المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رقائــق القلبِ في رمضان..( 18 )


يزيد فاضلي
06-08-2012, 04:38 PM
رقائــق القلبِ في رمضان..( 18 )

إخوتي الأحباب الكرام...

تداعَــتِ الخواطرُ الإيمانية ُفي ذهني وأنا أنهي الحديثَ-في الرقيقةِ السابقةِ-عن غزوة بدر الكبرى التي صادفتْ يومَ أمس من أيام هذا الشهر المبارك...

قلتُ في نفسي : إن النبيَّ عليه الصلاة والسلام كانَ-يقيناً-يخوض في غزواته ( حرباً دفاعية ً) بكل ما تحمله هذه العبارة الدقيقة من معنى..

ولو تتبعنا أثرَ الغزواتِ السبع والعشرين-بما فيها غزوة مؤتة التي لم يحضرها النبي صلى الله عليه وسلم بشخصه-لو تتبعنا أثرَها ووقائعها،واحدة ً،واحدة ًبالدراسة والتمحيص من بدر الكبرى إلى غزوة تبوكِ،إلى بَعْثِ أسامةِ بن زيدٍ رضيَ الله عنه بجيش المسلمين إلى البلقاء قبيل وفاته-صلى الله عليه وسلم-بقليل،سنجدها بالفعل حرباً دفاعية ً،ما كانَ رسول الله في واحدةٍ منها يخوض حرباً دموية ً،نستشعر منها أنه كان ذا شهيَّةٍ عارمة إلى إراقةِ الدماء أو استنزافِ الروح البشرية...

بَيْدَ أني قلتُ في نفسي-وقد زادتِ الخواطرُ تداعيًّا-إن كَوْنَ هذه الحرب الدفاعية تطوي بين ثناياها سبعة وعشرين غزوة،قد تعطي انطباعاً خاطئًا لبعض العقول القاصرةِ-البريئةِ أو الخبيثةِ-أن سيُوفَ المسلمين قد ولغتْ في دماء خصومِها،وشبعتْ من لحُومها لحد التخمة..!!

لأن هذا العددَ من الغزواتِ ( سبعاً وعشرين ) له من دلالةِ الهَوْل والتضخيم ما قد يتصور منها العقلُ القاصرُ أن كل غزوةٍ كانتْ معركة ًطاحنة ً،تفرز القتلى والجرحى والأسرى بالمئات والآلاف...!!

ولكم-أحبتي-أن تجربوا وتسألوا الكثيرين : إن الغزواتِ التي خاضها النبيُّ صلى الله عليه وسلم كانتْ سبعاً وعشرين غزوة..تـُرَى هلْ لكم أن تتصوروا كَمْ كانَ عددُ مجموع قتلى المشركين فيها..؟؟!!

أتصور مباشرة أن الأذهانَ ستبحثُ لها عن رقمٍ مَهولٍ،يُساوي حجمَ وضخامة هذا العدد من المعارك التي خاضها النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه الكرام...

أتصورُ-مثلاً-أن الجوابَ سيكون ؛ عشرة آلاف..أو على أحسن الفروض ؛ ألفٌ أو ألفان..لأنه ما من زعيم تاريخي في الدنيا-قبل رسول الله أوبَعْدَه-قادَ معاركَ ضدَّ خصومه إلا وكانت الأرقام لعدد القتلى تصرخ بالإسراف والدمويةِ..!!

وكلنا قرأ عن الإسكندر المقدوني-وهو القيْصرُ الشاب الذي يُسَبِّحُ بحمده التاريخُ اليوناني-كيفَ قادَ جيشه الإغريقي لـ ( فتح العالم ) بسحق الألوف المؤلفة تحت سنابك خيله..!!

وكلنا قرأ عن القيْصر الروماني نِـيـرُون الذي كان يتنفسُ سيفه بدماء الناس،حتى أن جنون العظمة أوحى له بحرق العاصمة البيزنطيةِ روما والتنكيل بأهلها بعد أن قتل أمَّه وزوجته شر قتلة..!!!

ونيرون في تاريخ أروبا الكلاسيكي،يُعتبَرُ رمزاً ومثلاً رفيعاً لفن العَظـَمَــة والعنفوان...!!

وحتى تلك الحروب ( المقدسة ) التي كانتْ تقع تحت راية الصليب..قرأنا كيفَ كانت جيوش الملك الإنجليزي ريتشارد قلب الأسد،تقتلُ الناسَ في عَكَّا وأنطاكية،حتى بلغ ارتفاعُ الجثث ثلاثة طوابق ( !!! )،بشهادة المؤرخين الأوروبيين أنفسِهِم..وكيفَ كانت جيوش الملك القشتالي الإسباني فرديناندو و زوجته المَلِكة إليزابيت تنكِّلُ بأهل غرناطة المسلمين،وتفتح لهم جحيم ( محاكم التفتيش ) التاريخية بعد سقوط الأندلس بما يندى له الجبين..!!

