المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إشكالية التنمية الثقافية


سالم الوشاحي
22-02-2013, 05:01 AM
أفق
إشكالية التنمية الثقافية آخر تحديث:الجمعة ,22/02/2013


منّي بونعامه

لقد خطا العالم اليوم خطى حثيثة نحو تحقيق التنمية الثقافية، على غرار التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بدءاً بتسخير مقدراته وإمكاناته المالية في سبيل بلوغ تلك الغاية، وقد أصبحت التنمية الثقافية معبّراً حقيقياً عن مدى تطور الدول، ومعياراً أساسياً لتصنيفها وتمييز النامية منها من المتخلفة .



ولئن كانت التنمية في مفهومها الشامل هدفاً تسعى إلى بلوغه كل الدول والشعوب، وتوظف في سبيل الوصول إليه كل ما أوتيت من قوة وجهد، فإن التنمية الثقافية على وجه التحديد لا تقل أهمية في السير بعجلة التطور نحو التقدم والازدهار، إن لم تكن هي الفاعل الأول والأهم، ولعل هذا ما يدعونا إلى التساؤل، ضمن واقعنا الثقافي الراهن، عن مدى وجود تنمية ثقافية في البلدان العربية سواء كانت هذه التنمية قد تحققت بعض مقاصدها وأهدافها، أو كانت قيد التحقق في الأفق المنظور، فهل هناك تنمية ثقافية حقيقية في تلك البلدان؟ وما هو أفقها؟ وما بوادر وجودها وتطورها؟



إن إلقاء نظرة عجلى على المشهد الثقافي العربي، ومؤسساته الثقافية الرسمية، كفيلة بتحديد معالم الصورة على نحو يفي بالغرض المطلوب على مستوى الفهم والإدراك، لأنه واقع يعج بالعديد من المفارقات والمتناقضات، ويحيل إلى تشعّب المقاييس التي على أساس منها يمكن تحديد الموقع الثقافي العربي على الخريطة الثقافية العالمية، ومع ذلك فثمة بعض العلامات والسمات البارزة التي تسهم في جلاء الصورة على نحو مقبول .



إشكالية التنمية الثقافية في البلدان العربية إشكالية محورية ولا يمكن عزلها عن سياقها الثقافي، ذلك أن تطور الثقافة لا يمكن أن يكون أو يتم إلا عبر خطة جادة ومتماسكة، ووفق سياسة ثقافية محكمة تعمل على وضع أفق مستقبلي تسعى إلى بلوغه، ولا يتوقف الأمر على إعلان مشاريع ثقافية وحسب، أو إطلاق برامج وفعاليات وأنشطة آنية كثيراً ما تذهب آثارها أدراج الرياح، من دون أن تحدث أثراً، أو ترسم مستقبلاً .



التنمية الثقافية تقوم على التفاعل الجاد والبنّاء بين المؤسسة الثقافية الرسمية والخاصة والمثقف، في نطاق برنامج ثقافي واضح المعالم تسعى هذه الأطر الثلاثة إلى تطبيقه، وإنجاحه، كل من خلال موقعه، وإيجاد الدعم المالي، والكادر البشري اللازم لاستكمال عملية التنمية، وأي تقصير من أحد تلك العناصر الثلاثة تظهر آثاره السلبية في بقية المشهد .



التنمية الثقافية اليوم غدت أمراً ملحاً أكثر من أي وقت مضى في نطاق التحولات التي يشهدها العالم، والتي ألغت الكثير من الحواجز والعراقيل، وفتحت فضاءات كثيرة لا يحكمها قانون، ولا يحصرها مجال، خاصة أن معدلات النمو الثقافي في الدول العربية لا تحيل إلا إلى تأخر أغلب هذه الدول عن قطار التنمية الثقافية، حيث مايزال بعضها يعاني ارتفاعاً مذهلاً في الأمية، وفقراً حاداً في المنتج الثقافي، بينما يقع البعض الآخر تحت طائل تواضع الإمكانات المالية التي تقف عقبة دون تنفيذ الكثير من المشاريع الثقافية وتفعيلها .


جريدة الخليج