المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الملتقى الأدبي التاسع عشر للشباب، خصب 8-12 سبتمبر 2013 (تغطية، نصوص)


الملتقى الأدبي
08-09-2013, 10:13 AM
تنطلق صباح اليوم الأحد في ولاية خصب فعاليات الملتقى الأدبي التاسع عشر للشباب والذي تنظمه وزارة التراث والثقافة، حيث يقام حفل الافتتاح تحت رعاية معالي أحمد بن عبدالله بن محمد الشحي وزير البلديات الإقليمية وموارد المياه في قاعة التنمية الاجتماعية، ويترأس لجان تحكيم مسابقة الملتقى هذا العام الدكتور إحسان بن صادق اللواتي وعضوية كل من الدكتورة فاطمة الشيدية واسحاق بن محفوظ الخنجري في مجال الشعر الفصيح، وحمود بن سليمان الحجري وخالد بن نصيب العريمي في مجال الشعر الشعبي، اما القصة القصيرة فتكونت من محمود بن محمد الرحبي وحمود بن حمد الشكيلي.

ويقدم الروائي الكويتي سعود السنعوسي الحائز على جائزة البوكر عن روايته “ساق البامبو”، تجربته في الكتابة السردية، كما يوقع على الرواية، وستقدم الكاتبة منى السليمية قراءة في رواية “ساق البامبو”، وتدير الجلسات الكاتبة هدى حمد. كما سيفتتح معرض تشكيلي لنتاج حلقة العمل في الفنون التشكيلية في قاعة نادي خصب، ويستعرض الفنان أنور سونيا وعبدالناصر الصائغ تجربتهم في هذا الملتقى، كما سيتم تقديم عرض مسرحي لأبناء محافظة مسندم، وضمن الفعاليات الأخرى التي ينظمها الملتقى إضافة إلى القراءات الشعرية والقصصية للنصوص المشاركة والقراءات الحرة، ستقام حلقة عمل في القصة القصيرة يقدمها القاص سليمان المعمري، وحلقة عمل في الشعر الفصيح تقدمها الدكتورة فاطمة الشيدية، وأخرى في الشعر الشعبي يقدمها الشاعر الناقد حمد الخروصي.

ويشارك في الملتقى 44 مشاركا تأهلت نصوصهم للمسابقة وهم في مجال القصة القصيرة تأهل: “حسام ناصر المسكري بنص “نقطة”، وعلي سالم آل فنة العريمي بنص “هل الفرح ولادة متعسرة”، وحمد بن عبدالله المخيني “حفلة موت”، وحسام ربيع محمد الجابري “الحانة الصغيرة”، ومريم الوهيبية بنص “الساعة المصلوبة”، وأحلام بنت أحمد الحضرمية بنص “الرسالة المفتوحة”، وأحمد بن سالم بن عبدالله الكلباني بنص “حقنة”، وأسماء سعيد الشامسية بنص “يَا حُلمُ لقد جئتَ شيئًا فريَّا”، وبدر صالح العبري بنص “هاتف”، وسعاد بنت فايز بن مبارك العلوية بنص “محارة”، وعائشة بنت محمود النقبي بنص “رائحة” وعبدالله بن خميس بن ناصر العلوي بنص “الثياب الململمة”، ومريم حمود اليعربية بنص “البراءة المسلوبة” ، ونوف بنت سعيد خميس السعيدي بنص “نوبة”.
أما في “الشعر الفصيح” فيشارك كل من طلال بن سليّم بن صرّوخ النوتكي بنص “قنينة”، وطفول زهران الصارمي بنص “لا شأن لي فيما أنا”، ومحمد بن سالم بن إبراهيم القاسمي بنص “إليّ .. حنينا إلى المنسيّ في الأقاصي”، وزهراء بنت حمد بن منصور البُحري بنص “المَوتُ العَارِي”، وإبراهيم بن سعيد بن راشد السوطي بنص “السيد الغياب”، وأحمد بن سالم بن عبدالله الكلباني بنص “نُبُوءَةٌ مُؤجلَّهْ”، وأحمد بن حسين الفارسي بنص “العصافير تبكي”، وأشرف بن حمد بن حمود العاصمي بنص “ما لم تعزِفْهُ ناياتُ عاشقٍ للبعيدِ”، وأشرف علي مسعود العوفي بنص “كَالظِّلِّ يَقْبُرنِي الدُّجَى”، والشيماء بنت عوض العلوية بنص “رمل من قصاص”، وجمال عبدالله علي الملا بنص “العشاء الأخير”، وعلي مال الله علي الكمزاري بنص “فلسفة المشاعر”، وفهد بن سالم بن ناصر العويسي بنص “ظلٌ… وبابٌ أخير”، وناصر بن سعيد بن ناصر الغساني بنص “قد نلتقي رغم الفراق” ، ويوسف عبد القادر الكمالي بنص “روايات هدهد”.
وفي الشعر الشعبي يشارك كل من: حُسام ربيع محمد الجابري بنص عنوانه “حضرة الكل” ، وأماني صالح سعيد السعدي بنص “بيوت التيه”، وسليمان بن عبدالله بن ناصر الجهوري بنص “حب الرمي والعيد”، وأحمد بن سعيد المغربي “موت”، وأحمد بن حمد بن محمد الهديفي بنص “كوخ”، وأشرف بن علي العوفي بنص “نزف على سطور الليل”، وحمد بن خلفان بن علي البدواوي ينص “ظل”، وحمود بن عبدالله المخيني بنص “ليل”، وصالح بن علي الحاتمي بنص “أنفاس مرمية”، وعبدالناصر بن سعيد السديري بنص “ليتني أترك دمي”، وعبدالله بن راشد العمري بنص “الانتظار الطويل”، ومحمد بن مصبح المقبالي بنص “تساؤلات المعاناة”، وياسر بن سليم الحارثي بنص “إليه”، ويقظان بن سالم بن علي الشهيمي بنص “دعوة حفل زفاف”، ويوسف بن علي بن محمدالبلوشي بنص “سديم”.

رحمة الحراصي
08-09-2013, 11:02 AM
كل التوفيق أرجوه للمشاركين .. أرجو رفع النصوص المشاركة هنا ليتسنى لنا الإطلاع عليها


شكرا لإدارة السلطنة الأدبية على هذه التغطية الجميلة

الملتقى الأدبي
08-09-2013, 06:28 PM
نصوص اليوم الأول في الملتقى الأدبي التاسع عشر - الشعر الفصيح :

(1)


" لا شأن لي فيما أنا "
لــ/ طفول زهران الصارمي
هدية عيد الميلاد الـ 24 ..

وفي الميلاد
تكثر البركات
تُصفّ العبارات زرقاء
أني نجوت من الموت في ساعاتيَ الأولى
وأني تخطيت موتيَ نيف وعشرون عاما
وأني – إلى الآن - منه نجوت

من أنتِ يا لون الغياب
وصورة التاريخ مهزوما ؟

لا شأن لي فيما أنا
وأنا ؟
أنا لون الغياب
وصورة التاريخ مهزوما

قالوا أتيت ضعيفة في الصيف
سمراءٌ وشاحبةٌ وتلفح وجهكِ نارٌ
ونصفكِ مات قبل البدء

هل تقنعين بنصفكِ المحروق ؟

نصفيَ المحروق معجزتي
تمنيت ... لو قلت شيئا شبيها بهذا ....
ولكني .... بكيت
ومررت صامتة
تُحدث اصبعي الصغرى بنات الطين

واسمكِ ؟
أي معنى لاسمكِ الموشوم بالنسيان ؟

واسمي كذلك
لا شأن لي فيه

سُمّيتُ شيئا يشبه التابوت
للموتى أنا واسمي
ولهدهدات الريح كل حروفه
حاولوا أن يقنعوني أنه اسم عريق
وأنني ما إن أقول طفول
حتى يصفق لي ....
من يصفق لي سوى الموتى؟
أو من بقي من نكبة التاريخ مسحوقا
يكابر جرحه الأبدي
وحدهم موتاكَ يا اسمي يعلمون
من تكون

وماذا بعد يا بنت الغياب؟
قضّيتِ كل سنين عمرك تحلمين وتندبين
وتسكبين على التراب حروفكِ السوداء
ألم تملّي من شتاتك؟
ألم تتصالحي مع ندبة الماضي
لتغتالي صفاتك؟
ألم تتعلمي التهذيب
كي تبقي مصاحبة لذاتك

وحملت نفسي بين أوجاعي
وسرت أخضب الصحو الغريب بلونيَ الشفقيّ
وقلبيَ العاري
لم اقترف شيئا سواه
أما أنا فخطيئة الزمن العقيم

ما كان سوف يضرها أمي
لو أزهقني بالمزيج الأخضر العشبيّ ؟
ما كان سوف يضر والديَ المليء بجرحه
لو ألصق اسما غير اسمي بي ؟
ما كان سوف يضرني
لو لم أشأ منذ البداية أن أكون نبي ؟

الملتقى الأدبي
08-09-2013, 06:29 PM
(٢)


الموت العاري
لـ زهراء البحري

أنَا مَنْ أنَا ؟!
وَحْدِي هُنَا ...
وَحْدِي كَحَرْبٍ بَارِدَهْ
يَغْتَالُ حُلْمِيَ تمْتمَاتُ حَقِيقَتِي
وَتُبِيحُ مَوْتِيَ غُرْبَتِي
إذْ امْتَطِي حُمَّى الخَلايَا الشَارِدَهْ ...
نَضِجَتْ جُرُوحِيَ كَالصَّنَوْبَرِ يائساً
وَنَسَجْتُ مِنْ خَيْطِ المَسَافَةِ بَرْزَخاً
لأُخَبِّئَ المَوْتَ المُعَتَّقَ فِي وَجِيبِ خَطِيئَتِي
كَيْ لَا يُمَزِّقُنِي الصَّدَى
كَيْمَا يَدُ المَجْهُولِ يَخْضبُها الأَمَلْ
كَالظَّلِّ يَقْبُرنِي الدُّجَى
فَأَفِرُ مِنْ لَيْلٍ إِلَى فَجْرٍ خُرَافِيٍّ وَيَرْكُلُنِي المَدَى
* * * * * * * *
مِنْ أَيْنَ أَبْدَأُنِي ؟!
وَحَتْفِي هَاهُنَا
وَهُنَاكَ فِي السَّفَرِ الأَخِيرِ بِدَايَتِي
تَنْثَالُ حَوْلِيَ فِي دَوَائِرَ قَاحِلَهْ
كَسَنَابِلِ العُمْرِ البَرِيئَةِ يَسْتَبِيحُ ضِيَائَهَا فَصْلُ الشَتَاتِ...
عَلَى ضِفَافِ الغَيْبِ رُوحُ خَلاصِهَا مُتَرَهِلَهْ
عَلَّ السَّحَابَ يَسُوقهُ قَدَرُ الرُّؤَى
صَلَّتْ بَنَاتُ قَصِيدَتي
والخُلدُ يَحْمِلُ نعشَها...
جِلْجَامِشُ المَغْمَورُغَازَلَ عُشْبَةً





كَلَقَالِقِ الأَحْلامِ، أَثَّثَ عُشَّها وَهْمٌ تَوضَأَت السِّنُونُ بِمَائِهِ
وَجْهِي كَنَرْجِسَةٍ تَخَطَّفَهَا الجَوَى
مَاضٍ وَتَنْفِثُنِي الدُّرُوبُ المُسْتَحِيلَةُ بَيْنَ طِينِ الأَسْئِلهْ
* * * * * * * *
يَا أَنْتِ، يَا ذَاتاً يُفَلْسِفُهَا التَشَظِّي الزِّئْبَقِيُّ
كَسِنْدِيَانَةِ مَارِقٍ
جَاءَتْ عَلى خَجلٍ، يُلمْلِمُها السَّرَابُ
تَسُوقُهَا عُكَّازَةُ الأَوْجَاعِ
تَنْبُشُ فِي غَوَايَتِهَا خَيَالاتِ التَفَاؤُلِ
وَالغِيَابُ هوَ الغِيَابُ...
جُهَيْنَةُ الآَمَالِ لَمْ تَجْلُبْ فَرَاشَاتِ السَّنَا
مَنْ ذَا وَشَى للرِّيحِ تَنْحَتُ حُلْمَ قَصَّاصِ الأثَرْ ؟
مَنْ حَرَّضَ الصَحْرَاءَ تَعْتَنِقُ البَرَاءَةَ وَالنَّدَى ؟
جَاسَتْ خِلالَ الطُّهْرِ أَشْبَاحُ السَفَرْ
تَتَناسَلُ النَّايَاتُ فِي رَحْمِ الفَراغِ السَّرْمَدِيِّ
تُلَمْلِم ُالضَّوْءَ المُبَعْثَرَ كَالدُّمَى
لَكِنَّ شَهْوَةَ مَوْتِهَا لا تَنْطَفِئْ
* * * * * * * *

وَأنَا الذِي انْسَلخَتْ دُموعُ حَقِيقَتِي مِنْ سَوْأَتِي
مِنْ سَوْسَنَاتِي / أُغْنِيَاتِي / أُمْنِيَاتِي /
رِحْلَتِي البِكْرِ التِي حَمَلتْ سِفَاحاً لَسْتُ أُدْرِكُ مَهْدَهَا
حُبْلَى بِميلادِ العَدَمْ
ثَكْلَى يُرَاوِدُهَا الرَّدَى
تَبْكِي تَرَاتِيلاً، وَأَطْلالاً، وَتابُوتًا، وَدَمْ...






خُدِشَتْ مَلامِحُ عُنْفَوانِ اللازَورْدِ
يَقُودُهَا الكُهَّانُ فِي مَنْفَى الزَّمَانِ كَمُومِيَاءَ
تَفُوحُ رَائِحَةُ الوَهَنْ
وَتأَرْجَحتْ مِثْلُ الشَّرَانِقِ بَيْنَ أَنْيَابِ العَرَاءِ
تَهِيمُ فِي أَرْضٍ تُكَنَّى لا وَطَنْ
تَنْدَاحُ ذِكْرَاهَا فَيَنْسَلُّ الأَلَمْ
حَتَّى تُوَزِّعُنِّي الخَدِيعَةُ فَوْقَ خَارِطَةِ الكَفَنْ...
مُتُمَرِّدٌ نَرْدِي يُلَطِّخُهُ الكرَى
وَنُبوءَتِي الحَمْقَاءُ تَخْنُقُنِي يَدَاهَا لِلأَبَدْ
مَاذا عَسَانِي أَنْ اُدَّثِرَ مِنْ يَبَاسِ الأَمْنِيَاتِ ؟
مُعَلِّقاً تَعْوِيذَةَ الغُفْرانِ فِي عُنُقِ السُّرَى
* * * * * * * *
سُحْقاً لأَعْجَازِ السِّنينِ الخَاوِيَهْ
قَدْ جَرَّعَتْنِي الوَقْتَ ذَنْبَاً مِنْ حَوَانِيتِ الدُّنَى
حَتَّى كَأنِّيَ أَعْصِرُ البَلْوَى فتَهْطِلُ كَالسَّدِيمِ
وَسَافَرتْ قِيثَارَتِي مَوبوءةً
تجْترُّ غفوَتها
تُكابِدُ صَفْعَةَ الأَمَلِ العَقِيمِ
تَصِيدُ حَبَّاتَ النَّوَى المُتَنَاثِرَهْ...
تَتوَسَلُ النَّخْلاتُ غَيْمَةَ عَاشِقٍ
لَكِنَّ شَيْطَانَ الخَطِيئَةِ لا يُهَدْهِدهُ الشَبَقْ
هوَ بَوْحِيَ القُرْبَانُ يَصْلِبُهُ العَنَا
عَبَثاً سَمَاوَاتِي تُوَارِي رَعْشَتِي
فَطَفقْتُ أنْثِرُ فَوْقَهَا مِلْحَ المُنَى
لُغَتِي يُبَعْثِرُهَا مَخَاضُ اليَاسَمِينِ
عَلى رَصِيفٍ مِنْ غَسَقْ ....
المَوتُ العَارِي


للمَوتِ العَاري روحٌ
تَخْشَى أنْ تَعشَق زَنبقَةً سَمْراء
تَذوبُ عَلى مَهلٍ فِي الجَسدِ الأوّلِ، والجَسدِ الآخرِ، والرّعشَةِ بَينَهُما..


للمَوتِ العَاري حَبّةُ قَمحٍ تَائِهةٌ تَحمِلُ كُلّ جِراحِ الأَرضِ
وتَحمِلُ نَهْراً يَجْرِي مُنذُ الأزلِ
وتَحمِلُ بَحْراً يَنسَى فِيهِ النَهرُ المَجْرَى
تَحْمِلُ ما يِفضحُ سِرَّهُمَا

للمَوتِ العَارِي وَجّهٌ
يَتَكَسّرُ فِي مِرآةِ قَصَائدِنا
تَتَشظّى أسْئلَةُ الأَسْلافِ
ويَبْقَى لَمَعَانُ الحِيرةِ فينَا ..

سَأمِدّ الرِيحَ
أَمِدُّ شِتائي للرُوحِ
وأغْزِلُ صُوفاً للمَوتِ العَارِي..


يا مَوتاً مُمْتداً
بَعْثِرْنِي فِي الثَلجِ
وشَرّدنِي كَي يَلِد الليلُ البَاردُ مَوتاً آخرَ
يَغْري الغَيمَ
يَدسّ الشَمسَ عَن الفَوضَى
يا خَمْري
يَكْفِيك هُدوءً شَرْقِيا
أغْرِقْنِي فِي صَحْراءِ الحُبّ..


الحُبُّ هُو المَنفَى
الحُبُّ هو الوَطَن العَبثي
الحُبُّ سَرابٌ حِين يَمدّ الغَيب يدَيهِ
لأجْلِ المَوتِ الغائِبِ والمَوتِ المَولودِ


فيا خمري أَغْرِقْني
لأَغِيبَ
فإنِي مُتعبَةٌ جِداً
أغْرِقْنِي !

الملتقى الأدبي
08-09-2013, 06:29 PM
(٣)

قِنّينَةْ
لـ طلال النوتكي

يَبسطُ الصَّمْتَ، ليتَ عَينَيهِ لَمَّا
يَبسطُ الصَّمتَ تَطْوِيانِ الكَلامَا
وَحدَهُ يَعْصرُ القَداسَةَ خَمْراً
وَيُصَلِّي بِالمَيِّتينَ إِمَامَا
رَاجِفًا، وَالسَّمَاءُ مُنذُ اسْتَفَاقَتْ
وَجَدَتهُ لِعَرشِهَا يَتَسَامَى
قَطَفتْ رِيْشَهُ لِتَرْسمَ مِنهُ
فِي فَرَاغَاتِ حُسْنِهَا الأَنْغَامَا
وإذَا مَا رَسَى بِشَاطِئِ فَجْرٍ
يَلْبَسُ النُورَ أَو يَقدُّ الظَّلامَا
يبسطُ الصّمتَ، والنَّخِيلُ حَكَايَا
عَاشِقَاتٍ تُدَاعِبُ الأَنْسَامَا
وَصُرَاخُ الأَوتَادِ يَشْكُو إِلَيْهِ
-فِي انْكِسَارٍ- مَنْ يَزْرَعُونَ الخِيَامَا
وَعُيُونُ المَهَا على الجِسرِ تَعْدُو
نَحوَ قَلبٍ فِي عَدْوِهِنَّ اسْتَهَامَا
وَأَنِينُ الهَوَاءِ يَرفَعُ طِفْلاً
قَتَلَ السَّهمُ فِي يَدَيْهِ الحَمَامَا
وَضَجِيجُ الثّورَاتِ يُشْهِرُ نَايًا
فَمُهُ الطَّلقُ يُسْقِطُ الحُكَّامَا
وَنَعِيقُ الغِربَانِ وهيَ حَزَانَى
تَتَبَاكَى عَلى دُمُوعِ اليَتَامَى
يَبسُطُ الصّمتَ، كَانَ دَرْبًا طَوِيلاً
سَرَقَتْ كَفُّهُ الخُطَى وَالكَلَامَا
وَضِيَاءُ الشُّمُوعِ يَذْوِي اشْتِيَاقًا
حِينَ يَذْوِي، كَالعَاشِقِينَ القُدَامَى
حَقُّ قِنِّيْنَةٍ تُخَبِّئُ سِرًا
حِفْظُها –الدهرَ- عن عُيونِ الندَامَى

الملتقى الأدبي
08-09-2013, 06:30 PM
(٤)


إليّ .. حنينا إلى المنسي في الأقاصي
ل: محمد بن سالم القاسمي


سافرتَ وحدكَ .. كانَ الليلُ ستّارا
وكانَ قلبكَ فوقَ الجرحِ أنهارا

كـنتَ الغريبَ ولا مدّوا السنا وطنًا
ماذا إذا اقترضوا للموتِ أخبارا

ماذا إذا انكسروا في الماءِ ثانيةً ؟
الماءُ يتلو سنينَ الجوعِ إسرارا

كانوا يباسًا .. بلادُ التّيه تُتعِبهُمْ
حتّى فَجَرْتَ صخورَ التيهِ أنهارا

أكلما جئتُ والعطشى على كبدي
ضربٌ عصاهمْ .. وموسى موقِدٌ نارًا ..

تبجّستْ سبع أعوامٍ تفيضُ دمًا !
قولوا لأمّي فَجَرنا الكـبدَ أنهارا !