وكلنا قرأنا ماذا فعلَ هولاكو التتري في طريقه للوصول إلى عاصمة الخلافة العباسية بغداد...!!

وكلنا قرأنا كيفَ رجَــعَ امبراطورُ فرنسا ( المُلهم..!! ) نابليون بونابرتْ من حربه ضد بروسيا بثلث الجيش الذي ذهبَ به إلى جبهات القتال وتعدادُه نصف مليون مقاتل..!!

ألوفٌ مؤلفة ٌمن الضحايا،دفنوا تحت أكوام الثلج في سبيل إشباع رغبة العظـَمة...!!!

ونابليون..هوَ مَنْ هُــوَ عند الفرنسيس...!!

إن لفظة ( غزوة ) أو ( معركة ) في عرف العقول القاصرة،لا تعني إلا شيئًا واحداً ؛ أن أرقام المغارم فيها ثقيلة جدًّا بالضحايا...

فهل كانت هذه الأرقامُ المهولة تصديقاً لعدد الغزوات التي خاضها النبي صلى الله عليه وسلم..؟؟

تعالوا معي أحبتي نـُحصي معاً قتلى الكفار من أول غزوة إلى آخر غزوةٍ غزاها صلى الله عليه وسلم...

وهاكم أيَّ كتاب من كتب السيرة والمغازي،مما تركه لنا الأسلافُ والأخــلافُ،لنستوثقَ الأمْــرَ :

ــ سبعون قتيـــلاً (70 ) يومَ بدر...
ــ واثنا عشر قتيــلاً ( 12 ) في أحُــــدٍ...
ــ وقتيــلان ( 02 ) يوم الأحـــزاب...
ــ وأربعة عشر قتيلاً ( 14 )،حين أصَرَّتْ حِفنة ٌ من المشركين على المناوشةِ يوم فتح مَــكة...

نستثني من ذلكَ ما حدث ليهود بني قريظة-بعد الخندق-حين أنزلَ بهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم القصاصَ العادلَ،وأنفذ فيهم سعد بن معاذ رضيَ الله عنه حُكْمَ السماء،فإن لهذه الحادثة ملابساتٍ خاصة،يجب عرضـُها في سياقها الطبيعي الطويل حتى تـُفهَم جيداً...

إذن قتلى المشركين في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم كلها،التي امتدتْ بعد الهجرة عشر سنواتٍ،لم يتجاوز المائة قتيل...!!

هاتوا لنا-بالله عليكم أحبتي-زعيماً تاريخيا،أرادَ نشرَ مبدأ،وإقامة دولة وسلطان ومجتمع،خاض حروباً ضد خصومه،وخرجَ من خصومته بهذه الإحصائية العجيبة..؟؟!!

متى وقعَ هذا وأين..؟؟

لم يقع ذلكَ إلا في حضن الإسلام العظيم وتحت راية نبيه الكريم،فإنه لم يَردْ لنا في تاريخ الأولين والآخرين دينٌ أو مذهبٌ اقتصدَ في دماء الناس كما اقتصدَ الإسلامُ فيها...

السيفُ الإسلاميُّ لم يُرفـَعْ يوماً إلا لتقليم أظافر الطغاة والمتفرعنين من ملوكِ الأرض الجبارين وتأديب رؤوسهم الخشِنة،لأنه لم يكنْ هناكَ دواءٌ ناجعٌ لها إلا بالضربِ على ناصيتها الصلدةِ..!!

ورحمَ الله شوقي حين قال ( يخاطبُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ) :

الحَرْبُ في حَــقٍّ لديْكَ شريعة ٌ** ومن السموم الناقعاتِ دَوَاءُ..!!

إن البشرية لم تعرفْ أبداً في تاريخها حاملَ سيْفٍ أعَفَّ ولا أنظفَ ولا أشرفَ من محمد بن عبدالله-صلواتُ ربي وسلامُه عليه-ولا عرفتْ فاتحاً أرحمَ على البلاد والعباد من الفاتحين أتباعِــهِ رضوانُ الله عليهم...

يجب-أحبتنا-أن نقرأ سيرة نبينا قراءة ًجيدة واعية ً،لنعرف كيفَ نـُغلقُ تلكَ الأفواه التي تنعق علينا من هنا وهناك من أن الإسلامَ ونبيَّهُ،قد أقاما مجدَهما على أنهار من دماء الناس وركامٍ من جماجمهم...

