المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحمد راشد ثاني علامة فارقة في المشهد الأدبي الإماراتي


سالم الوشاحي
21-02-2013, 05:31 AM
بمناسبة مرور عام على رحيله
أحمد راشد ثاني علامة فارقة في المشهد الأدبي الإماراتي آخر تحديث:الخميس ,21/02/2013


الشارقة - إبراهيم اليوسف:


مرت، يوم أمس، الذكرى السنوية الأولى لرحيل الأديب والباحث الإماراتي أحمد راشد ثاني، الذي توقف قلبه عن النبض في العشرين من شهر فبراير/شباط ،2012 بعد صراع مرير مع المرض، بيد أنه ظل يكتب منذ أولى قصائده التي ضمتها دفتا مجموعته الأولى “سبع قصائد من أحمد راشد ثاني إلى أمه التي لا تعرفه”، وحتى اللحظة الأخيرة التي ودع فيها عالمنا، كي يتوزع حصيده الكتابي الذي قارب العشرين مؤلفاً ومخطوطاً بين الإبداع والبحث والدراسة والنقد والمقال بل والتراث، حيث حفر في هذه المجالات كافة، ولعل مخطوطته الروائية “عوشانة” كانت آخر ماترك من أثر إبداعي وراءه .



للشاعر الراحل راشد ثاني بصماته الواضحة في الشعرية الإماراتية، كما في المشهدين الثقافي والأدبي بشكل عام، إذ لا يمكن أن تتم دراسة وتوثيق مشروع الحداثة الشعرية الإماراتية، والحركة الشعرية الجديدة كاملة، إلا وأن يذكر اسمه . في الذكرى السنوية الأولى لرحيل الشاعر، التقينا عدداً من الشعراء الإماراتيين ليبينوا لنا مدى إحساسهم بألم الفقد بالغياب المبكر لهذا الشاعر ذي الحضور اللافت حقاً .



لماذا تفتحون جراحاتنا؟



بهذه العبارة، رد الشاعر إبراهيم الهاشمي، وهو بصدد الحديث عن انطباعه الشخصي بغياب راشد ثاني، حيث تابع قائلاً: أجل، إن أثر جراحات غياب مبدعينا لا يمكن أن يندمل، ومن هؤلاء أحمد الذي يظل صديقاً مبدعاً، نتلمس مكانه في القلب، كما في كل مكان، ولعل أحداً منا لا يبالغ عندما يصفه بمثل هذا الكلام، لأن أعماله تشهد له، واختتم حديثه قائلاً: ما يتمناه المرء في مثل هذا المقام أن نتكاتف معاً، من أجل أن نسعى لترى أعماله النور، في الشكل الذي يليق بقامته الإبداعية، ومكانته الوطنية، والإنسانية على حد سواء .



وقال الشاعر عادل خزام: بعد عام كامل من فقدان الشاعر والصديق أحمد راشد ثاني، نلمس الفراغ الذي تركه بيننا روحاً وحضوراً وقلماً وكلمة، وإن كانت روح شاعرنا ستظل بياضاً يتسلل إلى قلوبنا دائماً، كلما نظرنا إلى الحياة ووجدنا مفارقاتها تستمر في إرباكنا و لا نملك أمامها إلا أن نستعير التهكم والضحكات العالية على ما نظن أنه إشكال وجودي أو تأزم فكري، على ما أظن أن الحياة تسوقنا إليه، في سؤالها العظيم وهو سؤال كان أحمد يواجهه بالشعر والكلمة، وعندما يصل الشاعر إلى مرحلة مواجهة الحياة بشكل يومي، ومواجهته بالموت في المقابل، فإنه يستل سيف الكتابة لكي يزيل هذا التناقض، وأحمد ذهب للكتابة مواجهاً هذه الحالة، وتابع خزام: كان أحمد الحاضر دائماً، إنه الناقد والباحث، وموثق تاريخ الإمارات، ومجترح الأفكارالجديدة، وصاحب الدور البارز على مستوى البحث عن الأسماء الجديدة، ملتقطاً كل ما هو جميل، ليرويه بماء قلبه، واختتم حديثه قائلاً: أنا شخصياً أفتقد أحمد كصديق وكروح كانت في تنفسها ترسل كل هذا الوهج، بمشاكساته التي لا تعوض .