أكلما اخترتُ صحراءً ألوذ بها
قالت غريبٌ .. وصكّت دوني الدارا

أنا المفرّق آماد الشقى جسدًا
صُرْنِي إليّ .. أرى في الموتِ أحرارا

الرّيحُ عرّافةٌ قالت نبوءتها
يومًا ستوجعُ شرق الروح أسفارا

يومًا أراك وخلف الجبّ سيّدة
تغلّق الدمع باباً دون من زارا

يومًا وبوصلة الغيّاب ما صدقتْ
ستتبعُ الوهمَ أعمى حيثما سارا


أدركتُ
كيفَ يخبّئ الأموات
في نصفِ المسافة بين أحلامٍ وأحلامٍ
حكايتهم
أدركتُ أن أساور الصحراءِ للمنفى

...

لم تدرك ظلالي أنها ما تابعت إلا الظلالْ
ها كنت وحدي
بيني وبيني لم يحجّ العارفون

السائرون على ضجيج الملح
أتعبهم صداهم
الصدى ملح الجراح
والبحر كان مهشّماً
البحرُ يغرقُ في الدموع
البحر يغرق ...

(أولاً)
تقسمُ المرآةُ أنْ ما شاهدت إلا الصدى
وتعودُ تقسمُ
أنها قد أبضرت خلف الصدى وطناً

(ثانياً)
أنثى تلوّن في الفراغِ خريطةً
الريحُ تشعل نارها
للهاربينَ ...
الرّيح أنثى عند مفترق الكلام

(ثالثا)
هم في الزوايا باردونْ
لا ترتدوا الصحراء
ذاكرةً
ما عاد في الصحراءِ نبضُ

(أخيرًا)
ووحدي ...
ووحدكَ ...
لم تعلمك العجاف السبع كيف توّزع ...
القمح شاخ على السنابل
أنت شختَ على البكاء
أنت
شختَ
على البكاء

الملتقى الأدبي
08-09-2013, 06:31 PM
(٥)

السيدُ الغيابُ
لـ إبراهيم السوطي


يوماً وقد حَضَرَ الغيابْ
والفجرُ عند رَحيلِه تَرَكَ البريدَ وغابْ
وكأيِّ صُبْحٍ جاء يجْتَثُّ الخطى
وكأيِّ صبْحٍ تنحني كُلُّ القِبابْ
وأنا أُدقِّق في ارتجاف الأرض تحتي
في انكسار الغيم بين أصابعي
وأنا أنا
لا بارد لا ثائر
أتفيّأُ الآياتِ في تكوينيَ الأزليِّ
حتى صرت أجهل ما أود بأن أصيرْ
هي هكذا تتحطم الاقلامُ في دمنا وتنحرف السطورْ
** ** **

يوما وقد حَضَرَ الغِيابْ
وبِكفِّهِ تَتَقلَّبُ الذكرى على جَمْرٍ
فَلَمْ تسألْهُ كيف النايُ في عينيه كانَ
وأيُّ ريحٍ صَرْصِرٍ زرعته في أحشائنا قَصَباً يَبابْ
زرعته كالغرباء ورداً في ضلوعِ الصَّخْرِ
يأتينا مُريدا رافضاً وجهَ الحقيقةِ
قال للكلماتِ إِنَّ الأرض أَجْمَل ما تكون على طَريقَتِهِ الفَريدَةِ
فاسْتَفاقَتْ شُرفَةٌ حبلى بِحُضنِ الصبْحِ
تُرْجِعُ عَنْدَليباً نَحْوها كَيْ يُضْبِطَ اللإيقاعَ حَوْلَ الشَّايِ
والكفِّ التي حُفِرَتْ سُطُورَ قصيدةٍ
وجزيرةٍ أوراقُها شِعْرٌ ونَسْمتُها رَبَابْ
** ** **

لمْ نَدْرِ يَوْماً إذْ خَطَرْنا فِكْرَةً في بَالِ فَجْرٍ
رُبَّما يوماً سَنُوقِدُ في شرايين السَّماءِ لَهُ الشُّموعَ
اليومَ صرنا ما اسْتَحلنا أَنْ نَكونَ بِذاتِ يَومٍ
ما الذي قد ظَلَّ؟
لا بَحْرٌ طَويلٌ يُتْقِنُ التَّرتيلَ في خَصَلاتِ فَاطِمَةٍ
وَلا بَحْرٌ بَسيطٌ شَاءَ يُصْبِحُ ذاتَ يَوْمٍ جائِعٍ تُفَّاحَةً في كَفِّ طِفْلٍ
كَمْ نُفَتِّشُ في عُيونِ اللَّيلِ عَنْ مقهى صَغيرٍ فيه يختبئُ الضياعْ
** ** **

أمي تُبَعْثِرُ ياسمين الشَّمْسَ في دربي وأزهارَ القمرْ
وتقول لي نم يا حبيبي
كي تُهاجِمَني كَوابيسُ المَطَرْ
أمي ترتب للمساء دفاتري وملابسي
وأنا أراها تترك التاريخ في جيبي
وتتركني وحيدا في مقاهي الليل
كي أتقمص الغرباء ما بين السكارى والسهارى
أستلذ القهوةَ السوداءَ كي تستلَّ مني العنترياتِ التي
تمتد أطلالا بأرصفة الرخام وفوق جدران الضجر
** ** **

مَرْضى وَفِي يَدِنا القَلَمْ
النزفُ ثارَ وما شَعَرْنا بِالأَلَمْ
مَرَّ الرَّصَاصُ كَغَيْمَةٍ مَا بَيْنَنَا
وَكَأننا بين الرَّصاصِ صَنَمْ
حَلَفَتْ مَصابِيحُ الشَّوارِعِ أَنْ تَصُبَّ لَهيبَها
لكننا..
ذابَ الرَّصيف ولَمْ تُحِسُّ به القَدَمْ
مَرَّ الزَّمانُ وكُلُّ آمالِ المَدادِ بِأَنْ يِمُرَّ بِه الزَّمانُ
يمرُّ يسرق ليلُهُ أجفانَه لِيسُدَّ جوعَ الأرضِ
حيث الصمتُ قوتٌ ليس يُغني من عدمْ
فَيَمُرُّ مَطْوِياًّ على ماضِيهِ في يَدِهِ رَغِيفاً مِنْ ضِياءٍ
مثل ليلِ العاشقين يطوف يصرخ
يا حفاةٌ يا عراةُ
يا أنبياءَ الشعرِ يا رسلَ القصيدةِ
ياااا...
لقد مات الكلامُ وماتت الكلماتُ

محمد الراسبي
08-09-2013, 07:54 PM
اجمل تحية للملتقى وللشباب الشعراء والشاعرات والقاصين ، كذلك احتضان خصب لهذه المناسبة بحد ذاته جمال اهذه المسابقة لما تحمله مسندم من مقومات سياحية وادبية وجماهيرية .
كذلك كل التوفيق لجميع اللجان في استمرارية هذه المسابقة ودعمها وعلى رأسها وزارة التراث والثقافة.

الملتقى الأدبي
09-09-2013, 11:27 AM
تتواصل صباح ومساء اليوم فعاليات الملتقى الأدبي التاسع عشر للشباب والذي تنظمه وزارة التراث والثقافة في خصب ، حيث افتتح الملتقى صباح أمس في قاعة التنمية الاجتماعية في ولاية خصب تحت رعاية معالي أحمد بن عبدالله بن محمد الشحي وزير البلديات الإقليمية وموارد المياه والذي قال في تصريح له "اتينا اليوم لنستقبل سفينة الادب والادباء التي حطت ركابها في ولاية خصب في محافظة مسندم العريقة الزاخرة بالأدب والأدباء ليولد الملتقى الأدبي التاسع عشر الذي يضم الادباء والأديبات ليقدموا ابداعاتهم من فنون وآداب بالتشارك مع من هم موجودون في المحافظة".
وأضاف معاليه: إن الادب شيء يتلذذ به الانسان في حياته اليومية وتقوم وزارة التراث والثقافة بجهد جبار بالحفاظ عليه واحتواء هؤلاء المبدعين وجمعهم في بادرة طيبة كالملتقى الأدبي الذي يتنقل سنويا من محافظة الى أخرى لإظهار ما تحتويه المحافظة من آداب عن الأخرى.

الافتتاح
بدأ الملتقى بكلمة لوزارة التراث الثقافة القاها سالم بن جمعة البهلولي مدير دائرة الآداب والفنون ـ رئيس اللجنة المنظمة للملتقى رحب فيها بداية براعي الحفل والحضور وقال : ها هي سفينة الملتقى الأدبي ترسو مرة أخرى على ضفاف مدينة خصب .. هذه المدينة الجميلة التي يمتزج فيها الماء بالصخر تحتفي اليوم باحتضان الملتقى الأدبي للشباب للمرة الثالثة بعد عامي 2001م و 2007م ، والذي يضم كوكبة من الشباب العماني المبدع في مجالات الشعر والقصة والفن التشكيلي.
وأضاف "البهلولي" .. يعتبر هذا الملتقى أحد أبرز المحطات الفاعلة في مسيرة الحركة الأدبية بالسلطنة ، حيث استطاع عبر السنوات الماضية أن يرفد الساحة الأدبية بالعديد من الأسماء الشعرية والقصصية التي انطلقت من بوابته إلى فضاءات الإبداع الرحبة ، وينبع الحرص على إقامة هذا الحدث الثقافي الهام سنويا تفعيلا للحراك الثقافي بالسلطنة ، وتجسيدا للرعاية والاهتمام الذي توليه وزارة التراث والثقافة للشباب المبدع في مجالات الأدب والفنون ، وذلك من خلال إتاحة الفرصة له للتعبير عن تجربته الإبداعية في الشعر والقصة والفنون التشكيلية ، كما يتيح هذا الملتقى للشباب فرصة الالتقاء والتحاور وتبادل الخبرات في تلكم المجالات بما يحفزهم نحو مزيد من التألق في سماء الإبداع .
وحول هذه الدورة قال رئيس اللجنة المنظمة : يتكــون المشهد الثقافي لفعاليات الملتقى في هـذه الدورة من جانبين : الجانب الأدبي ويتمثل في مسابقة الملتقى الأدبي في مجالات الشعر الفصيح والشعبي والقصة القصيرة والتي تأهل للمشاركة فيها خمسة عشر نصا في كل من مجالي الشعر الفصيح والشعر الشعبي وأربعة عشر نصا في مجال القصة القصيرة ، حيث سيلقي المتأهلون نصوصهم الإبداعية أمام لجنة التحكيم وستقوم لجنة التحكيم مشكورة باختيار أربعة نصوص فائزة في كل مجال .
وأضاف: وبهدف صقل الموهبة الإبداعية لدى المشاركين سيتضمن الملتقى كذلك حلقات نقاشية في مجالي الشعر والقصة يحاضر فيها نخبة من الأسماء المتحققة في هذه المجالات. كما يحظى هذا الملتقى بتعاون كريم من اللجنة الوطنية للشباب والتي ستسهم في إثراء فعاليات الملتقى من خلال استضافة الروائي الكويتي الشاب فهد السنعوسي الحائز على جائزة البوكر حيث ستتاح للمشاركين فرصة الالتقاء به والاستفادة من تجربته الإبداعية.
أما الجانب الثاني فهو المجال الفني ويتمثل في حلقة الفنون التشكيلية التي ترافق الملتقى الأدبي سنويا ، والتي ستكون هذا العام في مجال النحت على الخشب ، حيث يشارك فيها مجموعة من الفنانين التشكيليين الشباب من مختلف مناطق السلطنة ويشرف عليها نخبة من الفنانين ذوي الخبرة الفنية في هذا المجال ، وقد بدأت فعاليات هذه الحلقة منذ أسبوع وستختتم مع نهاية الملتقى بمعرض لنتاج هذه الحلقة، وسيكتمل هذا المشهد بعرض مجموعة من الأفلام العمانية القصيرة ؛ ليجسد هذا الحدث صورة مشرقة من ملامح الاهتمام الذي توليه الحكومة الرشيدة لبناء جيل عماني يستمد قيمه من رصيده الحضاري ويتطلع نحو المستقبل بروح وثابة نحو الإبداع في مختلف مناحي الحياة .
لحظات إبداعية
بعد ذلك القى الشعراء زيد الشحي والشيماء العلوية نصين شعريين بمناسبة بدء فعاليات الملتقى الأدبي ، عقب ذلك تم عرض فيلم حول الملتقى استعرض بعض التفاصيل والفعاليات المقامة في الأعوام المنصرمة ، بعدها قام راعي المناسبة بالتجول في معرض الإصدارات المصاحب للملتقى.
اولى الجلسات
بعدها بدأت اولى جلسات القراءات للمشاركين والتي ادارها الشاعر حمد الخروصي ، بحضور الدكتور إحسان صادق اللواتي رئيس لجنة التحكيم ، وبدأت القراءات بالشعر الفصيح الذي حضره إلى جانب رئيس اللجنة الدكتورة فاطمة الشيدية والشاعر إسحاق الخنجري ، وقد قرأ في هذه الفترة كل من الشعراء طفول بنت زهران الصارمية وقد القت قصيدتها "قصيدة لا شأن لي فيما أنا" ، و طلال بن سليم النوتكي ونص "قصيدة قنينة" ، ومحمد بن سالم القاسمي ونص " قصيدة إلي .. حنينا إلى المنسي في الأقاصي" ، وزهراء بنت حمد البحري ونص "الموت العاري" ، و إبراهيم بن سعيد السوطي ونص "سيد الغياب" .
وفي الجلسة الثانية بدأت قراءات القصة القصيرة بحضور اعضاء لجنة التحكيم القاص محمود الرحبي ، والقاص حمود الشكيلي وقد قرأ في هذه الجلسة كل من حسام بن ناصر المسكري والقى نصه بعنوان "نقطة" ، وأحمد بن سالم الكلباني نص "حقنة" ، وحسام بن ربيع الجابري نص "الحانة الصغيرة" .
وفي الجلسة الثالثة والمخصصة للشعر الشعبي القى بحضور لجنة التحكيم المكونة من حمود الحجري وخالد العريمي كل من الشعراء صالح بن علي الحاتمي ونص "أنفاس مرمية" ، وأماني بنت صالح السعدية ونص "بيوت التيه" ، وأحمد بن سعيد المغربي ونص "موت" ، وأحمد بن حمد الهديفي ونص "كوخ" ، وعبدالناصر السديري ونص "ليتني اترك دمي".
حلقات العمل
وتتواصل مساء اليوم قراءات المشاركات في المجالات المختلفة ، كما تقام حلقات العمل في الكتابة الشعرية والتي يقدمها في الشعر الفصيح الدكتورة فاطمة الشيدية ، وفي القصة القصيرة القاص سليمان المعمري ، وفي الشعر الشعبي الشاعر حمد الخروصي.
السنعوسي يقدم البامبو

كما تقيم اللجنة الوطنيّة للشّباب اليوم في إطار تفعيل دورها في المشاركة في فعاليّات القطاعات المهتمّة بالشّباب فعالية تتمثّل في مشاركة اللجنة في الملتقى باستضافة القاص والرّوائي الكويتي سعود السنعوسي الحائز على جائزة البوكر عن روايته "ساق البامبو" ، حيث من المقرّر استعراض تجربته السّرديّة في حوارٍ مفتوح مع الشّباب، تُدير الجلسة الكاتبة هدى حمد، كما تتطرّق بعد ذلك وفي محورٍ آخر الباحثة منى السليمية إلى إضاءة الرواية نقديًّا من خلال ورقتها المعنونة بـ ( أسئلة الهويّة وصور الاغتراب في رواية ساق البامبو)، حيث ترصد الورقة صور الاغتراب التي حصرتها الباحثة في: الاغتراب المكاني، الاغتراب الزّماني، الاغتراب الذّاتي، الاغتراب الاجتماعي، الاغتراب الدِّيني، الاغتراب اللّغوي، الاغتراب السياسي، وأخيرًا الاغتراب الفنِّي وتقنيّاته.

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 01:49 PM
نُبُوءَةٌ مُؤجلَّهْ " ...
لــ / أحمد بن سالم بن عبدالله الكلباني


-1-
على الوجع المنسي تمشي
،وتصطفي .. به وطناً ! ..لو شئت؛ لاخترت سرمدا .

ولكنك استهديت للريحِ ،
ثم لم ...تقل ؛ أيّ وجهٍ سوف تلقاه أحمدا .

-2-
وكالماء ..
لا ترعاك أرضٌ وغيمةٌ ..
هطلت وحيدا ثم غادرت أوحدا .

تفرُ بك الآلام ،من صدر غيمةٍ
كما فرّ نسرٌ مُثقلٌ يثقبُ المدى

وتنهال كالموتى ..
وتسقط واقفاً
كما خر رأسُ النخل والجذع خلدا.

تمر بك الأحلام نوقاً كريمةً
فكيف تُظلُّ النوقَ ؛ إن كُنتَ أجردا ؟!.

لظلك شأنٌ !،
حين أدرك حظه"على قدر أهل العزم "،طارَ وغردا !!
ولم يبقَ إلا أنتَ ..
صوتٌ مغيبٌ
تأنُّ لكل (الكو..)/وَيطمركَ الصدى!!

-3-
هُنا..
عند لحدِ الصبرِ..
ذا أنتَ هامدٌإليّ بأنثى !!،ربما تجلبُ الـ " غدا "!).


هنا ..لم يعد للموت معنى
ولا يدٌ...تطالُ ،ولا حتى ارتعاشٌ إذا غدى ،
ولا رغبةٌ للحبّ ، والثلج ..والـ..ـوُرود السماوياتِ !!..،كُلٌّ هنا سُدىْ.

-4-
وقفتُ ملياً:
(أيُّهم مرّ باهضًا ..على جنبات الوادِ يمشي مسهَّدا ؟
فكلُّ غدٍ آتٍ بمهد بدايةٍ ،
وعهدٍ خفيٍّ كان أم لم يكنْ ..
عدا؛
صهيلٍ سماويٍ
نمى حيثُ ما رمى بـ.ـه الله ..في قلب النهاياتِ.." مسجدا" )..!.

-5-
كأني أراه الآن .. موسى وأمُّه !
على اليمّ تتلوهُ الوصايا ،تَهَجَّدَا .. معاً ،
ثم هاج الماءُ غادرَ واختفى..

نَسوهُ بياضًا حين ظنوه أسودا !!!.
-6-
وهذا حُداءُ الريحِ قربك مُتْعبٌ
لتنصتَ..:
"هل أصغيت يومًا إلى الردى ؟!

دعولي هنا المنفى ..لوحدي أعوله
لرُّبَ يدٍ إنْ أُهلِكتْ .؛أورقت يدا "

-7-
نبياً .. يصلي الله
، يكشفُ جرحهُ ..
يبللهه حزنٌ ويغسله الندى !

تمرُ عليه النوقُ ..يا حزنَ قلبِه
بها وطنٌ ..،
أُنثى ..،
غدٌ ..، شاقَ أحمدا !!.

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 01:50 PM
العصافير تبكي
لـ أحمد الفارسي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العصافيرُ تبكِي
الهواءُ خفيفٌ كقلبي
ثقيلٌ كمروحةٍ
تفتحُ الريحَ للخارجينَ مِنَ الذكرياتِ

العصافيرُ تبكي
خرجتُ مِنَ العمرِ
كنتُ أحدِّقُ نحوَ البعيدِ
هناكَ مَسيحٌ يطاردُهُ قَلْبُهُ

قَالَ لي :
يَا صديقي الحياةُ هُنا ميتةْ
لَا الشوارعُ تؤنِسُ غُرْبَتَنَا
والأغانِي تَقُودُ خُطَانَا إلى موتِنَا
يا صديقي ...
الحياةُ هُنا ميتة

قلت : أَينَ الطريق إلى أيِّ حبٍّ
رَأيتُكَ تَحْفِرُ فِي القَلْبِ
عَلَّ فتاةً تُقاسِمُكَ المَوْتَ

قُلْ لي إلى أين نَذْهَبُ
والموتُ يَصْطادُنُا
دُونَ أنْ نَسْتَعِدَّ له في الشّراشِفِ

يا صاحبي
مُذْ عرفتُ الحقائقَ والقلبُ يخفِقْ
لماذا ظهرنا ؟ لماذا ظهرْ ؟
ولماذا أتينا إلى عالمٍ
ليس عالمنا المنتظرْ ؟


قال لي :
يا صديقي الحياةُ هُنا ميِّتَة
كُنت تشبهني قَبْلَ حينٍ ..
وكنت أَنَاكَ التي ثَقَبَتْهَا الرّياحُ
فأصبحت طيفا خفيفاً ...
أطيرُ .. أطيرُ .. وأنقصُ أكثر ..

قلتُ : العصافيرُ تبكي
الهواءُ خفيفٌ كقلبي
ثقيلٌ كمروحةٍ .. تخنِقُ الروحَ
تخنِقٌهَا ..

يا صديقي
لا أستطيعُ التحورَ ..
تحتي ريحٌ
تُدَغدغُ أوراقَ عُمري وتقطفُهَا ..

في الربيعِ ..
إلى أين نَمْضِي ؟

أكنتُ الذي كان يبحثُ عن صوتِهِ
في شقوقِ القصائدِ ؟
أم في دموعِ الكمنجةِ ؟

كنتُ الذي سوف يخفقُ في الجانبينِ
ويخسرُ نفسَهُ ؟

كنتُ الذي يستعدُّ لأن لا يكونَ نبيذاً وخبزاً
لجيلٍ يَنَامُ حَزِيناً على الأرصفة ؟

أكنتُ الذي لم تكنْهُ
على حافةِ الأبديةِ ..
كيفَ سقطتَ وَلم تلمسِ النارُ جرحَكَ ؟
كَيفَ تعبتَ مِن الخوفِ ؟

قال : الحياةُ هناكَ ..
هُنا فيك نارُكَ ، فِرْدَوْسُكَ الأزليّ ، إلهُكَ ..
كُنْ حَيْثُ كُنْتَ وراءَ الحِجَابِ
وغادرْ عَنِ القافلة ..

