المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أكاديميون يناقشون سيميائية النص الثقافي العُماني على هامش معرض مسقط الدولي للكتاب


سالم الوشاحي
04-03-2013, 05:19 AM
من خلال نماذج سردية وأمثال شعبية
أكاديميون يناقشون سيميائية النص الثقافي العُماني على هامش معرض مسقط الدولي للكتاب

كتبت ـ هاجر بوغانمي
ناقش عدد من الأكاديميين العمانيين والعرب مساء أمس بقاعة الفعاليات بمركز المعارض الدولي "سيميائية النص الثقافي في عُمان" ، وذلك خلال ندوة علمية نظمتها الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء بالتعاون مع اللجنة المشرفة على معرض مسقط الدولي للكتاب الثامن عشر، وسط حضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة ، وجمهور السرد.

المثل.. التّمثيل.. التمثّل
تفرعت الندوة إلى جلستين ترأس الجلسة الأولى ترأس الشاعر إسحاق الخنجري وتضمنت ثلاثة أوراق عمل افتتحها الدكتور عبد اللطيف محفوظ (المغرب) بمداخلة مختصره حول "مراجع تمثّل وتمثيل المثل الشعبي العماني" حاول من خلالها أن يقدم بعض الآراء حول المثل بصفة عامة وكيف يتمثل وكيف يمثل، وعرف المثل بأنه تكثيف وإصابة للمعنى وهو بناء لتصور ما حول حالة أشياء ، مشيرا إلى أن عددا من دارسي المثل من القدماء والمحدثين أجمعوا على أن المثل يقتضي المورد وهي مسألة لازمة ، نافيا أن يكون لهذا التصوير إمكانية الاستجابة لمجمل الأمثال وقال إن المثل بإمكانه أن يستعمل من أجل المضارب المختلفة دون الولوج إلى مورده.
وتطرق الباحث إلى العلاقة بين المثل والحكمة مبينا أن تحويل المثل إلى تمثيل لشيء آخر هو رهين تحويلنا لهذا الشي الآخر.
أما الجزء الثاني من المداخلة فارتبط بمثل عماني هو "لو ما الحسد ما لقيت النار في الجسد" معتبرا أن هذا المثل هو تشخيص لبنية تصورية اجتماعية لقوى العالم الفيزيائية وتحليل المثل يجب أن ينطلق من عالم الأهواء وعالم الجسد.. وختم بقوله إن هذا المثل العماني يشاكل أغلبية الأمثال التي استطاع أن يتعرف ويفهمها مبنية على تشكيل مجموعة من الأنساق الثقافية تستدعي الدراسة والبحث.

سيميائية الحسد
في نفس سياق (المثل) تحدثت د.عائشة الدرمكية عن "سيميائية الحسد في الفكر الشعبي في عمان"، منطلقة من: (سيميائيات الأهواء) كما بشر بها جريماس ، وهي تنشغل بالوجود الكيفي للذات أي "ما يعود إلى عوالم الكينونة".. مؤكدة على أنه: لا يمكن استيعاب مقولة (كيفيات الكينونة) إلا من خلال استحضار جوهر الاستهواء (أي ما يدفع نحو…) وهو أمر يتعلق بتخصيص الهوية العاطفية للعامل (أهواء الذات) التي ستطفو تدريجيل ضمن مسارين استهوائيين هما التوليدي والتوتري.
وأضافت الدرمكية: إننا في هذا البحث نتحدث عن تلك الأهواء الذاتية خلال محاولة الإحاطة بهوى بيذاتي يشتمل على ثلاثة ممثلين هم: الحاسد والموضوع والمحسود.
وأشارت الباحثة إلى أن: هوى (الحسد) من حيث هو موضوع يجعلنا أمام مآل في تنام مستمر، وهو من الناحية الاجتماعية يوضع أمام محك (الأخلاق)، وهو حكم يظهر سلوكات هي في ذاتها محايدة، بحيث يمثل التكون لهذا الموضوع استقلالا عن ذلك الطابع الفطري المكتسب له، باعتباره جانبا من جوانب الاستعداد القبْلي المفترض الذي تبنى عليه المسارات الهووية، ولان هذا الهوى يظهر جليا ضمن المنظومة المجتمعية فإننا نختار أن يكون النص الذي نسبر فيه هذا الهوى هو النص الشفاهي أي تلك المعتقدات التي نظمها المجتمع حول المسار الباتيمي لهذا الهوى، اعتمادا على الموسوعة المجتمعية المتعاقبة..
وأشارت د.عائشة الدرمكية إلى أن: هذا البحث محاولة لتتبع مسارات الهووية التي يحتويها التركيب الخطابي لهوى (الحسد)، خلال تحليل التحريكات الهووية، والعدد العاملية والكيفية له مستعينا في ذلك بمادة مشروع (جمع التاريخ المروي) بوزارة التراث والثقافة.

