرُ الوجْهَ من طـــول السجـــودِ..!!

جعلَ اللهُ-أحبتي-الصــلاة َقــرة َعيْنٍ لنا في رمضانَ..وما بعدَ رمضان على مَدى الأيام...

سعاد زايدي
31-07-2012, 02:14 PM
أخي يزيد............،

ليس سهلا على الواحد منا أن يتحدث عن العلاقة التي تربط العبد بخالقه،

أو عن اللحظة الروحانية التي يترك فيها العبد كل ما يملكه في الدنيا حتى يسجد فيها إجلالا وتجليا وداعيا وشاكرا و مسبحا وخاشعا لمالك كل شيء معلنا بذلك أنه لا حول له ولا قوة إلا بالله وقد قال الله عزَّ وجلّ: "إنَّ الصَّلاَةَ كانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً" النساء 103 أي مفروضة في أوقات معينة.

ومن إستطاع أن يبلغ منا مقاصد الصلاة أو المبتغى الحقيقي من الصلاة لفاز فوز ليس من بعده فوز، لأن الصلاة هي نور الخالق للمخلوق، وهي طهارة النفس ظاهرها وباطنها وهي الإستقامة المرجوة من الآية في قوله تعالى: "إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ" العنكبوت 45

لا بد فقط أن ندرك الفرق بين الصلاة الحقيقية والصلاة الشكلية لوجود الفرق في القبول.
والله المستعان.
اللهم تقبل منا صلاتنا وصيامنا وأغفر لنا ذنوبنا في هذا الشهر الكريم

يزيد فاضلي
31-07-2012, 03:40 PM
..نضـَّرَ اللهُ تعالى فيكِ الوجهَ والقلمَ-أختي البديعة سعاد-على هذه الإضافة الوافية المستوفية في صميم فقه الصلاة والوصول إلى سِرِّها الجوهري الحقيقي حينما نسعى إلى تجاوُز ظواهرها الشكلية إلى عُمْق روحها الأصيل وهو ( الخشوع والإخلاص بالحضور القلبي والعقلي أثناء الإقامة )..

نَعَم-أختي الأصيلة-كثيرٌ من الناس،يقفون بالإقامةِ إليها،وتخرجُ ألفاظـُها مضبوطةً كاملةً،وتكون حركاتـُها وسكناتـُها مستوفية الشروط والأركان من تكبيرة الإحرام إلى السلام،ولكنهم-عند الله تعالى الذي يعلم السرَّ وأخفى-يُقيَّدُون غائبين..!! لأن نبضَ الخشوع قد انتفـَى أو يَكادُ..!!! ولعل هذا هو سِرُّ قوله تعالى في صفاتِ المؤمنين الصادقين : (( الذين هم في صلاتهم خاشعون ))...

شكراً من صميم القلب وأعماق النفس مبدعتي الكريمة..وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيامَ وصالحَ الأعمال...

ريم الحربي
02-08-2012, 09:32 PM
(أرحنا بها يا بلال )

صدق رسول الله أنها حقا راحة عظيمة يايزيد ففيها يلجاء العبد إلى ربه يتحدث إليه ويناجيه فكيف لا

يرتاح وهو يتحدث إلى خالقه لكن هل الجميع يفطن لذلك الركن من أركان الصلاة (الطمائنينة في جميع

الأركان) هل الجيع حققوا هذا الركن الذي بدا غائبا عن صلاتنا في الوقت الحالي لقد كان السلف الصالح

يحرص علييه فتجده ما إن يدخل في الصلاة حتى ينفصل عن الدنيا الفانية وما فيها فيطمئن قلبه ويسلم

جوارحه لخالقه يصلي له يبتهل يدعوه فما إن ينتهي حتى يخرج بروحه صافيه نقيه كأنما غسلت بنور

الإيمان من كل أدران الدنيا مما ينعكس على حياته فهي بمثابة طاقه تمده بالقوة للمضي قدما في رحلته

في هذه الدنيا

شكرا لك أخي يزيد ودمت بكل الخير

يزيد فاضلي
03-08-2012, 06:30 PM
...جميلٌ-أختي الكريمة البديعة قوافي-أن تصاحبينا في رقائقنا بالمرور الكريم الرفيف الطيب،بَيْدَ أن الأجملَ دائماً هو أن تتفاعلي في هذا المرور مع تلك الرقائق بالإثراء والتذييل والإسهام البديع الهادف النافع البنـَّاء...

أعضِدُ-أختي-على ما تفضلتِ به من أن صلاة الكثيرين منا تحتاج إلى إعادة صياغةٍ صحيحةٍ وذلكَ بأن نرنو فيها دائماً إلى روح جوهرها الخاشع،وأنْ يكونَ أداءُ الجوارح فيها مُنبَثقاً من خضوع الجوانح منها....

بوركتِ-قوافي-على هذا المرور العَبق الذي أضاءَ في رقيقتي المبنى والمعنى...شكرأً...وألفُ امتنان..ولا حرمَنا الله تعالى من فيْضِ إضافاتِكِ أبداً...