قلتُ : العصافيرُ تبكي
الهواءُ خفيفٌ كقلبي
ثقيلٌ كمروحةٍ تستعدُّ لتُطْفِئَ شاعِرَهَا
في سُباتٍ طويلٍ ..

بطيءٌ أَنا مِثلَ رَمْيَةِ نَرْدٍ
إذا ما انتبهتُ لموت أقلْ ..

على حافةِ الأبديةِ أصرخُ
لستُ أقلْ ..

أسيرُ وحيداً ..
أَرى أَخِيَ الطفلَ يركبُ دراجةً
وَأَرَاني بهِ أتذمرُ من شارعٍ ضيقٍ
لا يؤدي إليّ ..

سقطتُ مِراراً ..
أَنَا مَلِكُ الإنتكاسَةِ
لو تَجمعينَ عِظامِيَ لانْحَسَرَ الوقتُ
بينَ الكلامِ الذي سوفَ أَنطقُهُ
بعد حينٍ وبينِي ..

أماميَ عشرونَ موتاً
ورائِي ثلاث وعشرونَ موتاً
ولا أستطيعُ التقدمَ أكثرَ
لا أستطيع التراجع أكثرَ ..


يا لُغتي
أَسْعفيني لأهرُبَ من فتنةِ القالبِ المتكدسِ
بين ثواني الدقيقةْ ..

ويا لُغتي
أسعفيني لكي أعرِفَ الجوهريّ
من الموتِ ، من لسعةِ الذاتِ
حينَ تُنادي تعالَ هُنا خَلفَ هذا الجدارِ
وقُلْ ليَ .. أينَ الحقيقةْ ؟؟

أَماميَ عشرونَ موتاً
ورائي ثلاث وعشرون موتاً
ولستُ أرى فكرتي الآنَ إلا عشيقَةْ ..

خسرتُ من الحبّ أكثرَ مما ربحتُ
ربحتُ من الحبّ أكثرَ مما خسرتُ

أقولُ لنفسي :
تعالي لنشربَ كأساً من الحلمِ
كي يصبحَ القلبُ أخضرْ ..

تقول : تعالَ ...
فتربكني فوقَ أَنْفِي ذُبَابَةْ
كأنّ الزمانَ توقفَ والقلبُ يفتحُ بابَهْ ..

أَسِيْرُ ..
كأني ملاكٌ كئيبٌ يطلُّ على قدرٍ ناقصٍ
وكأني نسيتُ ولا أتذكرْ ..

وراء الجدارِ
أرى شَجَرَ الموتِ يكبرُ أكثر ..
يقول : تعال لكي نهربَ الآنَ منكَ ومني
تعال ..


أقولُ : العصافيرُ تبكي
الهواءُ خفيفٌ كقلبي
ثقيلٌ كمروحةٍ .. ليس أكثر ..


رمادٌ هو القلبُ
واللهُ يرفعُ آلامَهُ فوقَ ظهري

[ تخرجُ أمي من البيتِ
تنظرُ في دفتري
وترى دمي الآنَ يسكبُ في الطاولة ]

تقولُ : بُنيّ الحياةُ الحياةُ أمامَك
دعْ عنكَ شعرَكَ واصْعدْ إلى التلِّ
قلتُ : العصافيرُ ترشفُ من أضلُعِي
حين أصعدُ وحدي إلى اللهِ ..
قالت : وَكيفَ ستأخذكَ الريحُ ..
تلك الفتاةُ يفتتها الحزنُ
قلتُ : هُنا عدمٌ أزرقٌ للعناقِ الطويلِ
سنبكي معا ثم ننسى ..

رمادٌ هو القلبُ
والطيرُ ينقُرُهُ من بعيد ..

[ تدخلُ أمي إلى البيتِ
تنسى .. وتنسى ]

أسيرُ على الريحِ وحدي
أرى وردةً في الجوارِ
تَئِنُّ مِنَ الزمنِ المتدفِقِ فينا ..

أرى جسدي يتقاطَرُ فوقَ البلاطِ
وأبكِي ..


تعبتُ من التعبِ المتكرّرِ يا صاحِبِي

لَيْسَ لي أَمَلٌ في الشفاءِ من الوهمِ
قبلَ القيامةِ ..
لا أستطيعُ الخروجَ من المسرحِ البرزخيِّ
هنالكَ فوقَ السماءِ القصيرةِ
خيطٌ يحركنا كالدُّمى ..

تعبتُ مِنَ الحزنِ
تلك السعادةُ ناقصةٌ
والمرايا تعذّبُنِي
في الطريقِ إلى اللمحةِ المطلقةْ

لَيْسَ لي قدر الحالمين
أرى ولدي يستعدُّ لرحلتِهِ
ويسافِرُ .. لا ريحَ ترجع
للريحِ يا ولدي
قلتُ : كن مثلما تشتهي
فلنا في الحياةِ قصاصٌ
لنا في القصاصِ حياةٌ
لنا ما لنا ، ولنا ما لنا ..

كنتُ طفلاً يراقِبُهُ الموتُ
كانَ المَلاكُ يعد طقوسَ الوفاةِ
وكنتُ أراقِبُهُ في سكونٍ قلق

لا تسلْ عن أبيكَ
وسافِرْ مع القادمين من البيدِ
تعرفُنِي ..سوفَ تعرفُ سربك..

لا تنسَ أمّكَ
في عينِها سَتَرَانِي
ألمّعُ أحلامَكَ المنتقاة ..

ولا تنسَ نفسَك
كن واقفاً كأبيكَ
وكن نرجسياً إذا ما أردتَ الهزيمةَ
كن من تكون ..

متى سوفَ تأتي
متى سوفَ أعرِفُ نفسِي

أَسيرُ على الريحِ وحدِي
أَرَى قلقي يتصاعَدُ فوقَ الدقائِقِ
والذكرياتُ القديمةُ تثقبُ ذاكرتي ..
يتسربُ منها :
سرابُ الولادةِ
خوفي من البحرِ
دقاتُ قلبي أمامَ الرسائِلِ
طيفي القريبُ
هروبي من الجنِّ
"طيفورُ" يصرخُ في العمقِ
سورةُ يَاسِينَ
رائحةُ الكسلِ المتدافِعِ
صوتُ الفتاةِ الغريبةِ
ضيقُ المرايا ..

أَسيرُ على الريحِ وحدي
أرَى مَن هُناكَ
الأساطير تسجُدُ لِي ..
وأرى الأصدقاءَ يغنون :

[ أَيُّها الطّبّاخُ
هَلْ تطهُو كمالاً للبشرْ
غرةُ الأكوانِ قِدْرٌ في يَدِيكْ
وَالوجُودُ المحضُ طعمٌ للعِبَرْ

أَيُّها الطَّبَّاخُ
هَلْ تَطْهُو كمالاً للبشرْ .. ]

فأُجيبُ : أَنَا مَنْ أَنَا !
لَيْسَ غيري سِوَى صُوْرَتِيْ
تفتحُ الدربَ نحوي

يقولون : لستَ سواهُ ..

أقولُ : العصافِيُر تبكي
الهواءُ خفيفٌ كقلبي
ثقيلٌ كمروحةٍ لا تدورُ ..

تدورُ ..

ولكنني ..
سوفَ أرحلُ وحدي وراءَ الجدارِ
وأنسى وأنسى ..

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 01:51 PM
ما لم تعزِفْهُ ناياتُ عاشقٍ للبعيدِ
لـ :أشرف بن حمد العاصمي

أراكِ واجهةَ الأسماءِ في خَلَدي​
​​أنتِ الشذا الوالهُ المزروعُ في كَبِـــــــــدي
حفرتُ اِسمكِ في روحي فأتعبني​​
أنّي أُبعثرُها في لوحةِ الجســـــــــــــدِ
صداكِ ظلّي .. وترنيمُ المسافةِ هلْ
​ ما زالَ ينحتُني وهمًا إلى الأبــــــــــــدِ؟!
نفضتُ كلَّ سلالِ العشقِ .. فانتثرتْ
زيتونةٌ بَعثرتْ أشلاءَ مُرتَعِـــــــــــــــــــدِ
زرعتُ ليلي بحبّاتِ الظّلامِ فلـــمْ
تنبُتْ سوى شجرةِ الأوهامِ والسَّهَـــــــــــــدِ
كُلّي ذَويتُ على كُلّي .. وها زمني
طاحونةٌ خبزَتْ من قمحِها جَلَــــــــــــدي
أطوفُ حولَ رحاها هائمًا كَلِفًا
سبعًا وما في خلايا الروحِ من أحـَــــــــدِ
إلاكِ أنتِ .. ربيعَ الوردِ سيّدتي
يا مَنْ "تَعُضُّ على العنّابِ بالـــــــــــبَرَدِ"
أراكِ وحدَكِ قنديلا يُؤثّثُني
بالضوءِ يا لغةَ الأضواءِ في أَمـَـــــــــــــدي
وردتُ حوضَ الهوى .. يا خَمرةً سُكِبَتْ
مَنْ ذا يذوقُ الهوى يومًا ولم يَــــــــــــــــرِدِ


سألتُ عنكِ مواويلَ الحُداةِ فلمْ
أسمعْ سوى نايِ قيثارٍ بَكَتْهُ يــــَـــــــــدي
عشرونَ ضلعًا تئنُّ العمرُ هدهدَها
يا طفلةً بعدُ لم تُفطمْ منَ الرَّغـَــــــــــــــدِ
هُزّي بجذعِ حنينِ البيْنِ وارتقبي
أن يهطلَ الحبُّ إعصارًا على البلـــــــدِ !
أراكِ في الأمسِ .. في أدغالِ أزمنتي
أعيشُكِ الآنَ .. أنمو فيكِ نحوَ غـــــــــدي
قد كنتُ أحسبُني أسْطِيعُ أدفنُه
نزفي .. وها أسفًا خارتْ قُوى الأســـــــدِ
ما حيلتي إذ أمرُّ الآنَ مُنكفِئًا
وحدي أهيمُ بلا أهـــلٍ ولا ولــــــــــــــــــدِ
كوني دليلًا يقيني حرَّ أرصفتي
فأنزوي عن دروبِ الهمِّ والكَمـَــــــــــــــــــدِ
إنّي ظَمِئتُ .. تعالَيْ غيمتي خبَبًا
إني انتهيتُ.. ألا تأتينَ يــــــــــــــــــــا مَدَدي
ناديتُ طيفَكِ .. قولي لم تَرَيْ شفتي
ممّا صرختُ ظننتُ الكونَ فـــــي رَمَــــــــــدِ
يا أنتِ كلّي اشتعلتُ الآنَ في لغتي
شُدّي خيوطَ المُنى بالحُلمِ واتـــّـــــــــــــــقِدِي

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 01:52 PM
رمـلٌ من قصاص ~
لـ : الشيماء العـلـوية


صباحكَ
أنثوياتٌ
تعـيدُ تكوّرَ الكلماتِ
~ دأب النّشأةِ الأولى ~
وتمسحُ عنْ جبينكَ
لعـنةَ الآثامِ
وهي تبثّ في الجسدِ الطريقةِ
رفَّةً التكوينِ ،،
فاصعـدْ
منْ تراتيلي
ومنْ شمسي
ومنْ يتْمي
ومنْ ألواحِ هذا الموتِ ..
لا تابوتَ يجمعُـني من المنفى
وربّـكَ واحدُ !

***

صباحكَ
وجدُ ألفِ إلهةٍ
تشقى يقـينًا
كـلّما فـرّتْ منَ الأزلامِ
أقدارُ النهاياتِ
امّـحـينَ مسافةً زرقاءَ
يلتبسُ الغـناءُ على مفاتنها
لـيُسلمَـكَ العـراءُ على طريقـتهِ
فَـتنفـذَ ُ
منْ وُجُـودِكَ
في أعالي الريحِ ..

" ياااااا ألله
يـقـتلني تعـددكَ
احتملني منْ مراياكَ
​​ اكـتفـيتُ
بوجهكَ المنحوتِ
في زمني إليكَ /
إليكَ .. إني
​عائدُ ! "

تعـودُ ..
تُعـيدُني الأسماءُ للأنحاءِ /
لا أمسٌ يعـودُ منَ الفـناءِ
ولا غـدُ


***

خطايا
كـيفما نبيضُّ منْ موتٍ إلى موتٍ ،،
خطايا
كيفَ نجـترحُ الغمامَ وضدّهُ
لـنكونَ ،،
نحنُ الأوّلانِ
الآخرانِ
​ الظاهرانِ
الباطنانِ
​​ الواقفانِ على احتمالِ الماءِ
​كيفَ تعـبُّ منْ أوجـاعـنا العـنقاءُ
​كيف تشبّ منْ أضلاعـنا
كـنّا .. وكانَ اللهُ ثالـثـنا / خطايا
و‘المدى المهدورُ’ / والشيطانُ / والفردوسُ / والدّمُ / والجحيمُ / وسدرة المنفى /
خطايا !
أيّ ناسوتينِ يرتكـبانِ لاهـوتًا
ويرتعشانِ
ميلادًا / ندىً / وترًا / خلاصًا /
ألفَ ألفِ مدينةٍ بيضَاءَ
تكبر كالقصاصِ !
وأيِّ مغـفـرةٍ تُـعـيدُ تكوّرَ الكلماتِ
​​~ دأبَ النشأةِ الأخرى ~
لـتخلقَ منْ غـيابي
حضرةً في الكـلّ !
كلّ الأحجـياتِ
إلـيكَ
تصعـدُ
منكَ
يا ابنَ صباحكَ الأبديّ
فالتمسِ الأبابيلَ الحقيقةَ
فـيكَ
أنتَ الواحدُ !

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 01:53 PM
العشاء الأخير
لـ جمال الملّا

النص يسأل ما التأويل ؟ لم أجب...
كانت مطالع شعر الغيب تهزأ بي!!!!!

كان العشاء شهيا،
حول طاولتي
كان الأحبةُ
كان الكأس من ذهبِ!

وقد ذكرت نداء الغيب لحظتها
هزي لتجني لك شيء من الرطبِ

عبرت أحمل موتي ألف جلجلة
حتى تشظى الحواريون في هدبي


وهاا أنا اليوم مصلوب على جسدي
فمن يفسر هذا الشطر للعرب؟!


يضيق بي النص حقا كيف يا لغتي
يحمل الله ارث الغيب في الكتب؟!

أنا وأنت جنوبان انتهت بهما
كل الجهات، وغبنا حيث لم تغب

ألتفّ
اسقط
أعلو نحو خاصرة
لأم درويشة ثكلى بألف صبي

ما بين موتين مرت ألف راعبة
قد زنرتها الليالي الحمر بالشهب



هذا العشاء سيبقى شاهدا بدمي
على يهوذا..على من باء بالحجب

على الذي كان مني، ثم انكرني
هنا ثلاثا، وشج الشك بالريب

من بيت لحم، مضت روحي بلا شجر
و كنت اركض بين الاسم واللقب ِ

وكنت ما كنت نجارا تبيت يدي
بين المسامير أو في حكمة الخشب

يقول لي جبل الزيتون: يا ولدي
اصعد، ودع دمك المقصى على الصّلب




خذني مسيحا، شبيها.. ما تشاء أنا
أنا ابن مريم صوفي، وأنت أبي!

قد غاب نصفي على مرآك منشطرا
حتى بلغتك مشدوها بنصف نبي !!!

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 01:54 PM
ظلٌ ... وبابٌ أخير
لـ فهد العويسي

وحدي وهذا البابُ ...
أمتهنُ الرؤىَ
قـلبٌ شجيٌ في أراجيــحِ الصدى

بابٌ كلونِ الموتِ.
هذا ظلـّـهم ما زالَ بينَ نقوشهِ متجمِّـــدا

أتراهمُ طال الوقوفُ ...
فأيقظوا أشجانهم
حتى أحالتهمْ ندى ؟

لحنٌ يتيمٌ
رفَّ في أقواسهِ
كدخانِ نايٍ في الظلام تبددا



الليلُ أطفأ كلَ سيفٍ راعفٍ
حملوهُ يوماً
وأستباحَ زمردا


رمــلٌ ،
صهيــلٌ ،
رمحُ جدي... في يدي
لو تفتحُ الصحــراءُ باباً مؤصـــدا

الــروحُ باسقةُ المنى ...
لكن هــــذا النورَ في تلك الرمال تقَّيــــدا
***
أتقنتُ ترويضَ السؤالِ
نجوت من هذي الظلالِ ...
وجئتُ جرحاً أوحدا

أحرقتُ ليلَ العاشقينَ ...
بهمسةٍ
وركضتُ والتاريخَ حتى أًجـــهِدا

لــكنَّ هذا البابَ ...
لم يعــرف يدي
من فرطِ ما ألوت بأعناقِ الردى

والآنَ أدفنُ في الرياحِ مدائناً
وأبيعُ رائحةَ النخيلِ
ومابدا
لي عاشقٌ
إلا اشتعلتُ قصيدةً
وعصرتُ عنقودَ الضياءِ موائدا

والآنَ ينهدلُ الصباحُ ...
كشاعرٍ
من كلٍ أقنعةِ المجاز تجرَّدا

شاختْ رؤايَ
وذابَ نَجمٌ غارقٌ...
والحلمُ متكيءٌ على ظلِ المدى

وحدي وظلُ البابِ
والمعنى الذي خرت لهُ تلكَ الشواهقُ سجَّـــدا

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 01:55 PM
" قد نلتقي رغمَ الفراق "
لـ : ناصر الغساني

بيني وبينكِ ألفُ دربٍ من غبارْ
فلتنظري وجهي الحزينَ المستقرّ على رصيفِ الإنتظارْ
يبكي ويستجدي السماءَ لعلّها تُدني اللقاءْ
فلعلّه يأتي مع المطرِ الذي غسلَ الشوارعَ من رفاتِ العابرينْ
ولعلّه يأتي مع القمرِ الذي يُلقي على الشرفاتِ ضوءً من نقاءْ
ولعلّه يأتي كأغنيةٍ فيُغرقُ أرضَ قلبي بالغناءْ

بيني وبينك ألفُ دربٍ من غبار
بحرٌ يسيّجه الضبابُ
وغابةٌ أشجارها بالخوفِ تنبضُ باليبابِ
ورعشةٌ مثل ارتعاشاتِ الظلامِ تمدُّ ملءَ الروحِ أسئلةَ الغيابْ
فيعربدُ الحزنُ المضرجُ بالضياعِ الآنَ في صدري ويخنقني البكاءْ
وتذوبُ في ليلِ المواجعِ مهجتي
وجدائلُ الأحلام تدفنها رمالُ اليأسِ والصمتِ المعلقِ بين جدرانِ السرابْ

بيني وبينك ألفُ دربٍ من غبار
فهناكَ في طُرقِ الجفاءْ
أحلامنا في الحزنِ موغلةٌ تفتشُ عن ضياءْ
لا ماءَ يأتيها ويغسلُ أرضها
من قهقهاتِ الصمتِ من نزفِ الترابِ من العناءْ
لا أفق يهديها الهدى
لتبيدَ من شرفاتِها قلقَ الغبار
لتصيرَ مواﻻً وأغنيةً ترددها عصافيرُ النهار
لتصير نوراً كلّما اشتدت رياحُ اليأسِ وارتعدَ الظلامْ
لتصير ناراً تحرقُ الاوهامَ من وطنِ المحبةِ والغرامْ
وهناك حيث الوقتُ يحرقنا ويحرقنا الحنينْ
علّقتُ ذاكرتي وماضينا وقلبي والسنينْ
علقتُ ظلي والمساءاتِ التي شهدت على أشواقِنا
كم من دموعٍ فوقَ جرحِ البعدُ قد ذُرفتْ وفوقَ الانتظارْ

هذي الحروفُ حبيبتي
تأتي إليكِ مع الدموعِ الصابرةْ
هذا نشيجُ القلبِ تشربه غيومُ القهرِ والحزنِ الطويل
وأظلُّ ما عندي سوى
جرحٍ سجينٍ خلفَ موجِ الليلِ يزحفُ في دروبِ المستحيلْ
وأنا غريقٌ بين أحزاني تُطاردني المواجعُ والهمومْ
تتمزقُ الأحلامُ في قلبي ويصلبني الحنينْ

لا تجزعي يا حلوتي قد نلتقي رغمَ الفراقْ
لا تجزعي إن كانتِ الأقدارُ قد غدرتْ بنا
فغداً يعودُ لنا اللقاء
وتعودُ أحلامُ الهوى ألقاً تُحلقُ في السماءْ
ونعودُ نبدأ ما طوى منا الجفاءْ
فلنا غرامٌ لم يمت
فعلى سماءِ الحبّ سوفَ تضمُنا أحلامُنا
ويطلّ وجه الوصلِ بين دروبِنا
ونعودُ يجمعُنا اللقاءْ
ونعودُ يجمعُنا اللقاءْ

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 01:56 PM
روايات هُدهد (الخفيف)
لـ : يوسف الكمالي

عزِّني قَبْلَ أنْ تُعزِّي ذَوِيَّا


عَزِّنِي قَبْلَ أنْ تُعزَّى عَليَّا ..


عزِّني قبْلَ أن يُريبَكَ وجْهي


بَعْدَ موتي.. يقولُ: قدْ كُنْتُ حيَّا!


مِن معينِ الصحراءِ .. عدتُّ سرابًا


طالما كنتُ في السرابِ نديَّا!


عدتُّ كالتيهِ في قرارةِ شيخٍ


يتوفَّاهُ بكرةً، وعشيَّا


بعدما كان في بنيهِ وصيًّا


رجعَ التيه في صدى "يا بَنيَّا"!


