المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نتائج مسابقة الملتقى الادبي بصور


محمد الراسبي
26-09-2012, 03:39 PM
اختتمت صباح اليوم فعاليات الملتقى الأدبي الثامن عشر في ولاية صور وفي ختام الحفل تم إعلان نتائج النصوص الفائزة في الملتقى وكانت كالتالي:

أولاً : الشعر الشعبي

المركز الأول : عبدالعزيز العميري عن نص وجه

المركز الثاني : صالح الحاتمي عن نص رصيف

المركز الثالث : حمد البدواوي عن نص صحرا

المركز الرابع : سليمان الجهوري عن نص أفواه المطارح

ثانياً : الشعر الفصيح

المركز الأول : إبراهيم الهنائي عن نص خبئ لا ظل له

المركز الثاني : أحمد الفارسي عن نص سفر

المركز الثالث : الشيماء العلوية عن نص مدد

المركز الرابع : حسام الشيخ عن نص رحلة نطفة

ثالثاً : القصة

المركز الأول : حمود الراشدي عن نص الخديعة المعلقة

المركز الثاني : حسام المسكري عن نص ما ليس له قصة

المركز الثالث : أحمد الكلباني عن نص الروع

المركز الرابع : طفول الصارمي عن نص فينيق


ومن هنا نبارك لجميع الفائزين ونخص بالذكر اعضاء ورواد السلطنة الادبية
ونتمنى التوفيق لمن لم يحالفهم حظ الفوز للمرات القادمة ..

سداويه مدريديه
27-09-2012, 10:19 PM
مبآرٍگ لُلُفَآئزيَن
آلُمنآفَسہ گﮯنت قۆيَہ
جٍلُ آلُتۆفَيَق لُلُجٍميَعٍ فَـ آلُمحٍآفَلُ آلُقآدِمہ ^^

نوف البادية
29-09-2012, 10:58 PM
نبارك للفائزين .. والكل تألّق ^_^

هيثم العيسائي
30-09-2012, 12:22 PM
نتائج متوقفه ف الشعر الشعبي


بتوفيق للجميع

فاطمه القمشوعيه
01-10-2012, 06:52 PM
وجه
* القصيدة الفائزة بالمركز الأول في مجال الشعر الشعبي


قبْل مَا ظلي يأذِّن للغروب
من يبادلني الكلام
وْيفتَحِ لخوفي مَنَافذ للهرووووب ؟!
في الحناجر اغنياتٍ تكرَهِ القضبان
واخْتارت تموووت !
ليتها كانت نخيل
وعلمتني الصبْر في عزِّ الجفاف
منطوي
هذا انا ؟!
مني اخاف
في الْمدى شارد وحيد
لاصَدَى
مِثْل الكراسي اللي امامي
وْما اقول إنِّي حزين !!
من وشى للريح عن حلمي وَبَابي؟!
وْعن سراج ٍ كان يحْرسني مِنِ سْيوف الظلام ؟!
يا أناي :
لا تداكي تعبَكَ بْهذي البيوت
الظلال توحَّشَت صارت رماح
يمكن الليله يمرَّك الف صوت
والف وجه يجيب في قلبك جراح
دير ظهْرك ابلغ الصَّدْق / السكوت
كلَّ طير ٍ تطلقه للريح طاح !!

علقَتني الأرْض في سقف السما وْقالت لِيَ ارْحل
وْما بقى لي من جناح
لجْلَ أعوَّد
أو أطير
من يفكَّ قيودَهَا من معْصمي ؟!
آنا جسَد عاري وكلي أرتجف
مخذول حتى من دمِي
دشداشتي ملت عظامي للأسف
واختارت الرَّيح !

وْرغم هذا
كل َّ شي بْخير لكن :

عابس ٍ مثل الشواطي اللي تفارقها النوارس
مالها إلا تمني رْمالها بْسرب ٍ جديد
الحياة اشْبه بزنزانه عليها الموت حارس
والزمن شمْس وْسنين العمْر قطعه من جليد

وْلاظِلال
طاحَتَ أوراقي
وَمِن يحكي لها الاوراق عن حزْن الشجَرْ؟!
كيف السقوطِ يْعرِّي الاغصان من كل الملامح
هذا وجْهي
ولاَّ وجْه
الانْكسااااااااار؟!
صرت ارمِّم في صميم الذات لاحْزاني بلاد
وْيمكن الليله
أعير البرْد معْطف من سهاد
وين أفتشني عليَّ؟!

الزمن اقْدام والرحلة تعَب والدرْب وين؟!
من تداعى العمْر طاح الحظ َّمن عالي سماه
كلَّ ماشفت المرايا سال من عيني الحنين
شفْتنِي ..كهْل ٍ ضريروْتخْذَله حتى عصاه
من أنا ؟ هذا الضعيف اللي يخاتْلْه الإنين
أو أنا أسم ٍ غريب ٍ خانَته كلِّ الشفاه
باقي ٍ مزروع في حارة قديمه وْبيت طين
مخْتِنقْ ..طارت كفوفي للسَّما بآخر صلاه
جيت امدِّ لحلمِي الأعمى فضا واهْديه عين
لكن الايام خانت ..والحلم ضيع فضاه
من يعلق صورتي لو غبْت ع جْدار السنين؟!
وْمن يغنِّيني قصيدة خالده بْفمِّ الحياه؟!
لو لهَا البيبان صُوتِ يْحاكي الصمَّت الدفين
ما نَبَتْ في هذي الجدران وجْهِ يْصيح آه!

