المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صالون الرصافة في سمائل يحاور محمود الرحبي حول رحلته مع الكتابة


سالم الوشاحي
03-02-2013, 02:21 PM
صالون الرصافة في سمائل يحاور محمود الرحبي حول رحلته مع الكتابة
استعاد فيه مشاهد من الطفولة -
دشنت مبادرة القراءة نور وبصيرة وفرقة الدن المسرحية للثقافة والفن مساء الأربعاء في مقهى الرصافة بسمائل الجلسة الأولى لصالون القراءة لعام 2013م حيث استضاف الصالون القاص والكاتب محمود الرحبي وقدم محاضرة حملت عنوان رحلتي مع الكتابة، حيث افتتح الشاعر والصحفي خميس السلطي مدير الجلسة المحاضرة بالترحيب بالحضور ثم أشاد بحضور الفعاليات الثقافية الدائمة التي تقام في سمائل على الصفحات الثقافية للجرائد سواء في جريدة الوطن أوغيرها من الصحف المحلية. كما بارك لمبادرة القراءة نور وبصيرة وفرقة الدن المسرحية للثقافة والفن على استمرار إقامتهما وتنظيمها فعالية صالون القراءة لما لهذا الصالون من أثر في رفد الساحة الثقافية في العام الفائت بمحاضرات وحوارات في فنون شتى بين فكر وأدب وتاريخ وفن ، وقدم شكره للراعي الإعلامي لصالون القراءة في مقهى الرصافة شبكة الفيحاء الإلكترونية والراعي التجاري شركة الأخوة التجارية ، ومن ثم عرج على سيرة القاص محمود الرحبي وعدد المجموعات والكتب التي أصدرها الرحبي، والتي منها مجموعته اللون البني وبركة النسيان وأرجوحة فوق زمنين ونصه المفتوح درب المسحورة وروايته خريطة الحالم، كما هنأه مؤخرا لحصوله على جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب في دورتها الأولى لعام 2012 في مجال القصة القصيرة عن مجموعته القصصية ساعة زوال.

طفولة الرحبي

بعدها دعا القاص محمود الرحبي ليلقي محاضرته، استفتتح محمود الحديث عن رحلته مع الكتابة بحديث ذي شجون عن طفولته وعن جذوره السمائلية حيث ذكر أنه ولد وترعرع في قرية سرور في سمائل ثم انتقلت عائلته للعيش في مدينة مطرح بمحافظة مسقط ولكنه كان يأتي وقت القيظ ليصيف مع عائلته في سمائل، وفي بيت عائلته السمائلي ظفر بمخطوطات توارثتها العائلة عن أجداده، وكان يحاول قراءتها وفك رموزها بعين الطفولة المتلهفة للمعرفة.
ثم تحدث عن رحلته للدراسة في جامعة محمد الخامس بالمغرب العربي بعد تخرجه من المدرسة الثانوية وذكر أنه ظفر هناك بمكتبة ضخمة يكاد تكون أضخم مكتبة في إفريقيا نهل من كتبها الكثير فقد كانت مرحلة عامرة بالقراءة ، كما أشار إلى أنه في تلك المكتبة حدثت له بعض المواقف مع عملاقين من عمالقة الأدب والفكر ، يقول بينما يوم من الأيام كنت أقرأ كتاب حديث المقامات لعبدالفتاح كليطو إذا بعبدالفتاح يدخل المكتبة فالتفت إليه وفي يدي كتابه وتعرفت عليه، وكذلك نفس الموقف حدث له مع المفكر المرحوم محمد عابد الجابري حيث كان يقرأ أحد كتبه ثم دخل الجابري وتوجه الشاب الجامعي محمود الرحبي ليتعرف عليه أيضا، وقد أثر في روحه صرامة هذين الكاتبين في انكبابهما للقراءة وإخلاصهما للعلم فقد كانا يجلسان بالساعات لا يتحرك منهما إلا يدهما لتقلب الصفحة وهذا الإخلاص هو الذي جعلهم يكتبون نصوصا خالدة ومؤثرة في تاريخ الإنسانية .
بداية القص والنشر

