المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رقائــق القلبِ في رمضان..( 17 )


يزيد فاضلي
05-08-2012, 03:18 PM
رقائــق القلبِ في رمضان..( 17 )

إخــــــوَتِي الأحباب...

هاهما الأحْدَثان ( الليلُ والنهارُ )،يذويَان بأيام الصيام النورانية،كما تذوي الشمعة الذابلة،الجميلة ُ بجمال ذبالتها الصفراء الأخَّاذة،فيعـزُّ علينا نحن الذين استرْوَحْنا بقبَسَاتِ نورها أن ينتهي العهدُ بها،ليتجدد اللقاءُ المنيرُ بعد حَـوْلٍ إن كانَ في الحياة بقية ٌ من أجَـــل...

توسَّــــطَتْ أيامُ وليالي الشهر الفضيل،كما توسَّطتْ واسطة ُ العِـقـْـدِ الذهبي سلسِلـَــتـَـه،لا يزيده التوسيط ُ إلا جمالاً وبهاءً ورونقـة ً...

ولما كانتْ أيامُ رمضانَ كلُّها نفحاتٍ ربانية ً من روافد النور والتجـــلـِّي التي تغــــمِرُ القلبَ الجسـورَ فيتهذبُ رقـة ً على رقةٍ،فإن الأيامَ الأواسطَ منه توقظ في كياناتنا المؤمنة يوماً حافلاً من أيام الله تعالى،كانتْ فيه من الأحداث والعظاتِ والرقائق ما فيه..!!

ويدورُ الزمانُ دوْرَتـَه مع هذا اليوم الأغــرِّ..اليوم السابع عشرة من رمضان...

السابع عشرة من رمضان من السنة الثانية للهجرة..يوم الفرقان..يوم التقى الجمعان..يومَ التضحية والفداء والإباء والشورى والولاء والحب والرقة والحزم والحَسْم..!!

يَوْمُ بَـــــدْر..وما أدراكَ ما يوم بدر..؟؟!!

لقد كان يوماً فاصلاً،حاسماً،بكل ما تحمله الكلمتان من معنـى،وهو يومٌ تفرَّدَ عن باقي أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزواته الستة والعشرين،حتى أنه يبلغ من جلالته وعظَمَـتِه أنه صارَ بعد ذلكَ شامـة ً وتشريفاً وتبجيلاً وميزاناً للمفاضلة لمن حضرَه من الصحابة رضوان الله عليهم ( من المهاجرين والأنصار )،وقد كانوا بتعداد ثلاثمائة وأربعة عشر نفــراً..فيُقال عن فلان من الصحابة-في ترجمة حياته-أنه كان كذا وكذا،وكان ( بدريًّا )أو من ( البَـدريِّين )،تمييـزاً وتقديراً لمكانته..فـ ( بَــدْرٌ ) غَــدَا شامَــة ًتدل على رفعَةِ الصحابيِّ وجَــلال قدْره عند الله ورسوله...

إن قلوبنا لترفُّ إيماناً ورقة ً،ونحن نعود بصفحة التاريخ الناصعة إلى تلكَ الكوكبة الإيمانية من الصحابة،وقد التفتْ حول نبيها الكريم-صلى الله عليه وسلم-في المدينة،وهو واقفٌ يسمعهم بلسانه الرطِبِ آيات الجهادِ الأولى التي ستشفي قلوبَهم الجريحة بنيْر القهر والظلم والعدوان..(( أذن للذين يقاتـَـلون بأنهم ظـُـلِموا وإن اللهَ على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حَـقٍّ إلا أن يقولوا ربنا الله ))..

وما هو إلا وقتٌ قصيرٌ حتى ترامت أنباءُ الركبان والسرايا بأن الجيشَ القرشي قد خرجَ لحماية قافلةِ أبي سفيان بن حرب،المحملة بريوع الظلم والسلب والنهب،وما كان من رسول الله إلا أن استشارَ أصحابَه في الأمر،فاستقر الرأي على الخروج وملاقاة جيش المشركين...

كان جيْشُ الكُفر يحوي أكابرَ الرؤوس الصلدة والنفوس التي طالما أسْكَرَها الطغيانُ والتفرعنُ..كانَ قوامُه بين التسعمائة والألف...

وخرجَ الرسول صلى الله عليه وسلم بالفئة المؤمنة،وعسكرَ بهــم عند آبار بدر..

