المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التمويل الثقافي


سالم الوشاحي
18-01-2013, 04:35 AM
أفق التمويل الثقافي آخر تحديث:الجمعة ,18/01/2013

مني بونعامه عن جريدة الخليج الإماراتيه


لا ثقافة من دون مال، مقولة تتردد على ألسنة الكثير من المثقفين تعبيراً عن مدى القصور الواضح والتلكّؤ الكبير في الدعم والتمويل الثقافي في بلداننا العربية على النحو الذي يتطلعون إليه، وهي مقولة لا تخلو من صحة ودقة، إذا شئنا أن ننظر للعلاقة بين الثقافة والمال بجدية وموضوعية، لتحديد مكامن الضعف والتذبذب في الكثير من منتجنا الثقافي، ونبحث في الأسباب الحقيقية والجوهرية، التي يعتبر مردها في الأساس إلى ضعف التمويل، وتسيير “المال الثقافي”، الذي غالباً ما يخصص للإنفاق على الهياكل الإدارية الحكومية التابعة لوزارات الثقافة، والبرامج والأنشطة التي تنتجها وتشرف على إعدادها وتنظيمها . في حين يبقى الجزء المخصص من ذلك الإنفاق لتطوير الثقافة، ودعم المثقف وتشجيعه .



وإذا حاولنا إيضاح الصورة بشكل أكثر جلاءً، وقارنا مستوى الإنفاق على الثقافة والميزانيات التي تُرصد لتشجيع وتطوير الثقافة والفن في بلداننا والعالم الغربي، فإننا سنصاب بحالة من الذهول والدهشة . فما ننفقه على الثقافة لا يعدل أو يوازي نصف ما ينفقه الغرب عليها، رغم شح الإحصاءات الموجودة وعدم دقتها . وهو أمر لا يصعب تفسيره، لأنه يرتبط بمستوى وعي تلك المجتمعات الغربية بأهمية الثقافة والفن، ودورهما في ترسيخ القدرة على التفكير والتخيل والتعبير والإبداع في شتى مجالات الثقافة والفن . وتلعب الميزانيات التي ترصدها الحكومات الغربية للقطاع الثقافي درواً مهماً في تنشيط الثقافة ودعم العمل الثقافي والفني ودفعه نحو التطور والنهوض، والحفاظ على التراث الثقافي، وتعليم الفنون، ودعم الأعمال الفنية الجديدة ذات الإبداع المتميز .



أما في الوطن العربي فلا تزال قضايا الإنفاق الرسمي على الثقافة والفن أمراً يحتاج إلى مراجعة، وإعادة نظر وبحث وتفكير في الأسباب والعوائق التي تحول دون تقديم التمويل المالي والدعم الثقافي الكافي للنهوض بالثقافة ومؤسساتها بشقيها الحكومي والأهلي، بل إن الميزانيات المالية المخصصة لوزارات الثقافة تعتبر من أقل الميزانيات المرصودة للوزارات الأخرى، ما يظهر نوعاً من عدم الإدراك لقيمة الثقافة والفن، ويجعل الكثير من الأعمال والمشاريع الثقافية الفردية والجماعية تقع تحت طائلة الانتظار والإرجاء، مما يصيب المثقف بحالة من الإحباط واليأس بسبب عدم التجاوب والتفاعل مع نتاجه من لدن المؤسسات الثقافية في بلداننا التي تعاني هي الأخرى شحاً كبيراً في التمويل نتيجة ضعف ميزانيات الوزارة المعنية .



أما ضعف إنفاق المجتمعات العربية على الثقافة، فذلك جزء من المنظومة العامة، والرؤية السائدة للثقافة في بلداننا، ومع ذلك فهنالك مستويات متفاوتة في الإنفاق حسب القدرة المالية، والقناعة والوعي بأهمية ذلك .



وإذا كان صحيحاً أن اقتصادات بعض الدول العربية قد لا تستوعب تخصيص ميزانيات كبيرة للثقافة، ولكن ذلك لا يبرر كونها من أقل الميزانيات المرصودة، ومن غير المنطقي أن نتطلع لثقافة عربية ناهضة في واقع هذه السمات البارزة .