ألاَ شَاهَـتِ الوُجُـــوهُ...!!

قالوا غزوْتَ ورسْلُ اللهِ ما بُعِـثــوا ** بقتل نفـسٍ ولا جَــاؤوا بسَفـْـكِ دَمِ
جهْلٌ،وتضليلُ أحلامِ،وسفــــسَطـة ٌ ** غزوْتَ بالسيْفِ بعد الغـزو بالقلــمِ
والجهلُ إن تلقـَهُ بالحِلم ضِقتَ به ** ذرْعاً،وإن تــلـقـهُ بالجهل ينحَــسِــم..!!

وتقبل الله منا ومنكم الصيامَ والقيامَ وصالحَ الأعمال...

ريم الحربي
06-08-2012, 11:25 PM
لله درك يا يزيد هكذا ينبغي لنا أن نفعل أن نعود لسيرة نبينا الكريم وصحبه الأجلاء كي نجد
هذا الإنسان الذي أضعناه في خضم هذا الزيف وهذا السواد
محمد بن عبدالله هو الرحمة التي ارسلت إلى هذه الأرض بعد أن كساها السواد والجهل
جاء بأمر الله كي يرفع الظلم عن كاهل المظلومين
ويعيد الأمور إلى موازينها التي سنها الله لخلقه
لم يأتي محاربا متعطشاً لدماء ولا طاغية باحثا عن ملك أو شهرة
ولم يكن يوما منتقما أبدا وإن غضب لم يغضب لنفسه بل لحدود الله
وموقفه يوم أن عرض دعوته على القبائل فأذوه وردوه أكبر دليل على سمو روحه
يومها أتاه جبريل ليخبره أن الله بعث له ملك الجبال كي يأمره بما شاء فيهم وقال له ملك الجبال لو شئت لأطبقت عليهم الأخشبين
وهما الجبلان المحيطان بمكة فقال (بل أرجو أن يخرج الله من اصلابهم من يوحد الله لا يشرك به شيئا)
وهذا مذكور بالحديث المعروف الذي روته عائشة رضي الله عنها وهو حديث متفق عليه
فهل هذا رجل سيف أو انتقام كما أن مواقفه تتوالى عليه السلام ولا تحصى مثل موقفه من مشركي قريش
يوم الفتح يوم أن مكنه الله من رقابهم فما كان منه إلا أن قال (أذهبوا أنتم الطلقاء )
وما كان عليه السلام يرسل جيشا أو سرية إلا ويوصيهم أن لا يقتلوا شيخا أو امرأة أو طفلا ولا يهاجموا أعزلا
ولا يقطعوا شجرة لا يهاجموا صومعة فأين القادة الأن من كل هذا
وأولئك الذين ينادون بأن الإسلام انتشر بالسيف ليتدبرو القرآن ويروا هل ذكر السف فيه .....ابدا ولا مرة ذكر السيف
بينما ذكر في الإنجيل المحرف 390 مرة..........
ليت كل القادة والمحاربين يدرسوا سيرة هذا النبي الأجل وصحبه الكرام ويقتدوا بها لعم الخير هذه الأرض
أخي يزيد أعذرني إذ استرسلت بالحديث وأطلت عذري أن سيرة محمد عليه صلوات الله وسلامه وصحبة الأطهار
لا نرتوي منها مهما تحدثنا وتحدثنا

دمت بخير أخي العزيز وجزاك الله كل الخير

سعاد زايدي
07-08-2012, 01:11 PM
أخي يزيد الفرق يكمن هنا تماما ولا يختلف عليه إثنان

بين قائد الله رسوله صلى الله عليه وسلم وصفاته وبين قائد كتيبة فلان.....وقائد كتيبة فلان........وقائد كتيبة فلان على إختلاف الأسماء والجنسية إلا أن العمل والفكر

واحد.

إذا نحن اليوم نختلف في كثير من الأمور

وعلى وجه الخصوص الساحة الإسلامية العربية وما تشهده اليوم من سفك كل هذه الدماء الطاهرة لا لأجل إصلاح ولا لأجل دين ولا لأجل وطن وشرف ولكن لأجل شيء

أخر أكثر عزة يعلو ما يعلو فيه قرار إضطهاد شعب فأين نحن من تلك الصفات والحِكَمْ والله يا يزيد أستحي كيف نقابل الله غدا نحن المسلمون.

