المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مدير عام الثقافة والمراكز الثّقافيّة في اليمن لـ "الوطن":نجاح العمل الثقافي انعكاسٌ ل


سالم الوشاحي
26-01-2013, 05:34 AM
مدير عام الثقافة والمراكز الثّقافيّة في اليمن لـ "الوطن":نجاح العمل الثقافي انعكاسٌ للواقع السياسيّ

المشهد الثقافي العماني زاخرٌ بتنوعه وتعدّده من خلال فعالياته ومخرجاته المتّصلة بالجمهور *اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين تبنّى مسألة تفعيل دور المثقفين في المشاركة في مؤتمر الحوار القادم لتعزيز دوره في صناعة العمل الثقافي والإعلامي في اليمن *المشهد الثقافيّ اليمنيّ شبه مشلول حالياً نتيجة للمتغيرات غير الواضحة *السياسة والثقافة عملية تكاملية ينبغي التعاون في بلورة دوريْهما بما يخدم المجتمع

تشهد الحياة الثقافية في الجمهورية اليمنية الشقيقة الكثير من التجاذبات والإرهاصات بعد أحداث 2011م ودخول البلد في مرحلة جديدة تشكل في عموميتها المسار الديمقراطي الذي اعتنقته دول الربيع العربي، وقد ذهب بعض الباحثين اليمنيين إلى القول بأن تلك الأحداث ساهمت في ركود الحياة الثقافية مقابل هيمنة المشهد السياسي بأطيافه المختلفة، وقد كشفت بعض البحوث والقراءات عن وجود "العديد من الاجتهادات من أهل الثقافة وصناعها في محاولة لإنعاش جوانب الثقافة وإعادة الحياة إلى شرايينها وأوردتها لتكون كياناً معافى يسُهم في بناء مجتمع أفضل".
من هذا المنطلق كان حوار (الوطن) مع الشيخ علي ناجي عبدالله الحميدي مدير عام الثقافة والمراكز الثّقافيّة باليمن الذي يزور السلطنة للاطّلاع على مخرجات الثقافة العمانية، والتواصل مع أصدقائه المثقفين والمبدعين في السلطنة.. فكان التالي:
*ما فحوى زيارتك للسلطنة؟ وكيف تصف تواجدك بيننا؟
** في البداية أود أن أعبر عن سعادتي الغامرة بتواجدي في هذا البلد الطيب الذي لا تشعر فيه بالغربة، أو بالحنين إلى الوطن والأهل.. إنه يشدك إليه بسحر طبيعته وطيبة أهله وهدوئه الذي ينعش الروح ، وجماله الخلاب الذي يأسرك فلا تجد لفراقه سبيلا، وقد سبق لي زيارة السلطنة من قبل عدّة مرّات، كما أنّ والدي الشّاعر ناجي بن عبدالله الحميدي زارها ثلاث مرّات، الأمر الّذي حدا به أن ينظم فيها وفي أصدقائه من الأخوة العُمانيّين قصائد أخوّة ووفاء، وقد جمع تلك القصائد في ديوان شعري (الحمينيّ) الّذي تشتهر به اليمن، وهو شعرٌ بين الفصحى والعاميّة، وكان (تحيّة إلى عُمـان)، أورد في مستهلّهِ قصيدةً في حضرة صاحب الجلالة السّلطان قابوس بن سعيد المعظّم ـ حفظه الله ورعاه ـ الّذي يُكِنُّ له والدي وأنا شخصيّاً الودّ والتّقدير والاحترام والإعجاب تجاه ما قام به جلالته ـ أيده الله ـ من نقلة حضاريّةٍ نوعيّةٍ وفريدةٍ، لبلده وشعبه، وعنوان القصيدة (معلّقة صاحب الجلالة)، وهي قصيدة تطلّبت مهارةً إبداعيّةً فائقةً، حيث صاغ بداية كلّ بيت من أبيات القصيدة ذات الثمانية والثلاثين بيتاً، من ثمانية وثلاثين حرفاً وردت في الجملة التّالية: (صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان)، فمثلا استهلّ قصيدته بأربعة أبيات وردت في كلمة (صاحب):
صادقاً في القول ما قال فعـــلْ تــوّج الأقـــوال فعلاً بالفعــــــالْ
ابتنى للشعب في الجوزا محلْ بعدما اجتاز الصّعوبات العضالْ
حاكم حازم وفي الأمّه عَــدَلْ صار محمود الشّمايل والخصالْ
بــدّدَ الجهلَ الّذي خيّـــم وحلْ بالعلـــوم النّيّـره واصبح مُـزالْ
كما أنّ والدي الّذي كان تشرّف بمقابلة جلالة السّلطان قد ألقى أثناء زيارته للسلطنة، ضمن وفد مجلس النّوّاب، قصيدةً طويلةً في جلالته، وأسمى تلك القصيدة (تحية للسّلطان)، وقد ناف عدد أبياتها المائة بيت، وتطرّق فيها إلى تاريخ عُمان الحافل.. فأنا ووالدي نشعر ـ كلما زرنا هذا البلد الطيب المضياف ـ بأن أنفسنا تزداد ارتباطاً وقرباً وأخوّةً بعُمان وبأهلها الذين يولون زوّارهم التّرحاب والاستقبال العفويّ الأخويّ.
