المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمسية أدبية توثيقية تستخرج مكنونات الأيّام الثّقافية العُمانيّة القمريّة


سالم الوشاحي
04-07-2013, 05:06 AM
أمسية أدبية توثيقية تستخرج مكنونات الأيّام الثّقافية العُمانيّة القمريّة

في أمسية أستهدفت استخراج مكنونات الأيام الثقافية العمانية القمرية التي اقيمت خلال الفترة من 8 – 18 من شهر يونيو الماضي في جزر القمر (بتنظيم من مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدِّراسات العربيَّة بجامعة نزوى ، ومكتبة النّدوة ببُهلا، وبيت الغشّام للنّشر والتّرجمة) أقامت الجمعيّة العُمانيّة للكتّاب والأدباء مساء أمس الأول أمسيّةً ثقافيّةً حواريّةً حول "الأيّام الثّقافيّة العُمانيّة القمريّة" في إطار التّعريف بالأيّام العُمانيّة القمريّة والفعاليّات الّتي تضمّنتها ، وبدأت الأمسية بعرض مرئي توثيقي لفعاليات تلك الأيام مستعرضة بالصور والصورة اهم الفعاليات التي اقيمت إضافة إلى اللقاءات مع المسؤولين في جزر القمر والمشاركين من الجانبين ، وتضمَّنت الأمسيّة الحواريّة أربعة محاور بدأها اولا الدُّكتور محمّد بن ناصر المحروقي مدير مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدّراسات العربية في جامعة نزوى، رئيس الوفد العُماني المشارك تناول خلالها أهداف تنظيم هذه الفعاليّة المهمّة، وسبب اختيار جمهوريّة جزر القمر لإقامتها حيث اكد في ورقته أنَّ جزر القمر تتوفر على عمق تاريخي مشترك مع السلطنة، يتسم بالثراء والحيوية والتواصل وأنها (جزر القمر) دولة عربية شقيقة، وقد بذلت عُمان جهدًا سياسيًّا كبيرًا لإلحاقها بجامعة الدول العربية، كما تمثّل هذه المشاركة شكلًا من أشكال التواصل الثقافي مع دولة شقيقة، تشترك معنا في الدين والهويّة والتاريخ والمستقبل ، وان العلاقات التاريخيّة بين عُمان ودولة جزر القمر ذات عمقٍ تاريخيٍّ يتماز بالثراء، منذ الهجرات القديمة، كما كان الحال في هجرة النباهنة والمناذرة إلى جزيرة مايوت القمرية، ثم حكم فرع من عائلة البوسعيد لجزيرة موهيلي القمرية أيضا. ومنذ عصر السيّد سعيد بن سلطان البوسعيدي، تنامت تلك العلاقة بشكل كبير، وبرز معها شكل جديد من الهجرة المقابلة لرجال من جزر القمر، الذين هاجروا إلى زنجبار، وعملوا في سلك القضاء والتعليم والشرطة والأعمال المكتبيّة.
ويضيف "المحروقي" :تحتفظ عمان بعلاقات ضاربة في القدم مع شرق أفريقيا، من الصومال وحتى مدغشقر. وقد تسلل التأثير العماني الديني واللغوي والحضاري، فأثّر بقوة على شعوب تلك المنطقة، فانتشر الإسلام، وانخلقت لغات جديدة متأثّرة باللغة العربية بشكل كبير جداً، مثل القمرية والسواحلية، لقد سافر أجدادنا بسفن شراعية إلى تلك الأماكن الشاسعة. وتأتي هذه الفعالية تجديداً لذكرى سفر الأسلاف المشار إليه. وتأتي دولة جزر القمر الاتحادية، واحدة من الدول الشرق الأفريقي، التي استقبلت الهجرات العمانية والحضرمية. ومع ذلك فإن هذا التواصل حدّ الامتزاج قليلا، ما يشار إليه في الكتب المدرسية والجامعية والثقافة العامة.
وفي المحور الثّاني قدم عريف الأمسية خميس بن راشد العدوي (رئيس مجلس المؤسِّسين لمكتبة النّدوة بولاية بُهلا) تقريرًا موجزًا عن الأيّام الثّقافية في جزر القمر والفعاليّات المصاحبة لتلك الأيّام مشيرا إلى ان البرنامج الذي خطط له جرى كما نأمل وأكثر، سواء الَّتي خطّط لها، كتلك التي شهدتها قاعات البرلمان والجامعات والمؤسَّسات الثَّقافيَّة القَمَريَّة، أو تلك الَّتي حصلت في اللّقاءات الجانبيَّة، وفي احتفالات المحبَّة العفويَّة، وقد خرجنا منها بالعديد من التَّصوُّرات، ومجموعةٍ من التَّوصيات، الَّتي سنعمل معًا على ترجمتها عمليًّا، على أرض هذه الجزر الخالدة، بقدر استطاعتنا بإذن الله تعالى.