رغم ما فعله التتار بحرق ورمي كتب الحضارة الإسلامية إلى أن تلون نهري دجلة والفرات ما إفتقرت المكتبة الإسلامية من كُتَابِها ولا صُنَاعِها ولا مُؤَسِسِها إلى

اليوم، الكتب تعج بالأحداث

وبالصفات وبالحِكَمْ ما يلين التطبيق ويسهله إلا أننا..................

أخي يزيد اعتذر منك حين أستطيع أن أذهب لصفات رسول الله بكل هدوء وتمني فلا استطيع أن أتملك هذا الهدوء وهذا التمني إذا ما قورنت باليوم.

شكرا لك على المعلومات القيمة التي قدمتها لنا وما تحمله من رسالية قد وصلت، بصدق أني كنت أجهل بعضها خاصة الإحصاء.

أجارك الله وأعانك

تقبل الله صيام الجميع

يزيد فاضلي
07-08-2012, 01:52 PM
...إثراءٌ رائعٌ وسديدٌ ووافٍ-أختي البديعة الكريمة قوافي-وفي صميم الفكرة الرئيسة التي تدورُ حولَ معانيها هذه الرقيقة،فإن كثيراً من أجيالنا المحسوبة على ديننا-إلا مَنْ رحِمَ ربي-لا تعي شيئًا من سيرة نبينا من حيثُ أن المعاركَ والغزواتِ التي خاضها صلى الله عليه وسلم وصحابته الأكرمون كانتْ-كما بيَّنا-أشرفَ أنواع الجهادِ وأنظفـَها على الإطلاق،لأنه-كما أشرتِ مبدعتي الكريمة-تنطلقُ أصلاً من مبادئَ راسخةٍ رحيمةٍ تقدِّمُ العفوَ على العقوبة والسلامَ على المواجهةِ،وكانتْ وصاياه عليه الصلاة والسلام في الحرب شامة ًوقامة ًنعتز بها ونباهي الأممَ : (( لا تقتلوا طفلاً ولا امرأة ولا تقطعوا شجرة ًولا تُجهزوا على جريح ولا توَلوا وراءَ مُدبرٍ..وستجدون قوماً في الصوامع فلا تقتلوهم ))..

والإسلامُ حين اشتبَكَ مع خصومه كان مُرْغماً على الدفاع عن وجوده وكيانه،وكانتْ حربُه فريضة ًلحماية الحق ورَدِّ المظالم وقمْعِ العدوان وكسْر جبروتِ الفراعنة...

على العكس تماماً-ست قوافي-هاهوَ تاريخُ الغرب الصليبي الأسود ينطق منذ قرون بتلكَ الصفحاتِ الدموية الحاقدة التي بدأتْ بتذكيةٍ من روح ( بطرس الناسك ) منذ الحروب الصليبية الأولى وانتهاءً بالاستعمار الحديث الذي اكتوتْ منه شعوبُنا المستبَاحة بما لا يُوصَفُ من شناعةِ الاكتواء...

إن على أجيالنا المسلمة أن تقرأ السيرة قراءاتٍ أخرى،تتجاوز بها مجردَ مصمصة شفاهها بسرْدِ حياةِ نبيها من الميلاد للوفاةِ في مناسبة المولد النبوي الشريف..ثم لا شيءَ..لا شيء...!!!!

ممنونٌ لكِ هذا الإثراء العميم الذي أضافَ في رقيقتي ما أضفى عليها زخَماًَ من ثراءٍ...وتقبلي مني دائماً إكباري وإعجابي بزخاتِ قلمِكِ الجميل البديع...

يزيد فاضلي
07-08-2012, 02:42 PM
...نعَمْ أختي البديعة الكريمة سعاد...فإن البَوْنَ جــدُّ واسِعٍ بين ما كانتْ عليه الأجيالُ الإسلامية السابقة-خصوصاً جيل النبوَّةِ-والأجيال المسلمة اللاحقة،خصوصاً الأجيال الحاضرة المعاصرة التي انسحبتْ عليها سُننُ اللهِ تعالى في النصر والهزيمة..في القوة والضعف...في التمكين والخذلان..فكانَ أن نبتتْ ووُلِدَتْ والأمة الإسلامية-كما يَعرفُ الكُلُّ-في أسوءِ مظاهر وجودها الهزيل وتأثيرها الضعيف،ولكأنما كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلمَ ينظرُ إلى الغيْب من سِترٍ رقيقٍ حينما شَخـَّصَ الحالة المزرية التي ستؤولُ إليها هذه الأمة العظيمة،فقال في الحديث الحسن المشهور الذي رواه أبو داوودَ وغيْرُهُ : (( يوشِكُ أن تدَاعَى عليكُمُ الأمَمُ كما تداعتِ الأكلـَة ُإلى قصعتِها ))،فقالَ قائلٌ : أمِنْ قِلةٍ نحنُ يومئذٍ يا رسولَ اللهِ..؟؟!!!،قال : (( بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ،ولكنكمْ غثاءٌ كغثاءِ السيل،ولينزعَنَّ اللهُ عن صدور عدوكمُ المهابة َمنكمْ،وليقذفنَّ في قلوبكمُ الوهَنَ ))،قيلَ : وما الوهنُ يا رسولَ اللهِ..؟؟!!،قال : (( حُبُّ الدنيا وكراهية الموْتِ..!!! ))...