عبدالعزيز العميري

فاطمه القمشوعيه
01-10-2012, 06:54 PM
رصيف


* القصيدة الفائزة بالمركز الثاني في مجال الشعر الشعبي


واعتذرلك,,
لو جرفني الحظِّ لانياب النصيب
وصرت أشحت
من رفوف العافيه
"كسرة عمر"
أو بسْ مجرد لو أمل يقتات به
شيخ الصبر في صدرِيَ
المنسابِ بَه
"عتمة قدر"
حتى تسرب من شقوق الذاكره: لي أذكره
وجهك,,
وانا آسف لو انِّي بسْ
فقدته ف ازدحام العابرين:
حْدود منفى هالحنين, وْ
ماعبرتي
باب موعدنا الحزين
وْصرت اجدف في بحار الخوف وحدي
ولا وصلت
لْساحل أحلامي ووجدي,,
وبْأمانه:

شاعرك يخبز من احزانه رغيف
يطعم انفاسه لجل تسكت جراحه


في سكيك الضيق ما حصّل رصيف
يركن احْلامهْ وِيِتنفَّس صباحه
عاش يهدي القحط زخات الخريف
ما درى بالحظِّ يكبح له رياحه
في شتاء الجرح والليل المخيف
ينطفي من قلبه الموحل مساحه
تحت ظل الفقد والحزن الكثيف
يسحب أوجاعه ويكتب بالصَّراحه:
الفقر حطَّاب لاحْلام الضعيف
كم كسر جذع الخفوق وارتياحه
والصبر محراث في روح العفيف
ينخل فْصدره ويفقد اِنْشراحه
شاعرك يزرع على ضْفاف النزيف
ذكرياتك رغم فقدانه نجاحه
وبْضلوعه سْراج فغْيابكْ كفيف
ما لقى في معْبد التوبه فلاحه
من صراط العمر فاقد له وليف
صار وِ ب عزِّ التعب يقبر كفاحه
والغياب الطافح بْوجهه يضيف
للكآبه فْ دولة أشعاره اِباحه
لو رحلتي يذكرك أجمل رصيف
ما يملَّه لو غدا جرحك وشاحه


صالح بن علي الحاتمي

فاطمه القمشوعيه
01-10-2012, 06:56 PM
صحرا


* القصيدة الفائزة بالمركز الثالث في مجال الشعر الشعبي


ليل ويسيل .. الصبح يركض خلافه
والأرض فزت تلبس الضي جلباب
مرت عيوني في سديم المسافه
ما به سواي وأجرد البيد أصحاب
قلت : الطريق اللي نحبه نخافه
دام العطش له ألف نابٍ ومخلاب
بحر الرمال اللي يخون بضفافه
يرمي خواصر فجرها شوك وحراب
جسمي إذا ما الشمس تطعن غلافه
ينزف ظلال بصفحة الأرض تنساب
هذا العمر جذعٍ شكى من جفافه
لين انعمى شوفه على طاري أحباب
وهذا المدى موتي نهاية مطافه
لكن أبمشي يمكن الوقت كذاب
الغيم عن شمس الظهر كان غافه
مابين خطواتي نبت شيح وأعشاب
قلت أهدي الصحرا لحضن الخرافه
شفت السراب وقالت العين : مرتاب
شف موتك ف كثبانها ، موت تافه
غصن النهار اللي إنكسر بإيد حطاب
رمح رماه الليل والكل شافه
رزّه بصدر الشمس عاري ولا تاب
موسم حصاد الضي .. ساعة قطافه
ألقى فراشات الشفق طارت أسراب
عاشق وهذا الموت يركض خلافه
وريحٍ تخيط الرمل لجل المدى ثياب

حمد البدواوي

فاطمه القمشوعيه
01-10-2012, 07:02 PM
أفواه المطارح


* القصيدة الفائزة بالمركز الرابع في مجال الشعر الشعبي

بين أوراقي بكى الحبر وتلف
وانتفض مابين هالإصبع جفاف
دربنا وادي ووادينا نشف
من زمان وصيد وادينا عجاف
لو أمانينا إلى حد الشغف
رافعين أحلامنا و احنا خفاف
من متى يجلس على يدينا الترف
والمساء من وابل الممشى يخاف
لا غوانينا ولاحظ الصدف
في مرافينا إذا حان القطاف
زاهدين "نريض" صوع إللي خرف
ونلقط المكتوب لأحضان الخلاف
يا سمانا عشب أرضك ما وقف
إمطرينا "سيلك" العارم ../ نفاف

ماعطشنا
خوفنا الأرض إعطشت
و إمهلينا
نركض "شراج" المطر
نمشي "غبيب" السكيك
ونصنع بطينك قصر ../
نرسم البسمة
على وجه الصبر
وإن تلاشى ....

نظرت الشرهان والعجزان غافي
وتشرب (الجحلة) من أفواه المطارح
في مناكبنا دليل الفيض وافي
نرتوي حتى من الطين ونكافح
كل منا .. خافي الكفين حافي
نبتسم لو مرنا هالوقت سارح
يا سمانا
وين أنتي عن مطاريح المساجد
عن مدارسنا و (حيشان) الملاعب
عن طفولتنا البسيطة
يوم ننهم
وين شمسك ..؟!! بلنا الماي وخطف
روحينا فوق حبلٍ من عفاف
لا أغانينا ولا بيت الخزف
شلنا الوادي وأمانينا خِفافح

سليمان الجهوري

فاطمه القمشوعيه
01-10-2012, 07:03 PM
خبـيءٌ .. لا ظلّ له !