قصته الأولى التي كتبها الرحبي يذكر أنها كانت عن قرية عمانية ينزل عليها مطر غزير فيموت فيها خلق كثيرون ولكن شابا يتكفل بدفن أولئك الموتى في رمزية موجعة وفي القصة تفاصيل أخرى ، لكن المفرح أنه في تلك الفترة وهو لازال يدرس في المغرب قد أعلن المنتدى الأدبي في عمان عن مسابقة للقصة القصيرة فبعث بالقصة لمسابقة المنتدى، بعد فترة وصلته رسالة من صديق مقرب له سيصبح كاتبا بعد ذلك ، أن القصة ترشحت للفوز ولكن اللجنة أو إدارة المنتدى تحفظت على جملة في القصة فألغت فوز القصة ، وقد شعرت بالحزن وأنا أقرأ ذلك الخبر ، وكان أيامها يرتاد تلك المكتبة عالم اجتماع من السودان كنا قد تعارفنا فسألني عن همي فحكيت له ما حصل ، بعدها دعاه هذا العالم لبيته وطلب منه أن يحضر القصة فقرأها ثم أشار عليه أن يرسلها لجريدة القدس العربي في لندن ، وفعلا أرسل الرحبي قصته وكما يحكي نشرت قصته في الصحيفة وبخط بارز فكان لتلك القصة أثر في بداية جديدة في حياة الرحبي ارتبط بالاشتغال على الكتابة والنشر ، بعدها نشر الرحبي مجموعته الأولى اللون البني ثم توالت إصدارته.

عين الرحبي على الحرية

تحدث الرحبي بعد سرده عن مسيرته مع الكتابة أنه من أنصار الحرية المطلقة في الكتابة ولكن التي تكون بعقل أما الحرية التي تكون بدافع الغريزة فهي ليست حرية حسب قوله وإنما عبودية، كما أنه أشار أن فوزه في جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والإبداع مثل له جانبا معنويا ، وهي جائزة وطنية أبدى اعتزاه بالإعلان عنها ، لأن " طالب هو وزملاؤه المثقفين والكتاب بأن تكون في عمان جائزة وطنية على غرار الدول العربية الأخرى التي لديها رصيد من الجوائز بعضها عريق كان لها أثر في رفد العالم العربي بقامات من الكتّاب والأدباء غيّروا وأضافوا في مسيرة الأدب والفكر العالمي " ، ولكنه عقب:
" أنه ليس من النوع الذي يسعى للجوائز، فليس معنى أن الذي لم يحصل على جائزة ليس بكاتب فربما هناك ظروف منعته وهناك كتاب حقيقيون ولكنهم لم يحصلوا أو لم يتقدموا لأي جائزة ، وذكر أن مجموعته ساعة زوال ليس معنى فوزي بها أنها أفضل مجموعاتي ولكن الظروف جعلتها تكون في وقت أو سنة ا‘لان عن الجائزة، كما أن المشاركة في مسابقة أو جائزة للكتاب تمثل إضافة للكتاب في رحلته الكتابية وهي أمر مشروع". وقد فازت أيضا للرحبي مجموعته أرجوحة فوق زمنين في جائزة مجلة دبي الثقافية وحصلت على المركز الأول وكان لها أثر معنوي جميل.

