المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العمانية للكتاب والأدباء تتسلم إصداراتها الخمسة من بيت الغشام


سالم الوشاحي
01-03-2013, 05:34 AM
متوفرة في ركن الجمعية بمعرض مسقط الدولي للكتاب -
تسلمت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، إصداراتها الحديثة الخمسة، والمتوفرة حاليا في معرض مسقط الدولي للكتاب من الميلاد الثقافي الجديد، الذي بات يشق طريقه نحو الثروة المعرفية والتنويرية "بيت الغشام" للنشر والترجمة، وهي كتاب "الخيمة ومفاتيح الحظ" للكاتبة عزة القصابية، وديوان "لعيني ديالى" للشاعر محمد بن حبيب الرحبي، ورواية "بين قدرين" للكاتب رأفت سارة، وكتاب "لآلئ عربية" للكاتب ناصر بن حمود الحسني، وكتاب "تحت المطر" للشاعر خالد بن علي المعمري.
تثمن الجمعية عالياً الجهود الكبيرة التي تبذلها مؤسسة "بيت الغشام" للنشر والترجمة وتخص بالشكر السيد علي بن حمود البوسعيدي مالك المؤسسة والكاتب محمد بن سيف الرحبي المدير التنفيذي للمؤسسة على ما تقدمه للمكتبة العمانية والعربية من نتاجٍ فكريٍ ثري، ودعمٍ للكاتب العماني لإيصال صوته بطبعةٍ أنيقةٍ وراقية، وهو دورٌ لا ريب أنه سيلاقي صداه المثمر بالمودة والامتنان في صدور الناشرين المحليين، وقد تمكنت المؤسسة في وضع مكانةٍ مميزةٍ لها في خارطة المشهد الثقافي العماني الثري بالعطاء والتجدد والحيوية، وعليه فإن الجمعية العمانية للكتاب والأدباء تتنبأ بحراكٍ واسعٍ تضطلع به هذه الدار الفكرية في المرحلة المقبلة.

الخيمة ومفاتيح الحظ

في ستٍ وثمانين (86) صفحة من الحجم المتوسط، تقدم الكاتبة عزة القصابية لقرائها نصين مسرحيين من التراث العماني، ذلكم الإرث الثقافي الحافل بالأحداث والشخصيات المثيرة للجدل، كل ذلك بمعالجاتٍ درامية قادرةٍ على الارتقاء بذائقة الإنسان المعاصر، ساعيةً إلى تأكيد هويته الأصيلة النابعة من فكره وعاداته الثقافية في ظل الفضاءات المفتوحة التي رافقت التنمية النفطية في دول الخليج العربي. سعت القصابية في هذا الإصدار إلى تعزيز قيمة التراث الشعبي باعتباره مصدراً مهماً لإثراء المسرح مهما اختلفت أشكاله وتنوعت موضوعاته ومصادره، على اعتبار أنه منبع للكثير من الأعمال الفنية، في محاولةٍ لتأصيل مسرح عربي أصيل يستوحي عناصره من الموروث الشعبي الذي يعكس الظروف والعوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية في الوطن العربي. معتمدة على أن الأسطورة والقصة والتراث الشعبي والتاريخ والحادثة المعاصرة أهم المصادر التي استمد منها الكتّاب مادتهم. مهتمةً كثيراً في نصيها بالتراث والموروث الشعبي، المروي والموسيقي، والتراث الشعبي القصصي، ذلك أنه يشكل ظواهر شعبيةٍ لمادةٍ مسرحيةٍ تعكس ثقافة الشعب العماني وعاداته وتقاليده الأصيلة المحمولة بطيوف الذاكرة البعيدة لأجدادنا وتاريخنا العظيم، وما فيه من أحداث وملاحم بطولية. توصلت الكاتبة في هذا الإصدار إلى قناعةٍ صادقة أن الكثير من ذلك التراث لم يستغل بعد في المسرح، وهو في انتظار من يخرجه من قوالبه الجامدة ويعالج محتواه بأسلوب فني.