* النص الفائز بالمركز الأول في مجال الشعر الفصيح

( كلٌ عدمْ
ينداح هذا الموتُ
ينسلُّ القِدَمْ
لا شيءَ غيركَ
خلفَ ناصيةِ العلوِّ ..
أصابعٌ قدرٌ ..
وخلفكَ ألفُ يمْ
قَلِقٌ كمارقةٍ
وحرٌّ مثلَ وجهِ النردِ
مشبوهٌ بخاصرةٍ
تدورُ .. تدورُ
من عبثِ الجهاتِ
وجودكَ ..
الأرضُ / السماءُ ..
جراركَ المعنى النبيذ
وتستفيقُ .. على اغترابِ الماءِ فيكَ
نوارسٌ ..
تهبُ الوصايا .. والمرايا ..
للعدمْ
كلٌّ .. عدمْ )
يا سائل الصحراء عن أيامها
وهبتك خيطا من دخان ضرامها
رسمتك كالبدوي يعبر هائما
حتى يصير إلى فناء خيامها
يا سائل الصحراء دربك فارغ
وهم قديم نّـزَّ من أوهامها
يا سائل الصـ ح ـراءِ .. لا وطنٌ !
هنا تنمو المسافةُ مثل كل خطيئةٍ أبديَّةٍ
لا ظلَّ يحملُ عنكَ أمتعةَ الوجودِ
ولم تُعِرك كنايةٌ حد الفراشاتِ الصغيرةِ
وحدك الناسوتُ في صفةِ الخلودِ
مذ اتَّسعْتَ على حدود البحرِ ..
غنتكَ المواويلُ .. استفقتَ بلا شراعٍ
كفك التمعت كريحٍ ..
وحدك اليوم الفلكْ
لا ربَّ لكْ ..
وكأن أسئلةً على جرفٍ تعرت
تشبهُ الكينونةَ الأولى ..
تَنَازعهَا الرواةُ ليخصفُوا ورقًا عليها
صاح أكبرهم .. وفوج عمائم :
( لا مهدَ للأعمَى .. سليل النارِ .. والأشعارِ ..لا غفران للأعمَى )
... وأنت منابتُ المدنِ القديمةِ
: أنت عينُ النهرِ .. حين جرى
وقافلةٌ كأن النهرَ
أودعَ سيرها شجرا :
وأنت السُّكرُ في حبِّ الخريدةِ
نبتة التأويلِ ..
بنت الزرقةِ ..
اشتبهتْ على لغةِ الخريفِ
وأرَّق الميناءُ ضحكتها
لأجلكَ ..
تقرأُ الضوءَ المخبأ
" لا يزالُ الموتُ متَّسَعٌ لشكَّـيـنَا "
ـ على الجسد اشتهاؤك ـ
هذه الأقدار أنثى أخطأت
لا تنتظرها ..
لا مفاتيح القيامة في يديها
لا .. ولا الوطن السرابُ .
غَابُوا .. جميعًا
هؤلاءِ الناس
غابُوا .
والطينُ .. منزوعُ الصراطِ
ممدٌ كالنخلِ ..
مطعونٌ ..
خَرَابُ .
لا باب تفتحه هنا ..
لا ..
لم يعد في الأرض بابُ .
**
كنت احترقت
علتك ألسنة الفناء
وجاورتك النار في ملكوتها
كنت ابتدرت الموت بالموت
ابتهلت كعادة الرهبان
أجلت الكلام الشاعري
وبِنتَ .. متَّ ..
يداك شاردتان في كفنٍ/قماطٍ موحشٍ
عيناك شاخصتان خلف عصابة
قدماك تنحت في شقوق القبر
لا معنى لصوتك
هكذا كان الرهان
مذ اتخذت الحلم حظاًّ ... !

إبراهيم بن أحمد الهنائي

فاطمه القمشوعيه
01-10-2012, 07:05 PM
سَفَر ..