وقال الشاعر عبدالله الهدية: كان أحمد علامة فارقة في الحراك الأدبي بشكل عام، والثقافي بشكل خاص، أحمد كان الشاعر، المجدد، الحداثي، ومن يؤمن بالأصالة، ولا يصادر رأي سواه، أحمد كان الباحث صاحب الامتياز في هذه المهنة، وابن الأرض، وابن البحر، تجد في روحه العطاء، وهو الإنسان، ولهذا فهو يستحق أن يشاد له صرح يحمل اسمه، في أية إمارة من بلدنا .



ورأت الشاعرة الهنوف محمد أنها صدمت بغياب أحمد، أباً، وأخاً أكبر، وقد كان صديقاً وفياً لها، بالرغم من وجود فارق السن الكبير بينهما، يعاملها بأبوة، أو كشقيقة صغرى له، وقالت: الفراغ الذي تركه أحمد بالنسبة إلي، وبالنسبة إلى المشهد الإبداعي لا يمكن أن يسد البتة .



بينما أكد الشاعر جمال علي أن أحمد راشد ثاني له تاريخ خاص به، إنه جزء كبير من المكتبة المحلية، وخصوصية ألمنا الآن ونحن نحيي ذكرى رحيله الأولى أنه رحل مبكراً، وتابع قائلاً: لقد كان راشد ثاني غزير الإنتاج، جميلاً، هادئاً، مبدعاً، يكتب في أكثر من مجال إبداعي وثقافي، متميزاً بتأملاته، وهدوئه، ومشاكساته، في آن .



وقال الشاعر عبدالله السبب: أحمد راشد ثاني، رجل لا ينسى، ولا يتكرر، لكنه يقبل القسمة على أكثر من اثنين، أحمد راشد ثاني، مثال يحتذى به في الصبر على الكلمة، وعلى البحث المضني عن المعلومة المرمية بين سطور التاريخ، وفي صدور الرواة، وفي كتب المؤرخين والباحثين، أحمد راشد ثاني، إذا غاب عنك افتقدته، وإذا رأيته بعد غياب كأنك تلتقيه بعد يومين من آخر لقاء، أحمد راشد ثاني، الذي منذ أيام كان يشاركك استرجاع ذكرى جمعة الفيروز و علي العندل، هو ذاته الذي تسترجع ذكراه بعد عام من الموت الذي لا يعتبر بأحد، مهما كبر شأنه، أو مهما كان عمره .



أحمد راشد ثاني، رجل أتذكره جيداً في تلك اللحظة التي بلغني بها نبأ موته في التاريخ ذاته 20 فبراير/شباط من العام ،2012 ففي تلك الأثناء، كنت أضع اللمسات الأخيرة من كتابي (جمعة الفيروز، بين احتراقات الذاكرة، واختراقات النسيان)، كما لو أنه، أحمد راشد ثاني، يدخل في المنطقة التي يقبع فيها جمعة الفيروز (بين احتراقات الذاكرة، واختراقات النسيان)، أحمد راشد ثاني رجل لا يسقط من الذاكرة أبداً، ومثل غيره من الأصدقاء النقيين، لا يسقط رقم هاتفه من ذاكرة الهاتف، وكثيراً ما انتابتني لحظات مليئات برغبة الاتصال به ، للاطمئنان عليه، وللخوض في غمار الحديث معه في شؤون الثقافة والكتب والأدب، من دون أدنى تفكير بأنه قد رحل ذات ظهيرة مؤلمة حين عودته من عمله في أبوظبي العاصمة .


جريدة الخليج