لعيني ديالى

الشاعر محمد بن حبيب الرحبي، يبوح بمكنوناته الدفينة، بآهاتٍ ثمينةٍ في واحدٍ وثلاثين (31) نصاً شاعرياً، يناجي فيها طيف الأم، والحنين إلى حضنها، وشوقه لعطفها وحنانها ولمسة يديها الحانيتين، طالباً منها أن ترد إليه حلم الطفولة، فهي تمثّلُ حلم الرجوع إلى لحظاتٍ ناعمةٍ مع دلالها وعظيم ودها، غير أن "ديالى" تحتلُّ مكانةً في صفحات الديوان، وقد استحلت قبله صفحاتٍ مشعة بالبياض في قلبه، "ديالى" هي حديث العشق المتواري والمتجدد في ذات الآن، تناقضيةٍ عجيبة لا وجود لها إلا في همساتها، حتى ديالى لم تسلم من أمنيات شاعرها في العودة إلى مرابع الطفولة ومراتع الصبا، فكل السلام في خيالي الرحبي الرحب لا ينمو إلا في جنون الطفولة. حانات باريس تذكره بالشاعر "بودلير" التي قيلت فيها الكلمات الخالدة، وسحر بها الأخير محبيه. في حين فإن "المدينة الصاخبة" و"بيروت" و"سمراء" و"الجبل الأخضر وجبل شمس" و"مطرح" و"غرناطة" و"عمان النابضة بالقوافي" و"مقهى كولمبيانو" و"ذاكرة المكان" و"نداء الشوارع" و"صنعاء" و"تونس" كلها أمكنةٌ مليئةٌ بالحب والذكريات والوجدان الملتهب شوقاً ودفئاً وعذوبة. بيد أن "ثورة الشباب والصبايا" و"عشق طفولي" و"موسيقى" و"خمار" و"ليلة" قد أتت على كل ما زرعه الرحبي من أنينٍ وحنينٍ وعوالم ليس لها مثيلٌ في ذاكرته وخيالاته. محمد بن حبيب الرحبي في هذا الديوان يقدم نفسه على طبقٍ من مرمر الشفافية.

بين قدرين

الكاتب رأفت سارة، في روايته الأولى "بين قدرين" يتحدث عن معاناة هلال، ابن صديقه المقرب إلى قلبه والأقرب إلى ذاته، رافق معاناته وتحولاته الصحية، في قصةٍ مؤلمة، يسقط من خلالها العديد من الشخصيات والأحداث والمعضلات والقضايا، باحثاً عن علاجٍ لكل تلك التداعيات التي حولت حياة المحيطين بـ "هلال" إلى كابوسٍ مرعب، وكثيراً ما تتراءى صورٍ خياليةٍ ناطقةٍ عن واقعٍ معبرٍ كبداية الرواية التي استهلَّ فيها الصحفي عناصر التشويق من خلال آثار بقع الدم الصغيرة المتسللة من حقيبة مهملة، وفضول القط المتربص الهارب بين أشجار الغاف والسمر، من الحرارة القائظة في شهر يونيو وما يسبقه ويليه بأربعة أشهر. لكنه لم يكن وحده من أسالت بقع الدم- لعابه -طمعا في وجبة مبكرة تنسيه قحط مساء كامل عاشه ببطن جائع، ففي أعلى أغصان الأشجار طائرا (اليمام) كانا يهمان بالتحليق، على ما يبدو، صوب البحر، الذي يتفنن الصيادون في استهلاك خيراته، ووضعها في شباك ينصبانها في العذيبة والقرم وبر الجصة، وغيرها من الأماكن التي يسهل منها شحن(الغنائم) المتبقية، بعد توزيع بعضها على المتربصين الآسيويين، الذين يقابلون القوارب العائدة من رحلاتها بابتسامات وببضع الأواني والأكياس، طمعا في ما يسد رمق جوعهم اليومي. فيتقاسمونها مع الطيور التي تتقاطر هي الأخرى في جماعات أو فرادى، أملا في خير البحار أو أسماكها، والتي بدت غير مطمع لتلك العائلة من اليمام. الرواية تمثل أناتٍ مكبوتة شَرُقَ بها رأفت سارة.

