المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مؤسسات الترجمة العربية جزر منعزلة تحتاج لقاعدة بيانات مشتركة


سالم الوشاحي
07-02-2013, 07:16 AM
مؤسسات الترجمة العربية جزر منعزلة تحتاج لقاعدة بيانات مشتركة
سهير المصادفة: مراكز الثقافة المصرية بالخارج لا تقوم بدورها المنوط بها
مدحت طه: علينا أن نساعد أنفسنا قبل أن نطلب المساعدة من غيرنا
عصام حمزة: حجر رشيد مفتاح الترجمة في العالم وما حدث أيام محمد على صدفة

القاهرة ـ الوطن:
أكد النقاد أن البحث ما زال مستمرا عن معوقات الترجمة في العالم العربي وكيفية القضاء عليها، موضحين أن العرب يفتقدون سبل الاتصال والتنمية المعلوماتية فى هذا المجال.
جاء ذلك خلال ندوة "تنمية الاتصالات والمعلوماتية للنهوض بالترجمة"، والتى أقيمت بمعرض القاهرة الدولى للكتاب في دورته الرابعة والأربعين.
دار اللقاء حول التساءل الذي بدأت به د. سهير المصادفة تقديمها "ما الدور الذي تقوم به المراكز الثقافية المنتشرة في بلدان الوطن العربي والتابعة لكثير من دول العالم الغربي في النهوض بالترجمة؟"
وسبقت المصادفة الضيوف بإجابتها فقالت: "عندما قام الإتحاد السوفيتى قديما بتصدير الثقافة الروسية إلى دول العالم العربي بمراكزه المتعددة، قام باختيار المؤلفات وقدم دعم للمترجمين العرب الذين كان يختارهم بعناية فائقة، وهو بهذا العمل استطاع الإتحاد السوفيتى أن ينحى منحى جديد في الفكر والأدب العربي، وهذا أدى إلى نشر ثقافة الإتحاد السوفيتى وأصبح معروفا بصورة كبيرة في وطننا العربي، حتى صار الأدباء الروس هم أيضا أدباء الأدب العربي"
وأضافت: نحن لا نطلب من المراكز المرموقة للدول الأخرى أن تسلك هذا المسلك، وإنما الأمر لا يحتاج أكثر من أن تتعاون هذه المراكز في منح العالم العربي القليل من الجهد والأموال في المساهمة في ترجمة ثقافتهم إلى لغتنا العربية حتى تتطور عملية الترجمة بما يتناسب مع عظمة بلادنا، وأن تقوم بدورها وتتعاون مع كل الهيئات والمؤسسات والجامعات المعنية بمجال الترجمة.
واعطت مثالا عن الثقافة اليابانية: "نحن لا نعرف أي شيء عن المشهد الياباني المعاصر وحتى قديما كان لا يصل إلينا، إلا عن طريق كتبه المترجمة إلى اللغة الإنجليزية، وهذا تقصير من الجانبين العربي واليابانى.
وأكدت المصادفة أن المراكز المصرية الثقافية المنتشرة في دول العالم لم تقم حتى بالحد الأدنى من الأدوار المنوطة بها، وهى كما هي منذ عشرات السنين لم تحدث فيها أي تطورات.
وبدأ المترجم د. مدحت طه حديثه بالكلام عن تاريخ الترجمة في مصر، وقال: "عمر الترجمة في مصر طويل جدا بدأ مع إرسال محمد على باشا البعثات إلى الدول الأجنبية، وكان للشيخ رفاعة رافع الطهطاوى دور كبير في إنشاء مدرسة الألسن وهي كلية الألسن الحالية، لذلك فإن تنمية الترجمة في مصر تتطلب وجود أفراد مؤمنين بهذا المجال أمثال الطهطاوى.
وأكد طه أن المحاولات تعددت للوصل إلى قدر مناسب للترجمة للأعمال العالمية والأدبية والفكرية، ولكن يجب أن نحدد مواطن الخلل والدور المطلوب من كل مؤسسة.. غياب الرؤية والأطروحات من المشروعات المقدمة للترجمه خاصة التى تقررها الدولة، ومؤخرا قام المركز القومى بعرض الترجمة على لجنة فنية للمراجعة التى تستغرق وقتا طويلا في ذلك وبعد رحلة مهلكة ومضنية يخرج الكتاب للنور.
ورفض طه أن نسأل عن دور المراكز الثقافية الرسمية للدول المختلفة الموجودة في مصر قبل أن نسأل عن دور المراكز الثقافية المصرية المنتشرة في دول العالم، وقال: "يقتصر دور المراكز الثقافية المصرية على الإهتمام بالمبعوثين من مصر وتنظيم الندوات للكتاب المصريين الزائرين لهم وغير ذلك، ولكن لا يقوم بأهم دور للمكتب الثقافي في أي دولة الذي يجب أن يكون همزة الوصل بين البلدين.. علينا أن نساعد أنفسنا قبل أن نطلب المساعدة من الاخرين"
وأضاف: لا يوجد ملحقين ثقافين يتابعون ما ينشر على المستوى الأدبي والأكاديمى، هذه المراكز لا تقوم بأي محاولة أن يكون هناك تواصل ثقافي بين الدول.