والهدف من زيارتي هذه هو التواصل مع الأخوة والأصدقاء العمانيين، والاطّلاع عن كثب على مخرجات الثقافة العمانية وما تشهده السلطنة من تقدّم، ليس في مجال بناء المؤسسات والعمران فقط، وإنّما في ما حققته من نهضة ملحوظة وملموسة في زمن قياسيّ، لبناء الإنسان العمانيّ ثقافةً وفكراً وعلماً واطّلاعاً.. وقد قمت بنقل رسالة وتحيّة من الأديب الشّاعر الدّكتور عبدالعزيز المقالح المستشار الثّقافي لرئيس الجمهوريّة إلى معالي عبدالعزيز بن محمّد الرّواس مستشار جلالة السّلطان للشؤون الثّقافيّة الّذي أكنّ له ووالدي كلّ مودّة واحترام وإخلاص وتقدير. وأنتهز هذه الفرصة لأحيّي جميع الأخوة العُمانيّين الذين التقيتهم سابقاً ولاحقاً، والذين أضافوا إليّ تنوعاً إنسانياً إيجابياً لن يُمحى.
*بين اليمن وسلطنة عُمان روابط حضارية وصلات جغرافية تغذّيها الثقافة التي هي المعبر المفتوح دائماً، ما قراءتك للمشهد الثقافي العماني؟
**بلا شك أنّ بين البلدين الشقيقين، الكثير من الروابط الحضارية الإنسانية، والصلات الجغرافية التي تُشعر الطرفين بالانتماء لروح الأخوّة والعمل الدؤوب على إذكاء فاعليّة التواصل بمختلف أشكاله لتعزيز قيم الروابط .
وأما المشهد الثقافي العماني فهو زاخرٌ بتنوعه وتعدّده من خلال فعالياته ومخرجاته المتّصلة بالجمهور المحلي والجمهور العربي والعالمي، وهي مخرجات رائعة لها أساسياتها القوية التي تنطلق من خلالها .ومن أجمل ما لاحظته تعدد النوادي الأدبية، وكذلك المطبوعات الثقافية المتعددة، وأيضاً الاهتمام بطباعة الكتب، والاحتفاء بالمبدعين والمبدعات، وتذليل كافة الصّعوبات أمام استحقاقات نتاجاتهم الإبداعية المختلفة.
أيضاً أبهرني كثافة الحضور الشعريّ والسرديّ في المشهد الثقافي العمانيّ، وتميّز معتنقيه في تناولاتهم وموضوعاتهم البهية. وفي هذا الجانب الثّقافيّ أودّ الإشادة بالقائمين على الجمعيّة العمانيّة للفنون التّشكيليّة، الّتي تشرّفتُ بزيارة مقرّها وبمقابلة رئيستها، الأخت الفاضلة مريم بنت محمّد الزدجاليّة، الّتي سبق أن تشرّفت بالتّعرّف إليها في دولة الكويت الّشقيقة، عند حضورنا إحدى الفعاليات الثّقافيّة هناك.
*حال الإبداع والثقافة في الشقيقة اليمن بعد أحداث 2011م لا يختلف عن حال الإبداع والثقافة في بلدان الربيع العربي، كيف تقرأ لنا المشهد في ضوء التجاذبات السياسية والثقافية؟
**الثقافة في اليمن ترتكز على محورين: المحور الأول هو الموروث الثقافي والإنساني الذي تزخر به اليمن، والثاني هو الثقافة العصرية التطورية من خلال التواصل مع الثقافة العربية والعالمية .لكن وبحكم أننا جزء من الانعكاس لواقع السياسة في الوطن العربي، فإننا بلا شك نلحظ مثلاً مدى الانفتاح الثقافي والإعلامي والسياسي عقب ما يُسمّى بثورات الربيع العربي، لكنّ المشهد بشكله العام مازال حتّى الآن تحت وطأة الكثير من الإخفاقات والنتوءات والتراكمات، وهذا ما يجعل المشهد الثقافيّ اليمنيّ شبه مشلول حالياً نتيجة للمتغيرات غير الواضحة إلى الآن .
