المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكاية شعبية التوأم الجزء الثامن


ناجى جوهر
05-08-2013, 01:22 AM
التوأم

الجزء الثامن

والسؤال عنه في كل البقاع , لعله يعثر عليه في أي مكان و في أي زمان
و يُعيدهُ الى أُمه الحزينة, ويشفي به قلبها المثلوم, فيسعدها بعد النكد
عندما علمت الأم بنية حسن و قراره, بكت بكاء مُرا.وإمتنعت عن الطعام والشراب
وتوسلت إليه أن لايترُكها, فيكفيها فقد حسين, فهي لا تحتمل فقد إبنيها التوأم
لكن حسن ركب رأسه, و أصّم أذنيه عن توسلاتها المتتالية ...
و وعدها بأن يعود سريعا برفقة أخيه ...
فباتت بليلة دهماء, قد أعتراها السهد
وتكالبت على قلبها المكلُوم دواعي
الحزن و بواعث الأسى , فما رحم حسن دموعها المسفوحة
و لا أشفق على وجدها البالغ
وفي تلك الليلة الحزينة وعندما سكن الليلُ
و غفت العيونُ ... و تلألأت النجومُ ... وتجلّى الخالق إلى سماء الدنياء
رفعت أُمُ حسن كفيها في ضراعة و إبتهال
و أخذت تتوسلُ للحافظِ ان يحفظ إبنيها .
و تسأل المبدئي والمُعيد ان يُعيدهما سالمين غانمين
خرج حسن عُقب صلاة الفجر مباشرة
بعد أن ودّع أمه وزوجته
و كان واثقا من أنّ اخاهُ حسينا قد سلك طريقا وعِرة , متفاديا طُلابه
فعزم على سلوك نفس الدرب, والسير على الطريق ذاته
شدّ ركاب راحلته ثم إمتطى ظهرها, وسار يحذوه الأمل و يحفزه الرجاء
http://up.graaam.com/uploads/imag-6/uploade36b8547a6.jpg (http://www.graaam.com/)
رافقه رجالٌ أشدّا من بني العم و القرابة والمتطوعون من أبناء المدينة
و بعد أن قطعوا عدة مراحل ولم يعثروا على حسين تراجع معظم الرفاق
وظلت ثلة من الفرسان ترافق حسنا, و لما غدوا في مجاهل الصحراء
تمكن الخوف و الوجل من بقية الفرسان وتخاذلوا عن مسايرته
فنصحوه بالعدول عن هذه المفازات المقفرة. والفيافي الموحشة
و أرادوا سلوك السمح من السبل , لكنه أبى, وصمم على المضي في طريقه هذا
فتركوه لوحده مع نوقه, وعادوا إلى ديارهم
كان حسن على يقين تام من أن أخاه حسينا قد سلك هذه الطريق
و كانت مشاعره تحثه على مواصلة رحلة البحث
و ما إن وصل الى الموضع الذي تعرض فيه الظبي لأخيه حسين
حتى ترأى له نفس الظبي في نفس المكان
http://up.graaam.com/uploads/imag-6/upload35c50c9170.jpg (http://www.graaam.com/)
فلما وتّر حسن قوسه, أختفى الظبي... فبحث عنه فلم يره
ولما يئس منه, رآه رابضا تحت دوحة عظيمة, فنزل عن راحلته
وأخذ يدبُّ دبيب النمل, حتى صار على مقربة منه
وحين إنطلق السهم من كبد القوس كان الظبي قد إختفى...
وظهرت من خلف الشجرة فتاة هيفاء كأنها دُرّةٌ مكنونة
قد وضعت على رأسها تاجا من الزُمُرد والياقوت ...
وحملت جرّة لطيفة يترقرقُ فيها ماء صاف صفا الدمعة
http://up.graaam.com/uploads/imag-6/upload4c39a36f85.gif (http://www.graaam.com/)
فذُهل حسن وإرتبك وقد أخذ حُسنُ الفتاة وجمالها بشُغاف قلبه, ووقف حائرا
لا يدري ماذا يقول, ولا ماذا يفعل ...
فتقدّمت منه تلك الفتاة, وخاطبته بلسان طلِق :
مرحبا بك في بِلادِنا ... كيف وصلت إلى هاهنا ؟
تلعثم حسنٌ, ثم قال : إنها قصة طويلة ...
قالت الفتاة : أظنّك جائعا عطِشا ... اليست كذلك ؟
رد حسن : بلى. إني لكذلك ... فناولته جرة الماء.
وقالت له : إشرب هنيئا
فشرب منها بعد أن ذكر الله, حتى إرتوى
إبتعدت عنه الجارية وهي تقول : إنّ قصر أبي قريب من هنا
فأسلك هذه الطريق, وخذ راحتك, فأنت ضيفي ...
أراد أن يسألها عن أخيه, لكنها إبتعدت عنه, فمشى حتى شاهد قصرا منيفا
فأخذه العجب لوجود قصر كهذا في هذا المكان الموحش
ووجد باب القصر مفتوحا فدخله, وحين صار في وسط ساحة القصر
سمع أصوات أناس يتحدثون, ولكنه لا يراهم, ووصل إلى أذنيه خُوار البقر
ونهيق الحمير, وصهيل الخيل, وضحك القرود فتعجّب من ذلك
وأراد ان ينظر, فتوجّه إلى مصدر الأصوات
وما إن فتح بابا حتى رأى قطعانا كبيرة من الخيل والبِغال, الجواميس
والإبل, ومختلف أنواع الحيوانات. فلما رأته تلك الحيوانات
إرتفعت أصواتِها
وعلا ضجيجها, فأرتاع من ذلك وانصرف مشغول البال ...
ثم رأى مجلسا واسعا أمامه مُباشرة, قد بثت فيه الارائك
وبسط على أرضه السجّاد التُركي البديع فعلم إنه مجلس الضيوف
فدخله ... ووجد فيه ما لذّ وطاب من المأكل والمشرب, فأكل حتى إمتلأ
ثم وضع رأسه على ساعده ونام من شدة التعب ...
سمع حسنُ صوتا أشبه بفحيح الثعابين يهمُس في أذنيه :
قُم قامت قِيامتُك ... إنهض نهض أجلُك
فلما فتح عينيه, وجد نفسه نائما في كُوخ حقير.
وقد إقترب وقت الغروب
وشاهد عجوزا شمطاء مُقطِّبة الجبين, نتنة الرائحة
فضيعة المرأى, بارزة الأسنان, طويلة الأظافر, مكفهِّرة الوجه
تحدِّقُ فيه, وعيناها تقدحان شررا
http://up.graaam.com/uploads/imag-6/uploadb5cf32bc81.jpg (http://www.graaam.com/)
فأيقن بالهلاك, ويئس من النجاة
وعندما أراد أن ينهض, وجدها قد قيدت يديه و رجليه, وسمعها تُقهقه
بصوت كالرعد القاصف ... فأرتعدت فرائصه , وسال عرقه
ولاذ بالصمت
ووقفت العجوز أمامه تُقهقه, وتضحك بصوت مُخيف في سُخريّة و إزدراء
وتوهمه أنها ستُهاجمه, ولكنه ظل مُتماسكا وأمعن في السكوت
ولما لم يبكى ولم يُولوِل ... غضبت العجوز وقالت :
لم لا تبكي وتستعطِفُني ؟
لم لا تتوسلُ إليّ ؟
أما تريد أن أرحمك ؟
اليست بك رغبة في الحياة ؟
أسمِعني بُكائك ...
دعني أتلذّذ بإستِعطافك ...
أطربني بدموعك ...
أشجيني بنواحك ...

