المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مريم الغافرية تبحث في "أدب الرحلات العمانية"


محمد الراسبي
08-07-2013, 11:25 PM
عبر إصدار جديد من بيت الغشام
مريم الغافرية تبحث في "أدب الرحلات العمانية"

السلطنة : صدر عن مؤسسة بيت الغشام للنشر والترجمة كتاب "أدب الرحلات العمانية" للباحثة مريم بنت حميد الغافرية الذي تناولت فيه تأريخ هذه الرحلات ودوافعها (الباب الأول) متضمنا فصلين هما تأريخ الرحلة ومراحل ازدهارها ثم دوافعها، فيما تبحث في الثاني الرحلات العمانية إلى أوروبا متخذة من رحلة السلطان خليفة بن حارب أنموذجاً.

تعالج المؤلفة "موضوعاً شائكاً في الأدب العماني وتحاول جاهدةً أن تجيب على تساؤلات تحيط بأدب قديم قدم الإنسان العماني، إنه أدب الرحلات العمانية، ذلك الأدب الذي ارتبط بانطلاق حياة العماني، وموئل استقراره، ولم تلتفت له الدراسات الأدبية ليأخذ مكانته التي استحقها عبر تاريخ الأدب الحافل بالاهتمام والدراسة، والكتاب محاولة لإبراز وجود أدب الرحلات العمانية، فالرحلات العمانية لم تحظَ بالدراسة التخصصية، رغم تنوعها بين رحلات شعرية ورحلات نثرية، كذلك الجانب الفني لهذه الرحلات غير مدروس بصورة كافية رغم انصراف الكثير من الرحالة العمانيين لتدوين رحلاتهم المختلفة – خاصة – في عهد الدولة البوسعيدية.

وترى الباحثة أن هذه الرحلات تمثل سجلاً تاريخياً وأدبياً، وشاهداً من شواهد الحضارة، وتكشف ما لا يكشفه التاريخ، فالتاريخ عام يصور حياة الشعوب وطابعها العام والخاص أما الرحلات فتصف كل نمط من أنماط الشعوب وعاداتها وتقاليدها ونظم الحياة والحكم وتتطرق للوثائق التاريخية، وتعرض صوراً جلية عنها، كما تمثل النواحي الجغرافية فبفضل رحلات العمانيين إلى القارة الأفريقية تم التعرف على بلدانها ومعرفة مسالكها وممالكها والانتفاع بخيراتها ومعرفة أنماط الحياة فيها والتعايش معها.

وتشير مريم الغافرية إلى أن أهمية الرحلات العمانية تكمن في قيمتها الفنية والعلمية والأدبية، فالقيمة العلمية تتمثل بتزويدنا الحقائق والعلم الوافر عن تجارب كثيرة في مختلف ميادين التعليم والتهذيب، فالرحلات الشعرية والنثرية ذات الدوافع المختلفة تبني هذه الثروة العلمية وتترجم شواهد أدبية راقية لأحداث مميزة في حياة العماني، أما القيمة الفنية فتزود القارئ بمعلومات وصور ممتعة وأخبار تمتع وتستعرض الأحداث بصورة أدبية تنجذب لها النفس البشرية، فتشكل رافدا من روافد الفن والمتعة الأدبية عبر العصور الأدبية المختلفة.

وتؤكد المؤلفة أن أدب الرحلات العمانية يمثل جانبا وثائقيا من حياة الإنسان العماني وهذا يحتم علينا الاهتمام بدراسته وإخراج مادته وتوظيفها في المجالات العلمية والأدبية والاجتماعية فقد كانت الرحلات منطلق العماني البحار، التاجر، طالب العلم، وموئلاً للباحث عن النزهة والترفيه والحياة الهانئة الكريمة، فالرحلة قديمة قدم الوجود العماني؛ لكنها لم تحظَ بالاهتمام من حيث تدوينها ودراستها دراسة تخصصية.

وترى الغافرية أن أدب الرحلات في عمان كان أدباً يقوم على المشافهة، حاله كحال بقية الألوان النثرية والشعرية الأخرى التي نشأت من قديم الزمان، فلم يكن له حظ من التدوين فانتقل عن طريق الرواية الشفهية؛ مما أدى لفقدان الكثير من التراث الأدبي للرحلات العمانية القديمة، مشيرة إلى أن أول رحلة عمانية مكتوبة وجدت في القرن الثالث الهجري / منتصف القرن التاسع الميلادي، وهي رحلة محمد بن مداد بن فضالة الناعبي، عندما ارتحل إلى بلاد الحجاز ذاكرا هدفه منها"حج الفريضة"، وهذه أول رحلة صادفت البحث في تدوينها المبكر، وبالقياس إلى ما قاله المحقق محمد علي الصليبي عند تحقيقه لرحلة السلطان خليفة بن حارب إلى أوروبا: "أن أدب الرحلات بلغ نضجه الفني وتنوعت أساليبه وفنونه في القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي ..."؛ فإن ذلك يقود إلى أن الرحلات العمانية واكبت هذا النضج والدليل وجود رحلة مكتوبة وجهتها كانت إلى بلاد الحجاز.

وترى المؤلفة أن الرحلة في العصر النبهاني لم تكن واضحة بشروطها الأدبية، فقد احتضنت قصائد المدح الحديث عن الرحلة، والسير للممدوح والبعض كانت قصيدته تعبر عن مدح أحد الملوك، ووصف السير إلى الحج، وزيارة الأماكن المقدسة في مكة والمدينة، والبعض الآخر أفرد الحديث في مدائحه للرحلة الحجازية وأكثر الحديث عنها كما هو الحال عند الشاعر سالم بن راشد الخروصي، منوهة أن أدب الرحلات العمانية الحديثة تأسس في المهجر الأفريقي (زنجبار)، حيث المؤثرات المختلفة حضاريا وثقافياً بالإضافة إلى تعدد دوافع الرحلة المختلفة كل ذلك أعطى الصدارة لهذا الأدب أن يبرز ويظهر إلى النور وبوهج متألق .

توسع الدولة العمانية في شرق وأواسط أفريقيا، أدى لازدهار الرحلات العمانية الخارجية فتعددت رحلات العماني من وطنه الأم عمان إلى وطن الأحبة في الشرق الأفريقي والعكس صحيح، وخروج الرحلات من نطاق الإقليمية إلى نطاق العالمية.

وتشير الباحثة مريم الغافرية إلى أن الرحالة العمانيين نظموا أغلب رحلاتهم شعراً، بل كانت معظمها أراجيز تظهر براعتهم في هذا المجال، فكانت الرحلة الواحدة تتجاوز أكثر من مائة بيت، وتأتي في مقدمة هذه الرحلات "الرحلة الأدبية للأقطار الأفريقية"وهي أطول منظومة في أدب الرحلات العمانية، حيث تتألف من سبعمائة وتسعة عشر بيتاً.

http://alsultanah.com/up/up_down/8802hhyy.jpg