وفي انتظار المواجهة..كانت رفائفُ الرقةِ تحتضن الفئة َ المؤمنة َ بكل نسمَاتها الرقيقة...


نزلتِ الملائكة ُ المُسَوَّمَة-بمن فيها أمينُ الوحي جبريل عليه السلام-تثبت القلوبَ وتشحَنُ الأرواحَ..وهطلتِ السماءُ برذاذها البارد المنعش،فتنشطُ العزائمُ وتتثبتُ الأرضُ تحت أقدام المجاهدين الكرام،وقضَّى المسلمون ليلَهُم،يُسْرِجُـونه بالدعاء والتهجد ما بين عابدٍ وقائمٍ وراكعٍ وساجدٍ...

ودخل المصطفى الكريم-صلوات ربي وسلامه عليه-في حالة استغراق بالوصل والمناجاة والدعاء وهو قائم في عَريشه،يستنزل النصرَ من ربه،حتى ضجَّ أهل الأرض والسماء من حرارة استغراقه الإيماني الفريد..حتى أنه وهو في عز المناجاة ويقول : (( اللهم نصرَكَ الذي وعدتَ..اللهم إنكَ إن تهلك هذه العصابة-يقصد العُصبة من أصحابه-فلن تُعبد على هذه الأرض أبـداً..!! ))،تنحسرُ بُردتـُـه الشريفة من على كتفه الكريم،فيتناولُها الصِّدِّيق أبو بكر-رضي الله عنه-فيرق له،ويشفق عليه إشفاقاً شديداً،ويهمس له في رقــة ؛ أنْ يا رسولَ الله رفقاً بكَ،فإن الله تعالى منجزٌ لَكَ وعدَه بالنصر..

وصَـــــدَق اللهُ وعدَه..فلم ينكشف صبحُ اليوم التالي عن هذه المناجاة الشامخة..حتى التقى الجمعان..وما هي إلا جولة ٌ مرت وانقضتْ حتى انجلى غبار المعركة عن نصر مؤزر لأصحاب القلوب الموصولة بحب ربها ونبيها..

نصْــــــــــرٌ..غـَـــدَا هالة ً من العِـبَر والعظاتِ التي لا ينضبُ معينُها بالتأسي والاقتداء والدروس البليغة للأجيال المؤمنة المتواترة إلى يوم الدين...

ثبَّتَ الله قلوبَنا بثباتِ قلوب آبائنا الصحب الكرام..في يوم مشهود من أيام شهر الصيام...

وتقبلَ الله منا ومنكم...

ريم الحربي
06-08-2012, 12:59 AM
لا أدري يا يزيد لما كل ما قرأت عن الصحابة الكرام وحياتهم وجهادهم مع رسول الله تنزل الدمعة من

عيني

ويرف القلب شوقا لهذا الجيل الأغر الذي أنار الدنيا هذا الجيل الذي علمنا معنى أن نكون إنسانيين

بكل معنى للكلمة

غزوة بدر يا يزيد وما أدراك ما غزوة بدر تلك الشامة تشرف من شارك بها

لأنها كانت الإختبار الحقيقي للمؤمنين في ذلك الوقت وقد كانوا قلة يا يزيد قلة في العدد والعتاد

لكن كان بين جنبيهم من الإيمان ما يكفي الدنيا بأسرها

اشعر كلما قرأت سيرة هذه الغزوة أنني اسمع صليل السيوف والله اكبر ترددها الملائكة والبشر

والجبال

والسماء والأرض كأنني اسمع المقداد بن عمرو يقول لرسول الله وهو يشاورهم في الأمر:

فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه

وسعد بن معاذ رضي الله عنه يقول :فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه
معك

هذا هو هو الإيمان بحق

هذه النفوس المؤمنة يا يزيد عندما تؤمن بالله وتتخلى عن كل الرغبات الدنيوية كانوا قد خرجوا وهم

لم يعلموا أنها حرب لم يودعوا الأهل لم يعانقوا الأبناء لكن كان نبيهم معهم وإيمانهم يملاء قلوبهم

وقد كان كل ما يريدون الشهادة وأن تكون كلمة الله هي العليا

هذه النفوس الطاهرة والتي قاتلت إلى جانبها الملائكة

ليتنا نتعلم منهم يا يزيد

جزاك الله كل خير

يزيد فاضلي
06-08-2012, 04:19 PM
هو ذاكَ واللهِ-أختي قوافي البديعة-هو ذاكَ...!!!