*بصفتك مديراً عاماً للثقافة في الجمهورية اليمنية، كيف تصف العمل الثقافي بين السياسة والأيديولوجيا؟
**نجاح العمل الثقافي هو انعكاس للواقع السياسيّ ومدى اهتمام السياسيّ في البلد بالثقافة والثقافي .وفي اليمن كما ذكرتُ آنفاً أن المشهد الثقافي شبه مشلول نتيجة مخرجات الأحداث الجارية والتي أدخلت اليمن في دوامة سياسية عاصفة لم تتضح رؤيتها بعد بما يكفل شهادتنا الواضحة على المشهد الثقافي .وفي اعتقادي أن العمل الثقافي لا يكتمل نجاحاً ما لم يوفر الجانب السياسيّ المناخ المناسب لتحقيق فاعلية العمل في الجانب الثقافي وإبراز دوره الإنسانيّ، والأمل معقود على مسؤولي الثقافة في بلدنا اليمن، وفي مقدّمتهم معالي الدّكتور عبدالله عوبل وزير الثّقافة، للارتقاء بمبدعينا ومفكّرينا إلى مستوى تطلّعات اليمنيّين وإخوانهم العرب وغيرهم.
*أيهما أصلح للمثقف والمبدع تحديداً: أن يكون فاعلاً في السياسة أم متفاعلاً معها؟
**السياسة والثقافة عملية تكاملية ينبغي التعاون في بلورة دوريْهما بما يخدم المجتمع، لا التصادم بينهما أو زرع فجوات لا تحقق الهدف المنشود لرقيّ المجتمع، ولهذا يجب على المثقف ألا يكون منعزلاً عن واقعه السياسيّ المعاصر، بل جزء لا يتجزأ منه، ويجب على السياسيّ أن يكون داعماً للمثقف في تحقيق ما يسعى إليه من بناءٍ حقيقيّ للمجتمع .
*ما الدور الآنيّ للمثقفين في اليمن للمشاركة في مؤتمر الحوار القادم؟
**المثقفون في اليمن جزء من النسيج العامل للحدث اليوميّ للبلد، وكما علمتُ فإنّ إتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين قد تبنّى مسألة تفعيل دور المثقفين في المشاركة في مؤتمر الحوار القادم لتعزيز الدور الكبير المُلقى على عاتقهم، كون أغلبهم يشتركون في صناعة العمل الثقافي والإعلامي في اليمن. وجناحا الثقافة والإعلام هما أهم ما ينبغي تفعيله لتنمية العمل السياسيّ المجتمعيّ وتوافقه مع مرامي النتائج الإيجابية للحوار .
*الشاعر عبدالله البردوني رمز الشعر اليمني المعاصر، هل اتّخذت وزارة الثقافة في اليمن بادرةً لإصدار أعماله الكاملة؟
**سبق وأن أصدرت وزارة الثقافة الأعمال الكاملة لشاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني في العام 2004م بمناسبة احتفالية صنعاء في ذلك العام بإعلانها عاصمة للثقافة العربية، وهي مناسبة لأن أشكر معالي وزير الثقافة السابق والاستثنائي في اليمن خالد بن عبدالله الرويشان على جهوده التي بذلها لإصدار تلك الأعمال الكاملة .
غير أن إرثاً أدبياً وثقافياً للشاعر الكبير مازال مخطوطاً، ومازال في طيّ النزاع بين الوزارة وورثة الشاعر الكبير. ومؤخراً تم الاتفاق بين الوزارة وورثة الشاعر على تسليم أعماله المخطوطة لطباعتها وتحويل منزله إلى متحف ثقافي يستطيع زيارته الدّاني والقاصي من المهتمّين بالشّاعر البردوني وأشعاره الرّصينة الخالدة .
*كلمة أخيرة؟
** أشكر كل القائمين على هذا الصرح الصّحفيّ الإعلامي الشامخ، المتمثّل في صحيفة (الوطن) الغرّاء ، على إتاحة الفرصة للتّواصل مع إخوتي القرّاء، سواءٌ في السلطنة أو خارجها، وأخصّ بالشكر أخي الشيخ محمد بن سليمان الطائي صاحب صحيفة (الوطن) ومديرها العام ورئيس تحرير هذا الصرح الإعلاميّ الكبير، الذي وصل صداه إلى مختلف أصقاع العالم، من خلال تميّز أداء رسالته الإعلامية، ومواكبته للزخم الإعلامي في أرقى مستوياته. كما أشكر كل من يقف وراء هذا الزخم البهيّ والحضور الجميل دوماً لسلطنة عمان العزيزة.