أنَا مَاضٍ.. رغْمَ انْطفَاءِ شُعُوري


أنَا والجِسْرُ والرِّياحُ سَويَّا


ورواياتُ هدهدِ النَّاسِ عنِّي


عنْ جُنُونٍ يشيبُ فِيَّ فَتِيَّا


كانَ يكفيهِ جهلُهُ ما لديْهِ


صرتُ أخْشَاهُ عالمًا مَا لَدَيَّا!


أسْهَلُ العَيْشِ أنْ تَكُونَ جميلاً

تُقْنِعُ الذَّاتَ بالظُّروفِ حياةً


وتُنَادِي بِمَنْطِقِ العّمِ "هيَّا"


وَتَرُ الليلِ، آيةُ الصُّبْحِ، قلبا


نِ.. لكلٍّ شخصيَّةٌ ومُحَيَّا!


لازدواجيَّةِ السرابِ.. بريقٌ


كانحناءِ الفنَّانِ وَهْوَ يُحيَّا


أو كباقاتِ شاعرٍ نَرْجِسِيٍّ


للحضورِ الأنثويِّ المُهَيَّا


آه... مِنْ لعنةِ المظاهرِ، لولا


أنَّها بعضَ بعضِنا تتفيَّا


لاستَعَدْنا من الغُبارِ ثرانا


وَمِنَ البِرْكَةِ استَعَدْنا الثُّرَيَّا!


إن نبضًا أخطوه، يربكُ جسرًا


يثقبُ الريحَ والظلامَ مُضِيَّا


ورواياتُ هدهدِ الناسِ عني


كبطولاتِ طِفْلَةٍ.. (وا عَـلـيَّا) ~!


مُذْ تَحَرَّرتُ من براءةِ صمتي


وأنا -بعْدُ- ما وصلتُ إليَّا !

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 01:57 PM
تتواصل فعاليات الملتقى الأدبي التاسع عشر للشباب والذي تنظمه المديرية العامة للآداب والفنون بوزارة التراث والثقافة في ولاية خصب لليوم الثالث على التوالي حيث يفتتح في العاشرة من صباح اليوم معرض نتاج حلقة عمل الفنون التشكيلية التي انطلقت منذ التاسع والعشرين من شهر أغسطس الماضي وقد خصصت الحلقة هذا العام موضوعها حول نحت وتشكيل الخشب ، وكانت قد شهدت حلقة العمل هذه تقديم محاضرات تعريفية وعروض تقديمية حية في هذا المجل أشرف عليها الفنان ايوب ملنج البلوشي وعلي الجابري حيث تم التعريف بشكل مفصل حول تاريخ فن النحت وعرض أدوات النحت وأنواع الخشب المناسب للنحت وكيفية استخدام الأدوات ، حيث قدم المشاركون دراستهم حول الأعمال المقترحة ودراسة الكتل الخشبية وكيفية استغلالها لإنتاج اعمال فنية سيتم عرضها اليوم في قاعة التنمية الاجتماعية في خصب.
وكانت قد تواصلت صباح ومساء أمس القراءات المشاركة حيث أقيمت في الفترة الصباحية جلسة للشعر الشعبي بدأها أشرف بن علي العوفي حيث ألقى قصيدته "نزف على سطور الليل" ، وحمد بن خلفان البدواوي نصه "ظل" ، وحمود بن عبدالله المخيني نصه "ليل"، وحسام بن ربيع الجابري نصه "حضرة الكل" ، وسليمان الجهوري نصه "حب الرمي والعيد".
اما في الجلسة الثانية والمخصصة للشعر الفصيح فألقى فيها الشعراء أحمد بن سالم الكلباني نصه "نبوءة مؤجلة" ، وأحمد بن حسين الفارسي نصه "العصافير تبكي" ، وأشرف بن حمد العاصمي نصه "ما لم تعزفه نايات عاشق للبعيد" ، وأشرف بن علي العوفي نصه "كالظل يقبرني الدجى" ، والشيماء بنت عوض العلوية نصها "رمل من قصاص".
وفي الجلسة الثالثة للنصوص المشاركة والمخصصة للقصة القصيرة قدمت أحلام بنت أحمد الحضرمية قصة "الرسالة المفتوحة" ، وحمد بن عبدالله المخيني نصه حفلة موت" ، وأسماء بنت سعيد الشامسية نصها "يا حلم لقد جئت شيئا فريا" ، وبدر بن صالح العبري نصه "هاتف" ، وخديجة بنت أحمد الحرفية نصها "يقين".
السنعوسي وساق البامبو
بعدها قدمت الكاتبة هدى الجهورية الكاتب والروائي الكويتي سعود السنعوسي الحائز على جائزة البوكر عن روايته "ساق البامبو" ، حيث استعرض "السنعوسي" تجربته السّرديّة في حوارٍ مفتوح مع المشاركين وصف بداية تجربة السفر إلى الفلبين لكتابة الرواية ، وقال في الجلسة : هناك بعض القسوة في طرح الرواية، لكنها قسوة محب ، كما ان فكرة تحويل الرواية إلى عمل درامي سابقة لأوانها.
وقال "السنعوسي" ايضا : البعض اتهم "ساق البامبو" بأنها كلاسيكية ، وانا أؤكد نعم هي كلاسيكية لأن الموضوع حتم ذلك ، مشيرا الى ان كلاسيكية النص او نخبويته يفرضها النص نفسه لذا حاولت ان احقق معادلة الفهم بين القارئ العادي والنخبة ، وانا حاولت الكتابة باتزان وحرص شديد دون تعقيد مع مراعاة ان اكتب وارتقي بالقارئ، وفي ساق البامبو اجمع الكثيرون بأنها لغة بسيطة وهذه لغتي ولا استطيع الكتابة بغيرها.
واضاف "السنعوسي" : لم يكن احد يعرفني الا المقربون، لذا فإن الجوائز قد لا تكون كل شيء ولكنها مفيدة للكاتب إذا أحسن استغلالها ، وبعد فوزي الكل اشترى الرواية حتى وصلت إلى الطبعة العاشرة.
بعدها قدمت الباحثة منى السليمية إضاءة الرواية نقديًّا من خلال ورقتها المعنونة بـ ( أسئلة الهويّة وصور الاغتراب في رواية ساق البامبو)، رصدت خلالها الورقة صور الاغتراب التي حصرتها الباحثة في: الاغتراب المكاني، الاغتراب الزّماني، الاغتراب الذّاتي، الاغتراب الاجتماعي، الاغتراب الدِّيني، الاغتراب اللّغوي، الاغتراب السياسي، وأخيرًا الاغتراب الفنِّي وتقنيّاته.
حلقات العمل
وبدأت في الملتقى حلقة العمل في كتابة النص الشعري والقصصي حيث اقيمت حلقة عمل الشعر الفصيح تحت اشراف الدكتورة فاطمة الشيدية التي طرحت من خلال الجلسة العديد من الاسئلة كيف تكتب ؟ ، متى تكتب ؟ ، ولماذا تكتب ؟ ومنحت المشاركين فرصة الحديث حول هذه الجوانب ، كما عقبت على الإجابات وقدمت العديد من النماذج المحفزة للكتابة المثالية ، وشاركها في تقديم الحلقة الشاعر اسحاق الخنجري عضو لجنة التحكيم.
وفي الجلسة الثانية اقيمت حلقة العمل حول الكتابة في القصة القصيرة والتي اشرف عليها القاص سليمان المعمري حيث قدم تصوراته في موضوعه بعنوان " كيف تكتب قصة جيدة في خمس دقائق واربع عشرة ثانية" استعرض من خلالها العديد من النماذج ، كما شارك الحضور حول موضوع الدكتور حسن مدن وتساؤله "بعبارة أخرى .. كيف تكتب جملتك الأولى؟" ، وقد تفاعل المشاركون في حلقة العمل هذه بطرح افكارهم .
فعاليات اليوم
وتختتم اليوم حلقة العمل حول الكتابة في الشعر الشعبي والتي يقدمها الشاعر حمد الخروصي مع الشعراء المشاركين في هذا المجال. وفي جلسة أخرى يستعرض الفنانان التشكيليان "انور سونيا" ، و" محمد الصائغ" تجاربهما في الفن التشكيلي في قاعة التنمية الاجتماعية بخصب ، يعقبه قراءات حرة في الشعر والقصة للمشاركين.

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 01:58 PM
النصوص المشاركة في مجال الشعر الشعبي في الملتقى الأدبي التاسع عشر للشباب في ولاية خصب بمحافظة مسندم :

( حب الرمي والعيد )
لـ : سليمان الجهوري

قريبة يالصحاري والسراب بعـيـــد
وأنــا عيوني تشوف اللي بعيد أقرب
كسرني فيك صمتك / والهدوء يزيد
وجبرني حرك وشمسك إلى المغرب
يعاتبني ..! على كثر العتب ما حيد
صـــواب يــــدلني وإن حادني أهرب
ي حظي والهبوب تشد عصـم القيد
هــديت وبح صوتٍ محتنق يضرب ..
على عنقي / وأبل النوح والتـنهيد
م غــيـرك يـــالقدر من شوفتك اشرب
تضوّيني عليه إن قلت لك ما اريـد
وسـفـره أبعد من حدود السماء للغرب

عشانك يالسحاب أخجل
ودونك هالشفق يوصل لرجف الإيد
على حلك وترحالك مداك بعيد
تعال أكحل بك عيوني وأشوف الدرب
تعال أروي لي سكيكٍ نبت فيها الظلام كثير
سكنت بلا شموع أدري
رضيت أحلم على وصلك وأنا صاحي




رجعت أهذي على نار الصباح (وقِيد)
رجعت ألبس دشاديشي وأجر الدرب
ربط بـــمحزمي حب الرمي والـعـيـد
رزفتك واعتزا سيف الرضا يطرب
على شــــــــانك يفز وينحني ويعــيد
وأنا وســــــط الحنين ودمعتي تهرب

رزفتك والتهيت الوقت
بقى صوت الصدى ينزف
رزفت العمر وسنيني
نسيت إن السراب بعيد
على قرب الصحاري
والرمل من خطوتي يقرب
على بعد الحنين
وأشوف اللي بعيد أقرب

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 01:59 PM
" مـــوت "
لـ : أحمد المغربي

إنكسرنا
وإنعكف ظهر المسا
وانجرحنا
وما بقى الا القسى
كم بكوك الليلة أهلك
ما دروا
هالليل يهلك
لا بقايا صورتك
لا صوتك الدافي يجي
لا طيوفك .. لا حروف اسمك تقوم
لا غيوم .. لا مطر .. لا ريح:
تجتاح المكان!!
تنثر عطورك .. أو ترفرف بأحلامك بعيد
كم بكوك ..
ما دروا لموت .. جنحان ويطير
ما يحلق غير مع ريح الغياب
ما أهاب..؟!
وش يحرك كل قطرة دم في عرق السراب؟!
من يرتب ذكرياتك فوق أطراف السنين
قول وين..؟!
أشعل الليلة حنين..؟!
لا سنين .. لا وفا باقي أمين..!!
مـ انفتح لك غير أبواب القدر (بالموت)
وأرسل لي سكوت..!!
لا دفا يشفع لـ بردك يالبكى
من شكى ؟.. وأمسى يرتب لي أنين ؟
هذا وقتك يالجراح
اطلقي الليلة سراح:
لـ الشقى لـ الدمع لـ أحزان وغياب
خبري قبره إذا حضنه يبادلني السكوت
ما بقى لـ الصوت إلا صورته بين السراب
علقي صمتي على جدار العمر بين البيوت
واطلقي حزني من عروقي على ظهر السحاب
واسكبي دمعي على خد الأمل حتى يموت



لا يدينه
لا سنينه
لا وفا
حتى أحلامه يتيمه..
تبكي الضيقة .... سنين
من يرتب ذكرياته لـ الزمان
لـ الأمان .. لـ إحتضارات المكان

من يبلل قبره اللي جف من كثرة بكاه
غيمته شمعة انطفت من مات بأحلامه صبر
ضحكته تحكي على الآذان من آخر لقاه:
للسنين اللي تعرت من ضيا وجه الفجر
عيد ميلاده يتيم وزحمة غيابه سماه
تحجب النور في مدينة انكسر فيها عمر
ما بقى إلا فتات سكوت في آخر صلاه
بلل الطين وهدى للصوت أكفان وقبر

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 02:00 PM
كوخ)
لـ : أحمد الهديفي
كبر عمري كبر حلمي على درب الصعب
صدمت الموت لكن ما هداني للقبور

أخذ عقلي و صرت الشاعر إلي أنسكب
حروفه من كؤوس ألماس وروت أرض بور

تعالي يـ السنين و أرفعي منّك هدب
تشوفي كيف حالي مع جنوني صار عور

أهاذيني أغنّيلي أبعزفني قصب
كثر عزفي لـ أسوار الأماني طاح سور

سجين ف كوخ ما عندي سوى نفسي صخب
من الوحشة رجف رفّ الظلام وطاح نور

طلع فجر الفرح ثمّ نطفى نورة شهب
لحق ألمح شعاعه والفرح إنسان زور

ذبل ورد العمر ثم طاح أوراقة كذب
بعد ما خانت الأيام نحسبها شهور

ترمد جذع حلمي من قبل يوقد لهب
حطبني فاس فقري ما عطى الفلاح شور

أدفّيني ف تابوت الصبر والهم يهب
أخبّيني عن الناس وكلام الناس جور

تقهقة من قفاي أطفال يرموني شغب
حبيبي شاعرك مجنون يحكي للطيور

تركتيني عمر ما عاد تبغينا نحب
أنا المجنون أشرب من عيوني دمع حور

أنا يالي هديتك معطف الحب وذهب
أنا يالي عتقتك من عبودية عصور

نسيتي غاف حارتنا وصندوق الخشب
تضمي داخلة طين الألم شيّد قصور

أنا يالي كفوفي طبطبت كدف السحب
غديت اليوم أصغر من نفافة في بحور

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 02:00 PM
ظـــل
لـ : حمد البدواوي

عـبـث يا ظـلي تـرافـق خــطاي لآخـر المشوار
أنا حـتى الجـسـد لـو كـان بـيـدي مـا يـرافـقـني
تعبت من الضـجـيـج اللي خلافه لحظة استغـفار
تعبت من الحـيـاد / الـصـمت والخـذلان يذنبني
أبطوي الدرب عالق في يديني النعش والمسمار
مـسـافـة بـيـن مـيــلادي ومـوتي اللـي يـراقـبني
وبـتـرك مـا تـيـسـر مـن فـراغ وبـارد الأعــذار
وأجرجر هالخطى لين الطـريـق بصمت يبلعني
أبـا اتـسـوّل بــلادٍ يا ظــلالي والـمـنافـي كــثـار
م بين الـخـطوة للـشـك بعـيـون النـاس يوسـعني
أبا القى لي تراب أرضٍ ولا يمـلك وفا لأشـجـار
عشان ان صرت له وافي بطعنة غـدر يوجـعني
أبا القى لي من آلاف السـكـيك اللي هـناك أحجار
إذا مـا طـاحـت أفــلاكي تـخـاف بـيـوم تجـمـعني
دخيلك يا رمادي وش علي من الحطب والنار !!
شـتـاي أصـدق مـن يدين الـدفا والـبـرد يجرحني
أنا يـا ظـل ما شـفـت الـمـواني تـسـعـف الـبـحّـار
رمـــت للــريـح يـامـالي وأنـا لـلـيــم يــسـمـعـني

تـمـيـلـي يا الـصـواري لـلجـهـات اللـي تريد الثار
عـيـونـك يـا الـمـراكــب مـن رمـدها حـتفها يدني
مـعـي هــذا الجـسـد يا ظـلي المملي تعب وأسرار
عــلـيـه أنـه يـشــيـل اللـي بـقـى مـني ويـرفـعـني
عـبـث أنـك تـرافـقـنـا ، وصـلـنـا آخــر الـمـشوار
بـتـغـرب شـمـسـنا واللـيـل يـركض ، قوم ودعني !

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 02:01 PM
ليــْــل
لـ : حمود المخيني

الـلـيـلَ : سـجْـن الـفَـجِـرْ / طـوّل عَـلـى حبْسه
وأْنا .. و هذي النـــجوم السـاهرة ( أْسْرى ) !

عـلّمنِي النجْمَ ( أرْمسْ ) وْأْشْعِل ( الرمْسة ) :
مــن ذاكـِـرة يــابِــسـة / مـن ذاكِـرة صـفـرا !

وحْــدي مَــع اﻷبْــجَـديّـة . نـلـتَـقـي خِـلْـسـة ..
أبــوحَ . . و تْـبـوح لـي عـن جـرْحَ مـا يـبـرى

أقــرا شُــعــور الــقَـلـم ، لـو بـاحَـهْ لْـ طِـرْسـه
مــا أفـهَـمـه ! لـكِـنْ أْقْـضـي لـيـلَـتـي وْ اْقـرا !

وَ أْسـامِـر الـشـعْـرَ . . بـيـنْ ايـمـاءَةْ وْ هـمْـسة
أخاف يصْحى الحِزن . . و يْصحِّيْ الذكرى !

غَـلـبْـنـي ( الـوقْـتَ ) يـا هـي نكسة النـكْسة !!
كـيـفْ انـْتـصر فـ الكَبيرة وأخْسَر الصُغرى ؟

مـدريْ الْـجِـهـات اربَعة ؟ مدْري بَها خمسة ؟
الـمـوت : خامـس جـهـاتي و الـحياةْ أدرى ! :

بـ انــسـانَ مـثـلـي يـَحـاسـب نـفْـسَـه بْـ نـفـسـه
فـ أخــطــاءَه الــتــافـِهـةْ و أخـطـاءَه الـكُـبـرى

انـسـان . . يـصْـحـى وَ يـومـه أشبَه ْبـ أمسه
يْــعــيــش مــيّــت ! مـ بــيــن أوراقـه الـغـبـرا

الــلــيــل مــا أطــوَلـه . . مـا أطـوَل الـجـلـسـة
مــعْ وحْــدِتــي . . و الــدّموع الــمالِـحـة حـدْرا

وانــا مَــعـي فـي يَـديـنـي لـلأمـل ( غِـرْسـة )
لــكــنّـهـا كـيـف تُـغـرس فـ أرضِـي الـقـفـرا ؟

( تْـطـيـح ) غيمة / ( تُقوم ) أشجارَنا اليبْسة !
و الــغـيـمـة الـواحِـدة مـا تـسـقِـي الـصـحـرا !

مـتـى يِـحـيـن الـشّـرُوقْ وْ نـفْرَح ْبـ شمْسه ؟
وتْــعــود اغــصـانَـنـا و أوراقَـهـا . . خـضْـرا

متى الـفَـرجْ لـلـفَجِـرْ ؟ يـ حْـظـوظَه النحــْـسة
ويْــزفَّ صـوْت الأذان لـْ فـجْـرَنـا . . بُـشـرى

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 02:02 PM
أنفاس مرميه
لـ : صالح الحاتمي

على اعْتابكْ رمىْ بوْجوْه منْسيَّهْ من ارْشيْف الزِّمنْ طاحتْ..على اعْتابكْ
هــنا أنْــفاسِكِ الْبيضـا وِمَـرْميــَّهْ عفرْها تْراْبِ تِرْحاْلكْ... وبغْــياْبكْ:
طمرْ أطْهرْ عروْق تْعيْش مدْميَّه تحتْ رمْل الزمان وْ تنْفظ حْـرابكْ
زرعْ ظلّهْ على أرْضكْ يــَ اِنْسيَّهْ طموْحه يْعيْشِ بسْ يكْبرْ على تْرابكْ
ومنْ طوْب الْحنيْن احْلامِ مبْنيَّهْ جرفْها الْعــرْفِ وَالْقسْــمَهْ وأقْـــرابكْ
ومنْ جرْحكْ تفيْض الذّات مرْثيَّهْ لجلْ تدْلفْ مــعابر روْح أحْــباْبكْ
تضاريس الْغياْب فْــ غيبتكْ حيَّهْ قصيْدةْ ملْح يزْرَعْها على كْتـابِكْ
هدتْ لهْ سنْبلات الْحزْن جوريَّهْ سقاها لبِّ أنْــفاسه مــن اسْــبابكْ:
طفقْ يقْطفْ من الْاوْجاع نفْسيَّه بعد يبْس الضُّلُوعِ وْضيْق أبْوابكْ
تحراك فــ ْ هجير الجرْح لهْ ميَّه ولكنْ ما صدقْ ظنَّه مع سحابك
ربيْع القلْب من صيفكْ بهتْ ضيَّه سجدْ عــ ضْفاف أحلامكْ ولا جابكْ
واذَا هبَّت ريـــاْح الْبعْدِّ غــرْبِيَّه لفظ آخرْ صلاه فْــ نصِّ محْرابكْ
سبرْ بحْر الْفراغ بــْ روح مطْويَّه غشاها البردِ وَالوحده . ويحيى بك:
وحيد وْ ساْفر بــْ أحلامِ مَنْسيَّه حملْها ليْن ما طاحت ...على اعتابك

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 02:03 PM
ليتني اترك دمي ..
لـ : عبدالناصر بن سعيد السديري

مرّني وجهك
من الخذلان لآخر
هـــ الضجيج المر
عشب أسرتنا
وطينك
,سكتك, بابك
من حكايتنا مشيتي الليل ..!
و
عروقي
مقاهي ..
. مثل هذا الحزن
ذابل ..
في فمي ماتت جريدة
قهوتي
مُرّه

أغيب وتسكني ظل الحكي واحتار في أمري
يطير العمر من كف الزمان ولا عرفت أسلاك
يمرون الكلام وتغرسين الليل في ظـهري
أحسك في أساميهم واجيلك و العيون أشواك
لـ السهر أحطب سماك
أخدع الريح بعروقي
بين جفني والتعب
اترك بلد
وأشعل قصيده..
أسألك روحي
كيف مرينا السنين ولا كبرنا
في ملامحنا تجاعيد الطفولة
كلما راح المطر
كلما هـ الشمس غابت
احلم ارحل
وين ما راح المطر
وين ما هـ الشمس غابت

أعيد أحلاك وأيام القصيد البارد فـ صــدري
يسولف لـ الأنا عن قريتي المتبرجة لغنــاك,
عن آخر بردها الدافي! .. ولكن يا عُمر بدري
كبير ي سافر جروحه القديمة واكتشف ينساك
يسير وتخنق الذكرى الحديث وليلها يطري
على باله مثل أول مثل ما كان يتمناك
وتسأله السكيك العابسة: بابــه ؟! وهو يدري ؟!
بأن الحزن مزلاجه.. وتحرجه السنين هنــــــاك
لو تكدس كل هذا الليل في دربي لعطرك
لو خرجتي من حرائق هـ الكلام .. (الرّخ )
لو يصير العمر من بعدك خيام وعابرين
صوتي الشارد ملا كل السنين
مثل ظللك يتبعك لبعد عنا .
يسكن جروحك واسافر
بين اولنا واخرنا
انتهينا
انتهينا ...