اما القاصّ سليمان المعمري فأخذ الجمهور في رحلةٍ أدبيّة بعنوان "يوميّات عُماني في جزر القمر" قال فيها : "عن القمر وجُزره سأكتب .. عن أهله الذين يشبهوني وكأنهم أنا ، أو كأنني هم .. عن دشاديشهم البيضاء وكمتي الملونة .. وعن قرنفلاتهم التي ترقبك وأنت تغذ السير في طريق أخضر .. عن موائدهم العامرة بالحُبّ والحَبّ .. عن مائهم الذي تهرقه السماء دون أن تدري أن الأرض كسولة .. سأفرك يدي باللانج لانج لتطير الرائحة من موهيلي حتى الردة .. سأكتب عن عينين مكحولتين بالفقد تتذكران أمجاد زمن غابر .. عن شمس تعرف متى تشرق بالضبط بدون واسطة، عن نور لا يعترف بالكهرباء .. سأكلل عنقي بورد النسوة المجللة وجوههن بالبياض والزغاريد .. سأفتح عيني على رجل يُحمَل إلى الحياة في محفة موتى .. سأرسل قبلة هوائية إلى شاعر قمري علمني أن "الجبيرة توضع في العضو المكسور" .. سأستحم في بحيرة عذبة تنذر ماءها للزهاد .. سأسقط دلوي في بئر مليئة بالذهب."
كما قرأ "المعمري" نصا بعنوان "عرس سلطاني في دوموني" مشيرا فيه إلى ان "العادات العربية تموت في بلاد العرب وتحيا هنا" معرجا إلى الكثير من الكلمات والفعاليات التي أقيمت هناك بأسلوبه السردي الادبي البديع.
وفي المحور الرّابع في الجلسة قدم الدُّكتور سليمان بن سالم الحسيني (مدير معهد التّأسيس في جامعة نزوى) في ورقته "التعليم في جزر القمر .. الواقع وفرص الدعم العماني" إجابة عن سؤالٍ مهمّ وهو "ماذا يمكن أن نقدّم للجزر القمريّة؟"، مؤكدا "الحسيني" إلى إنَّ جزر القمر ليست فقط جزر الطّبيعة الخلابة فقط، وإنَّما جزر التَّاريخ، والحضارة السَّواحليَّة المميّزة المرتبطة بالإسلام والعروبة، وقد تعلّمتُ أثناء هذه الزِّيارة القصيرة لهذه الجزر الكثير عن تاريخ بلادي عُمان، وعن الشَّعب العُمانيّ العريق الَّذي جاء إلى هذه الجزر من أزمانٍ بعيدة، فنشر بين أهلها الإسلام والقيم والأخلاق الحميدة، الَّتي نراها متمثلةً في سلوك القمريين، وحياتهم اليوميَّة. وقال أيضا إنّ القمريّين فخورون بهذا الإرث الحضاري العريق، هم لا ينظرون إلى العرب والمسلمين والعُمانيّين خصوصًا على أنّهم دخلاء على هذا المجتمع وغرباء عليه وأعداء له، وإنَّما ينظرون إلى العُمانيّين أنّهم امتدادٌ تاريخيٌّ وحضاريّ لهم.
وأضاف "الحسيني" : المؤسّسات التّعليميّة في الجزر الثّلاث ومن خلال الحديث مع المسئولين القمريّين والمدرّسين وبعض الطّلاب أنّه يوجد اهتمامٌ بالتّعليم في جزر القمر. حيث وجدنا انتشارًا للمدارس العامّة الحكوميّة والمدارس الأهليّة وكذا من حيث جانب التّعليم العالي فإنّ جامعة جزر القمر يوجد لها فروع في كلّ جزيرةٍ من الجزر الثّلاث. وممّا لفت انتباهي أنّ هناك اهتمامًا بالغًا بتدريس اللّغة العربيّة والقرآن الكريم والفقه فالمدارس الأهليّة الّتي زرتُها كمدرسة الفتح" بمدينة إيكوني بجزيرة القمر الكبرى تدرّس اللّغة العربيّة والقرآن والفقه إلى جانب الموادّ الأخرى كالرِّياضيّات واللّغة الفرنسيّة.
وحول فرص الدّعم العُماني للتّعليم في جزر القمر يقول : يمكن أن تساعد السلطنة من خلال خبراتها الطّويلة في مجال المناهج الدّراسيّة خاصّةً في التّعليم العام ومن خلال القنوات الدّبلوماسيّة والإنسانيّة المعروفة الأشقاءَ في جزر القمر في تطوير مناهجهم وكتبهم الدّراسيّة. كما أنّ هناك فرصةً متاحةً أمام المؤسّسات الحكوميّة والأهليّة في السّلطنة للمساهمة في بناء عددٍ من المدارس بجزر القمر أو المساعدة في توسعة بعض المدارس القائمة وإمدادها بما تحتاج إليه من كتبٍ وأجهزةٍ وأدواتٍ وآلات. كما تمكن المساهمة في تأهيل الكادر التّدريسيّ سواء العامل في التّعليم العام أو التّعليم الجامعي أو المهنيّ بجزر القمر. ودعا الدُّكتور سليمان إلى المسارعة والتّنافس على نشر الخير في تلك البلاد الشّقيقة.
جريدة الوطن