* النص الفائز بالمركز الثاني في مجال الشعر الفصيح


سَفَرٌ .. وَرِيَاحُ مَجَازِيْ تَتَكَسَّر
وَالْمَاءُ يَنُوْحُ عَلَى جَسَدِيْ
يَا كُلّ مَجَادِيْفِ الْمَنْفَى
لا وَطَنٌ لِيْ.. لغَتِيْ وَطَنِيْ
لا شَيْءٌ لِيْ فِيْ الْحُلْمِ سِوَى
لَيْلِ مَلَائِكَةٍ نَامُوا فِيْ الْعُشْبِ
وَنَامَتْ فَوْقَ أَظَافِرِهِمْ أُنْثَى
مُرْهَقَةٌ مِنْ تَعَبِ الرُّؤيَا
وَالرُّؤيَا تَعَبٌ لا يَنْفَد
أَحْتَاجُ لِسِرْبِ فَرَاشَاتٍ
يَرْفَعُنِيْ ..
أَحْتَاجُ لِلَوْحٍ آخَر
كَيْ أَطْفُو فَوْقَ الرِّيْشِ النَّاعِمِ
أَهْرُبُ ...
لَمْ تَعُدِ الذِّكْرَى مُوْحِشَة يَا وَطَنِيْ
لَمْ تَعُدِ الصَّحْرَاء تُلاحِقني
هَا تَلْهَثُ خَلْفَ الرّمْلِ ضُلُوعِي ثَكْلى
غَائِرَةٌ فِيْ جُرْحِ النّاي عِظَامِيْ
هَا ظِلّ اللهِ عَلَى جَسَدِيْ ..
يَهْطلُ فَوْقَ نَخِيْلِ الرُّوْحِ الْبَارِدِ
وَالشّيْخُوْخَةُ تَقْرَعُ أَجْرَاسَ الْمَنْفَى
وَالْمَوْتَى مِنْ كُلِّ جِهَاتِ التَّارِيْخِ أَتَوْا
يَفْتَضُّوْنَ بِكَارَةَ هَذَا الليلِ ..
يَا لَيْلُ تَعِبْنَا مِنْ خَمْرِ الْفِضَّةِ
أَحْتَاجُ إِلَيْكَ لأَعْرِفَ نَفْسِيْ
أَعْضَائِيْ تَقْذِفُهَا الرّيْحُ بَعِيداً عَنّي
وَأَنَا أَلْهَثُ خَلْفِيْ
أَلْهَثُ أَلْهَثُ أَلْهَث ....
وَطَنِي يَتَمَزّقُ فِيْ خُطُوَاتِيْ
وَأَنَا أَلْهَثُ ...
مُقْصَىً فِيْ جِهَةٍ مُرْتَابَةْ
لا وَطَـنٌ كَيْ أَقْرَعَ بَابَهْ
لِمْ تَرَكَ اللهُ هُنَا فَأساً ؟!
وَالْغَابَةُ لَمْ تَعُدِ الْغَابَةْ
تَبْذُلُنِيْ الْحَانَةُ فِيْ كَأْسٍ
لَمْ يَعْرِفْ يَوماً أَنْخَابَهْ
وَطَنِيْ يَتَرَنّحُ فِيْ حَانَاتِ الْوَهْمِ
يَفِيْضُ مِنَ الأَقْدَاحِ حَزِيْنَا
وَأَنَا تَخْنقنِيْ الْعَتْمَةُ .. تَبْلَعنِيْ
لَمْ يَعد الآثِمُ يَلْثُمُ جَمْرَ خَطِيْئَتِهِ
لَمْ تَعُدِ الْفِضّةُ تُسْعِفُنِيْ ...
هَجَرتنِيْ الآلِهَةُ الأُوْلَى .. هَجَرَتْنِيْ
وَمَسِيْحُ الْمَاءِ الْجَارِحِ لَنْ يَرْجِعَ كَيْ يُنْقِذَنِيْ
وَحْدِيْ سَأُعِدّ جَنَازَةَ حُلْمِيْ
لا أَحْتَاجُ لِزَنْبَقَةٍ فَوْقَ النّعْشِ الْهَالِكِ
أَحْتَاجُ لِنَصْلٍ كَيْ أَخْرجَ فِي الْمَوْعِدِ
مُمْتَثِلاً لِلْمَوْتِ وَلِلرُّؤيَا ..
يَا لَيْلُ هَرِمْنَا
يَا سَعَفَ التّارِيْخِ هَرِمْنَا
لم تعد الزُّرْقَة تُدْفِئُ قَلْبِي الْمَالِحَ
فالْغُرْبَةُ أَقْسَى مِنْ تَعَبِيْ
يَا لَيْلُ تَعِبْتُ أُمَشّطُ أَوْجَاعَ الْكَوْنِ وَحِيْداً
هَا ظَهْرِيْ يَدْنُو لِلأَرْضِ
وَنَاصِيَتِي تَنْحَتُهَا الرّيْحُ ..
تَعِبْتُ أُقَامِرُ أَيَّامِي
يَا لَيْلُ تَعِبْتُ أَمُدُّ دَمِي
وَهُنَا فِيْ أَقْصَى الرُّوحِ نَبِيُّ يَبْكِيْ
