المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشمس تتعامد على وجه الملك رمسيس الثاني


سالم الوشاحي
23-02-2013, 06:42 AM
أبو سمبل (مصر) "د.ب.أ" -وسط اجواء اتسمت بسحر وغموض الفراعنة ، وعلى وقع رقصات وأنغام 11 فرقة للفنون الشعبية أتت من أمريكا وتركيا والصين وفرنسا وأندونيسيا، بجانب مصر . وفى حدث فريد هو الأبرز ضمن 4500 ظاهرة فلكية شهدتها مصر الفرعونية ، تعامدت الشمس صباح أمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثاني داخل معبده بمدينة أبو سمبل بمحافظة أسوان فى جنوب مصر.
وفى إطار الظاهرة التى تشد انظار العالم مرتين فى العام يومي 22 أكتوبر و22 فبراير من كل عام ، قال احمد صالح عبد الله المدير العام لآثار ابوسمبل ومعابد النوبة ان "الظاهرة التى تؤكد ريادة قدماء المصريين لعلم الفلك فى العالم اجمع وامتلاكهم لفنونه وأسراره باقتدار اجتذبت قرابة 3000 سائح وسائحة حضروا لمشاهدتها من مختلف بلدان العالم".
وأكد المدير العام لاثار ابوسمبل ومعابد النوبة أن التعامد بدأ فى الساعة السادسة و25 دقيقة (0425 بتوقيت جرينتش) واستمر لمدة 20 دقيقة سجلها السياح بكاميراتهم ، وتم عمل شاشات عرض فى ساحة المعبد لعرض لحظات تعامد الشمس نظرا للعدد الكبير لاعداد السياح الذين حضروا لمشاهدة ظاهرة التعامد والذين كان بينهم ألف مصرى.
ويشير الدكتور احمد صالح عبد الله المدير العام لآثار ابوسمبل ومعابد النوبة إلى أن تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني داخل معبده بابو سمبل في 22 أكتوبر يتواكب مع بداية فصل الزراعة في مصر القديمة حيث أن بداية موسم الزراعة أيام الفراعنة يبدأ في 21 أكتوبر ، أما تعامد الشمس على وجه الملك في 22 فبراير فيحدث في مناسبة بداية موسم الحصاد.
وأوضح أن ما عرف عن أن ظاهرة تعامد الشمس تحدث في يوم مولد الملك ويوم تتويجه هو أمر لايوجد له أساس علمي. ويشير المدير العام لاثار أبوسمبل ومعابد النوبة إلى صعوبة تحديد أى تاريخ ليوم مولد الملك أو يوم تتويجه لأنه وببساطة لم يكن هناك سجل للمواليد في مصر القديمة، وأن كييف كتشجن عالم المصريات الاسكتلندي المتخصص في دراسة عصر رمسيس الثاني قال إن يوم تتويج الملك يوافق اليوم الثامن عشر من شهر يونيو، بجانب وجود نقوش ورسوم في صالة قدس الأقداس في المعبد تصور مولد خروج الإله آمون عند المصريين القدماء لإعلان بدء موسم الزراعة وبدء موسم الحصاد.
وقال صالح إن أبو سمبل وما جاورها من مناطق كان لها أهمية كبيرة في عالم الفلك حيث عثر في موقع النبطه الاثرى شمال غرب أبو سمبل على أول بوصلة حجرية وأقدم ساعة حجرية تحدد اتجاهات السفر وموعد سقوط المطر ويرجع تاريخهما إلى 11 ألف سنة.
وعاشت مدينة ابوسمبل التاريخية جنوب أسوان ليلة ساهرة مساء أمس الاول امتدت حتى صباح أمس ضمن فعاليات مهرجان أسوان الدولى للثقافة والفنون والمقام بمناسبة مهرجان تعامد الشمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثاني حيث قامت 11 فرقة فنون شعبية منها 5 فرق دولية من أمريكا وتركيا والصين وفرنسا وأندونيسيا ، بالإضافة إلى 6 فرق مصرية هي التنورة والإسكندرية والشرقية وقنا وأسوان وتوشكي بتقديم عروضها الفنية بمسرح السوق والتي تضمنت تبلوهات ورقصات فنية متنوعة وذلك فى حضور محافظ أسوان مصطفى السيد والشاعر سعد عبد الرحمن رئيس الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة والدكتورة كاميليا صبحي رئيس العلاقات الخارجية بوزارة الثقافة واللواء محمد بريقع نائبا عن وزير السياحة المصري.