يتبع إن شاء الله

سالم الوشاحي
05-08-2013, 08:58 AM
كاتبنا القدير ناجي جوهر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ماأسعدني وأنا أعانق هذه الحكاية أولاً... كتبت وأجدت كما أنت دوماً

شكراً للإثراء الراقئ والمعهود بك ها هنا ... حكاية أقدم لها

عنوان الأمل والصمود...تابعنا خلالها سرد نقي رائع وعمق وبعد يصور الحال

بكل مشاهد الدقة والتفصيل ....وسنكون هنا إن شاء الله لنرى بقية الحكايه المشوقه.

- دمت بألف خير.......سجل إعجابي وتقديري العميق



و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي العزيز سالم الوشاحي
حفظك الله ورعاك
شكرا لمروك الرائع
وللباقة أسلوبك
ولنبل أخلاقك
تحياتي وشكري

رحيق الكلمات
05-08-2013, 11:26 AM
عانقت
اقلامنا
فيض ابداعك هنا
لايزال سردك الممتع يأخذنا لدقة الحبكة وتتابع الحدث
وروعة التشويق
ياترى
ماذا سيحدث بعد ان وقع الاخ بنفس المأزق؟
وهل سيلتقي الإخوان
مع بعضهم
تساؤلات ننتظر اجابتها من كاتبنا القدير
وهل ياترى العجوز الشمطاء ترمز هنا الى الهزيمة
التي اذا سيطرت على الانسان واستولت عليه فقد عزيمته وشكيمته
متابعين معك
وننتظر بشوق بقية الاحداث
تحيتي لك

خليل عفيفي
05-08-2013, 01:10 PM
أخي المبدع ناجي جوهر
أسعدك الله كما أثريت الفكر بثقافتك المتميزة
نقرأ لك ولا نرتوي
كم تمنيت أن أرى مجموعتك القصصية قريبا تنشر لتكون بين يدي دائما
نقرأ وكل جزء يجذبنا لنقرأ الجزء الذي يليه
أدام الله عزك أخي ناجي

ناجى جوهر
06-08-2013, 01:18 AM
أهلا وسهلا بكِ أستاذة رحيق الكلمات
ممنون لمرورك العذب
و لتعليقك الهادف
تحياتي وشكري

ناجى جوهر
06-08-2013, 01:22 AM
شرّفت المنتدى أستاذ خليل عفيفي
وشرّفت كتاباتي بإطلاتك الرزينة
شهادة أعتز بها
فجزاك عني الولي خير الجزاء
تحياتي وشكري أيها البدوي النبيل

عبدالله الراسبي
06-08-2013, 01:26 PM
اخي العزيز ناجي جوهر تسلم على هذا الابداع المتسلسل
نص في غاية الجمال والابداع
ودمت بكل خير وموده اخي الكريم
وتقبل تحياتي

ناجى جوهر
07-08-2013, 12:20 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياك الله أستاذ سالم الوشاحي
كلماتكم دافع قوي يدفعنا لتقديم الأفضل
فطبت وطاب وجودك
ولك مني أجمل الأمنيات

ناجى جوهر
07-08-2013, 12:22 AM
أهلا وسهلا يا أبا نصر
شرفني مروركم
و أسعدني تواجدكم
تحياتي

عباس العكري
01-08-2016, 08:43 PM
التوأم - حكاية شعبية ج8 - الأديب العماني: ناجي جوهر


https://2.bp.blogspot.com/-kzO6svhaU10/V597tHbO-1I/AAAAAAAAEMw/L4QZ32Cl_0QWamlW5l4mOGp76oO-fDjsgCLcB/s1600/%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AA%25D9%2588%25D8%25A3%25D9%2585.png

عباس العكري
01-08-2016, 08:46 PM
من أجمل الروايات المتسلسلة كأجزاء قصصية، تشويق وإثارة.. دام ألقك بهيا..