وَحْدِي أدْفنُ أَسْنَانِيْ اللبنيةَ فِيْ لَحْمِيْ
لا مَعْنَى لِلْمَعْنَى
يَا لَيْلُ تَعِبْتُ ..
أَخَافُ مِنَ النّعْنَاعِ النّاعِسِ يُوْقِظنِي
وَأَخَافُ مِنَ الزّفَرَاتِ ..
هُنَا كَالثّلْجِ تَئِنّ مَفَاصِلُ رُوْحِي
يَتَمَزّقُ فِيْ أَحْشَائِي ضَوْءُ مَلاكٍ ..
مَاذَا تَفْعَل بِيْ يَا رَبّي !!
أَحْتَاجُ إِلَيْك ..
أَخَافُ مِنَ الْبَرْدِ الجَائِعِ يَنْهَشُ لَحْمِيْ
دَثّرْنِيْ .. أَحْتَاجُ إِلَيْك ..
الآنَ سَأَخرجُ مِنْ جُمْجُمَتِيْ
أَقْطِفُ أُذنَ الْبَحْرِ الْمَارِقِ
أسْرِف فِيْ أَحْلامِيْ ، عَلّي أَفْقدُ ذَاكِرَتِيْ
عَلّي أَشْتَاقُ مَشِيْئَةَ هَذَا الْحُلْمِ
أَنَا الْعَدَمُ الواقع فِيْ الْبَرْزَخِ
أَدْخُلُ مِرْآةَ الأَبَدِيّةِ
لا أَعْرِفُ أَيْنَ يَسِيْرُ الْمَوْتَى
فَالْمَوْتَى مَاتُوا .. لَمْ يَصِلُوا لِلأَسْمَاءِ
جَمِيعاً لَمْ يَصِلُوا ..
الآنَ الْحُمّى تَتَحَجّرُ فِيْ رَأْسِي
شُطْآنِي تَرتاح ..
لَو ارْتَفَعَ الْمَوْتُ هُنَا سِنْتِيْمِتراً
لَغَرَقْتُ ..
وَلَكِنّ رَنِيْنَ الأَجْرَاسِ
يُلاحِقنِيْ ..
الآنَ نَقِيْضِيْ يَتَنَهّدُ ..
لا أَتَذَكّرُ كَيْفَ خَلَعْنَا وَجْهَيْنَا
فالنّهْرُ النّائِمُ يَعْكِسُنَا
وَجْهِيْ وَجْهُكَ .. وَجْهُكَ وَجْهِيْ
نَحْنُ الْوَاحِدُ قَبْلَ الزّمَنِ الْغَابِرِ
لَكِنّ الأَشْكَال تُفرّقنَا
الآنَ الْخَوْفُ يَخَافُ مِنَ الضَّوْءِ الْخَافِتِ
أَقْتَرِبُ فَيَبْتَعِدُ قَلِيْلا ، أَبْتَعِدُ فَيَقْتَرِبُ قَلِيْلا
نَحْنُ الأَضْعَف وَالأَقْوَى
لا شَيء سِوَانَا يَتَدَفّقُ مِنْ ثَوْبَيْنَا فِيْنَا
نَحْنُ الليل الْفَائِض مِنْ قَدَحِ الْيَأْسِ
وَنَحْنُ سِوَانَا فِي الذّكْرَى
الآنَ الْوَقْتُ يَفِيْضُ مِنَ الْجِهَتَيْنِ
هُنَا أَشْبَاحٌ تَتَنَاسَلُ فِيْ جِلْدِيْ
وَهُنَا شَمْسٌ تَغْرَقُ فِيْ ظِلّي
مَا زِلْتُ أُرَاقِبُ سَاعَتِيَ الرّمْلِيّةَ
كَيْ أَفْصِلَ ثَابِتَكَ الْمَجْهُولَ عَنِ الْمُتَغَيّرِ
فَالْحَاضِرُ يَبْتَكِرُ الْفِرْدَوْسَ الْقَادِمَ
بِلُغَاتٍ شَتّى .. لا تُشْبِهُنِيْ
الآنَ هَوَاءُ الْوَاحِةِ يَجْرَحُ عَاطِفَتِيْ
لا حُبّ هُنَا غَيْرَ الْحُبِّ
أَنَا لا أَمْلِكُ إِلا قَلْبِي
عُكّازِيْ الرّيْح
وَلَيْلِي لا يَكْفِيْ كَيْ أَحْلُمَ
فِيْ حُلمِي ..
وَحْدِي فِي السّفْحِ
أُرَاقِصُ مَلَكَ الْمَوْتِ
أُطِلّ عَلَى اللهِ ..
فَتَخْرُجُ كُلّ فَرَاشَاتِ الْمَنْفَى
مِنْ جُرْحِي
وَحْدِيْ أَتَبَخّرُ كَالْكَلِمَاتِ
أَشِيْخُ وَلا أَحَدٌ يَعْرِفُنِيْ ..
غَيْر مَلائِكَةٍ نَامُوا فِيْ الْعُشْبِ
وَنَامَتْ فَوْقَ أَظَافِرِهِمْ أُنْثَى
مُرْهَقَةٌ مِنْ تَعَبِ الرّؤْيَا
وَالرّؤيَا تَعَبٌ لا يَنْفَدْ ...