أليْسَ هذا-أختي الكريمة-تشخيصٌ دقيقٌ وتوْصيفٌ عجيبٌ لِمَا عليه وضْعُ الأمةِ اليومَ أمامَ خصومها الذين تقاسَموا جسَدَهَا من كل حَدَبٍ وصوْبٍ..؟؟!!!!

الأجيالُ المؤمنة الأولى كانت تعرفُ جيداً أن سِرَّ التمكين في الأرض يكمنُ في عنصرٍ واحدٍ هو التشبثُ بأسس هذا الدين الراسخة وتقديمها-في حياتهم-كمنهج حياةٍ،لا يُساومون عليه ولا يُغامرون به أو يُقامرون،وكان سيدنا عمر رضي الله عنه يَعي تماماً هذا المعنى حين قالَ قولتـه المشهورة : (( لقد كنا أذلاَّءَ فأعزَّنا اللهُ بالإسلام،فإذا ابتغيْنا العِزة َفي غيْرهِ أذلـَّنا اللهُ...!!! ))..وعلى هذا الأساس كانت تتحركُ وتمضي في نشْر مبادئ دينها بشرفٍ ونزاهةٍ وأخلاقٍ رفيعةٍ دوَّخَتِ الخصومَ قبل الأصدقاءِ..

لقد ذكرتِ-أختي الكريمة-التتار الهمج المتوحشين...داهموا دار الخلافةِ العباسية-كما درسنا-وأسقطوها وفعلوا بالمسلمين الأفاعيل..كان ذلك في النصف الثاني من القرن السابع الهجري ( سنة 654 هـ )..وكان لسقوط الخلافة زلزالٌ هائلٌ في نفوس المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها..بيْدَ أن المسلمين الذين داهمهم ضعْفٌ في كيانهم سرعانَ ما وقفوا على أرجلهم من جديدٍ،فلم تمضِ سنتان اثنتان من سقوط الخلافة حتى كان القائدُ المسلمُ المملوكي العظيم المُظفر قطز-رحمه الله-يسحقُ الجيشَ التتري العرمرم في ( عيْن جالوت ) الخالدة ويُكسِرُ شوكتـَهُ،وإذ بالتتار بعد ذلك يدخلون في دين الله أفواجاً..وإذ بهم قادةً وفاتحين بعد ذلك...!!!

والسببُ-في تقديري-واضحٌ...

لقد كان التتار لا يملكون مقوماتِ الاستمرار والبقاء،لأن تفكيرَهم الحضاري كان أتفهَ وأحقرَ من المقوماتِ الحضارية التي كان المسلمون-على ضعفهم وهوانهم-يملكونها،لذا سرعان ما غلبتْ الفطرة ُالسوية التي يحملها المسلمون وانهزمَ الوضعُ الإنساني الشاذ النشاز الذي كان يتحركُ بمنطقه التتارُ الهَمَجُ....

نعَمْ أختي...شتانَ شتانَ بين واقع المسلمين في فجر الإسلام وواقعهم الأغبر في القرن العشرين وما بعدَه...!!!

بَيْدَ أنَّ رَدْمَ الفجوةِ السحيقة بين واقع السلف والخلف لن ولم ولا يمكنُ أن يتِمَّ إلا بالعودةِ إلى روافدنا الأولى..والأملُ معقودٌ-بعد الله تعالى-في مبشراتِ التغيير التي تمر بكيان هذه الأمة والتي تتسمُ بالاحتقان والتشنج وحدوثِ مضاعفاتٍ تصلُ لحدِّ الألم القاصي والجرح المُثخن..ولا مناصَ أبداً من آلام المَخاض وربما عملية قيْصرية لأجل الحفاظِ على سلامة وصحةِ المولود الوافد...!!!

الفُ شكرٍ-أختي سعاد-على جمال الإثراء المفيد...ولا حُرمتْ رقائقي من مِدادِ تعليقِكِ الجميل...وتقبلَ الله منا ومنكم الصيامَ والقيامَ...