المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عز الدين ميهوبي ينشد للوطن والأمة وأحلام المتعبين


سالم الوشاحي
28-01-2013, 06:24 AM
عز الدين ميهوبي ينشد للوطن والأمة وأحلام المتعبين

الشارقة - محمد ولد محمد سالم:







نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة مساء أمس الأول أمسية للشاعر الجزائري عز الدين ميهوبي، قدم لها الكاتب حسين طلبي الذي ذكر أن عزالدين ميهوبي ولد 1959 في عين خضرة، وحصل على دبلوم الدراسات العليا في الإدارة وعمل رئيس تحرير صحيفة “الشعب” ثم كاتب دولة للاتصال ثم مدير عام المكتبة الوطنية الجزائرية، ترأس اتحاد الكتاب الجزائريين، يكتب الشعر والرواية ويتميز إنتاجه بالغزارة، ومن دواوينه “في البدء كان أوراس، الرباعيات، النخلة والمجداف، ملصقات، أسفار الملائكة، عولمة الحب”، ومن رواياته “التوابيت، اعترافات أسكرام” .



قرأ عز الدين ميهوبي قصائد عدة من شعر التفعيلة نوعها بين الشأن الوطني الجزائري والقضايا العربية، وتميز شعره بإيقاعية عالية والتزام بجرس موسيقي متماثل في الفواصل في المقطع الواحد، كما كانت قراءته موقعة بشكل يتناغم مع تمفصلات التفعيلة التي يقرأ فيها، ولم تغب عن أشعاره السخرية اللاذعة التي تحمل نقدا للواقع الجزائري والعربي .



في قصيدة “اللعنة والغفران” يصور الشاعر حالة الخوف والترقب التي كان يحياها الإنسان الجزائري أيام الصراع الدامي في التسعينيات، وكيف كان يتوقع موته في كل لحظة، وإذا ما طال الوقت ولم يباغته ذلك الموت فإنما هي محض صدفة، يقول ميهوبي:



“ربما أخطأني الموتُ سنة . . ربما أجّلني الموت لشهر أو ليوم . . /كل رؤيا ممكنة . ./أنا لا أملكُ شيئاً غيركم . . وبقايا أحرفٍ تورقُ في صمتِ الدّم المرّ حَكَايا محزنة ربما أخطأني الموتُ . . فطارتْ من شفاهي لعنةُ البوم” .



وفي قصيدة “عولمة الحب . . عولمة النار” يرسم مأزق الشاعر الذي يحاصره الموت والخوف فيخنق الكلمة التي هي نفسه، وهي حياته، يقول:



“أتنفس من رئة الكلماتْ / وتخنقني هدأة الصمت / أقتات مني/ ومني يكون الفتاتْ / أنا طائر من ألقْ / ولي بينكم وطن من ورقْ / شارعٌ من / نزيف المسافاتِ / يأخذني لحدود الغسقْ / أنا طائر المتعبين بأحلامهم / ليس لي أجنحة / وطني ساحة للجنازات والأضرحةْ” .



في شأن فلسطين قرأ ميهوبي قصيدة بعنوان “شيء من سيرة الطفل المشاغب” عن مصرع الطفل الفلسطيني محمد الدرة برصاص الحقد “الإسرائيلي”، وقد رسم الشاعر حكاية الدرة متخيلاً بداية الحكاية لذلك الطفل الفرح المشاغب الذي يلح على أبيه لكي يأخذه إلى السوق ويشتري له كراسات المدرسة وهدية لأمه، والأب يريد أن يتملص من إلحاحه لأنه عاطل ولا يمتلك ما يشتري له به ما يريده، ولكنه خرج به في النهاية، وحاصرهما الرصاص، وعبر حوارية شعرية حزينة يقدم الشاعر لقطات اللحظات الأخيرة بين الأب وابنه والرصاص يصلهما من كل جانب وتخرّق ذلك الجسد الطفولي الغض:



“يا أبي . ./ لا تقل شيئا بنيْ . . / يا أبي لا تنزعج منّي / فإني عاتب عني / وإني محمد الدرّةْ / دمي للتربة الحرّه / محمد يا أبي طفلٌ / فلسطينيةٌ عيناهُ / قدسيّ المواعيد / ولم يحلمْ بكراس الأناشيد / ولا بالشال والمرآة والحلوى / ولا تفاحة العيد / أنا طفلٌ لمجد الأرض / في عصر العبابيد” .



وفي قصيدة “فراشة بيضاء لربيع أسود” يبدو الشاعر قلقاً بشأن ربيع الثورات الذي اجتاح أجزاء من الوطن العربي غير واثق مما يمكن أن يصل إليه، ومتألماً للدم المسفوح هنا وهناك بسبب الخلافات الكثيرة التي نشبت بين حملة الرايات الثورية، يقول مهيوبي:



“ما أبشع تلفازاً يتقيأ كل مساء أخبار الموت / وخلف السور نساءٌ يرقصن على جسدي / وعساكرهم في الشرفة يفترشون الأوسمة المحشوّة بالتاريخ المثقل بالأعرابْ / ما الفرحة . . ما الأنخابُ . . وما الألقابْ؟ لا شيء يفيدك حين تموت . . / وليست تنفعك الأنسابْ” .



المقطوعات الساخرة كانت مسك ختام الأمسية وقد بدت فيها موهبة الشاعر وقدرته على صناعة السخرية اللاذعة ينتقد فيها الوضع السياسي في بلده وتردي قيمة الإنسان وتفاهة مطامح البشر في عالم يهيمن عليه القهر .


جريدة الخليج الإماراتيه