أحمد بن حسين الفارسي

فاطمه القمشوعيه
01-10-2012, 07:06 PM
مــددْ !

* النص الفائز بالمركز الثالث في مجال الشعر الفصيح

ـ مَددْ .. ! ـ
لا رفاكِ الغيمُ
لا شاقنِي زبَدْ :
إلهةُ هذا البحرِ
حاسِرَةُ الجسدْ
إلى الفتنةِ السّمراءِ
أُقصِي مشيئتِي ..

ـ مددْ .. ! ـ
لا سواكِ الآنَ
يستأنفُ الأبدْ

تركتُ
لظلّي .. موتَهُ
أخضرًا ،
وللمسافةِ .. ما يفنى
ليُخلقَ في كبَدْ
وكنتُ
غيابَ اللهِ في كلماتهِ
سينفدُ دونِي البحرُ
يا دونهُ ..
مدَدْ .. !

هنا ..
أرفعُ المنفى
ويرفعني
ـ سُدىً ـ
هنا ..
أتبعُ الرّؤيا ،
وللرائياتِ حدّ !

هنا ..
أودعُ الذكرى
وهمْ .. يغرقونَ ..
يغرقونَ ..
أما للماءِ منْ بعدهم أمدْ ؟!
قفيني
على الميناءِ
علَّ نبوءتي تناسَى ..
قِفي ..
فالرّيحُ تُمهلُ ما خَلَدْ
أنا
ملْءُ ما بينَ النّقيضينِ ..
ما اتّخذتُ منْ صفتِي ربًّا ..
صلاتي/انكسارُ غدْ ..

عيوني/البرايا ..
أستعيدُ شواطئَ المرايا
وأطيافًا تفتشُ عنْ بلدْ
ووحْدي
وجودي ..
أيُّ أقصايَ فائضٌ على الرّملِ
وحْدي ..
ليس يدركني عددْ
مع الحلْمِ
أهْوي
كالسّماءِ
أفرُّ منْ توحّدها بي
والمدى أحَدٌ .. بَدَدْ
ـ مددْ .. ! ـ
ربَّ لاهوتٍ يشاغلُ طينهُ
فلا زرقةٌ دلّتْ عليّ
ولا عمدْ !

الشيماء العلوية

فاطمه القمشوعيه
01-10-2012, 07:08 PM
الخديعة المعلّقة

* القصة الفائزة بالمركز الأول

في الجناح المنزوي من المستشفى ، في الغرفة السادسة ، السرير رقم (5). ها أنا أقضي ليلتي الثالثة بعد التسعين . في الصباح أرى وجوها مختلفة، وصامتة، ومتنوعة لأطباء وممرضات . تصرخ الأجهزة من التعب والألم. أنابيب معلّقةُ على الجدارن . أصوات تختلف ، تتنوع، ترتفع ، تخفت ، تصمت ، تموت. صوت الزمن هو الوحيد الذي لا يموت. عقارب الساعة البيضاء المعلّقة بعناية فائقة.
تك تك
تك تك تك
تك تك
موجع وموحش هذا الصوت.
صوت أقدام أطفال يركضون ، صوت الريح وهي تعصف برؤوس النخيل، صوت حمامة جبلية وقت الغروب . صوت الماء المنسكب، صوت امرأة تناديني ، صوت طائرة في السماء. صوت رجل أعمى يسرد حكايات غامضة . صوت مؤذّن يأتي من القُرى البعيدة.
تك تك
تك تك
تك تك.
كل الأصوات يطويها النسيان. صوت الساعة المعلّقة بعناية فائقة يقلقني جدا. الزمن بارد هنا. بارد جدا .

