المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطة وطنية عمانية تُعنى بالشباب بأربع لغات


سالم الوشاحي
06-02-2013, 06:33 AM
أسبوع التقارب والوئام الانساني في نسخته الثانية -
السلطنة شريكة في تحالف الحضارات مع 135 دولة -
تغطية:هدى حمد -

شارك عدد من المفكرين والمثقفين والباحثين والأكاديميين من داخل السلطنة وخارجها أمس بتقديم عدد من أوراق العمل المهمة ضمن أسبوع التقارب والوئام الانساني في نسخته الثانية، وذلك للتحاور من أجل الخروج برؤى وأفكار ومقترحات تعزز مبدأ الوئام، وترتكز على المشترك الإنساني في القيم العامة. وذلك تحت رعاية معالي الدكتور عبدالله بن محمد السعيدي وزير الشؤون القانونية.
وكما صرح لنا سعادة حبيب الريامي الأمين العام لمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم، فإن اسبوع التقارب يطرح في كل نسخة من نسخه السنوية تغيراً في المحتوى مع المحافظة على الإطار العام، ومع الاحتفاظ بمشاركين متكررين في كل عام حتى يعينونا على تقييم التجربة. وتابع قائلا: "هذا العام ستركز الأوراق على دور المؤسسات الحكومية، والمؤسسات الثقافية في التقارب والوئام الإنساني بالإضافة إلى الاستفادة من بعض التجارب، وذلك للانعتاق من بعض العوالق الفكرية والذهاب إلى الجوانب الانسانية الأكثر أهمية، وتابع الريامي قائلاً: "الرسالات السماوية بشتى أبعادها تؤكد على البعد الانساني، وهو ما يجب أن يُغلب، ومن هنا يجب تقبل الآخر، وما يطرحه، وهذا بالضبط ما يجب أن نعول عليه وليس التناحر والتقاتل".
وأضاف قائلا: حول ما سيخرج به الأسبوع: "لن تكون هنالك توصيات بمعنى توصيات وإنما استخلاص لتجارب تؤطر لدورات قادمة وتعين على الاستفادة في جوانب تمس التعليم، والتراث والثقافة، والشؤون الدينية، والمؤسسات الاعلامية، وتعين على تخطيط الدورات القادمة أيضاً". وأضاف: إنه آن الأوان لنغلب صوت العقل، وأن نتصالح مع الذات أولاً، لكي نتواصل مع الآخر. وعن دور السلطنة في التقارب قال الريامي: "السلطنة تلعب هذا الدور عبر وسائل كثيرة، وهي واحدة من الدول الصديقة من بين 135 دولةً في تحالف الحضارات، ولديها خطة وطنية تُعنى بالشباب طبعت ووزعت وسلمت لسكرتارية الأمم المتحدة في نيويورك بأربع لغات، وتبقى دائماً أدوار السلطنة في حدود العقل والتوازن".
أسبوع التقارب والوئام الإنساني في دورته الثانية يأتي وفق الرؤية السامية لخدمة سياق التفاهم والوئام الديني والحضاري، ومن هذا المنطلق سيكون الأسبوع الأول من شهر فبراير أسبوعاً للوئام بين الأديان سنوياً، وذلك لتيسير التواصل بين الثقافات الانسانية من أجل تحقيق التقارب وتأكيد دور الحوار في تعزيز السلام والاستقرار في العالم عبر زيادة وعي الرأي العام بالقضايا الرئيسة ذات الصلة بالموضوع وتعزيز التفاهم من أجل إبراز ما تحث عليه الأديان والمبادئ الانسانية العامة، من التسامح والتعاون على ما فيه الخير للبشرية.