فإن الصحابة-رضوان الله عليهم أجمعين-كانوا همُ النموذجُ الأعلى الفريد الذي ارتفعَ بالواقع إلى أعلى درجاتِ المثالية وأنزلَ المثالية َلتتلبَّسَ الواقعَ البشري،فكان لقاءً رائعاً فريداً عجيباً بين المثالية والواقع...

ونحن إذ نستذكرُ إنجازاتهم الخالدة-ويومُ بَدْرٍ الأغرِّ واحدٌ منها-إنما نريدُ أن نمُدَّ معهم حبلُ الوصال حتى يبقى مَدَدُ هذه الأمة زخـَّاراً دفاقاً بالأسوة والقدوة المستمرة وحتى نكونَ-نحن الأخلافَ-امتداداً طبيعيًّا لآبائنا الأسلاف...

ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم-كما يقول ابنُ عباسٍ رضيَ الله عنه- يعلمون أبناءَهم مغازيَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم كما يعلمونهم القرآنَ الكريم،لأن هذه المغازي كانتْ صورةً مشرقةً مضيئة ًللمواجهاتِ الشريفة النظيفة التي خاضها الإسلامُ ضد خصومه المناوئين،وكانتْ مَثلاً أعلى للجندية الإسلامية التي تقاتلُ العَدوَّ ببسالةٍ وشهامةٍ وشَرفٍ عسكريٍّ لا مثيلَ له في تاريخ العسكرية كلـِّها...ولعلني-أختي البديعة-سأسلط ضوْءًا من رقائق القلب وخواطرها في الرقيقة اللاحقة على بعض الجوانب المشرقة في خصائص التصور الإسلامي الرفيعة في الحرب وحيثياتِها...

سعدتُ كثيراً-ست قوافي البديعة-بمروركِ العذب الرائق الرقيق المفيد..ودمتِ لنا قلمًا فيَّاضاً بكل خيْر فيَّاضٍ..ونور ساطِعٍ..وإبداع خـَـلاَّقٍ...وتقبل الله مني ومنكم الصيامَ والقيامَ...

سعاد زايدي
07-08-2012, 01:05 PM
أخي يزيد سلام الله عليك عذرا على التأخير

تعد غزوة بدر أول المدارس الإيمان التاريخية وأهداها سبيلا للنجاح بدون منازع ضرب بها مثل للروحانية ما يعجز أي كان التخطيط له كي يبلغ ما يصبو إليه بكل ذلك النصر المربع على ارض تعرف من الجفاف ما يقهر الكائن الحي. فيها توحدت روح الإيمان بالفكر والجسد فكانت كلمة الله هي العليا.
غزوة فيها من المواعظ ما لا يعد ولا يحصى قادها سيد الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان الإيمان محور الإنتصار، يكفي للمسلمين شرفا أن في هذه الغزوة تجلت صور الحب الحقيقي لله ولرسوله ، وبرزت صفحات من البطولة والتضحية لا تضاهي.
كان الصحابة يتسابقون إلى ساحات الجهاد، ويتنافسون على القتال في سبيل الله ونيل الشهادة .
ومن المواعظ والدروس ما يستحق أن نسلط عليه الضوء:
1- الشورى: "وأمرهم شورى بينهم" استشارة النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في إمكانية مشاركة الأنصار.
2- الزمان: 17 عشر من شهر رمضان، وثوق الصلة بين الصيام والجهاد،
3- التوقيت: مبتغى الله عز وجل في النصر حيث قال "ولو تواعدتم لإختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا".
4- التوفيق في إختيار المكان: قال تعالى:"إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم".
5- أقصى درجة الإيمان بالله ورسوله
6- الصبر على ظلم المشركين لهم
7- الوعد: الفئة التي تقاتل عن الحق ناصرها لا محال، "وإن تنصرو الله ينصركم ويثبت أقدامكم".
8- الفئة: لا يخاف صاحب الحق وإن كان وحده، "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثير بإذن الله".
9- تطبيق سنن نبي الله والعمل بما يقول.
10- الدعاء: لم تنقطع الأدعية ليلة بدر خاصة الرسول رغم علمه أن الله ناصره ، الصلاة والعزيمة كل المجاهدين والأنصار كانوا قلبا واحدا ويدا واحدة.
وكم هي كثيرة ....................ولله المستعان

* أخي يزيد أعتذر منك أعلم أني أطيل نوع ما في ردودي ما يكلفك جهد القراءة والرد فما أريد إلا أن أوضح الفكرة بطريقتي ما يتيح لي فرصة التوجيه والتصحيح منك فأنت صاحب علم نافع ما شاء الله.
تقبل صلاة الجميع بإذن الله.

