المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نقاشات رواية "مولانا"


سالم الوشاحي
08-02-2013, 05:34 AM
أفق
نقاشات رواية "مولانا"

محمد ولد محمد سالم

تتناول رواية “مولانا” لإبراهيم عيسى التي وصلت إلى القائمة القصيرة في البوكر العربية 2013 حياة داعية ديني تلفزيوني، وكيف تتشابك علاقة ذلك الداعية مع مجتمع المال والدعاية التلفزيونية وترتبط بخيوط سرية بجهاز الأمن وبأعلى قمة الهرم في السلطة .



يعيش مولانا الشيخ حاتم شخصيتين، شخصية ظاهرة هي شخصية الداعية المفتي الذي يقدم للناس الرأي بناء على ما تقرر عند الفقهاء المتقدمين، ويسعى إلى إرضاء جهاز الأمن بحيث لا تثير فتاواه أية خلافات أو تشويش لدى الجمهور من شأنه أن يعكر صفو السلطة الحاكمة، وتؤمن له تلك الشخصية الثراء الذي يسعى وراءه بنهم لا يشبع، وهي شخصية قابلة للتشكل حسب الخطة الدعائية للبرنامج الذي يظهر فيه مولانا، والفئة العمرية التي يتوجه إليها، مما جعله شيخا معاصرا، أما الشخصية الثانية التي يعيشها الشيخ حاتم سرا فهي شخصية “الفقيه الحداثي” الذي يحمل آراء فقهية وعقائدية صادمة لا يستطيع أن يبديها إلا للخاصة لأنه لو باح بها علناً فسوف تثير الجمهور وتحرك جهاز الأمن، وتؤدي به إلى الهلاك .



لا تقدم رواية مولانا “حكاية” متكاملة من بدايتها إلى نهايتها، ولكنها تقدم مواقف ومناسبات مرتبطة بشخص “مولانا”، يختارها إبراهيم عادة للتمهيد للدخول في قضية من القضايا الفقهية والعقائدية قصد نقاشها وإبداء الرأي فيها، وتكون البداية بحلقة دينية نكتشف من خلالها قدرة الشيخ حاتم على التنقل بين الأوضاع المختلفة لشخصيته، فهو على الواجهة شيخ ملتزم وقور، وخلف الكواليس عابث وصانع نكات، وفي قرارته يتوق إلى إبراز آرائه الحقيقية، ثم ينقلنا الكاتب بعد ذلك إلى دعوة مسائية دعيت إليها وجوه من ساسة ورجال أعمال وضباط أمن وشيوخ دين، وحضرها الشيخ حاتم ليقوم نقاش بينه وبين أحد شيوخ العلم حول قضية أهل الذمة ووضع الأقباط في مصر، وبعد ذلك ينقلنا إلى قصر ابن الرئيس، وهناك يكلف الشيخ بمهمة إقناع الفتى حسن شقيق زوجة ابن الرئيس بالرجوع عن آرائه الفكرية، ليبدأ بينهما نقاش مستفيض يأتي على كل القضايا العقائدية والأخلاقية، وهكذا تبدو كل علاقات الشيخ حاتم موجهة لهذا الغرض، فهو يناقش مع القسيس القبطي قضايا الأقباط، ويبدي لنادر الفنان الكوميدي آراءه في الفن، وكذلك يفعل مع رجل الأعمال .



إبراهيم عيسى كاتب صحفي، لا مراء في قدراته اللغوية والأسلوبية، لكن المأزق الذي وقع فيه في رواية “مولانا” هو أنه أراد أن يحسم من خلال الرواية إشكاليات فقهية وعقائدية مطروحة في حاضر المجتمع المصري، ولم يتجه إلى الرواية بغرض كتابة رواية “حكاية” فجاء كتابه مجموعة من النقاشات الطويلة المملة للقارئ الباحث عن الحكاية المشوقة والبعد الإنساني في الرواية .
جريدة الخليج