مسترخياً . شبه كلمات تتقطع وتبتعد. تتماهى أحيانا. تصلني أحيانا .
:" إن حالتي شبه مستقرة ، وإنني سأتحسن ، بالرغم الحالة التي تشبه الغيبوبة". وفي المساء أرى وجوها كثيرة، أعرف بعضها. وأخرى قد نسيتها، وثالثة تسقط بين النسيان والغياب.
الفتاة الواقفة على طرف السرير، تمسكُ بعاموده . كانت في الطفولة تشتمني دائماً ، وتصرخ في وجهي؛ أنني فاشل و (بغام)*.الآن تقفُ على بُعد أمتار قليلة تتأمل وجهي . تعابير وجهها تقول بأنها تشفق عليّ. وأنها ستبكي لو مُت.
: سأموتُ ، سأستمتع جدا بدموعك.
وجه رجل عجوز, كان يشي بي دائما أنني لص . لص يسرقُ كل شيء ، دجاج الجارات ، ملابس بناتهنَّ . ويسرق الطعام من المطابخ.
وجه واحد حاولتُ تذّكرهُ؛ ولم أستطع، فتاة شبه باكية ونصف حزينة . تقف على الطرف الأيمن من السرير، خلف امرأة عجوز. متى عرفتها؟
- لا أدري .
ربما ليست من القرية, شفتاها المطليتان باللون القرمزي وعباءتها المطرزة بغابة من الورود الحمراء تدل على أنها من المدينة .ياااااا الله ضجرتُ من كلامهم وثرثراتهم، ومن مقولاتهم المطبوخة مسبقا." إنّ حالته هذه هي اختبار من الله . ليمتحنَ قوة إيمانه ، وصبره"
يكفي هذا العذاب إنّي أعلن فشلي في هذا الاختبار القاسي والصعب. همستُ بشفتيّ.
أيادٍ الممرضات وهنَّ ينّقّلنَّ جسدي تختلف من يد إلى يد . يد تقول لك: كم أشفق عليك أيها الميت.!
ويد تقول: هيا مُتْ و"ريّحنا" من تعبك اليومي ، وتنظيف جسدك العفن.
ويد أخرى : تدمع عيناها وقلبها، وتتمنى أن أرجع لطفلتي ـ التي تزورني كل المساء.
خلال الشهور الثلاثة الماضية. كانت الأنابيب رفيقتي. كنتُ أهمسُ لها أن ترحمني. أن تشعر بالألم الذي يقتلني. كنتُ أناجي الكيس الأبيض المعلق، والحروف المكتوبة عليه. مُتعتي الوحيدة هي عدُّ ومتابعة القطرات النازلة من
* جاهل
الكيس الأبيض المرفوع جانب سريري. أُخطى في العدِّ , أرجع أعدُّ مرة أخرى. نسيت الأعداد.
يزحف الليل قليلا . وكل ليلة و( تك تك) ترفع من منسوب قلقي. أُمارس خدعة الأعداد. أصلُ للرقم خمسة وعشرين. وأتذّكرُ أنني نسيتُ العدد سبعة , أرجعُ , أنسى أرقاما أخرى . لذيذة هذه الخديعة .
في الظلمة فقط أستيطع أن أُمارس الخديعةَ مع الوقتِ والليل. اللعب مع الصور المعلّقة على جدارن هذه الغرفة البيضاء الباردة . أفكّرُ أن أكتبَ في وصيتي:
أن يكون لون قبري أبيض. عشقتك أيها البياض.
عشقتك أيها البياض.
في الليل فقط أستطيع الحديث مع الصور المعلّقة ، أن أثرثر معها، أبوح لها بالحنين والألم . بعدما مللتُ من خديعة العدّ.
هل هذه الصور لي أنا فقط ؟ هل للزائرين أم للمرض؟
أم أنها ديكور؟. غير مهم لمِن هي. المهم أنها موجودة .
الصورةُ التي على جانبي الأيسر ، في منتصف الحائط تقريبا. صورة إبل (ربما عددهن ثلاث أو أكثر). بسبب الكثبان والظلال لم أستطع عدّهن. حاولت عدة مرات عدُّ الإبل ، بعضهنّ يختفينَّ بين الظل والغروب. وحيدات في صحراء تمتدُّ بعيدا . من خلال الظلال الساقطة على جسد الرمال ، الوقت يقول إنه الغروب.
يخرج الزائرون من الغرفة . تضع الممرضة أنبوب التغذية في رقبتي وأنبوبا للتخدير في يدي. تودعني بابتسامة لا أعرف مغزاها. هل هي صادقة , أم هي جزء من روتين العمل.
عندما تصمتُ كل هذه الأصوات؛ تخرج الإبل من إطار الصورة تقفز في الغرفة . جيراني المرضى لا يشعرون بها . أنا الوحيد الذي أراها جيدا . تخرج من الصورة . بالرغم من أحجامهن الكبيرة إلا أنها تحاول أن تصنع لنفسها مساحة . خفتُ أول مرة شاهدتها .حرّكتُ الأنابيب ، حاولتُ أن أصرخ . ولكن صوتي لم يخرج. وبعد عدة ليالٍ تعودتُ عليها. لا تحضر كلها . تظهر بعضها ، ويختفي البعض الآخر.
تسرد لي يومياتها . وكيف التقط المصوّر الصورة؟ .وأن المصور أشعل سيجارته بكل هدوء ، نظر إلى السماء، أطفأ اللفة . وأن الوقت كان قبل المغيب . تسرد لي حكايات البشر في الصحراء. وقالت لي: إن الصحراء بمثابة الوطن والأم لهنَّ.
سألتني مرة عن أمي ، فقلتُ لها : إنني لا أتذكّرها جيدا.
كل يوم تسرد لي الحكايات .تغادر الغرفة قبيل الفجر. أو عندما تطلٌّ الممرضة ؛ لتتأكد أنني في وضعية جيدة. أو ربما لتتأكد أنني حيّ !
صورة أخرى في أعلى الباب. رجل بعمامة حمراء منقطة بمربعات بيضاء, العمامة المطوية حول الرأس بعبثية ما . وفوق العمامة حبل أسود مربوط بشكل دائري. الحبل الأسود يشبه (العِقال). يمسك بيده عصا . كنت اتأمل الإبل وهي تمضي إلى الصحراء ، وتختفي وتظهر فوق الكثبان. كنت أفكر في عزلتها .
: هيش فيك؟ 1
............
عندما لاحظ صمتي صرخ بقوة
: هيش تبا ؟ 2
_.......
: اشفيك سيحت لي بنسمي هيش تبا؟ 3
: لا أُريد شيئا سوى أن تبعد عني رائحة تبغك؟
: هيش فيها الدوخة ؟ 4
. رائحة تبغك كريهة .تخنقني . تذبحني .
: الدنيا حالهي مالهي واليهي كريم وراكبهي حافي. 5

يشعلُ تبغ مدوخه بكل هدوء ولذة . يصمت حينا ويغني أحيانا.
في صورة أخرى عُلقت بطريقة ما في الممر الذي أذهب عن طريقة إلى دوارت المياة . كان صوت امرأة تغني . في البداية لم أنتبه لهذا الصوت الحزين . في الليل فقط اسمع صوتها . لم تخاطبني قط . كانت تخاطبُ ظلَّ رجل ربما رحل . تحن ُّ له . تذكر كل شيء به . وجهه ، صوته ،عيناه. كان صوت به صفاء غريب . قلت لها من أي البلاد أنتِ؟
: ..........
صرختُ مرة أخرى من أي الدماء أنتِ؟
_ ........
واصلت غناها لرجل ما . لم تلتفت لي .
******
بعد ثلاثة أيام من وفاة الرجل النائم في المستشفى في القسم المنزوي. كانت امرأة تغني على قبره . ومرّتْ ثلات أبل بظلالها على القبر . من تحت غافة على طرف المقبرة تصاعد دخان مدوخ لرجل بعمامة حمراء ذات مربعات بيضاء .

هوامش :
1. ماذا بك؟
2. ماذا تريد؟
3. ماذا بك ، قطعت أنفاسي ، ماذا تريد.
4. ماذا بها رائحة السيجارة؟
5. هذا عبارة عن مثل يقول : الدنيا دار المال ، وبها ربُّ كريم . وإنسانها حافٍ.