القوى الناعمة

في البداية تحدث جورج فرناندو سامبايو، الممثل الأعلى للأمم المتحدة لتحالف الحضارات عن دور المنظمات الدولية في التقارب الانساني من خلال البرامج التي تنفذها أو تمولها أو تشرف عليها، لبناء قواعد التعايش وحفظ حقوق الانسان، "هذا القرار يُشجع جميع الدول على نشر رسالة الوئام بين الأديان، وتدعو الكنائس والمساجد والمعابد دعوة صادقة على أساس حب الله وحب الجار كل منها بحسب التقاليد الدينية الخاصة بها".
وأشار إلى أنه قد يطرح سؤالا من هذا القبيل: لماذا نحتاج هذا الأسبوع ولأجل ماذا؟ لماذا تساهم منظمات دولية بذلك؟ ، وأنا بصفتي ممثل منظمة الامم المتحدة.. أشارككم هذه الأفكار أيضا.
وتابع قائلاً: التحالف بين الحضارات، بدأ مع كوفي عنان 2006 عام، وهذا التحالف ضمّ 135 دولة، من بينها سلطنة عُمان، وهي تعمل على بث الاحترام بين البشر والتسامح والقيم الأساسية لتحالف الحضارات والسلام والحوارعلى افتراض أن الاختلافات يجب أن لا نخشى منها وإنما نواجهها.
أما المهمة الأساسية من وراء تحالف الحضارات فهي تكوين رغبة سياسية جماعية، بهدف تحسين التفاهم، وفي هذا السياق المساعدة لمواجهة القوى التي تُحرض التطرف، بالإضافة إلى ضرورة تحسين العلاقة بين المجتمعات الغربية والاسلامية، كما أنها تساهم في منع التوتر والأزمات ومكافحة الصور النمطية ومساندة مبادرات تعزيز الحوار."التحديات أمامنا قوية جداً، لكن التحالف وسيلة جيدة وناعمة للتنمية المستدامة".
من جهة أخرى تحدث جورج فرناندو سامبايو عن العولمة التي تجعل الأشخاص متواصلين مع بعضهم البعض، وكأننا نعيش في قرية واحدة، ففي القرن الحديث صرنا في عالم لا يملكه أحد.
لذا فالقرارات الآن تحتاج إلى جهود. نحتاج إلى وسيلة جديدة للدبلوماسية في هذا العالم المتحول. في هذا العالم الجديد، الحكومات تكتسب بعدا جديدا.
وأضاف سامبايو: هنالك تنوع ثقافي وديني، بسبب تدفق الهجرة تغير السكان، والتوسعات المصاحبة لمحتويات الاعلام، وثقافات متعددة السياسات، وتزايد تنوع المجتمعات يؤدي إلى قلق بين المواطنين ويعرضهم لضغوط كبيرة.
لذا يوجد ادراك متزايد ان نجاح آليات السلام تعتمد على المشاركة الفاعلة، وعلى المجتمعات الدينية لما لها من تأثير على الأفراد.
فبدلاً من أن يكون الدين وسيلة عنف، ومولد لاحتمالات الحرب، لماذا لا يكون مؤثرا إيجابيا.. بعيداً عن الاقصاء الاجتماعي وعدم الحوكمة والعنف والتطرف. وفي الأخير أكد قائلاً: "لا يمكن التغاضي عن القوى الناعمة لأنها الطريقة الوحيدة للتعايش بين الناس".

الصورة النمطية

بعدها تحدث جيمس يوسف الزغبي مدير المعهد العربي الأمريكي ومؤسسه عام 1985، حيث تناول الجهود التي تقوم بها المنظمات غير الحكومية، ومؤسسات المجتمع المدني في التقارب الانساني من خلال تقديم نماذج لتلك المنظمات المحلية منها أو العالمية وكيفية بناء الشراكات بين هذه المنظمات التي تتجاوز الأطر الاقليمية وفضاءاتها غير الرسمية.
"خلال العقود الثلاثة الأخيرة خاضت امريكا عدداً من الحروب، ويمكنني القول قبل حرب العراق ثمة 11% فقط من الأمريكين تمكنوا من معرفة العراق على الخريطة، وهنالك من الأمريكيين من يظن أن إيران دولة عربية.. تصوروا!! العديد من الامريكيين يكرهون القيم العربية، والعديد من العرب يحبون القيم الأمريكية، والسبب يكمن في النظام التعليمي الذي لا يخبرنا بكل هذا، إذ لا يوجد أي ذكر للعرب في معظم المدارس الأمريكية، ولا في الكليات والجامعات.. نحن نحارب الشرق الأوسط دون أن نفهم لغته وثقافته، عندما نسأل الرأي العام: هل تعرفون العرب المسلمين، والجواب يأتي من أقل من 10 % فقط، وعادة ما تكون خبرتهم قد تكونت من مواقف مؤلمة، حيث كانوا في الجيش وتقابلوا بالبندقية.. الثقافة العامة هي التي تحدد الواقع والمعرفة. والصور النمطية غالبا سلبية. امريكا واقع معقد جدا، ونظرتهم للعرب على أنهم شيوخ وأثرياء نفط. الصورة التي تصلنا للأسف لا تساهم في التفاهم لأننا لم نتعرف على بعضنا، والمشكلة أن الصورة النمطية هي التي تحدد علاقتنا ببعضنا البعض، وبعد أحداث 11 سبتمبر تمت المصادقة أكثر على الصورة النمطية.
عشرات الآلاف من العرب الآن يحضرون إلى امريكا من أجل الدراسة، فماذا يتعلم الامريكان عن العرب وماذا يعلم العرب عن الأمريكان؟ بالتأكيد الشيء الكثير الذي قد يغير الأفكار السائدة.
بعض الحكومات العربية تقوم بنفس الدور المهم، من مثل كراسي جلالة السلطان قابوس، وبعثات النوايا الطيبة.
وتابع الزغبي قائلاً: نعم بعد احداث سبتمبر كانت ردة الفعل قاسيةً جداً، ولكن إذا لم نقم ببناء انفسنا سيتم تجاهلنا تماماً، وهناك مئات المنظمات وقفت إلى جوار المسلمين في امريكا بعد أحداث سبتمبر، والحكومة الآن تحمي المسلمين العرب هنالك بسلطة بالقانون.