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 02:04 PM
سديم
لـ : يوسف البلوشي

نشف ريق الحنين اللي ذبحني ولا قدرت القاك
ذبل وجه القصيد الي كتبته وشاخ من دونك
رحلت ودربك الحيرة / على أرض الوهم مسراك
طفيت اخر قناديل الغرام ورحت بسكونك
طريقك وجهته هذا المدى ، لأقدامك الأشواك
ولي من ذابل الورد بطريقي صورة جفونك
رحلت وللوله فيني مداين كلها تفداك
مرايا الغيم لو طالعت القى صورة عيونك
وانا في داخلي طفلن يحبك لو ندهته جاك
يجيك بلهفة احساسه يجيك ويمسك ردونك
عيون(ن) ماقوت بعدك ومرود كحلها ذكراك
تمنت تهتني شوفك وتينك مرجح غصونك
انا ذاك الوحيد الي تشبث والعمر مرساك
نجا من قسوة ايامه ولكن ضاع ف سجونك
انا ذاك السديم الي تشتت في مدى الافلاك
يبي يتمحور في كوكب ولكن ضاع من دونك
عتيم(ن) زاد طغيانه يسيل ويغمر الشباك
ولكن شمعة احساسي تموت وترفض تخونك
جروحن في وسط صدري تربت من غد ر يمناك
علامك مارضيت انك تجي وتخفف طعونك!

طريقن للشقا خذني طريقن للجفا وداك
على الله تصدق ظنوني وعلى الله تخلف ظنونك
مدام ان الكبر دربك اكيد ان العمر يظماك
لثم عمري سرابك يالغياب ومات من دونك

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 02:05 PM
النصوص المشاركة في الملتقى الأدبي الـ ١٩ مجال القصة القصيرة :
نقطة
لـ : حسام المسكري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"حاذوا المناكبَ بالمناكبِ والأقدامَ بالأقدام، أتمّوا الصفَّ الـ..." يقاطعُهُ صوتٌ عالٍ من آخرِ المسجد: " الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر".
يلتفتُ الصغارُ إلى الخلفِ كاتمينَ ضِحْكَاتِهم، يرونَهُ يتقدمُ نحوهم بدشداشته المغبرّة وهو يهزُّ رأسَه يمينًا وشمالاً، وشعرُه الطويلُ يتحرَّكُ بعكسِ اتجاهِ حركتِه، ولا يتوقف عن الترديد: "الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر" إلى أن يصطفّ معهم. يتجاهله الإمام ويكمل الصلاة.

قبل عشر سنوات وفي نفس المسجد
التَفَّ الصبيةُ حولَ الإمامِ في حلقةٍ لختمِ القرآن. "محمد دورك .. اقرأ". بدأ الفتى الصغيرُ بقراءةِ سورةِ الإخلاص.
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ
كرّرَ السورةَ وهو يهتزّ للأمامِ والخلف:
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ
صرخ به المعلم "محمد! محمد! محمد!" لم يبدي أيّ ردةَ فعلٍ. كان وكأنّهُ في عالمٍ آخر. أكملَ للمرِة الثالثةِ وصوتُهُ يعلو ويرتعشُ أكثرَ فأكثر:
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ
رفعَ المعلّم عصاهُ ليوقظهُ ممّا هو فيه، وقبل أن تهوي على الجسدِ الصغير، يقفزُ محمد من مكانِه ويدورُ مردداً: "اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ أَحَدٌ أَحَدٌ أَحَدٌ أَحَدٌ أَحَدٌ"، ويسقطُ في مكانه دونَ حراكٍ.
"السلام عليكم ورحمة الله" سلم الإمام، وقبل أن يبدأ بالدعاء، يصرخ محمد من آخر الصّف: "لا تصلوا للجدران لا تصلوا للجدران لا تصلو للجدران...."
"أبو محمد شل ولدك من هنا! موه شايفنا كفار ولا يهود يقولنا نصلي حال الجدران" صرخَ أحدُ المصلين بغضب. يذهب أبو محمد إلى ابنه منكسراً : "قوم يا ولدي خلا البيت".
ينهضُ محمد ويكشفُ ثوبُه القصيرُ عن ساقٍ مليئةٍ بالحروقِ والوسوم. يرددُ وهو خارجٌ مع أبيه: "صلوا للواحد كلنا واحد صلوا للواحد كلنا الواحد".
مضت ستةُ أيامٍ منذ سقوطِ محمد في المسجد، قضاها في الفراشِ دون حراك، وفي اليوم السابع فتح عينيه واستوى في مكانه.
"يعقوب يعقوب محمد قام محمد قام!" صرخت أم محمد بفرح. ضمته لصدرها وأخذت تسنشق رائحته بشوق وتغسل وجهه بدموعها: "يا الله يا حبيبي يا محمد لا تودرني ما عندي غيرك!". دخل أبو محمد ورأى زوجته تحتضن ابنها بقوة وتبكي ومحمد ينظر بدهشة لكل ما حوله. "قومي عن الولد بتقتليه خليه ينتفس شوي!"، أبعد أبو محمد زوجته عن ابنها "محمد ولدي كيفك أهون باه تبا تاكل شي؟" بقي محمد على صمته وذهوله.
- محمد محمد ولدي تسمعني؟
- هو.
- أنا أبوك محمد ما عرفتني؟
- هو.
- لا حول ولا قوة إلا بالله ضاع الولد!
ما إن سمع محمد لفظة "الله" حتى فاضت عيناه بالدموع وبدأ بالصّراخ: "هو هو هو هو !"
احتضنتهُ أمّه، وأخذتْ تمسحُ على رأسِه وتقرأُ سورةَ الفلق.
"هذا أكيد جني متلبسنه! شله عند المعلم مبارك".
يُخرج محمد رأسَهُ من بابِ البيتِ بهُدوء، يلتفتُ يميناً وشمالا، يخرجُ من البيتِ راكضاً باتجاهِ البقالةِ الملاصقةِ للمسجد، وقبلَ أن يدخل، يصرخُ أحدُ الصبيةِ المتجمّعين أمام المسجدِ ويلوّحُ له: "محمد محمد تعال معنا". ينظرُ محمد إليهم. يلوح بكلتا يديه ويصرُخُ بفرح: "أصدقائي أصدقائي!". يصافحُ كلَّ واحدٍ منهم بحرارةٍ وفرح ويقول له: "أحبّك".
تتعالى ضِحْكاتُهم فيضحكُ محمد معَهم. ينهضُ أحدُهم من مكانه ويأخذ علبةً من أمامه ويبدأُ بالضربِ عليها. يغلقُ محمد عينيهِ ويتمايلُ يميناً وشمالاً ويبدأُ بالغناء:
مليان قلبي مليان
ويسيل مثل الوديان
أرجوك لا تعذبني
وتروح عني زعلان
يهتز يميناً وشمالاً، والفتيةُ يصفقون له ويضحكون.
هذا الهوى ماحني وباقية رسومه
مقدر أشيل للاسواق واسومه
مليان قلبي مليان
ويسيل مثل الوديان

" يالسفل يا قليلين الأدب! خلو ولدي بحاله! صبروا كان ما خبرت عليكم أمهاتكم!"، تصرخُ أم محمد غاضبة، وتأخذ ابنها من بين الفتية.
"يا معلم مبارك الولد يله أسبوعين من يوم ما طاح وما عارفين موه فيه!".
أنزلَ المعلم رأسَهُ للأرض وتنهد بحزن: "يا يعقوب يا أخوي الّي جاه من حكمة ربك".
صرخ أبو محمد بحزن: "يا معلم راس مالي في الدنيا هذا الولد، ربك ما عطاني غيره! يرضيك يجلس كذا؟!! حتى كلام ما يتكلم ما يقول هُو هُو".
هز المعلم رأسه بأسى وهمس لنفسه : لو تعرف الـ هو !
"جيبه باكر وبوسمه وبإذن الله بيرد يتكلم".

يهيمُ محمد في السّوق. يعبرُ بين الناسِ دونَ أن يُبصروه. يمشي ويضحك، يمشي ويبكي، وكلٌّ في دنياه. تقوده قدماه للسوق القديم. يتوقفُ أمامَ جدارٍ في منتصفهِ نقطةٌ صغيرة. تتسارع أنفاسه. يصرخُ بشوق: "هُوَ هُوَ!". يذهل الناس لهذه الصرخة المفاجئة. يركض محمد متجهاً للجدار. يصطدم به ويسقط. يتهافت الناس ليروا ما الذي جرى: " محمد محمد أنت بخير؟"
ينهض محمد من مكانه كأن شيء لم يكن. ويجيبهم "وهْم وهْم" !
"محمد راسك كله دم!!!"
يبتعد عنهم وهو يردد: "وهْم وهْم" !


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 02:06 PM
هل الفرح ولادة متعسرة ؟
لـ : علي العريمي

كَـ ذبول الزَهرة هي, تهدلت في تربة أيام ٍمالحة. تستيقظ , يوم آخر, كبَاقي الأيام , لا جديد فيه ؛ فالجديد قَد تطايرت حروفه , وتبَعثرت تقَاسيمه.ترفع جسدها عن السرير متثاقلة , الرؤية أمامها ضبابية , كأن الشمس تبعث في أشعتها سوادًا يملأ المكان.
تَرطم وجهها مرات عديدة بالماء. سرحت بعيدا , كوبَ الحَليب أصبح باردا كـالشتاء, وقطعة الخُبز يبست فأصبحت قاسية كَقساوة صباحاتها . بعد صعودها إلى سيارتها , ترمي بالحقيبة على الكرسي الأمامي , فتصطدم بالذكريات, ماضٍ تَعيس وحُب عَجزت الأيام عن حَبله , وأجهَضته مآسٍ وإخفاقات .

فتآة لَم تَعرف الرَبيع يوما , ظلت مُنسَدلةٌ عَلى نفسها , قابعة بَين شَط البَحر والغروب تَرقب الأحلآم الكَهلة.التفتت عن يمينها وعن يسارها لكي لا يرى أحد ما سال عن وَجنتيها, عيناها محتقنتان بالدمع , و وَجهها يَتَلبسه النَدم . فَهي تَرى في الكُرسي الأمامي لَحظات الحادث , صرخة أمها المُدوية وإنطوائها عَلى أخيها الصَغير خَشيةً عَليه , و في المقدمة ترَى أقواس القُزح الرمادية المتشكلة بفعل الإنارة وإختراقها لحبات المطر. تتذكر عجز شفتاها المعلقتان عن اخراج أي نوع من التهكم ضد سائقي السيارات .

تعصف عَليها حياتها من جَديد وتزداد رغبةً في جلد ذاتها لخدمة من تبقى من أسرتها . بعد عودتها من العمل , تحتضن أخاها الصغير, تتفحصه خوفا من أن تكون الخادمة قد آذته .وتنادي بها لكَي تُحضر الغَداء ..

تتَحدث بصوت خافت :
الحياة لَعنة تَلتهم المساكين , تَغمرهم بالبؤس , تَجعلهم مُمَددين بعجز نحو السماء فاغرين أفواههم ,رافعين أياديهم طلباً للرحمة .
ياه كم أرغب بذاك الشيء ! انتحار بريء , كأن أرمي بنفسي في وسط الشارع وأنا أحمل بين يداي مصحف لكي أترك انطباعاً حسنا واحدا على الاقل.
تتفَقد الهاتف لتَجد رسالة من أمير يَقول فيها :

" انتِ أيتها البارعة , المتفانية في خدمة من هم على سكك الرحيل. لم يبرع أحد في ما أجدته من وَأدك لنفسك. أبارك لَك فأنتِ رويدا رويدا تَندفَنين في الرمل , أخوك يَلهوا فَوقك , يَبني بمكعباته رَجلا، ويغرسُ أقَدَامه فَي وَسط الرَمل. نَعم فَي وَسط الرَمل حَيث أنتِ هناك لازلت تتنَفسين . إلى مَتى وأنت تؤجلين زَواجنا ؟ لما هذا الإصرار على جَعلنا مَحرومين ؟ أخوك الذي تَحرصين على التفرغ له سيأتي يوما لن يتفَرغ لك فيه. قفيني يَوما ! عَلِّي أدلك عَلى الفَرح , سَنعيش معا , سَنقتسم تَربيَته... "
تكتب اليه :

"كَلماتك تنسدل علي كَنوبة برد مسائية , كمَطرٍ حمضي, وتهزني كزلزال.أنت لا تريد سوى التمكن مني , تكسبني الحمى وتذهب , تجعلني أتلاشى , وتزيد من رجفتي حين أستقبل حديثك . تكسبني الخوف عوضا عن الفرح , فأنا عندما أستعد للفرح يغضب الحزن و يشُنُ عَلي غاراتّه , فلا أقوى على ردعه ؛ فأنا أفتقر للسور الحصين. نعم ,أفتقر للسور الحصين , فَفي يوم الحادثة كنت ذاهبة لكي أحضر ثوب زفافك . هل ثمة هناك من رَدع عني الكارثة ؟ أين كنتَ أنتَ؟ أين؟. أرني ردك الآن, هزني بكلماتك , فأنت تُبدع في رمي السهام ولكنك لا تستطيع إلتقافها , فاتركني أكفِّر عن خَطيئتي بتَربية أخي عَلِّي أنال الغُفرآن " .
يرد عليها برسالة وهي مُتَكورةٌ عَلى السرير :
"أنثري الرماد عَلى قَلبك, و انطوي على نفسك , وابقي عَلى حافة الهلاك , كخريف عَقيم"

تسقط هنا ,تلتف على نفسها وتنطوي, تتلعثم و تهذي , يرتد بها الزمان , وتلازم الإسفلت كورقة صفراء .
دموعها مالحة , تخبئ وجهها بيديها وهي ساجدة.
تستيقظ بعدها وهي تذرف الدموع على أصوات الغناء والطبول.
ثوبها الأبيض , زينتها , وباقة الورد , على السرير .
تنتهي من الركعتين وتلتفت إلى أمير وهي تقول:
"هل جميع الولادات متعسرة ؟ "
يبتسم وتحظى هي بأول ابتسامةٍ بدون خوف , تأخذ نفسا عميقا , تعوض به عن جميع الأنفاس الضائعة لتتَفتح بعدها كَالزهرة التي ما كاد أن يأتي رَبيعها إلا وأزهرت غير مبالية بما يأتيها من فُصول .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 02:07 PM
الحانة الصغيرة
لـ : حسام الجابري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ

خرجتُ من حانةٍ صغيرةٍ في دُبي .. لم أكن أرى شيئاً مع أنني كنتُ أرى كل شيء .. جسدي أصبحَ مُعرّضاً لأعمدةِ الإنارة المصطفة على رصيفِ شارع 2 ديسمبر .. قدمايَ تحملانني إلى جهةٍ مجهولةٍ في هذا الليل ، وأحسّ بأن قلبي تحرك قليلاً من مكانِهِ .. لقد امتلأ بكميةِ خمرٍ أعلى مما يحتمل ! .. رأسي كان خفيفاً وثقيلاً في آن وأنا أغني وأتذكر جسدَ تلك الراقصة الساحر .. حاولتُ أن أنهض وأراقصها وألمس جسَدها الخفيّ لكن قلبي الصغير لم يكن مستعداً بعدُ لكي يدور حَولها ويصمد أمام فتنتها الصارِخة .. فتنها التي جعلتني أصرخ بكل ما أوتيت من الصدق : الللللللله .. الللللللللله .. الللللللللله!!
لم أكن وحدي الذي صرخَ .. كل مَن في الحانةِ الصغيرةِ كان يحملُ قلباً لا يطيق كل هذا الجذب وكل هذا الصدر النافِرِ في قلوبنا الساخنة .. فمع كل هزةِ خصرٍ تنكسِرُ هيبة الإيقاع وتتلاشى في ثقبٍ صغيرٍ في رؤوسِنا ..

كلهم كانوا يصرخون ، وكل واحدٍ يظن أنها تدورُ حوله وتحدق في عينيه اللامعتين .. حتى أنا كنتُ أظنها -حين تقتربُ مني وتسحب قميصي وتبتعد هاربةً- أنها تريدني وحدي ! لكنها كانت حائرةً على ما يبدو وتطوف حول الجميع وتتعشق الجميع وتهمسُ في أذن الجميع بخلخالها الذي يشهدُ لجسدها نُضجَهُ واحترافه في الرقص الشرقيّ ..!

اشرب .. اشرب يا مُرَاد – قال لي صاحب الحانة
اشرب .. كل شيءٍ في هذهِ الحياةِ مُجرّد وهمٍ إلا هذهِ الخمرة والأنثى التي تتمايَلُ هُناك
اشرب .. ولا تَعْدُ عيناكَ عَنْها ..

شربتُ ما يُقارب عشرة كؤوسٍ بصمتٍ جارحٍ وعينايَ تفيضان بالرغبة والدمع .. لم أسأل صاحبَ الحانةِ عنها ، ولا عن اسمِها حتى .. اكتفيتُ بالحريق الذي أشعلَهُ ماؤها المُتلألئ على أطرافِ جسدِها المكشوفَةِ في قلبي الصغير .. ولا يُطفِئُ ذاك الحريق إلا كأس من مائها الذي لا يمكنني أن أظفر ولو بقطرةٍ منه الآن !

بدأ جسدي بالارتعاش والتعرق والدخول في حالةِ انخطافٍ عميقةٍ ، حتى فقدتُ الإحساس بالأشياء حولي ، ولم أكن أرى إلاها والخمرة ، ولم أكن أسمع إلا خلخالها وصوت مغنٍّ مأخوذٌ ، وأعتقد أنه كان يُغني ويحدق في رفرفة قميصها الحريريّ الذي يحاكي روحَهُ في الغناء .. وصوته كان يتردد في سويداء قلبي : أنا الكاس ، أنا الخمرة ، أنا الشارب المشروب !

مضت ساعة منذ خروجي من الحانة ، والعتمة بدأت تدخُلُ في كل مكان .. وقدمايَ تحملانني إلى جهةٍ مجهولةٍ .. وكنتُ أغني وأبكي ..

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 02:08 PM
الساعة المصلوبة
لـ : مريم الوهيبية

تخترق الشمس نافذة الشاب المضطجع على سريره، لتنبهه بأن الساعة قد تجاوزت السابعة صباحا موعد استيقاظه المعتاد.
يستيقظ الشاب فزعا، يلقي نظرة على ساعة الحائط..
السابعة صباحا .. يبتسم و يشتم الشمس التي أخافته بنورها الساطع المبكر جدا.

كان شابا مهووسا بالوقت حد الموت، ذو قامة طويلة و شعر طويل أيضا، لم يفكر أن يضيع دقائق من حياته ليقصره أو يتخلص منه كليا، كل وقته لعمله و لأوراقه فقط.
نهض من على سريره، و نظر لساعة الحائط مرة أخرى، السابعة صباحا.
كان خائفا من أن يكون قد تأخر في النوم، فلديه اليوم موعد ضروري عند الثامنة، مع صديق قديم يعرفه أكثر من نفسه، و يحفظ تفاصيل حياته كما لو أنها تخصه هو لا غير.
سيقدم له أوراق روايته التي يسرد فيها زمنه الماضي و ذكرياته، و سيكمل معه بضع أوراق ناقصة من زمن لا يعرفه، كان أهمها بالنسبة إليه، وفاة زوجته حينما كان مسافرا في رحلة عمل لم يستطع تأجيلها رغم إلحاح زوجته عليه.
فكيف ماتت و في أي وقت بالتحديد، من المؤكد أنها لم تمت حين رن هاتفه و بلغه صديقه بالأمر, و لِمَ لم يسعفه الوقت حتى يحضر جنازتها، بل لِم دفنت قبل عودته المستعجلة.

يستعد للذهاب إلى عمله، يعد الشاي ليحتسيه في الطريق، يحمل معه أوراق روايته، يلقي نظرة على ساعة الحائط مرة أخرى، السابعة والنصف، يزيح بنظره إلى النافذة، يرى طيف زوجته، يلقي ابتسامة حزن لبيته و يخرج.

كانت الشمس خارج البيت كحالها ، ساطعة جدا .
يسير الشاب تحتها و هو يغني تارة و يشتمها تارة أخرى.
كان الطريق فارغ إلا من سابلة قليلة، يواصل سيره وهو يفكر في حال جاره العجوز الذي ربما كان مريضا لذا لم يره ككل صباح، يقيم حوارا غير مفهوما مع لحيته.
وصل إلى موقع عمله، محل صغير يحوي عدد كبير من الساعات بمختلف أشكالها و ألوانها و أعمارها أيضا.
كان يسافر بحثا عن أندرها و أقدمها ، حتى يضمها لمحله .