لآلئ عربية

يسبر الكاتب ناصر بن حمود الحسني في هذا الإصدار الأغوار النقدية الأدبية لفلسفة الموت متخذاً من المعرِّي أنموذجا، متطرقاً كذلك إلى كسر التابو في شعر الإمام الحضرمي، والنبهاني بين سلطة الحب وسلطة الملك، معرجاً على المقدمة الغزلية في الشعر العماني عبر الشاعر الستالي، متناولاً مدائح الإمام أحمد بن سعيد في ديوان الدرمكي، متناغماً مع معزوفة التوافق بين العاشق والمعشوق بصحبة "علّال الغازي"، راحلاً بين الاستعارة المفهومية وتراثنا العربي، ومفتشاً عن مستقبل الأدب المقارن في ظل العولمة، مقدماً على طبقٍ من ذهب قراءاتٍ معمقةٍ في التراث النقدي، متجولاً في فنّ الرِّحلة في الرِّواية العربيَّة، كاشفاً الستار عن المرأة في الشعر العماني المعاصر، وموازناً بين الصحافة والأدب، متسائلاً هل للخطأ ثقافة وأدب؟!، منهياً بالقراءة والأمة العربية، متنعماً بجنة جبال الحجر الشرقي المفقودة والمتمثلة في ولاية دماء والطائيين. شرع الحسني في لآلئه إلى إظهار كل ما هو جديد ومفيد للوقوف عليه، ونبش خباياه وبعث كنه النص الأدبي والإبداعي من أجل إبراز أسلوبه الفني والجمالي من خلال مختارات منتقاة بدقة وعناية، وحرص على تقديم الأفضل، مؤكداً عبر صفحات الإصدار أن الكتابة والفن لا يتوقفان أبدا؛ فالأدب والنقد كالقاطرة والمقطورة لا يمكن الفصل بينهما أبدا.

تحت المطر

يتحدث الشاعر والكاتب خالد بن علي المعمري في إصداره الجديد "تحت المطر" عن المطر وأشياءٍ أخرى، بلغةٍ فارهةٍ مشوقة، وأسلوبٍ جاذبٍ وآسر يقول في مولوده الجديد "تحت المطر": الواقع أننا اليومَ في أمسِّ الحاجة إلى المطرِ، لا ليروي صحراءنا القاحلةَ فقط، بل لنتعرفَ به على معنى الحياةِ، نحتاجُ للمطرِ كما آمنَ به نزار كي نمزقَ عقدتنا الكبرى مع الآخرِ، ونهدِّم الجُدُرَ التي بنيناها زمناً طويلاً والتي تشكَّلتْ عنها أوهامٌ حجبتْ عنا نورَ الشَّمسِ، نحتاجُ لمطرِ السَّيابِ حتى نعلنَ عن ثورةٍ كبرى على تقاليدَ مزيفةٍ ألبستْنا التقوى والصلاحَ، والانخراطَ في سلكِ الصالحين دون أنْ ندوِّنَ صحيفةَ عبورنا للماءِ المقدَّسِ، نحتاجُ لمطرٍ درويشيٍّ كي نتعرفَ على ذواتِنا من غيرها، عن تجربتِنا الحقيقيةِ في الحياةِ، ودورنا فيها، كي نتعرَّفَ على مدينتنا الأدبيةِ التي نطوفُ عليها سبعاً دون أن نطلقَ عليها اسماً يجعلُ منها مدينةً عظمى فاضلة، نحتاجُ لكلِّ أمطارِ الكونِ لكي نفرِّقَ بين معنى القُبلةِ والقِبلةِ. المطرُ علاقةُ السماءِ بالأرضِ، وعلاقةُ النفسِ بالبهجةِ والسّرورِ، وإذا استلقتْ كتاباتُنا تحتَ المطرِ فذلك لأننا نؤمنُ بقداستِهِ في بناءِ زرقةٍ معماريةٍ للنصِ، وإذا رقصتْ على أنغامه فذلك لأننا على يقينٍ أن آخره اخضرارٌ يفضي إلى المعنى المتخيّل، فَتَحْتَ المطرِ تسكنُ أقلامٌ تجدُ لها مأوى هناك، جازمةً أنَّ بعد الظّمأ ارتواءً، وبعد الإبحارِ وصولاً لجزيرةٍ نائيةٍ. إنها رحلةٌ رائعةٌ أنْ يجدَ الكاتبُ في المطر ثوباً واسعاً يَعْبُرُ من خلاله أجواءَ الحياةِ، واضعاً نُصْبَ عينيه عاطفة مفقودة، أو رحلة نسيها في أحد مدنه البعيدة، أو طفولة خالدة، حينها لن يترددَ على مسامعه سوى كلماتٍ كان يرددُها في طفولته لحظة صخبٍ: "مطر.. مطر.. مطر
جريدة عمان