المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأنا والفرق - الدكتور سعيد الرواجفه


said44
27-01-2013, 03:47 PM
========================
الأنا والفرق
********
تشكلت الشخصية العربية في صحراء لا يعرِف حدودها .
تكونت الشخصية التي ترى ذاتها في ظل شجرة أهم من قيصر
ولا فوقها غير السماء .
وتأخذ من فساحة الصحراء وحريتها وقسوتها خصوصية ومزايا وصفات .
فكانت -ألأنا - العربية شديدة الحضور قوية الطباع او وحشية الطبع .
وجاء الاسلام فتعامل ايضا مع هذه الأنا بالثواب والعقاب والأوسمة .
وما كاد الرسول - ص - يعلن الرحيل وقبل ان يواروه حتى بدا الحوار بين انا وانات .
ثم تشكلت الأنا الاسلامية التي شكلت الثوب العقدي المتين للانا الفردية العربية فصنعت ابطالاً وفاتحين ليس مثلهم احد .
ثم تراخى المدُّ بالنعم فبدا الصراع وكانت في دمشق دولة عربية إيحاءاتها ان الشرف للعربي فاشعرت المسلم بالدونية فكانت ارهاصات الشعوبية وتجليها فيما بعد .
وكان باب الجتهاد مفتوحا للتأويل وكان نشوء المذاهب والفرق والتي تماشت مع العقد الاجتماعية وتنازلت عن السير العقائدي .
وعلى ذيول حيثيات كثيرة ومن موقع ثقته باناه وفي موقع السيادة تراخى العنصر العربي عن جذوره بينما استقطب الامر تفكير الموالي
وبانا تعاني نزعة الدونية فاندفعوا بوعي وبدون وعي لصناعة الاصالة .
فصنعوا المشجرات والرقع والاصول العربية . وكانت عقدة الدونية لدى بعضهم شديدة بانا معذبة فلم تشفهم قيبلة فبحثوا عن محتد الشرف العربي ليلتصقوا به بما امكن وسائل .
من هذا الايجاز ندرك ان الفرق وتنوعها كان على ارضية عقد ومركبات دونية تبحث عن ذاتها بمبررات دينية .
وفي خضم متناقضات التأويل وافرازاته كانت هجمة صليبية تستهدف القدس فطواها التاريخ بالخيبة فعادوا ولكنهم غنموا من الشرق ما تبقى
وتركوه اقرب الى الخواء . قد خرجوا من ارض الاsلام وقد أخذوا معهم العلم والاخلاق وتعلموا النظام ولينهضوا ولكن هذه المرة ليتوجهوا بالغزو
والاكتشاف والسيطرة على كل ارض الاسلام ونهبه واغراقه بما هو فيه
وكذا بالفقر والتخلف . وفي ظلهم ما زالت المجتمعات الاسلامية تعيش
ذات العقد والفرق التي كانت .

===========================
( هذه المقالة كانت مشاركة على الفيس بوك )

سالم الوشاحي
27-01-2013, 09:01 PM
أخي العزيز سعيد الرواجفة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موضوع شيق ومقال أدبي رائع , طرح الكثير من الأنا وتوابعها

وماوصلت إليه المجتمعات الإسلامية , بعد أن كانت تعلم العلم والأخلاق.

التي تم مصادرتها عنهم فأردت عليهم وباتوا يعيشون تحت وطاة ماصنعوا

بارك الله فيك أيها الأصيل .... فقط أسمح لي بنقل مقالك إلى قسم النقد والكتابات الأدبية والسينمائية

تحياتي لك بوافر الشكر والتقدير

said44
01-02-2013, 12:42 AM
===========
ايها الاكارم
قد كان حضوركم مميزا
شكرا لكم
============

said44
13-02-2013, 11:20 PM
...معروفٌ-دكتور سعيد-أن للعرب خصائصهم النفسية والعقلية،ولهم في ( أناهُمُ الأدنى والأعلى ) طباعَهُمْ التي أفرزتْ تقاليدَهم وعادلتهم التي يتحركون في إطارها...

وعلماؤنا المُؤرخون المحققون لا يَزعُمُون-في دراستهم المستفيضة-أن هذه الخصائصَ وهذه الطباع وتلك التقاليدَ ينقلها التاريخُ من جيل إلى جيل،أو أنها تلتزمُ مستوًى ثابتاً وتأخذ مَسَاراً مضبوطاً على اختلاف الليل والنهار،وإنما المتفق عليه يَقيناً أن العربَ أيام البعثة المحمدية كانوا أجدرَ الناس بظهور النبوة فيهم،وكانوا أقدرَ الناس على حمْل أعبائها وتذليل العوائل الهائلة التي تعترضها..!!

والله جل وعَلاَ حين يقول : (( اللهُ أعلم حيث يجعل رسالته )) فهو يَعُمُّ الرسلَ والأممَ التي تسمع منهم وتتلقى عنهم..!!

والخصائص النفسية والعقلية التي تميز بها العربُ هي المرشح الأول لحمْل الرسالة الخاتمة والنفاذ بها من الأسوار الرهيبة التي أقامها القياصرة الرومانُ والأكاسرة الفرس حول خرافاتهم وأهوائهم..!!