مداخلات جمهور الرصافة

شهدت جلسة صالون القراءة حضورا متنوعا ضم مجموعة من الباحثين والمهتمين بالأدب والقراء الذين لم يلتقوا ولم يتعرفوا بالقاص محمود الرحبي إلا من خلال إبداعه القصصي، حيث فتح مدير الجلسة الشاعر خميس السلطي للحضور باب النقاش والحوار مع الرحبي، عقب أولا القاص حمود الراشدي حول طبيعة القصة الطويلة التي أصدرها الرحبي والتي صدرها على أنها رواية بعنوان "خريطة الحالم " وتسأل: أرى أنك يا محمود استعجلت في إصدارها؟
أكد الرحبي كلام حمود واستدرك أنه لو أتيح له أن يكتبها من جديد سيكتبها بطريقة أخرى وسيشتغل عليها أكثر، كما أنه ذكر "لو أنني نشرتها مع إحدى مجموعاتي قد لا ينتبه لها أحد .. ولكن في الحقيقة كنت قد بذلت جهدا فيها وكتبت كما كبيرا منها فقررت أن أنشرها ".
ثم سأل الصيدلاني والشاعر أحمد الرمضاني القاص محمود عن الهاجس الذي يشغله أثناء الكتابة هل المكان أم البشر أم ماذا ؟
فأجاب الرحبي:" أن الإنسان هو أكبر هاجس يشغله في كتاباته والشخصية هي المحور الرئيس الذي يشتغل عليه". ثم استدرك الباحث عبدالعزيز الراشدي الرحبي بسؤال عن نص المسحورة الذي أصدره الرحبي كيف جاءت فكرة الاشتغال عليه، أجاب الرحبي:
"على أن قصيدة بنت نزوى المسحورة كنت أحفظ منها الكثير من الأبيات ، وكثيرا ما أستظهرها وأستذكرها من ذاكرتي ، حتى عندما كنت في المغرب كنت أردد أبياتها على أساتذتي ، وهذا الحضور الدائم للقصيدة في ذهني جعلني في تساءل دائم معها وحولها فأردت أن أكتب شيئا تجريبيا جديدا فقررت أن أكتشف وأساءل هذه القصيدة بطريقتي السردية.
وقد اشتغلت في مجموعتي ساعة زوال حول طرائق سردية استلهمتها من كتب التراث العربي مثل المقامات ، ولدينا كتب تاريخية منها تحفة الأعيان التي استقيت منها قصيدة المسحورة أدعو الكتّاب العمانيين إلى قراءاتها واكتشاف ما فيها فهي كتبنا وبها تاريخنا وعدم القطيعة معها". ثم أشاد الرحبي بالكاتب الأرجنتيني بورخيس الذي يعتبره ساردا وكاتبا عربيا ؛لأنه استفاد كثيرا في قصصه من طرائق السرد في كتب التراث العربي مثل ألف ليلة ولية لولا اسمه أي بورخيس يقصد.
ثم اعتذر المسرحي الشاب مالك السيابي عضو فرقة الدن المسرحية للثقافة والفن نيابة عن أعضاء الفرقة في الجلسة لارتباطهم بفعاليات فنية وثقافية أخرى ، ثم طرح سؤالا على الرحبي عن غياب الأنشطة الثقافية التي تستهدف الطفل في عام 2012 رغم أنه أعلن أنه عام للطفل العماني ، لكن محمود عتذر عن الإجابة وقال: " أحيل هذا السؤال للمسؤولين في المجال الثقافي" لكنه عقّب أنه لابد من شغل الطفل بأنشطة مثل تعليمه الكتابة والقراءة له وتشجيعه وتحبيبه على القراءة والمطالعة وطالب المثقفين والأدباء في سمائل على إقامة مكتبة عامة في سمائل ورفدها بكتب تناسب مرحلة الطفولة ولا تهمل الناشئة الفتيان والفتيات فضر عن الكبار فمثل هذاه الفعاليات ستربي سلوك الأطفال أخلاقيا وفكريا وروحيا وتبعدهم عن ملء فراغهم بالمخدرات وغيرها من المصائب التي نقرأ ونسمع عنها ولا يبحث لها عن حلول، كما كتّاب سمائل لفتح فرع لجمعية الأدباء والكتاب في سمائل وتفعليه ولو بأنشطة تكون في البداية في مقهى الرصافة وذكر أن هذه تجربة موجودة في كثير من الدول العربية مثل مصر .