وقال طه: "يجب أن ندرك أن معظم دول الغرب تمر بأزمة اقتصادية حادة، ومن ظواهر هذه الأزمة تقليص المخصصات المالية للبعثات الثقافية والترجمات، فضلا عن أن هناك تخوفات وهواجس تتعلق بالوضع السياسي في المنطقة العربية التى تستلزم بالضرورة التوجه والميل الواضح خاصة بعد ظهور التيار الإسلام السياسي الذي يمثل هاجس لدى الغرب.
وأوضح د. مدحت أن "تنمية الاتصالات والمعلوماتية" هي مصطلحات زاد استخدامها لتطور العالم الذي نتعامل معه، وهو عالم الإنترنت والمطلوب أن يكون هناك وصله بين المصريين في مصر وفي دول العالم، فمثلا في اليابان تم إنشاء قسم للدراسات العربية ومنذ ذلك الحين لم يتم التواصل معه فلن يعرض علينا أي مؤلفات يابانية يمكن ترجمتها أو حتى يقترح لنا مترجمين يكون لهم باع كبير في الترجمة، نحن نبذل جهدا مضاعفا حتى نخرج بمنتج مترجم، رغم أنه يمكن توفير أكثر من نصف هذا الجهد إذا تم التواصل مع المراكز المختلفة.
وطالب طه بضرورة التواصل من خلال الشبكات المعلوماتية بيين الجهات التى لديها مشروعات متعلقة بالترجمة كالمركز القومى للترجمة وسلسلة الجوائز وأقسام اللغات في كل الجامعات المصرية، وأن يتم هذا من خلال رؤية الواضحة.
واختلف موقف د. عصام حمزة استاذ الدراسات اليابانية جامعة القاهرة حول تاريخ ظهور الترجمة في مصر، فرفض ما يقال من أنها بدأت في عصر محمد، وأرجع تاريخها إلى الحضارة الفرعونية التى كان لها دور محورى في ذلك، وأعتبر أن حجر رشيد هو مفتاح الترجمة في العالم فقد اعطانا فرصة لترجمة لغتنا القديمة حتى نستطيع أن نعرف من هم الفراعنة، أما ظهور الترجمة في عهد محمد على فكان بالصدفة البحتة حيث أن كل الترجمات كانت بمجهودات فردية فلم يكن يسعى محمد على إليه.
وحكى حمزة عن تاريخ الثقافة اليابانية: "هى قائمة منذ القدم على نقل ثقافة العالم الآخر، فاستطاعت أن تتقدم بترجمة المؤلفات الأدبية والعلمية من الدول المتقدمة حتى تمكنت من تكوين ثقافة خاصة بها.. اليابان بعد تجربتها في الحرب العالمية اعتمدت على دور النشر التى تتبنى خطط مستقبلية، فكونت قاعدة بيانات مع دول العالم، حتى تكون على اتصال دائم معهم تعرف ما سوف تنشره أي دار نشر في أي دوله في العام القادم وتختار منه ما يهم القارئ الياباني وتترجمه لليابانية، بحيث يخرج متزامن مع الكتاب الأصلي، ومن هنا لن يتأخر العقل اليباني لأن متابعة العالم من حوله تمكنه من أن يكون بيئة ثقافية خاصة به.
وأرجع حمزة مشكلة الترجمة في مصر إلى أن كل مؤسسة سواء كانت حكومية أو خاصة تشتغل بالترجمة تعمل بمفردها وكأنها جزر منعزلة لا توجد بينهم قاعدة بيانات محلية وتنسيق داخلى، وبالتالي تستقل كل مؤسسة بذاتها دون أن يكون بينهما تكامل، لا تعرف أي دار ماسوف ينشر في الدار الأخرى لذلك ممكن أن نجد اسهاب في مجال معين وتقصير في الآخر، كما أنه يجب أن يكون هناك قاعدة بيانات خاصة باسماء المترجمين، وكذلك المشروعات المقترحة للترجمة، وأيضا أن يكون لنا اتصالات مع دور النشر العالمية في ترجمة ما سوف يصدرون على أن يصدر في مصر في نفس الوقت، ويكون التعاون مع دور النشر العالمية وليس فقط في الأدب والروايات، وإنما ايضا في الكتب العلمية.
وطالب د. عصام المراكز الثقافية في مصر أن تقوم بعمل قاعدة بيانات خاصة بها تشمل كل اصدارات الدولة من الكتب وتعرضها على المؤسسات في مصر، وتترك لها حق الاختيار من بينهم، بدلا من أن نطلب منهم أن يحددوا لنا العناوين التى يريدون ترجمتها إلى العربية، فهذا يجب ألا يحدث في مصر، لا يجوز أن نجلس وننتظر أن يأتوا إلينا ليعرضوا علينا ما يرونه هم دون أن يكون لنا أي دخل في ذلك، وفي مقابل ذلك نحدد نحن المترجمين الجيدين حتى لا نترك لهم الفرصة بالتدخل في عملنا، فالصينيون حتى الآن لا يعتمدون على العرب في ترجمة الادب الصينى للعربية.
وختم حمزة قوله بالحديث عن المراكز الثقافية المصرية فقال: "يجب أن تكون لدى العاملين في المراكز الثقافية المصرية في الدول الغربية رؤية ثقافية لنشرها في الخارج، وأن يكون كل المصرين العاملين في أي دولة خارجية لوبي عربي أو مصرى من هؤلاء الأشخاص المهتمين بحضارتنا.
جريدة الوطن