مساهمة التقنيات في صون التراث المادي وغير المادي

[سالم الوشاحي]

تطوي بنا الأيام عاما بعد عام، ونحيا في وطن خلف كل صخرة تاريخ، والتاريخ بمختلف ألوانه الثقافية والدينية والتجارية والعمرانية بآثاره ومخطوطاته ومواقفه ورحلاته، قد ولد إرثا قيما وأثرا عريقا ورمزا مجيدا ينسج لنا لباس الأصالة ومفخرة الإنتماء. ونظرا للتسارع الملحوظ من تدفق حركة دواليب التنمية الإقتصادية وفرز متغيراتها، أصبح التوثيق متطلبا ضروريا للحفاظ على الخصوصية وتوسعة نطاق التبادل والتعارف الثقافي، ولاسيما أن التقنية الحديثة هي واحده من أجود وسائل التوثيق والدعم الاحتياطي بحيث تضمن صحة المعلومات، وتضمن مرجعية معتمدة سهلة الوصول.
والتراث المادي وغير المادي (الثقافي) يتطلب التوثيق الإلكتروني بصورة أكثر إلحاحا خشية انقراضه وتتطاير لحائه الطيب القيم. وتتمثل مساهمة التقنية الحديثة في توثيق التراث المادي في عمليتي الترميز والعنونة بعد إنشاء قاعدة بيانات تحتوي على معلومات مفيدة لكل مجسم تاريخي أو معماري والتي بدورها تخلق لنا فهرسا موسوعيا مستخدما نظم الحفظ الإلكترونية المدعومة بالتوثيق التصويري الفلمي، ولا ريب أن التراث غيرالمادي الذي يتجلى في الممارسات الاجتماعية، والاحتفالات والفنون والألعاب الشعبية والتعابير الشفهية والصفقات التجارية والرحلات البرية والبحرية، هو أكثر قابلية للاضمحلال نظرا لتعرضه لتيارات متعددة المسارات أختصرها بمفهوم العولمة.
ويشكل التوثيق بواسطة التدوبن الإلكتروني والتسجيل المرئي درعا انسيابيا في تحصين استدامة التراث الثقافي وصون حقوق الملكية الفكرية. ومما لا شك فيه أن تربط تلك التوثيقات إلكترونيا بشبكة محلية تخدم المؤسسات وبشبكة عامة تقدم دليلا استرشاديا مفتوح المصدر لكل من فكر يوما في البحث عن تراثنا الزاخر، وتيسيرا لكل مؤرخ أذهل بالسلسلة التاريخية، فعزم على شد وثاقها. وتعد الحكايات القصصية أو الروايات الشعبية التي تتدلى من ذاكرة آبائنا وأجدادنا إرثا أدبيا غير ملموس، يستحق تدوينه وتوثيقة في أرشيفات تحظى بالاعتناء والمزاولة قبل الزوالية، ولا تنحصر مساهمة الرقمنة في التوثيق فقط ولكن هناك أبعاد أخرى لها انعكاسات ومقاييس ثانوية.
أحمد بن سعيد الحراصي

جريدة الوطن