وضع أوراقه على الطاولة ، تنهد قليلا ، رفع يده اليسرى ليعرف كم استغرق من الوقت .
الساعة الثانية عشر .

حملق في ساعته، و لم يصدق أنه استغرق كل ذاك الوقت فمحله لا يبعد عن بيته سوى بضع دقائق فقط !
راح يتفحص الساعات المنتشرة حوله، تلك التي يحرص دوما على دقتها.

الساعة الثانية عشر و خمس دقائق، الساعة الثانية عشر و عشر دقائق، الساعة الثانية عشر و النصف.

ارتبك ! سقط أرضا و هو يرتجف، كيف يحصل هذا فبالأمس قد ضبط كل الساعات و كانت دقيقة جدا.
​أمسك بأقرب ساعة منه, ساعة بإطار كبير منكسر, سألها في أي زمن تراه الآن, و كم سيستغرق حتى يعيد ترتيب وقته مع أوراقه, هل سيأتي صديقه بعد قليل حاملا له السر !
يرتجف و يحرك عقاربها, يجرحه إطارها, تنزف يده كثيرا, يتجاهلها, يرفع رأسه محدقا في باب المحل على أمل أن يرى صديقه مقبلا, تمر ساعة حائط بيته أمامه, تصفعه, يتذكر الشمس و النافذة و وجه زوجته الميتة في ساعة لا يعرفها و يبكي.

أجل، لقد كانت ساعة الحائط معطلة، لقد تأخر على صديقه الذي لم يأتي، و لم يكن سيأتي أبدا ليخبره أنه سيموت بعد قليل كما ماتت زوجته.

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 02:08 PM
الرسالة المفتوحة
لـ : أحلام الحضرمية

في السكة رقم ثلاثة، رأيتها من بعيد والرياح تطير بها إلى محاذاة الشارع، ركضت إليها، استطعت التقاطها، قبل نهاية الشارع، ظرف الرسالة مفتوح، متوسط الحجم، لونه أبيض، ومن الداخل الورقة مخططة بالأسود – ذكرتني بدفتر المدرسة- كأنها مقروءة من قبل، جرني فضولي لقرائتها، ولكنني لا أستطيع.. طفقت باحثة عن صاحب لها فلتت من يديه، الرسائل جدا مهمة، خصوصا إذا ما كانت من شخص قريب بقلبه، بعيد بجسمه.. جلست على طابوقة بجانب الشارع أنتظر.. لم يأتِ أحد!!
مضت ربع ساعة وأنا أبحث، ولم أر في الطريق شخصا باحثا عن الرسالة هذه، أو أخرى تشبهها على الأقل.. من المؤكد أن أجد صاحبها ، فليس من المعقول أن لا صاحب لها!!
الشمس توشك أن تغرب، سأعود أدراجي إلى المنزل، ولكن أأترك الرسالة حيث وجدتها، أم آخذها معي، وأعود غدا للبحث عن صاحبها؟
اليوم الثالث:
ألهذه الدرجة، الرسالة غير مهمة؟! وليس لها صاحب، كل من سألته، إما أن يستفزني على اهتمامي بها، وإما أن يرمقني بنظرة غريبة!! لا أستطيع تركها، قد تكون سقطت من صاحبها، وهو يحتاجها..
اليوم الثامن:
قررت أن أفتح الرسالة، علها تخبرني عن صاحبها، فأوصلها إليه.. فتحتها، فإذا هي جملة واحدة تقول: "الكنز تحت الطابوقة".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 02:09 PM
" حُ ــــقْنَةْ "
لـ : أحمد الكلباني

أشعة الضوء الساطعة لا زالت تسكب ظل القضبان على أرضية الزنزانة .
" في هذا المكان لا زالت تنمو أفكاري السمينة " ابتسم وهو يفكر لوحده، " الفرار ؟ ..هه لم يعد في العمر بقية كافية لمحاولة أخيرة حتى ، ربما سيمنح غيري هذا الشرف العظيم ! ". يقف بثقل بالغ متمسكا بعمودين حديديين باتجاه الضوء :" ترى كم الساعة الآن ؟ " يصغي مليا " الهدوء العذب هذا واللذعة اللذيذة الّتي تحك جسدي لا يأتي بها إلا .."‘ قرر أنها ربما تكون الساعة السابعة صباحا ، الوقت المناسب لأن يقوم بما اعتاد عليه ، ولم يبقى له إلاه حتى ! ، كي يمارسه دائما - على الأقل - من أجل إطالة أمد هذا الجسد العجوز .
الجري ، " لا يهم .. ركضت سريعا أو بطيئا .. لا يهم ، المهم أن تركض " قال لنفسه "أركض .."
".. أركض .."
صدى الكلمة المتكررة يدفع به في دوامة مغرقة التفكير ،و المسافة اللامنتهية من الركض كانت دائما بداية هذه الدوامة ..
***
أُركض ..
الأسرة كانت دائما همَّا جميلا ، إرث العائلة العملاقة وتقاليدها العظيمة أيضا ..
أُركض..
العمل المستمر والدؤوب ، أزقة المدينة المخيفة ، المألوفة! ، رائحة الماضي .
أُركض..
الهجرة الجماعية ، الترهيب .
أركض ..
أُركض..
أُركض..
الأصوات المتداخلة أكثر صخبا هنا ..الإبر هنا أشد وخزا من أي شيءٍ آخر .
****
لا تنفك تنهكه هذه الإغماءة البسيطة .. المثقلة بالذكريات ،
" قلت لك توقف عن الجري .." قال لنفسه ، ونهض متثاقلا ليستند بالقضبان " الصمت المغدق يجب أن يتبدد ولو بـ ... ، لا توجد أشياءٌ كثيرة لنفعلها هنا ، فقط نجري ونهرب .. منَّا إلينا ، دون توقف !! " يلتفت إلى زاوية أخرى "هه.. نأكل ونشرب ما يُريد الغير أن نأكلْ . كم هي مملة!".
ينهض مديرا ظهره للزنزانة ، مستقبلا العالم الخارجي ، ينظر إلى نقطة ما باتجاه الضوء القادم ، ظلال القضبان تلون وجهه العجوز ،عيناه المتسعتان أكثر من اللازم تقرآن شيئا ما في البعيد!.
كان فتيا متزنا بشدة عندما هاجر مع بقية العائلة إلى جزءٍ موحشٍ آخر من مدينة أخرى ، بعد الموجة العارمة من المداهمات القانونية ، كانت أعداد ضحايا العائلة كبيرة جدا ولكن تبقى الكثير - كما هو حال الأفكار العظيمة لا تنتهي أبدا – الكثير الذي قرر الهرب من أجل بداية جديدة ، الطمأنينة المنزوعة كانت تعود بين الحين والاخر كبقية الأرق والندم الّذَين يراودان الجماعة الّتي فقدت الكثير من إرث العائلة بيد الغير !.
" إرث العائلة ؟؟!" قال لنفسه وضيق ما يعبر عينيه ، استغرقت الهجرة زمناً طويلا ، فالتنقل في الخفاء يحتاج لأكثر من أن تكون حذرا . فمسؤوليةٌ كبيرةٌ هي الملقاة على عاتقه مع الصغار الذين لم يكبروا بعد ! ،
المكان الجديد كان أكثر قذارة من سابقه ولكنه كان خفيا أكثر . قرر الجميع بأنه المكان المناسب لإتمام مشيئة الحياة ونسيان ما حدث ، هكذا هي الحياة كما اعتقد الأب .
الساعة الثامنة صباحا موعد المداهمة الجديدة الذي لم يعرفه أحدٌ غيرهم بل يستحيل ذلك ، فالعائلة لا تملك لغتهم حتى لتتجسس عليهم !!! ... آخر ما كان يذكره هو هالات الدخان العملاقة الّتي كانت تلتهم الجميع ، الصغار والكبار على حدٍّ سواء دون أدنى قدرة على القتال ، فقط الهرب .. والهرب لا غير! .حتى أخذته هو الآخر إلى دوامة ضبابية .
الصحوُ المشؤوم هو أن تستيقظ قسرا على أضواءٍ بالغة القوة ، كان يشعر بذلك بشدة لا سيما وأنه اعتاد على الظلمة أكثر من أي شي آخر ، كما لم يعتد الوجوه الأكبر حجما !. والقيد أيضا .. القيد الذي كان يملؤه شللاً على بياضٍ ما . كان وخز الإبرة الأولى مؤلماً جدا .
بين القيد والزنزانة مسافة بين الضوء والظلمة وبين الضوضاء والصمت في كل توقيت جديد كانوا يأخذونه للقيد والبياض مجددا من أجل حقنة جديدة .
الحقنة الأخيرة لم يعد يرى بعدها إلا الظلام الدائم ! .
" اللعنة على تلك الحقنة !" قالها وهو يطبق برأسه على الزنزانة بشدة . ثم فكر في أمرٍ آخر " مر زمنٌ طويل منذ تقاعدت من الخدمة .. ترى هل مرَّ الجميع بذلك ؟ هل تقاعدوا هم أيضاً ؟! هل أصبح الجميع أعمى مثلي أم أني الفأر الوحيد المتبقي الآن ؟!!".
أغلق عينيه البيضاويتين وتنفس بعمق " لا يهم " قال لنفسه .
ورغم أنه كان يكره الضوء إلا أنه لم يعد يكترث فلونه المفضل بات يسكنه ، استرخى جسده وهو يعانق القضبان متلذذا بلذعة الشمس اللذيذة " كل شيء سيتبخر .. المهم أن تشعر بهذا الدفئ ، فالزنزانة لم تعد تمنح إلا الظلمة والبرد !!." قال لنفسه.
صوتٌ قاسٍ يغلق النافذة!!!!!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تمت ــــــ

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 02:10 PM
"يَا حُلمُ لقد جئتَ شيئًا فريَّا"
لـ : أسماء الشامسية


(العام 2008)

ينزاحُ ستارُ المسرح ،ترفعُ الموسيقَا، ويؤذنُ للغنَاء الهبوط ، الحضورُ كان كثيفًا جدّا ، إذ حضَر هذا العُرس الذي يحتفي بالحناجرالشّابة طُلابٌ وطالبات ، معلمون ومعلّمات ، وبعض مسؤولي الإدارة التربوية في المنطقة، كانت القَاعَة تكتظُ حضورًا وأوتَارًا ، والموسيقَا بانتظَار من يرشح منها المقطوعَات المغنّاة،يتقدّم أحد المُشاركين ليؤدي دَوره، يغنّي .. تتدحرجُ طبقَات صوته في أجواء التّلاطم الموسيقي ويتناوب الصّوت بعد الصّوت ،الغنَاء بعد الغنَاء
أمّا مريم ، التي وصلت المسابقة لتوّها،كان عليها أن تتفرسَ المكان والحَاضرين ، ولأوّل مرّة تجسّست من خلف السّتَار لتتفحّص الحُضور،اتّسعت حدقتاهَا إلى أقصَى دَهشَة وبدَا احمرارًا مَا يزحفُ باتّجاه وجنتيهَا المتورّدتين ، قالت مشدوهةً : رجَال طلبةُ مدَارس .. لم يخبروني بذلك!

العام (2001)
في سن الحادية عشرَ تمامًا، أنبتَت الفطرة في وجود مَريم حُب التأليف والغنَاء إذ ذاك كتبت أغنية لا تفوق قامتها البريئة كثيرا، أغنيةً عن العصافيرمَا كانت تدرك تقهقرَ لغتَها الركيكة أمَام عالم الكتابة المتراكب وشديد التّعقيد ، كان مطلعها : "عصفوري عصفوري .. قد أقبل مسرورا..مع كُل الطيورا "
ذات فِكرة دَعت أختها وبنت خالتها ليكونَا كُورَال حفلَة مصطنعَة ،نفَضت فستانَها،ثمّ شرّعت يدها اليُمنَى إلى الفراغ ويدها اليُسرى تُشد تموجات الفستَان بقبضةٍ لطيفة وهيَ تجترُّ جسدها يُمنةً ويُسرَة كما لو أنّها تُحاكي عُصفُورًا يفرشُ جناحيه ليطير،وحثّت رفيقتيها أن تفعلاَ مثلما تفعل،استنشقت هواءً نقيًّا خدَشَ اللهَاة وهو في طريقهِ ليزفَر الأغنيَة،غنّت ومعها غَنّتَا،وسيفعلنَ الأمر ذاته حتّى يُصبحَ الغنَاء عادةً يوميّة..وشيئًا آخر أكبر فيما بَعد.
في ذلك الوقت كانت مريم نجمةً تُحاول الانفجَار كما لن تفعل لاحقًا، كانت تطربُ كل من يطلبُ أن يرطّبَ مسمعهُ بالغناء، تحشدُ حولها صديقاتها لتغني لهن أوقات الفسحة المدرسية ،كنَّ يستمتعن،لا شيء ينغص هوى الطفولة في ممارسة الحدّ الأقصَى للسّجية، الطفولة هيَ الطّبيعَة كما يجب أن تكون.

العام (2002)
كبرت مريم ،بدأت تُشارك في احتفاليّات المدرسة والإذاعة المدرسية ، صَدَحت أغانٍ بصوتِ طرقِ الموسيقَا وبدونه ، بعضًا منها كانَ مخاضَ وعيها البِكر في التأليف وبعضًا منها مما حفظته من منشدين صاعدين ذلك الوَقت..
ذَات حَفلٍ مدرسيّ،وقفت مَريم تنشدُ أمَام مجموعةٍ من الرّجال المسؤولين الذين زاروا المَدرسة لغرضٍ تربوي، بَدَت متوتّرة ومُحرَجَة مَا إن استقرّ بصرها باتّجاهِ مجموعة من الرّجال كان بينهم رجُلٍ تتدلّى لحيتهُ أكثَر من اللازم ، ولسبب مَا لأوّل مرّة عبرَ مخيّلةَ مريمَ وهي تغنّي مقولةً لا تدري أين سمعتها :"صوتُ المرأة عَورة".

العام (2003)
امتّدَت مُشاركاتُ مَريم في الإنشَاد لتشمَل مسابقَات خارجية وأمسياتٍ رمضانيّة.
الذينَ عرفُوا مَريم منشدَة سيعرفونَها بعد ذلك مُغنيّة حين اقترحت عليها أستاذةُ الموسيقَا الانضمام لجماعتها الطلابيّة،وهُنَا لأوّل مَرة ستُكسَى كلمات مريم العَاريّة من أي صَخبٍ ثوبَ الإيقاع الموسيقي!
مريَم الآن تصاحبُ حُلمًا مَا يأخذُ مسيرهُ إلى الصّقَل والتكوين،وتُفكّر أن تواصَل مشوارهَا إلى ما هُو أبعد من الفضَاء المدرسي الضّيق هذا.
"ثمّة عَالم آخر في الجامعَة،عندما أتخرّج من المَدرسَة سأنضم لجماعة الموسيقَا،سأغنّي..نعم سأغنّي سأثبت للجميع صَوتي الذي يستحقّ الظهور،سأقفُ ذاتَ حُلمٍ على خشبةِ مسرحٍ شامخ ، وبرقّة صوتيَ الممشوقُ سأغنّي "
حَلُمَت مَريم.
العام (2004)

تعلنُ مديرية المنطقة (س) عن إعلان مسابقة الإنشاد بالشروط الآتية:

1- أن يكون المشترك أحد طلبةِ مدارس المنطقَة ولا يُسمحُ لغير المنتسبين لها.
2- ألا تخلّ القصيدة بالأخلاق العامّة وأن تحتوي كلمات هادفَة.
3- أن يشارك المتسابق بأنشودة واحدة فقط.
4- يُمنع مشاركة الإناث منعًا باتًّا.

قرأت مريم مُلصق الإعلان ، بدَت سحنتها خائبَة ، أطلقَت حسرةً غائرة وغَادرت .


العام (2005)

صوت الموسيقا كان يتنافرُ في المكانَ هادرًا من غرفةِ الموسيقَا ليذرعَ الممرات متسلّلاً صفوف الطّالبات ومُحدثًا ربكةً مُزعجة في ظل سير عمل الحصص الدراسية، فجأة صُفِقَ مصراع البّاب مَا أرعَشَ صلابةَ الحائط ، بدت أستاذة التربية الإسلامية متجَهّمَة وهيَ تباغتُ الدّخول وتطلقُ نظراتٍ ساخطَة في وجوهٍ تتشبّث بالذّهُول ..
"يا أستاذة حنان قللوا شوي من هذي الموسيقا ، الموسيقا ما زينة .. حرام .. حرام وصوتها واصل لحد الفصول" قالت تخاطب أستاذة الموسيقَا
ثم التفتت لمريم وقَالت كمن ينتصرُ لمبدأ : أيواا..أيواا مريم حتى إنتي معهم!

انكمشت شفتا مريم وتقلّص وجهها المشدود مثلَ طفلةٍ وبختها أمّها للتّو
عندما غادرت معلمة التربية الإسلامية قالت الأستاذة حنان وهي تتمتم بحنق : واللهِ أصل الموسيقا لا حرام ولا شي ..هو يعني إحنا حنخش النار علشان شوية غُنا وبيانو!!
كثيرا ماشهدت مريم مناوشَات مُماثلة بين معلمات التربية الإسلامية وأستاذة الموسيقا للسبب ذاته.


(2006)
- "مَريم نُريدكِ اليوم لتنشدي أي نشيدةٍ تُعجبُك سيأتي لدينا ضيوف" .. قالت أستاذةُ اللغة العربية
- لن أنشد أستاذة
-لماذَا يَا مَريم صوتكِ جَميل؟!
- أنا كبرت أصبح عمري 16عامًا حرام أنشد أمام الرّجال!

تبّدل لونُ الأستاذة،عقدَت حاجبيهَا وبُسرعة ارتفعَ حاجبها الأيَمن المنتوفُ بحرص محتجًّا ما لبِثَ أن ارتخَى.عاقرت المُعلّمَة الصّمت للحظَات وهيَ تحدجُ مَريم بنظراتٍ حادّة ومستغربة،ثمّ طلبت منها العودة للفصل ومَضَت.

(2007)
أدَارت مريمَ حَولَ عنقهِ حبلَ المشنقَة ،أوجَبَت على نفسها أن تمنعَ تقدّمه باتّجاه عَالمها، قالت تُحدّث نفسها: "إنّه ليسَ لي ، لآخرينَ غيري،ليست أنَا التي ستقترفُ خطيئةً لن أبرأ منهَا بعد ذلك،لن أموتَ والخطيئةُ تعرشُ جثتي وتقودني إلى حتفٍ مُظلم،سأضعُ لهُ حدًّا هنا وفقط.وسأمضي إلى طريقٍ لايشتبهُني ولن يحملَ ضميري على تقريعي ..لن أحلم ..مضطرّةً سأقتلُ ليسَ الحُلم ذاته فحسب بل مجرّد الرّغبةَ به"
نَذّرت مريم.

العام (2008)


أثنَاء العُرس الذي سيمتحن قُدرة الحناجر على الصّمود أمامَ الأحلام الكبيرة
تعاقبَ المشاركونَ واحدًا تلو الآخر..بناتَ وبنين..هُنالكَ كانت منصّة تعِدُ ممتطيهَا استثناءَ الوصول،الوصول إلى الحُلم،منصّةٌ بَدَت وهي تشهدُ محاولات الصعود ما يشبهُ محاولة هاوٍ يتعثّرُ على سفحِ جبلٍ وهو يشهدُ مقاومَة السّفح للدخلاء
كذلك سيقُاومُ تاريخٌ صلبٌ من المحظور أحلامًا تُحاولُ التّصدي والعُبور؛لهذا السبب وحده قرّر الزيزفونَ ذات يوم أن يُزهر ويتجنّب الإثمَار؛ فالشجرةُ المثمرَة وحدها التي تُرمَى،كذلك مَريم تحاشَت "الحُلم الشّجرة"،وقرّرت بتَرهُ قبلَ أن يتمادَى و يثمر،وقبلَ أن يُرمَى استدركَتْ حلمًا ومَحَته !

فكّرت في المحيط الذي لن يُباركها حُلمهَا فيمَا لو تجرّأت أن تحلمَ بخلافِ السّائد، المتماثل،بخلافِ المرغوب والمرسوم والمُحدد اتّباعه سلفًا،لو تجرّأت أن تبدوَ مختلفةً جدًّا،ودخيلةً جدًّا على تاريخٍ عريض من ثوابت السّمعَة والأخلاق والعَيب الخ.

دورها الآن ، مريمُ النّجمَة،القابلةُ للانفجَار،ابنةُ حلمٍ يكبرُ.....

عندمَا تُقدَّم مريم للمنصّة ،الموسيقَا تعاودُ رقصها،مريم الطفلة الحالمةُ أمسِ..تستيقظُ في بواكير الشّبَاب اليَوم،لتطردَ أوهَام الأحلام الغضّة التي لا يجبُ أن تُحقق خطوًا صوبَ القمّة..ولايجبُ أن تشَبّ أكثَر!
كانت ساخطَة عندمَا لم تُعلَم بدايةً أنّ الحفَل مختلط،ارتسمَت صورة الأستاذة حنَان في مخيالها كشيطان، التّي عرَفَت بحدسها أنّها تعمّدت إخفَاء خبَر اختلاط المسابقَة عنها لعلمها المسبق أنّها سترفضُ المُشاركة.

الجالسون في الصّف الأمامي يستفزّونَ ابتساماتٍ نائمَة تتلهّف بمجرد أن نَادَى صوتٌ مشجعٌ تناهَى منَ البعيدِ :يا مريمُ لقد حَان دوركِ !
وهي تقفُ في غرفةِ التّحضير تتأهّبُ الخروج ،لا تدري كيفَ تخايلَ إلى ذهنها ما يوبّخها وهي تسمع الصوت ذاك :
يا مريمُ لقد جئتِ شيئًا فريًّا !