يزيد فاضلي
07-08-2012, 01:46 PM
...يا هَــلاَ دائماً بكِ-أختي البديعة الكريمة الوفية سعاد-ويا كل المراحيب بقلمِكِ البديع الثرِّ المعطاء...

أبداً..أبداً-أختي الأصيلة-ليسَ عليكِ مُطلقاً أن تتجشمي عناءَ الاعتذار مما لا يُعتذَرُ منه أبداً...

على العكس تماماً-سيدتي البديعة-فإن هذه الرقائق التي أكرمني اللهُ تعالى بإخراجها ما وُجدَتْ إلا لتكونَ أشبَهَ بالحوار والنقاش والإثراء المُسهِب الطويل على مائدةٍ مستديرةٍ،يُدلي كُلٌّ منا بدلوهِ العامر وبما أفاءَ اللهُ تعالى عليه من علمٍ ومعرفةٍ ودرايةٍ بحيْثياتِ الموضوع،ولا يُغني الابتسارُ والاختصارُ المُخِلُّ أبداً عما ينبغي من إيفاءٍ وتغطيةٍ لأفكارهِ وعناصره...

إني أنتظرُ منكِ دائماً-ومن بقية الأحبة-أقلاماً تـُثري في إطنابٍ وتفصيلٍ،لنتعلم أكثرَ ولنستفيدَ أكثرَ ولنلِمَّ بجوانب الموضوع أكثرَ..ولن أذيعَ سِرًّا أبداً إن همستُ لكِ-أختي الكريمة-بأني أجدُ سعادةً غامرة ًعندما أجدُ ثرَاءً عريضاً ومناقشة ًمستفيضة ًلهذه الرقائق أو للمواضيع المختلفة هنا وهناكَ على طول المنتديات وعرْضِها،لأن ذلك الإثراءَ العريضَ له دلالة الصِّحَّةِ بالنسبة لأداءِ المنتدياتِ ومَدَى التفاعل الخـلاَّق بين أعضائه الكرام المبدعين....

وعليه فلاَ تجدي أبداً-أختي الكريمة-حَرَجاً في الكتابة بإسهابٍ وإطنابٍ وبالأسلوب والطريقة التي تريْنها مناسبة ًلإيصال الفكرة..فكلي آذانٌ مُصغية ٌ..وكلي عرفانٌ وامتنانٌ لما تعلقي به وبما يَجودُ به قلمُكِ الجميل المعطاء الذي-واللهِ-أجدُ فيها كل الفائدةِ الإبداعية الجمالية والمعرفيةِ الثقافية...

وها أنتِ-أختي-كما الدَّيْدَنُ في توقيعاتِكِ تطلينَ علينا بهذا التعليق الجميل النافع المفيد الذي احتوى على أهمِّ العِبَر والعظاتِ الجليلة التي تساوقتْ وأحداثَ غزوة بدرٍ الكبرى،وهي عشرُ عِبَرٍ من صميم الإيحاءاتِ الإيمانية التي يَغترفُ منها المسلمُ حين يَعيشُ-بقلبه وفكره ومشاعره ووجدانه-أحداثَ هذه المحطة الكبيرة الحاسمة في تاريخ الإسلام ودعوته الوليدة في عصر النبوة وفجْر الإسلام...

بوركتِ-أختي سعاد-وآمُلُ دائماً أن نلتقي هنا بين الفيْنة والأخرى على خيْر ويُمْنٍ وإيمانٍ،وأرجو أن تكونَ موانعُ الإبطاءِ في الحضور خيراً وطمأنينةً،لأن عهدي بواقعنا الحياتي المَعيشي أن التزاماتٍ وموانعَ كثيرة قد تحولُ دون الجلوس المريح أمام الجهاز والرحيل إلى رحاب منتدياتنا العامرة الكبيرة العريضة...وتقبل الله منا ومنكم الصيامَ والقيامَ وحُسْن الطاعات...