بنية الشخصية
أما د.محمد زروق فقد قام في ورقة له بعنوان "بنية الشخصية في حكاية أبي حية النميري"، بتحليل نص قديم من حكايات ابن دريد وهو "حكاية أبي حية النميري" تحليلا يعتمد النهج السيميائي سبيلا، مشيرا إلى أن نص ابن دريد خبر عادي لا يمكن تصنيفه على أنه مقامة وذلك من خلال مقاربة تتوسل بالأدوات السردية الحديثة انطلاقا من مبحث الشخصية من حيث هي ركن رئيس من أركان الفضاء السردي وعون إنشائي يتحقق به السرد.
كما توخى الباحث منهج رولان بارت في تعريف الشخصية وتحليلها حيث هي (أي الشخصية) كائن ورقي سرعان ما يمتلىء دلالة لحظة القراءة.. واعتمد في مقاربته مداخل عدة أهمها زاوية شخصيات التواصل الواردة في قسم السند، وعلاقة الشخصية بالشخص... وخلص إلى أن النهاية الشعرية هي أصل الحكاية.

سيميائية الفضاء النصي
الجلسة الثانية من الندوة أدارتها الدكتور آمنة الربيع، وشارك فيها حافظ أمبوسعيدي الذي قدم قراءة في "سيميائية الفضاء النصي في رواية (بن سولع) لـ "علي المعمري"، من منطلق أن: علامة المكان علامة فارقة في كثير من الأعمال الفنية ليس المكان الجغرافي فحسب ولكنه الفضاء المتشكل في النص بكافة مكوناته الظاهرية والإحالية، وهي وإن كانت بسيطة في ظاهرها إلا أنها تكتنز معان عميقة تبدو محركا مؤثرا وفاعلا في اتصالها مع أمكنة النفس المتلقية، هكذا تقابلنا رواية "بن سولع" في ثرائها الفضائي بدءا من عنوانها الذي يشكل ثيمة مكانية ترتكز على محوريتها حركة الرواية بكافة عناصرها..
وأشار الباحث إلى أن: فضاء النص في "بن سولع" لا يقف عند كونه المسرح الذي يحتضن أحداث الرواية أو الخشبة التي يقف عليها شخوصها، بل هو المكان القيد والمكان الطبقة والمكان الرمز، والمكان هو بناء للشخصية، وتتعدد وظائف المكان في تجسيد واضح لوظيفة باتت تضفي جوانب مهمة من النضج الفني على البناء الروائي.
وأضاف حافظ أمبوسعيدي أن: أسماء كثيرة لأماكن مختلفة متباعدة في مواقعها ومتباينة في جغرافيتها، بل ومتناقضة في أيديولوجيتها، في الرواية، وطرح جملة من الأسئلة أهمها: كيف اتسقت وتناغمت لتخرج لنا نصا روائيا؟ وهل هناك خفايا مبطنة لهذه الأمكنة تخترق الانتظام في الجانب التركيبي لتوغل في العمق الدلالي والمعنى الإيحائي؟ وهل هناك استدعاء رمزي لفضاء النص من خلال توظيف مفردات ومركبات لا يوحي ظاهرها بدلالاته؟
وخلص الباحث إلى أن قراءة "بن سولع" تشترط في تحليل ملامح فضائها النصي رؤية سيميائية عبر خطاطة جاكبسون بعواملها الستة، لتقصي العلاقة الكامنة بين الدلالة النصية في بنيتها العميقة ودور فضاء النص في بائها وتشكلها.

النص الموازي
واختتم الدكتور أحمد يوسف الجلسة بورقة حول النص الموازي في مجموعة المغلغل القصصية والمسرحية لعبدالله الطائي معتمدا في ذلك مقاربة في سيميائيات العتبات النصية، ومستفيدا في الآن ذاته من الشكلانية في تحليل البنية الفنية والأسلوبية في نص عبدالله الطائي، انطلاقا مما يوفره من مساحات ظلت في طي النسيان وهي مفعمة ببلاغة البياض.
جدير بالذكر أن الجلستين تخللهما نقاش بين الحضور والمشاركين وتنوعت المداخلات بين طرح للأسئلة التي يراد منها التوضيح والتفسير والنفي والتأكيد على ما ورد في الأوراق العلمية وبين الملاحظات التي تصب في سياق سيميائية النص الثقافي.
جريدة الوطن