بعضُ الواقفينَ الذينَ لم تسعهمُ المقاعد في أواخرِ المدرجات حاولت نظراتهم اغتصَابَ المشهد من بينِ الرؤوس المعلّقة في الأمام وهم في انتظَار الدّهشة المرتقبَة دونَ أن يعيلَ صبرَهم الوقوفُ الطويل..

دقيقَة ، دقيقتَان ، تُبطىءُ مريم الظهور، تُبطىءُ أكثَر، أكثر فأكثَر..
يمضي الزّمن .. تُبطىءُ مريمُ .. يمضي الزّمن .. تتراجعُ مريم ..
لا تأتي ...............................يُلغَى العَرض.

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 02:11 PM
اليقين
لـ : خديجة الحرفية

مهما كانت الحياة قاسية وصعبة ومؤلمة تبقى لنا دائما فسحة من الأمل وبصيص من الضوء ينير لنا طريقنا ويخرجنا من محنتنا ....
هكذا بدأت قصة ( يقين )
في حي فقير وفي بيت صغير عاشت أسرة يقين المكونة من أب وأم وسبعة أبناء حيث كانت يقين الرابعة بعد ثلاث أولاد ، عاشت يقين طفولتها كأي فتاة صغيرة تحلم بالغد المشرق الذي تجد فيه حلمها وأملها لتحقيق أحلامها .
لم يكن في حي يقين الذي تعيش فيه أماكن للترفيه كالحدائق والمنزهات ولا حتى الأسواق التي قد تفجر فيها طاقاتها الدفينة ، لم يكن في حييها سوى تلك ألتله التي تقع بالقرب من بيتها حيث تذهب برفقة أصحابها من أبناء الحي لتلعب معهم الألعاب المعتادة ( الجري ، القفز والاختباء ) وأحيانا كثيرة تقف يقين أعلى ألتله وتوجه ناظريها إلى ما وراءها وتنادي بأعلى صوتها ( متى أذهب إلى المدرسة ؟ ) ، وعندما يتعبون من اللعب يعودون إلى بيتهم فإذا بأمهم في انتظارهم وتكون قد أعدت لهم العشاء المتواضع فيأكلونه بفرح ويذهبون للنوم وهكذا ينتهي يومهم .
في ذلك الوقت لم تكن كل الأسر تستطيع تدريس أبناءها بل يكتفون بتدريس الذكور وبعض البنات الصغار وكانت العادة أن تبقى البنت الكبيرة في البيت لمساعدة أمها في أعمال المنزل وتربية الأبناء ، ولسوء حظها كونها البنت الكبرى ، لذا تحتم عليها البقاء في المنزل لكي تعاون أمها وتعينها في تربية إخوتها الصغار.

وهكذا بقيت يقين في البيت وتحطمت كل أحلامها الطفولية التي تحلم بها ، وتستيقظ في الصباح الباكر لكي تساعد أمها في تجهيز الفطور وتساعد إخوتها على ارتداء ملابسهم ، وحين يغادرون إلى المدرسة تنظر إليهم بكل حرقة وحسرة تتمنى لو أنها كانت معهم تحمل الحقيبة وتذهب إلى المدرسة ، وترتدي ملابس المدرسة وتنتظر أن تركب الباص لينقلها هي وأصحابها إلى المدرسة لكي تتعلم كل يوم شياً جديدًا ، تعود يقين إلى بيتها مكسورة ومتألمة وتكاد دموعها تفلت من عينيها ولكنها تحاول تخفيها عن أمها ،

تكمل يقين يومها كالعادة من تنظيف وغسيل والاهتمام بإخوتها الصغار .
وعند عودت أخوتها من المدرسة تجلس يقين معهم تتعلم منهم وتستمع إليهم وهم يقرؤون الدروس وتلح عليهم بان يعلموها الكتابة والقراءة فما هي إلا شهور قليلة فإذا بها تتعلم منهم القراءة والكتابة بل وتساعدهم في حل واجباتهم المنزلية لأنها كانت محبة للعلم وعلى درجة كبيرة من الذكاء والثقة بالنفس فكانت توفق بين الاثنين مساعدة أمها في أعمال البيت والاستذكار والتعلم من إخوانها .
ومرت السنيين وكبروا إخوانها ويقين مازلت تثابر في تحصيل العلم وتفعل المستحيل لكي تلتحق به لم تيأس أبدا بل كانت تبحث عن فرصة كي تدخل في مضمار العلم .
إلى أن أتت الفرصة السانحة لها وبعد إصرار شديد وإلحاح منها على والديها استطاعت يقين أن تلتحق بالتعليم فبدأت من الصفر بمحو الأمية ولكنها تفوقت بل وأبدعت وأثبتت جدارتها الفعلية في تحصيل العلم حيث تخطت كل زملاءها وتفوقت عليهم .
ثابرت يقين وبدأت ترتقي بتفكيرها وبعلمها وتشبثت أكثر به ، أصرت على أن تكمل ما بدأته ، أنهت الدراسة الابتدائية وأصرت على أن تكمل دراستها وبالفعل شقت طريقها بكل صبر وأمل نحو المستقبل ، ونجحت وتفوقت إلى أن وصلت للثانوية وبدأ الصراع الحقيقي لذا تحدت كل الضغوطات التي واجهتها وبالفعل تغلبت عليها وأثبتت جدارتها مرة أخرى بل وحصلت على أعلى النسب التي تؤهلها لتكمل دراستها الجامعية والمجال مفتوح لها كي تختار الكلية التي تريدها ، ولم تسعها الفرحة بحصولها على الشهادة العامة بعد مشوار طويل من الصبر والعناء والسهر في أحيان كثيرة .


اختارت يقين كلية التربية وأيقنت أخيرا أنها هي الكلية الوحيدة التي ترضي طموحاتها فالتحقت بها ، فمن خلالها تستطيع أن تكون مدرسة للأجيال القادمة تدرسهم وتحثهم على العلم وتنشر فيهم روح الأمل لغد أفضل وتحثهم على البذل والعطاء لتنير دروبهم وتوآزرهم على تخطي أزمات الحياة وظروف الحياة القاسية وانه مهما كانت الظروف صعبة ومليئة بالمخاطر والأشواك يبقى اليقين بالأمل موجود والله سبحانه وتعالى لا
يضيع عمل إنسان يريد تحقيق حلمه ومستقبله ولكن يبقى الإصرار والعزيمة هما اللذان ينتصران في الأخير وانه لا يأس مع الحياة بل بالجد والعمل يصير الحلم حقيقة ويصبح البعيد قريبا .

هكذا أيقنت يقين وهكذا بدأت حياتها بالأمل والصبر الذي كان يتوقد ويتجدد داخلها وهي تسعى جاهدة لتحقيقه .
فمن حياة الطفولة البائسة إلى حياة الدراسة القاسية والمحفوفة بالمشآق والصعاب ، حطمت يقين كل الصعاب بيقينها الذي كان يشتعل داخلها وبعزيمتها التي كانت سندا لها على البذل والعطاء فبالجد والعمل تقوم الأمم وتنهض الشعوب وتبنى الدول ويرتقى الفكر والذوق وتسود العدالة في المجتمع ، فالبناء لابد له من سواعد فتية تنهض به وترتقي به نحو الأمام فمن جد وجد ومن سار على الدرب وصل .

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 02:12 PM
محّـــــــارةْ
لـ : سعاد العلوي

...وجثت على ركبتيها بجانب المنز (أي سرير الأطفال) متوشحة بالثوب الأسود والذي كان سلفا- في قريتها- علامة على بلوغ الفتاة وأنها في سن الزواج.. وهي تردد بصوت تتلقفه العبرات..ذات الأغنية التي حفظتها من والدتها في صغرها: "صنصــور (أي عصفور) لا حلّك الله.. تاكل زرع اليتام.. قال الصنصور مب منّي.. كلّة يور(أي جور ) الحمام".. ...وظِلُّ ماء عينيها ينقش على صفحة خدها الغض.. لآلئ تشق طريقها لا تلبث ترغب في أن تتبخر على شاطئ الغرفة الطينية إلا والتهمتها شفتاها تماما كموج بحر رمى ما رمى وأخذ ما أخذ. (صفية/صفّوي )المرأة الطفلة الراسمة لعلامات التقزّز والشفقة على حد سواء في عين كل من لمح خصلة من شعرها الأسود الذي يلوّح من بين أعمدة دريشة غرفة الطين..لا يعلم أكان يقول للمارة انظروني اقتبس نقاءً من هواءكم المدّنس أم كان يلوح طالبا النجدة لحق صاحبته المغتََصب.. ...لحظات وترتبك خصلات شعر صفّوي ذعرا مسرعة إلى عمق الغرفة..معلنة اقتراب صوت خطوات ..!!خطوات تبعث في قلب صّفوي ارتجاجا كفيل بجعل دقات قلبها تهرول خوفا.. وحده (مرزوق مروحة )من كان يذعر لذعرها يصرخ كلما سمع صدى تلكم الخطوات. "ذروني أخبركم بأن مرزوق مروحة شاب لديه إعاقة عقلية أي كما يقولون (على البركة )شاب نصف مجنون سمي بالمروحة كناية على سرعة جريه" مرزوق يصرخ بشبه بكاء: ثفّوي لحقوا ثّفوي.. أكّوه (أي:ذاك هو )مثكُوْه..ثفّوي لحقوا ثفّوي.... .
التعليق ىّ أغنية قديمة كانت تغن للأطفال..تحضيرا للنوم.
عصر يوم آخر
.. "...غيثان!!..هين ماشي؟!..غيثان أجول لك تعال هنيه...تعال وإلا بردحك تردّيح (أي : سأضربك ضربا مبرحا) ..لـ تمشي صوب البحر غيثان أجول لك اجعد."... تلك كانت عوّاش تصرخ على أخيها غيث كعادتها عصر كل يوم.. لم تكن صرخات عواش على أخيها سوى خوف عليه من تردده على البحر خشية أن تغازله أمواج البحر يوما ما يذهب فيه .. ولا يعود. ...من الخارج ينادي العم سعيد على ابنته عواش محذّرا إياها من تشبير عتبة باب الدار: وإلا عايبنك حال ربيعتك ،!! "كم مرة أجول لك أذيه الباب مابا أشوف راسك يطلع منه صّفوي رابعنها(... )يلتقم الكلمة ويتمتم.. :الله يستر علينا دنيا وآخرة..الله يستر علينا دنيا وآخرة".. بالكاد قادته قدماه إلى مجلس المنزل متجاهلا دعوة زوجته حليموه بالدخول إلى الصالة أو غرفة النوم ليرتاح.. العم سعيد أضحى يرتشف استكانة الشاي في المجلس لا يتركه ..يمسي يعارك قهوته التي بات يشعر أنها أمست أكثر مرارة من ذي قبل!!.. عوّاش "تتجفّر على أطراف أصابعها /(أي:تمشي خلسة على رؤوس أصابعها) ناحية الباب ولا تلبث تطل بأنفها للسّكة إلا وتأتيها ردحة( /أي:ضربة قوية) على الظهر. ...على السكّة صوت بكاء طفلة..الصوت يخرج من نافذة غرفة صفّوي..يتعالى صوت البكاء ..يتعالى ..يتعالى..يصبح متقطعا..يحمُّر وجه الطفلة ثم يتماثل للزرقة..إلى أن وصلت والدة صّفوي لتجد أن صفيّة شرعت محاولة كتم أنفاس الطفلة وهو ما أدَّى إلى تقطّعِ النَّفَس عندها
هنا والدة صفّوي تركض محاولة إسعاف الطفلة تتجه مسرعة إلى باب منزل الطين فإذا بصوتٍ كهلٍ يخرج من غرفة شبه مهجورة بالمنزل (السّتر ..الله يستر علينا و عليك..الستر..الله يستر علينا وعليك) كان هذا الصوت بمثابة المنبه للأم كأن يقول لها إلا عتبة هذا الباب... عادت الأم إلى الداخل..بيدٍ تحملُ الطفلة التي تماثلت لأن تكون كقطعة اللحم احمرارا بعد أن باشرت بشحت ذرات الأوكسجين بسلام...واليد الأخرى توجه بها ساقيها اللذين قرصاها ألما يذكرانها بأنها تعاني من آلام في المفاصل.. صّفوي تستصرخ ألما..الطفلة تبكي ألم عودة الأكسجين لرئتيها..والأمُّ تتجرّع غصَّةً قَهََرا...يعمُّ الهدوء المكان... بعد برهه صوت طرقات عشوائية على الباب.!! تنظر أم صفّوي من النافذة لتجد خليفوه على عتبة الباب، "خليفوه امرأة على مشارف الخمسين من عمرها..تجيد تمشيط سوالف الحارة تجعلها مسترسلة تنقلها بعد ذلك بخفّة إلى بيوت الجيران"... أم صفوي تحاول أن تلهيها لكي لا ، تحاول الدخول إلى المنزل وكأنها تبحث عن شيء ما تدخل إلى الصالة لكن..هيهات.!! في تلكم الأثناء انفجرت الطفلة باكية جراء قرصة بعوضة على جبهتها اللينة..خليفوه تتبع الصوت.. تدخل غرفة صفّوي لتجدها مستلقية تتحرك بتثاقل بجانبها منز الطفلة!!. .. وما أن لمحت ذلك المنظر حتى تراجعت للخلف مدّعية أنها نسيت عشاءها على (الشتوله /) "أي الفرن، أو مايطبخ عليه". خرجت خليفوه مسرعة من المنزل..تصطدم بالعم سعيد.. يردي بها أرضا وهو يقول:
هيش فيك كيه (اتفرجعي( /)أي :تركضين بسرعة وعشوائيّة) ولم تردع لسانها حيث قالت :"سّوتها صّفوي بنت أبو صفّوي.. أني جايلتلهم هالبنت بذرتها فاسدة محّد سمعني". وانصرفت... العم سعيد واصل مشيه إلى أن وصل إلى قهوة مصبّح في سوق الحارة جلس وتنهّد فإذا بكرة (عنبر /)كرة صفراء أشبه بكرة التنس..تصطدم على رأسه يتقدّم طفل يكاد يكون في التاسعة من عمره..ينظر إليه العم سعيد بكل غصب ..يمد الطفل يده لأخذ الكره فيبصق العم سعيد على وجه الطفل والطفل شاخصة عيناه..الكل مستغرب من ما فعله العم سعيد وهو يقول : يردد: "كم بنت جدها عرّب أحفاد وأحفاد **لكن شرفها بين وقفـــــه وميلــه*"!!.. علم بعدها الجميع ما علمه العم سعيد من خليفوه. وحين عاتبوه على ما فعل..قال :مرتفع ضغطي وطلّعت حرتي ف الولد..مافيها شي كلمتين وطلعن للياهل. ...في تلك الليلة صرخت الريح بقوّة في الحارة...أمواج البحر غاضبة أشد الغضب ...أم عّواش :سعيد..الريح تنازع يا سعيد.!!! العم سعيد مشيحا بنظره بعيدا عن أعين أم عوّاش :لا تبالغي يا حرمة كلها ساعات وبيخف الهبوب.. صرخات مرزوق تخترق ضوضاء المكان..عمّي ثعيد عمّي ثعيد (ثالم يذّة )رجع عمي ثعيد..ثالم يذّة ياينك عمي ثعيد...عمّي ثعيـــ...
(البيت منذر الفطيسي)


يقاطعه العم سعيد :أجول لك غيب غابت عينك.. سالم يزّة من سنة حبابوتي روّح ومابيرد الله لا ردّه.. (سالم يزّة كائن اسطوري تناول قّصته أهل ذاك المكان على أنه يعترض سفن الإبحار يجزّها فتغرق..يقال لديهم أنه كلما ازدادت الحارة ظلما وفجورا خرج سالم يزّة غاضبا ..يمنعهم من التمتع برزق البحر ريثما تنجلي غمامة الظلم عن المكان ، ومن يصادفه لا يعود..وقد كان أهل الحارة يجزمون أن مرزوق في صغره صادف سالم يزّة وهرب منه وكان على وشك أخبار أهل الحارة بصفاته لولا أنهم قالوا بأن مرزوق قد فقد نصف عقله فور رؤيته لهيئة سالم يزّة) . مرزوق يركض.. تتقاذفه الريح يمنه ويسره يختلط صوته بصوت الريح يركض يختبئ في السكّة المطلّة على نافذة صفّوي..صفيّة كعادتها تستنشق الهواء عبر خصلات شعرها المسدل ومرزوق بصوت خافت ضاما ركبتيه بذراعيه..ويردد : ثالم يذّة رجع ثالم يذّة رجع..تنتبه له صفّوي وتهمس :سالم يزّة!..سالم يزّة !!..أخذت الذاكرة بصفّوي إلى حين كانت أمها تحكي لها حكايات سالم يزّة كي تزرع في داخلها خوفا من الاقتراب من البحر..لكن هذه المرّة صفّوي لم تشعر بالخوف بل ارتسمت على صفحات خدّيها ابتسامة رضا وبرقت لآلئ عينيها أملا في الفرج ُمتيِّقنَةً أن سالم يزّة لا يستيقظ إلا غاضبا من ظلم في قرية ما!! ...في فجر اليوم الذي تلا الغضب البحري كان الوضع هادئا جدّا ..نسمات الهواء كانت أنقى مما سبق..مرزوق نائم بجانب نافذة صّفوي..يتثاءب ..يناظر بنصف عين باتجاه النافذة لم يلمح حينها خصلات شعر صّفوي..أخذ من بقعة ماء البحر التي تكونت على السكّة وغسل عينيه وأخذ يدعكهما بقوّة متجاهلا حرقة التراب الممتزج مع الماء المالح على عينيه..أطرق برأسه يمشي باتجاه قلب الحارة مقابلا في جلسته باب بيت العم سعيد والمارة
لصلاة الفجر يمرون بجانبه وهو يتمتم ( :ثالم يذّة روّح وروّحت ثفّوي..ثالم يذّة روّح وروّحت ثفوي ) ... في تلك الأثناء خرجت أم صفّوي تنوح وتصرخ حتى بدأ من صوتها وكأن حنجرتها قد تشققت تعبا.. أم صفّوي :يـ هل الحارة..صفّوي محّد شاف صّفوي؟..!صفّوي محّد شاف صّفوي؟!...وأهل الحارة يجوسون حولها منهم من يحاول تهدئتها ليفهم ما حدث ومنهم من ظل يردد "لاحول ولا قوّة إلا بالله ..لا حول ولا قوّة إلا بالله" ومرزوق مروحة يصيح في الجانب الآخر ..ثالم يذّة روّح وروّحت ثفّوي....من بينهم كان العم سعيد أبو غيث وعوّاش ..نظرات احتقاره لأم صّفوي كادت تخترق قلبها..تمزقه..تذيبه زئبقا لا تتشربه التربة فينجلي ولا هو يصعد إلى السماء فيتبخّر ..كلماته تجلد على ظهرها وهو يقول: ((كم بنت جدها عرّب أحفاد وأحفاد..لكن شرفها بين وقفـــــه وميلــه*))!!.. وهي لا تجد سوى أن تقول..حسبنا الله هو نعم الوكيل..حسبنا الله هو نعم الوكيل. ... فجأة صوت فتاة مفجوعة تصرخ وتنوح..وأهل الحارة يرددون "لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.."لعنة وّحلت على هالحارة لا حول ولا قوة إلا بالله" يقترب الصوت..فإذا بها عّواش بنت العم سعيد تركض..غبار أتربة تتطاير من سرعة جريها وأتربة تتنحى خوفا من شدّة جريها...عّواش تلتقم الحروف والكلمات لتعجن جملة بكلمات متداخلة مع شهقاتها: .. "غيث..فـ البيت..أبويه..محّد..غيــ..." تتشنّج فتسقط أرضا.....والكل يتمتم "لاحول ولا قوة إلا بالله." ...عوّاش كانت تود أن تقول ..."أبويه غيثان محّد ف البيت".