حمود الراشدي

فاطمه القمشوعيه
01-10-2012, 07:10 PM
ما ليس له قصة

o القصة الفائزة بالمركز الثاني

الصمتُ يعمُّ المكانَ، قطراتُ ماءٍ تنزلُ بانتظامٍ موسيقيٍّ غريبٍ، بردُ الشتاءِ ينخرُ عظامَهُ ليخبرَهُ بأنّ الدفْء ليسَ لَهُ.
كَانَ يشعرُ بالضياعِ، ففي الصمتِ يتجلى عجزُهُ بأقصى قدرتِهِ.
قال لنفسة بأسى: " أَينقضي اليوم ايضاً دون أن يأتي أحدٌ إلى هُنا؟"
مَدَّ يديهِ إلى العُلبةِ المعدنيةِ آملاً أن يجَدَ بها ما يعينهُ على إسْكاتِ صراخِ معدتِهِ.
أَعادَ يدَهُ إلى مكانِها، وقالَ لمعدتِهِ " اصبري ليومٍ آخر فالصبرُ ليسَ بجديدٍ عليكِ"
خُطواتٌ صغيرةٌ تقتربُ بخجلٍ، صوتُ ارتطامٍ بالمياهِ، ابتعدتِ الخطواتُ مسرعة.
قال لنفسه:" لا بُدّ أنه طفلُ يرمي الحجارةَ في البحيرةِ"
أخذتِ الأصواتُ تتصادمُ مع أصدائِها وتمتزجُ في مخيلتِهِ لتكونَ له ما ليس له.
شعرُها طويلٌ وناعمٌ ويستطيعُ أن يسرحَه بيديهِ بكلِّ سهولةٍ، أما بشرتها فهي ناعمةٌ وطريةٌ تشعره بخدرٍ لذيذٍ بمجردِ ملامستِها. أما صوتُها فهو سماويٌّ يشعره بأنها ملاك قادم من السماءِ، لذا قام بتسميتِها ملاكا.
تخيلَها تعودُ من مدرستِها راكضة إليهِ، يسألُها "ماذ فعلتِ اليوم؟" فتخبره كيف تفوقت على جميع أقرانها، وكيف أثنت عليها المعلمة.
تقبلُ جبينَه وتقول له أحبك يا با.....
تُعودُ الخطواتُ مسرعةً بعدما ألقت بخجلِها بعيداً، وتنتشله من أحلام يقظتِهِ.
هَا هِيَ ملاك تأتيهِ راكضةً، لتغفو بين أحضانِهِ، وقف ليستقبلها.
تتعثرُ الخطواتُ، صوتُ سقوطٍ ويتبعه صوتُ بكاءِ صبيٍ صغير.
قال لنفسة بحسرةٍ : " لو كنت أبُصِرُ لعرفتُ بأنه فتى وليس فتاة" ومن ثم عاد للجلوسِ في مقعدِ البلاطِ الباردِ.
صوتُ خطواتٍ تقتربُ بهدوءٍ وتناغم.
"حبيبي أحمد هل تأذيت"
كان صوتها رقيقاً وناعماً، وأيقظ بداخلِه مشاعر حُرمت على من هم مثله.
مرة أخرى تصادمتِ الأصواتُ مع أصدائها وامتزجت في مخيلتِهِ لتكوّن له ما ليس له.
لقد كانت امرأة من الأحلامِ لذا سماها أحلاما.
أمسكت يديهِ، أخذت تداعبُ وجهه بلطف ورقة.
لمستُها تنسيهِ كلَّ شيء .. آلامه، وحدته، عجزه.
همست في أذنه : " أنا لك وحدك يا حبيبي"، قبلها و ......

"لنذهب يا عزيزتي أخشى أن تمطر" صوتٌ خشنٌ وغليظٌ هدمَ كل شيء ، وأعاده من أحلام يقظتِهِ إلى حيث لا شيء له.
عصفت المشاعر بصدره، فاقتلعت الماضي وبخرت المستقبل.
"لماذ أخذهما مني؟ ألا يحق لي أن أكون كغيري ؟ لما علي أن أعاني بينما هم يتمتعون بكل شيء ؟"
سمع صوت المرأة تقول لزوجها: "عزيزي انظر إلى ذلك المشرد المسكين، انه هناك منذ أن أتينا يرتجف من البرد "
خطوات ثقيلة تقترب نحوه، علم بأنه هو المقصود هذه المرة، صوت ارتطام معدني.
في تلك اللحظة بالذات أصبح أحب الأصوات إلى قلبه أبغضها إليه.
أراد أن يقول له: خذ نقودك واذهب خذ نقودك وأعد إلي ملاكا وأحلاما، أعد إلي زوجتي وابنتي. أراد أن يصرخ بكل قوته إلى أن تتشظى السماء وتسقط عليهم جميعاً. لكن صوته في هذه اللحظة بالذات قرر ألا يكون له.
لا شيء له: لا زوجة تضمه بحب وحنان ، لا ابنة تركض نحوه لتغفو بين أحضانه، لا عينان ليرى بهما ، ولا منزل يقيه برد الشتاء.

لوحة أخيرة
جميع القطرات الباردة تلسع جسمه، باستثناء قطرة واحدة دافئة، كانت تسير على خده بلطف وحنان. هذه القطرة هذه القطرة فقط قد كانت له.

حسام بن ناصر المسكري