وجاءت احتفالات مصر بتعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثانى بمعبد أبوسمبل بعد الجدل الذى اثير على خلفية قيام وزارة الأوقاف المصرية وبعض تيارات الاسلام السياسى بمصر عن الاعلان عن اقامة ندوة ومليونية اسلامية للدفاع عن نبي الاسلام محمد صلى الله عليه وسلم وتصحيح صورة الاسلام فى عيون الغرب والتعريف بسماحة الاسلام في ساحة معبد أبوسمبل وفي يوم الاحتفال بتعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثانى ، حيث عبرت أوساط أثرية وسياحية مصرية عن تحفظها لاقامة أنشطة دينية داخل المعابد الأثرية.
واقترح الدكتور أحمد صالح عبد الله مدير اثار أبوسمبل ومعابد النوبة إقامة الندوة خارج منطقة آثار أبو سمبل. وقال إنه يمكن استغلال الاثار الاسلامية بالقاهرة كمكان مناسب يمكن من خلاله ايصال الرسالة للغرب عن الاسلام الصحيح ، وأنه ما اكثر الاثار الاسلامية التي تستقبل اجانب مثل الجامع الازهر والسلطان حسن والقلعة ويمكن ترتيب الندوات بشكل ثابت في هذه الاماكن.
وأوضح مدير آثار ابوسمبل ومعابد النوبة أنه يعلم أن هدف الندوة نبيل ، وهو التعريف بالإسلام وسماحته، لكن إذا تم ذلك داخل المعبد فإنه "سيأتي بنتائج عكسية، ويكون له مردود سلبى على صناعة السياحة وسمعة مصر"، ولأنه إذا تم ذلك داخل المعبد ستكون هذه هي السابقة الأولى فى العالم التى تقام فيها ندوة دينية داخل موقع أثري.
واستجابت وزارة الأوقاف - بحسب تأكيدات مدير اثار ابوسمبل ومعابد النوبة - لتلك المطالب وقررت الغاء الندوة لتقام الاحتفالية فى صورتها الطبيعية وسط عروض قدمتها 11 فرقة فنون شعبية دولية ومحلية.
يذكر أن تعامد الشمس على تمثال رمسيس كان يحدث يومي 21 أكتوبر و21 فبراير قبل عام 1964 وبعد نقل معبد أبو سمبل من موقعه القديم إلى موقعه الحالي ضمن مشروع إنقاذ آثار النوبة . وأصبحت الحادثة تتكرر يومي 22 أكتوبر و22 فبراير وذلك لتغير خطوط العرض والطول بعد نقل المعبد 120 متر غربا وبارتفاع 60 مترا حيث تدخل الشمس من واجهة المعبد لتقطع مسافة 200 متر لتصل إلى قدس الأقداس وتقطع 60 مترا أخرى لتتعامد على تمثال الملك رمسيس الثاني وتمثال الإله آمون رع اله طيبة في مصر الفرعونية صانعة إطارا حول التمثالين بطول 355 سم وعرض 185 سم.
ويوجد بالجدار الشمالي والجنوبي بقاعة قدس الأقداس وصالة الأعمدة الثانية منظران لـ 21 كاهنا يحملون في الأولى مركب الملك رمسيس الثاني والثاني يحملون فيه موكب الإله آمون رع اله طيبة، وتحكي كتب المصريات إن موكبي الملك والإله كانا يحملان بمعرفة الـ21 كاهنا لخارج معبد أبو سمبل حيث كانت تقدم لهما القرابين في موسمي البذر والحصاد في 21 أكتوبر و 21 فبراير.
وتحكى نقوش ورسوم معبد أبوسمبل تفاصيل أجمل قصة حب ربطت بين قلبي رمسيس الثاني وزوجته نفرتا ري منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة . ويظهر هذا الحب الفياض جليا من خلال الكلمات الرقيقة التي نقشت على جدران معبد نفرتا ري بابوسمبل والتي يصف فيها رمسيس الثاني زوجته الحبيبة بأنها ربة الفتنة والجمال وجميلة المحيا وسيدة الدلتا والصعيد.
ويتميز معبد نفرتاري باللمسة الأنثوية الحانية التي تعبرعن رقة صاحبته حيث يوجد فيه مجموعة من النقوش الناعمة التي تبرز جمال نفرتاري وهي تقدم القرابين للملائكة وفي يدها "الصلاصل " رمز الموسيقي ويعلو رأسها تاج الآلهة الحتحوري ربة الفتنة والجمال عند القدماء المصريين.
وتعد نفرتا ري هي الزوجة الوحيدة من زوجات رمسيس الثاني التي بني لها معبدا خاصا إلي جوار معبده الكبير بمدينة ابوسمبل ، كما بني لها واحدة من أجمل المقابر في البر الغربي بالأقصر بعد رحيلها ليؤكد إخلاصه وحبه الأبدي لنفرتاري.
جريدة عمان