استأذن بعد ذلك أحمد الراشدي ليعقب على تساؤل مالك السيابي ، فذكر أن عام 2012 شهد مبادرات تطوعية ساهمت بشكل جدي وجديد في إحياء مناشط للطفل العماني ولم تكن سنة شحيحة،أهمها قافلة كتابي صديقي التي أطلقتها مبادرة القراءة نور وبصيرة والتي طافت مجموعة من المدن العمانية وأقامت ورش قرائية وكتابية ورسم للأطفال وورش لأولياء الأمور لتثقيفهم حول القراءة لأطفالهم واختيار نوعية الكتب التي تناسب سن الطفل. كما ذكر الراشدي أن وزارة التراث والثقافة في معرض مسقط الدولي للكتاب أقامت ورشة للأطفال في فعالية حملت عنوان اصنع كتابك الخاص أشرفت عليها الكاتبة أزهار أحمد والمترجمة ابتهاج الحارثي . كما أن 2012 شهد ميلاد أو مجلة للطفل العماني وهي مجلة أيوب والتي أصدرها وأطلقها مركز العيسري وحث الحضور على التفاؤل وتمجيد العمل التطوعي الثقافي وتفعيله، ثم سأل أحمد الراشدي المسرحي مالك السيابي ألم تقم فرقة الدن بتمثيل مسرحية سأصير شجرة التي كانت من أجمل المسرحيات التي تناولت الطفولة ؟
فأجاب السيابي أنه مثّل في المسرحية وقد عرضت في عدة دول عربية وحصلت على جوائز كبيرة وكذلك مثلناها في عدد من الولايات هنا في السلطنة .
وأخيرااستأذن أحمد الراشدي أن يسأل الرحبي قبل أن يختم الصحفي خميس السلطي جلسة صالون القراءة ، عن تأثير السفر في تجربة الكتابة لدى محمود ؟ وعن تجربة كتابته للمقال وختم بسؤال عن تعجبه من تسرع محمود في نشر روايته خريطة الحالم والتي صدمت الراشدي حيث أن محمود لم يشتغل على الشخصية الرئيسة بدرامية وفنية أكبر وصرح أحمد بأن كتب للرحبي رسالة غاضبة من 3 صفحات لا زال يحتفظ بها في جهاز كمبيوتره في العمل يستشهد فيها بعدد من الرويات والأعمال الأدبية التي عالجت نفس الفكرة التي تناولها الرحبي في روايته ولكنها قدمت الشخصية بطريقة عميقة أكثر ومؤثرة ومنها رواية الأم لجراتسيا داليدا الإيطالية ، وفيلم لي لي المقتبس من قصة ليوسف إدريس . بعدها عقب محمود الرحبي على أنه يعتبر السفر قراءة أخرى وبحث معرفي وأنه ليس من النوع الذي يجلس في غرفته في الفندق في كل البلدان التي زارها وإنما يسكنه شغف وفضول للسؤال عن الإنسان وعن المكان وعن أنماط العيش والتفكير والحياة والعادات . وأما ما يخص الكما علق بأنه ارتبط بعقد لمدة سنة مع الرؤية لكتابة مقال لكنه توقف بعد انتهائه لأنه حسب قوله أنه يجب أن يتوقف الكاتب عن الكتابة إذا لم يكن لديه ما يقدمه حتى يشتغل على نفسه وعلى تجربته ليعود بشيء جديد، والمقال بالنسبة للرحبي خاصة إذا كان في عمود هو مرآة لابد أن يقدم فيها الكاتب للقارئ قضية وأن يثري معرفته بالجديد والمختلف .
اختتم الجلسة مدير الجلسة الصحفي خميس السلطي شاكرا القائمين على تنظيم صالون القراءة وعلى إتاحتهم ودعوتهم له لزيارة سمائل.جريدة عمان