وحَمْلُ الرسالاتِ تكليفٌ قبلَ أن يكون تشريفاً،وهي مسؤولية ثقيلة تـُعْيِّي أصحابَها،وتضعهم إزاءَ حِمْل باهضٍ..!!

ومعروفٌ لدينا أن العربَ-بالإسلام وحده وليسَ غيْرَ الإسلام-دخلوا التاريخَ وعرفتهم القاراتُ المعمورة،ولولاَ الإسلام-وباسمه وتحت رايته-ما كان لهم شأنٌ بين الناس فضلاً عن أن يُقدموا بين أيديهم شيئًا ذا بال..

العرب قبل محمدٍ عليه الصلاة والسلام لا يزيدون عن شتاتٍ متناثر،بالكاد كان يَبحث تائهاً حائراً ضائعاً عن وجوده،وبالكاد كان يجده بصعوبةٍ،أما بعد البعثة فقد تبدلوا خلقاً آخرَ وطرازاً آخر وأوضاعاً أخرى..لقد رباهم محمداً ليُرَبي بهِمُ الناسَ من بعده،ولعل هذا هو سرُّ قولة عمر رضي الله عنه المشهورة : (( لقد كنا أذلاءَ فأعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغيْنا العِزة في غيْره أذلنا اللهُ..!! ))..وهي نفس المقولة التي رددها رَبْعِيُّ بن عامر رضي الله عنه في سُرادق رستم الفارسي : (( إن الله ابتعَثنا لنخرجَ العبادَ من عبادة العباد إلى عبادة الله تعالى،ومن ضيق الدنيا إلى سَعَة الدنيا والآخرة،ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ))...

وهذه الحقيقة هُديَ إليها العلاَّمة عبدُ الرحمان بن خلدون بعدما غاص في أعماق النفسية والعقلية و ( الأنا ) العربي،وتابعَ السلطانَ السياسي للعرب وامتداده مذ عصر النبوة فالخلافة الراشدة فالمُلك العضوض الذي ابتدأ ببني أمية في تسعين عاماً واستمرَّ في بني العباس زهاء سبعة قرون،وراحَ يُقيِّمُ مؤشرَ الارتفاع والانخفاض في ذلك الامتداد،فخلـُصَ أن العربَ يستحيلُ أن يقومَ لهمْ مُلكٌ إلا على أساس نبوةٍ،ولا يمكنُ أن تنهض لهم دولة وحضارة إلا على أساس الوحي الأعلى،وأن الإيمانَ بالله تعالى وحده هو فقط ما يُنظمُ حياتـَهم ويرتبُ مشاعرَهم ويَصونُ مواهبَهم ويَجمَع قواهم ويُفجرُ طاقاتهم ويُوحدُ كلمتـَهم،ويَجعلهم حُداة هدايةٍ ونورٍ لا خفافيش ثبور وظلام،وحماة مُثـُلٍ لا أحلاسَ شهَوَاتٍ..!!

العربي في ( أناهُ )-والكلام لابن خلدون-شديدُ الاعتداد بنفسه،قوي الإحساس بشخصه وشخصيته،وهذا طبْعٌ يُعينُ على عمل العظائم وبلوغ الغايات العَصية،غيْرَ أن هذا الشعور الإيجابي كان في الجاهلية مظنة للعجرفةِ والرعونة والجلافة الخشِنة..

تأمل في قول عمرو بن كلثوم :

ونشربُ إن وردنا الماءَ صفواً ** ويشربُ غيرُنا كدَراً وطينَا..!!

أو في قوله :

إذا بلغ الرضيعُ لنا فطاماً ** تخرُّ له الجبابرُ ساجدينا..!!

تأمل في قول المهلهل بن ربيعة ( الزير سالم ) :

ولستُ بخالع درعي وسيْفي ** إلى أن يَخلعَ الليلَ النهارُ..!!

إنها طاقة هائلة-من عنفوان النفس ومَضاءَ الذات-لم يكن غيْرُ الإسلام ليكبح جماحَها ويُغربلها ويُهذبها ويُوجهها حيث ينبغي أن تكون...

أما قصة ( الشعوبية ) وقصة ( الفِرق ) التي دخلتْ خِلسَة أو جهراً في شبكة النسيج الفكري والعقلي والعقائدي والاجتماعي والسياسي وكان ما كان منها-خصوصاً أيام العباسيين-فتلك قصتان طويلتان لا يَسعهما تعليقٌ عابرٌ أو بضعة أسطر..والحديث فيهما يجب أن يمتد طولاً في الحيثيات والأسباب الموضوعية والظروف الحقيقية التي جعلت ( الأنا ) العربية تـُخترَق من قِبلِها،ويجب أن يمتد عَرْضاً في الاستقراء حتى ندرسَ النتائجَ والمآلات بناءً على المقدمات،ويجب أن يتوغلَ عُمْقاً حتى يتمَّ الربط بين جزئيات المسألة لنخرُجَ بتصور صحيحٍ منصفٍ عادلٍ،لا محاباة فيه أو مجاملة..!!

وربما عدنا في مائدةٍ مستديرةٍ أخرى لندلوَ في الموضوع بما فتح اللهُ به علينا...

وبوركتَ على الموضوع دكتور سعيد...

\\==============================================
الاخ يزيد فاضلي
قد جئت بلقطات قيمة لا نختلف عليها .
كانت مقالتي من زاوية محددة
شكرا لاهتمامك مع تحياتي