قرطبة..عاصمة الحوار

أحمد بو عشيق، استاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس، تطرقت رقته إلى التقارب الانساني في الاتفاقيات الدولية من خلال نماذج مختارة ودراستها على ضوء بيان جدواها في تعزيز التقارب. الاتفاقيات الدولية هي من تضع الأسس الضرورية لتقريب وجهات النظر، ولحل النزاعات، تقديم المبادرات للخدمة الانسانية.
انتقلنا بعدها إلى ورقة ماريا فيجورا بروفيسور في الدراسات العربية والاسلامية، التي تناولت التعريف بالمؤسسات والمراكز الثقافية وبيان جهودها الراهنة والمأمولة في التعريف بالثقافات المختلفة وإيضاح الصور المغلوطة عن الآخر وارساء قواعد الفهم المشترك والتفاهم المتبادل والنظر للجوانب الايجابية في الثقافات المختلفة مع أخّذ انموذج لبعض تلك المؤسسات الثقافية واقتراح ما يمكن أن يمثل برامج ثقافية مشتركة على اساس التعارف وبناء الشراكات بين المؤسسات والمراكز، وقد تركز حديثها على مركز قرطبة على وجه الخصوص، "نأمل في قرطبة اقامة عاصمة للحوار بين الثقافات، لتكون رمزاً للحوار دون فرق بين المسلمين والمسيحيين وغيرهم".
بين العربي والمسلم

فيما ذهب بنا علي الأمين المزروعي مدير معهد الدراسات الثقافية العالمية إلى حديث آخر عن المؤسسات والمراكز العلمية ومسارات التقارب الانساني قائلاً: "تأتي اللغة العربية متأخرة عن اللغات العالمية. كما أنه وللأسف.. نجد أن أهمية التقنية المتقدمة جعلت العالم المسلم متخلفا، بينما الولايات المتحدة متقدمة كثيراً في المهارات التقنية، وقد وجد أن الامريكان العرب مستواهم أقل في التقنية من مستوى الأمريكان من اليهود –على سبيل المثال- لذا علينا أن نسد هذه الفجوة، ونحن لدينا فرص لنفعل ذلك في العقود القادمة، فخلال العقد الماضي وصل مسلما غير عربي إلى الكونجرس ونأمل الآن بالكثير.
ومن الأخبار الجيدة، أنّ هنالك مطبوعة سنوية نشرت عن 500 شخص مسلم مستمرين في التأثير على العالم، وقد لاحظت وجود اسم السلطان قابوس ضمن هذه الشخصيات المؤثرة.
وتابع المزروعي قائلاً: هنالك سوء فهم موجود بين من هو عربي وبين من هو مسلم.. أنا أعلم في امريكا في جامعتين، وفي صفوفي أتحدث عن الدين الاسلامي، وستندهشون أني أسأل السؤال نفسه كل عام.. فأجد أنهم لا يعرفون الفرق بين العربي والمسلم.
الاستاذ محمد الحارثي تحدث عن دور المؤسسات الدينية في التقارب. حيث رصد التجربة التاريخية التي نظرت إلى الآخر المختلف من ثلاثة اوجه هي: الأولى جمالية رصدت الطريف والغريب والعجائبي، كما في كتب ابن بطوطة والغرناطي وابن جبير، والثانية علمية نظرت إلى ما خلفه القدماء من نتاجات علمية وتدارسوها وما تنطوي عليه من فوائد وابدعوا فيها من كتب، أما الزاوية الثالثة فقد ثبتوا نظرهم على كتب الكلام التي حفلت بجدليات واسعة حول أصول العقائد، فضلا عما يدور في المجالس وما تفصح عنه المؤلفات. وأشار الحارثي إلى أنّ الحرية الدينية والعقدية محترمة في الاسلام، فلم نشهد الاضطهاد الديني، إلا في استثناءات تنسب لأصحابها.
وتابع قائلا: الآن يعيش المسلمون في حضارات مختلفة لعوامل سياسية واقتصادية، إذ لا يمكن للمسلم أن يعيش بمعزل عن الآخر فكل شروط الحياة والبقاء تفرض عليه اقامة علاقات مع الآخر. ثم تساءل: كيف ينبغي أن تكون علاقة المسلمين بالآخر؟، وأجاب قائلاً: النظر لثقافة الآخر بنظرة اقصائية لن تسهم إلا بمزيد من العزلة والتخلف عن ركاب الحضارة الانسانية والتي هي ملك الجميع، لذا على المؤسسة الاسلامية أن تعود إلى تراثها، لكي يتحقق الانخراط.
والحقيقة نجد في التراث ما نحتاجه في واقعنا المعاصر. خصوصا في هذا الواقع من الذوبان بالآخر، وفي ظل التعددية ينبغي أن نشارك في وضع ملامح عالم الغد، فالانزواء هو خيانة لما أمرنا الله به
جريدة عمان