اكتظت الحارة بتمتمات البعض وشماتة آخرين.. صرخات ..أدعية..كل من في الحارة يبحث ..بعضهم يبحثون عن غيث وآخرون يبحثون عن صفّوي..مرزوق ملازما للّسكّة يبكي خوفا ويردد ذات العبارة :ثالم يذّة رّوح وروّحت صّفوي!!. شارفت الشمس على الشروق ولا زال أهل الحارة يبحثون وقد كثر اللغط ..منهم من كان يقول أن صفّوي قد اختطفت غيث انتقاما من والده لأنه أساء لأخيها الصغير ..ومنهم من قال أنها تبعات لعنة سالم يزّة حّلت على القرية. وبعد فترة من البحث بدت علامات الاتفاق استسلاما تظهر على وجوه أهل الحارة مشيرين إلى البحر..المكان الوحيد الذي لم يبحثوا فيه..وما أن مدّت الشمس غصون أشعتها حّتى اتجهوا ناحية البحر بحثا عن صفّوي و غيث..ولكن دون جدوى...!! الكل عاد أدراجه بعد أن ارتدت تلك الحارة وشاح الحزن على ما حدث .. عوّاش أصيبت بصدمة لفقد أخيها الذي تعود على مشاكستها وتعودت هي على نهيه عن الاقتراب من البحر..توسوس وهي على حالها تقوم بفتح باب المنزل.. تتربّص.. وتغلقه تارة أخرى وصوت صرير حديدة الباب أشبه بصوت ربابة في ليلة ليس بها ضوء قمر.. وهي تردد بصوت مخنوق: ...ركبت فوق اليبل (الجبل) ..عاينت دّخانة ..أصريه أذيه مريكب اخويه ..واصل من الخانة ..شاحن قرنفل ..وشاحن الهيل بأوزانه..ويبيع بيع الغلا ..ويرفع بميزانه. تلك كانت أغنية عوّاش التي لازمتها يقينا منها أن غيث سافر بحرا وسيعود.. العم سعيد ُأخرِس لسانه من هول الصدمة وبات ملازما مجلسه الذي يطل على الباب في انتظار عودة غيث ويكأنه يخدِّرُ جرحه بما تتمتم به ابنته عّواش.
(أغنية من الموروث الشعبي ) التعليق ي في انتظار من يسافرون ّ لولاية صور تغن بحرا.
بعد أسبوع عُثر على غيث ملقّيا على السيفة (شاطئ البحر ) وقد فارقت روحه جسده..ولم يعلم أحد إلى تلك الأيام ماذا حلَّ به..أمات غرقا أم أنَّ صفّوي قد قتلته أم هي لعنات سالم يزّة تّهدى لتلك الحارة عامّة وللعم سعيد خاصّة..ولا أثر لصفّوي على الإطلاق .. و أم صفّوي جاثية بجانب سرير الطفلة تبكي وهي تردد أغنية ابنتها: صنصور لـ حلّك الله.. تاكل زرع اليتام.. قال الصنصور مب منّي.. كلّه يور الحمام.. حمامة وحدة صمّيء (صّماء) ماتسمع الكلام.. تسمع ردود الحارة...إلخ إلخ... والحال في الحارة على ما هو عليه....
...تَمّــــــت...

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 02:13 PM
رائحـــه
لـ : عائشة النقبية

لحَظات ُ السكونِ في هذا المساءِ تُشوشُ أَفكاري المشبَعةِ بترانيمِ الموت , أبحثُ عن تفاصيلي في وجهِ هذه الغربةِ اللعينةِ ولا أجدُ سوى روحي التائهةِ هنا وهناك .
بلعتُ كبسولتي قبلَ ان أصلَ إليها , كانت تتأملُ صورتَها على وجهِ القهوة ِ الداكنةِ وإِصبعُها تعبثُ بالكأسِ الخزفي بغيرِ اكتراثْ , حركةُ شفتيها كانتْ تشي بجملةِ أسئلةٍ كثيرة وهُناكَ غُصةٌ تُولدُ على ملامحِها المرسومةِ من بقايا انكساراتي .رميت بثقلي على الكرسي الجاثمِ أمامَها , نظرتْ لساعتها في حركةٍ تُشيرِ لي بأنني قدْ تأخرتُ عنِ الموعد .ما أغباني فقد نسِيتُ بأنهم يقدسون الوقتَ كثيراً ..
رائحةٌ غريبة كانتْ تملأُ المكان , بدأتُ أُشعرُ بالغثيان , حاولتُ تجاهُلَ هذا الإِحساس وبدأتُ في الحديثِ معَها وبعدَ سردٍ طويل تكلمتْ دونَ أنْ تُكلفَ نفسَها عناءَ النظرِ إلي قائلةً : ( لمَ تقُولُ هذا لي أَنا ؟)
- ربما لأنكِ وطني والأرضَ التي أجدُ فيها الأَنا التي فقَدتُها منذُ سنينْ.
تهضتْ غاضباً وتوجهتْ نحو الخارجِ وعلى إِيقاع ِ المطرِ المتساقطِ صرَختْ بإنفعال ٍ شديد : (شرقيٌ بائس ) قالتها قبلَ أَن تُغادرْ وخيبةِ أملٍ واسعةٍ تُطاردُ خطواتِها , إنكمشتُ في مكاني وتمعنتُ في الوجوه التي حولي فإذا بكلِ تلكَ العُيونِ المُلونةِ تنظرُ الي .
خَرجْتُ منَ المقهى وقبلَ أن أَستمع َ لِصخبِ تعْليقاتِهم كنتُ قد تسَرَبْتُ في عُتمةٍ آفلة إلى ركنٍ مهجور .ماذا بها فقد حاولتُ التعبير َ عن شعوري فأنا فعلاً لا أُطيقُ تلكَ الرائحةَ المُنبَعِثةِ من ضجيجِ المُدرعاتِ وأصواتِ الطلقات.
حاولتُ جاهداً النوم لكن دونَ جدوى , ذاكرتي تغرقُ بهواني وتلفازي يبثُ أجسادهم وهي تُسحقُ تحت آلاتِهم , أراهم محرومونَ حتى من حُفرةٍ تَضمُ أشلائَهم المُتَطلِعةِ نحوَ السماء .
خمسون يومآ وربما شهراً أو حتى سنةً لا أدري لمْ أَعد أَشْعُرُ حتى بالزمَن , كُلُ جوارحي أُصيبت بالشلل خاصةً بعدَ أنْ أعلنت مُرؤَتي عجزها التام .الغريبُ أنة حتى أصواتُ الرابِ في أعلى مُستوياتِها لمْ تستطعْ أَن تُغطي على صَرَخاتِهم في أُذُني .
استندتُ إلى ظهرِ المقعدِ وأنا اُفكرُ لماذا صفقتُ مع أُولئك !!
سحقاً لي فلقد شربتُ الدياثة َ من كؤوسِهم وربما دخنتُها في سجائرِهم الملوثة .
صُداعٌ كبير يعبثُ برأَسي لمْ افقْ مِنةُ الإ على صوتِ الجرسِ في ساعةٍ متأخرة , ناولتني الخاتم وانفرجَ ثغرها عنْ إبتسامةٍ باهتة وغادرت المكان (هل حان دورها هي أيضاً لتتخلى عني ؟ )
إلتفتُ ببطء الى يمينِ البابِ وفي المرأة المُعلقةِ على جدار ِ الممرِ الضيق , حدقتُ النظر َ في ملامحِ وجهي , كانت لرجُلٌ بائس ليسَ أنا (تباً لهذهِ المرأة القذرة ) , هكذا حدثتني نفسي قبلَ أَن أَدْخُلَ في غيبوبةِ غضبي وأُباغتها بالنوم.
أَفقتُ في الصباح ِ وقررتُ الذهابَ لمنزِلها وهناك رمقتني بإستهجان قائلة : ( هاه ماذا قررت , هل سنعودُ معاً ؟ ) همست لنفسي ( من أَينَ ابدأ وما هو الطريقُ الأقربُ للإجابةِ عن سؤالها ؟)
أَجبتُها متلعثماً وأنا انظُرُ لموضعِ قدَمي : أرجوك ِ صدقيني رائِحةُ الموتِ تُشْعِرُني بالغثيـ ..... ) لمْ أكد انته من حديثي حتى أغلقتِ الباب في وجهي وهي تصرخ : تباً لكَ أيُها الأزرقُ الجبان
جُملَتُها هذهِ جعلتني أَسرحُ بِذاكرتي للوراء حينما كُنتُ استمع اليهم وهم ينعَتونني بصاحبِ الدماء الزرقاء , ياترى ما هي العلاقة بين الجُبنْ والدماء الزرقاء ؟
أَخَذَتْ يدي المرْتَجِفةُ تُحاولُ البحث عن كبسولتي من جيوبِ بنطالي , أُريدُ أَن أبلعها حتى تَطولَ المدة قبلَ أن يفيقَ دماغي فلقدْ أَخذ مني الإنكسار كُلَّ مأخّذْ وبالتأكيد لمْ أنسَ قبلَ أَن أُغادرَ المكان أنْ أُطيلَ النظرَ في عروقِ ذراعي لأتأكدَ بأنَ دمائي حمراء وليست زرقاء كما يدعون.
ذابت هي في الايام كَقِطعةِ سُكّر وأنا على حالتي تلك لا زلتُ أَخشى رائِحةَ الموت الى ان جاءَ ذلكَ اليومُ الذي كُنْتُ أَرتشفُ فيه الشاي وأُحدقُ في شاشةِ تلفازي كعادتي لأراها خبَرَ ذلكَ اليوم , جسَدُها الصغير غارقُ في دِمائه –كما عروبتي –ودَّعت الحياة وهي تُناضل من أجلِ وطني وعلى شفتيها إِبتسامة لم ْ تكتمل بعد وكأنما تُريدُ إخباري بأنَّ رائحة َ الموتِ ليست سيئة كما كنتُ أَظنها دائماً . خرجت الى الشارع كالمجنون , كان كلُ شئ بائساً , أعمدةٌ أَرهقها الوقوفُ طويلاً وشحاذ ٌيمسح ُ عن وجهة لطخات ِالزمن يسألني : هل تبحثُ عن شئ ؟
أجبتُه : نعم أبحثُ عن كرامتي ضاعت مني منذُ زمن , هل رأيتها؟
شخصَ ببصره نحوي وهزَ رأسه في استنكارٍ شديد ورحل بعيداً .
(يا إلهي حتى الشوارع ُ تنأى بنفسها عني )
رَغبةٌ تَكْسُرُني تُلحُ عليّ أن ارى ما ضحيتُ به لأَجلِ أن لا أنتمي للموت , وهل ثمةَ شي لا ينتمي للموت هنا ؟
(البُكاءُ لا يليقُ بالرجال ) هذا مَا كانَ يقُولُه لي والدي قبلَ أن تُسحقَ أشلائُه هُناك , لذا إنتزعتُ الحبةَ الصغيرةَ وبلعتُها لتبدأَ عملها المُعتاد.
كانت ساعةً مُتأخرةً من صحوةِ الضميرِ ولا شئ سوى العدم , هُنا ينظرونَ اليَّ بسُخرية وهناكَ يحاولون إقناعي بأنهم يشعرون وأنهم ليسو من فصيلةِ الدماءِ الزرقاء تمثيلية رائعة يستحقونَ جميعاً التصفيقَ من أَجلها .سُحقاً لهم أليس بينهم من سيثُورُ على هذهِ الأدوارِ الكاذبة ؟ لم يعد بوسعي سوى البحث عن ضريح لروحي المتعبة منذُ سنين .لا أَحدَ يُريدُ أن ينصفني , ما مُشكلةُ هؤلاء لماذا لا يفهمونَ بأنَ رائحةَ الموتِ تُشعِرُني بالغثيان؟

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 02:14 PM
الثياب الململة
لـ : عبدالله العلوي

بدأت نبرات الصوت ترتفع شيئا فشيئا إلى أن اقترب الصوت من أذني، وكأن الصارخ يصرخ أمامي، اقتربتُ لأسمع من الصارخ؟ وماذا يقول؟ اقتربت أكثر فأكثر باتجاه الصوت، وفجأة تخرج في وجهي وهي تصرخ بأعلى صوتها: أين أنت يا أبي؟؟ رفعت رأسها، وعندما رأتني صرخت بصرخة مدوية: أبي أبي أبي، وارتفعت من مكانها، وتعلقت بي ممسكة بعنقي، وكأن ابنة لم تر أباها الذي تحبه منذ فترة من الزمن الغابر، حسبتها تلك الأفعى التي تلتف على بنت العجوز الطمّاعة –كما جاء في حكاية جدتي- حاولت أن أفلتها من جسدي الرث المهترئ، ولكن هيهات هيهات، كيف لك أن تزيل الحديد الملتحم إذا التحم بأخيه الحديد؟!، ومما زادني تيها وغيا أنها كانت تنتفض بقوة، حسبتني في مغزلة قماش عمي، وعمي يغزل بالمغزلة والخيوط تهتز اهزازا كبيرا.
كانت خائفة كثيرا، ذكرتني بأختي الكبيرة عندما كانت تخاف من الظلام، تتعلق بأمي أو بأي أحد بجانبها، عجبت من تعلقها بعنقي فلربما بعثها ملك الموت لتحكم علي بالفناء الأبدي، الفناء الذي تتماطر حوله الحياة الأبدية.
مسكتها بأصابعي الخمسة من وجهها –حسبت وجهها كرة لعبة الجل، وكأني أريد رميها- فانكشف وجهها، رأيت شراجا من الدموع تهطل بغزارة من عينيها العسليتين، مرت على ذاكرتي أحداث كنت فيها بهذا الحال من البكاء، ذكرتني بقساوة دموعي المنهمرة، تراء في مخيلتي ذلك الخد وهو يلاقي الأيدي الماردة العملاقة، لمع لي طيف سياط القسوة تقصف عليّ يمنة ويسرة، وما كانت حيلتي إلا نزول دموعي البريئة، أجبرها على الظهور وهي لا تريد الشهرة، وتبقى قابعة خلف مقلتي الصغيرتين.
عاودت التمسك مرة أخرى برقبتي، وأصبح رأسها خارجا من كتفي، وصدرها ملتصقا بصدري، وكأن مغناطيسا يجذبها إلى صدري، لأول مرة أحس بمرارة الفراق واللوعة، ومرارة الخوف والفزع والهلع.
صرخت في أذني بقوة: أنقذني أرجوك.
ارتبكت ماذا أفعل؟! الآن بدأ اختبار فريد من نوعه، اختبار يجب حله في ثانية واحد أو أقل من الثانية، هي الآن في حضني، وتصرخ أنقذني، ولا أعرف ما سبب تعلقها بي، ولما هي خائفة؟.
طمأنتها وهي في صدري، تذكرت أمي وهي تهدهد أختي الصغير؛ كي تسكتها وهي في سنيها الأولى، وأثناء هدهدتي لها على ظهرها بهدوء قاتل؛ عصفت في ذهني أسئلة كثيرة،
كيف تناديني أبي وأنا لا أعرفها؟؟ ولا أعرف سكنها؟؟
وما أرقني كثيرا، كيف تقول لي يا أبي وأنا ربما أصغرها أو أكبرها أو أننا متساويان في العمر؟؟؟!!!
وبعد أن هدأت تلك العواصف من الخوف والهلع، أنزلتها من حضني،
حاولت أن أمعن النظر فيها، وكأني أفتش على ألعابي أين خبأها أبي؟؟! فلربما التقيت بهذا الوجه من قبل، أو أنني لربما التقيت به في أزقة حارتي، وأنا لم أمعن فيها، أو أنها ابنة جارنا أو أو أو..
رأيت دمعها تنهمر بغزارة، مسحت دموعها من خدها، حاولت أن أمعن النظر في وجهها مرة أخرى، ولكن للأسف خانتني ذاكرتي كما هي عادتها في الخيانة، أريد أن أتذكر من هذه؟ وأين لاقيتها؟؟ وما هي الصلة التي تربطني بها حتى تناديني أبي؟؟ ثار في عقلي وابل من الأسئلة التي أردت أن أقتلها، نعم أقتلها، كيف لا وشابة في مقتبل العمر تناديني أبي؟؟!! هل أنا حقا أبوها؟؟!! هل أنا ربيبها؟؟!! أتعلمت معها أو علمتها ؟؟!! أم أنني لاقيتها في زقاق حارتنا، ولم أحدثها لخجلي الفاضح.
- يا سيدتي من أنت؟
نظرت إلي شزرا.. وقالت:
- أنا ابنتك يا أبي..
جاءتني دهشة بطريقة ردها الغريب، ونبرت صوتها المطمأنة.
- ولكن أنا لم أتزوج حتى تكوني ابنتي؟؟!!
- لا أنت متزوج أمي ورُزقت بابنة وهي أنا أنا زينب
زادت دهشتي من شدة صرامتها وثقتها بكلامها، وكأنها متأكدة تأكدا تاما، مما تقول، بل هي تثق بأن كلامها حقيقي لا غبار فيه، رجعت أتفحصها، فوجدت أن عينيها عسليتان، طويلة، متوسطة الجسم، مستطيلة الوجه، المملتى بياضا، وشعرها المسود، لكنها ليس طويلا وإنما قصيرا إلى حد كما.
- ألن تساعدني يا أبي؟؟!!
فاجأتني بسؤالها، أجبتها بعد مدة ليست قصيرة، أحسست وكأني في محكمة قضائية وحكم علي بالإعدام والقاضي يسألني هل لديك كلام أخير تريد قوله؟؟، تحشرجت في الكلام، ولم أستطع أن أجيبها، انطلقت كلامات في لساني.
- نعم حبيبتي سأساعدك.
لا أعلم كيف نطق لساني بتلك الكلمات الجميلة، مع أني لا أعلم من هي ؟؟!!، ولكن أثق أن القلب أجبرها على الخروج بدون إذن سابق.
أطرقت رأسي إلى الأرض، تراء في رأسي أبي وهو يلتهمني بصوته، وأنا مطرق رأسي إلى الأرض، خوفا من أن تلسعني يده وتلاصق خدي كما هو عادته.
رفعت رأسي إليها، فرأيتها تبتسم وثغرها مملوء بالحنين، نادى منادٍ في رأسي بأفكار كان سببها ابتسامة تمنيت لو أنها لم تخرج من فمي ولم أجبرها على الخروج.
وما إن حل المساء حيث النوم، حيث الحب، حيث العشق، قالت بكل حنيه، وبكل برود تام وهي تنام على ركبتي.
- أبي يا حبيبي أين أنت من زمان؟؟
التفت إليها بكل رؤم، نظرت إليها، فرأيت براءة الدنيا في وجهها
- أنا موجود يا حبيبتي، أنا موجود ولكنني كنت في موعد مع الموت..
- الموت؟؟!! وما الموت يا أبي؟!
التفت إليها رأيت طفلة وديعة على كبر سنها، تطلب الحنان من أبيها، تطلب الحب، تطلب كل شي جميل يمكن أن يقدم لها، كما كنت أتدلل على أمي، حاولت أن أجمع كل جمل الحب والحنان التي كانت أمي تجمعها في قلبها عندما يصيبني جرح طفيف، سآألت نفسي حينها، ما هي الطرق التي تستخدمها أمي لكي تجمع كل ذلك الحنان في قلبها في لحظة وجيزة؟!!، تمنيتها لو كانت الآن في جانبي تلقني درس الحب والحنان والعطف، تمنيتها تقول لي: افعل كذا ولا تفعل كذا.
- أبي أراك تحدث نفسك؟؟
صوتها ماء سلسبيل، ناعم الحس، يدخل في الأذن بدون إذن، فيتخلل إلى القلب بدون إذن، فيفعل فيه أفاعيل هوجاء، انتبهت لسؤالها، ارتبكت ولا مبرر لارتباكي، ظننتني متهم وأريد الهروب من جريمتي، وأبحث عن علة لجريمتي.
- لا بنيتي، أفكر في الموت.
نظرت إلي نظرة مفرحة
- إذا فأخبرني عنه..
ذهب خيالي بعيدًا، تريدني أن أحكي لها قصة الموت، القصة التي دائما أحكيها لذاكرتي البلهاء، القصة التي تذكرني بجدتي عندما مرضت ذاك المرض العضال، وجاء الموت فاخططف مني جدتي، جدتي التي كانت تحكي لي الحكايات الجميلة تحت (الشندرما)، تحيها لي قبل النوم بدقائق، حكايات عن ليلى وعن الذيب، وعن تلك المرآة الجشعة، القصص الكثيرة.
القصة التي تذكرني بجدي، حيث كان يحثني على مسابقة أصحابي لحضور مدارس الكتاتيب، القصة التي تذكرني بعمي لأنه المومول الأول لي ولإخوتي.
كم أكره الموت، أكره حماقاته، أكره سذاجته، أكره كل صفة تقربني إليه، لأنه سرق طفولتي، سرق لعبتي الصغيرة، سرق يتمي، سرق كل شي جميل فيني، حتى الشوكلاته التي كنت أشتريها من دكان العم سعود سرقها، كيف لي لا أكره الموت، وهو الذي فعل ما فعل بي؟؟!!
- أبي؟؟
وأنزلت رأسها إلى الأرض دلالا..
لأول مرة أحادث فتاة بهذا الجمال، وتحدثني بكل دلال وحنية، أحسست أن الكون امتلى حنانا وحبا، ماذا حل بي هكذا فجأة دن سابق إنذار.
ابتسمت عندها ابتسامة المسترضي الذي يريد الرضا من حبيبته، لا أريدها أن تزعل مني ولو ثانية من الزمن، أحس بأن الدنيا تتزين لي، مع أنني قد عاهدت نفسي لا أراجعها بتاتا، لأنها حمقاء بطبيعتها.
سرحت قليلا، تفكرت في نفسي وهذه البنت..
نادتني مرة أخرى: أبي؟؟
أجبرتها بصوت مرتفع بعض الشي، لأني كنت سرحانا، ولم أتوقع أن تسألني، تمنيت لو أن لساني انقطع قطعة قطعة، تمنيت لو أن الموت زارني قبل أن أنطق بكلمة نعم، ارتفع صوتي عليها، وما حسبت أني سأرفع صوتي على دلال الدنيا،
عندها طأطأت برأسها إلى الأرض دلالا مرة أخرى، -وما أجمل دلال الأنثى عندما تكون جميلة-، وفوق كل هذا تتدلل، ومع ذلك أتوقع أنها لا تربطني بها علاقة بتاتا إلا أنها هي تناديني أبي وأنا أناديها بحبيبتي، وكأن رابطا بين قلبها وقلبي، وبين حبها لي ومنادتها بأبي، وبين حبي لها.
أحببتها بكل ما فيها، حتى لو لم تكن ابنتي، حتى لو لم يربطني بها أي علاقة كان نوعها، فسهم الحب دخل في قلبي بل وتغلغل في شراييني وأصبح الهواء الذي أتنفسه.
قبلتها على جبينها لأسترضيها، وما أسرع رضاها، عرفت أنها لم تزعل وتتدلل لأنها تريد الزعل بل زعلت لأنها تريد هذه القبلة مني، وكأنها تنتظرها من ساعات كثيرة.
شارف الليل على أن ينسدل، ويقترب نصفه، نامت بسرعة خاطفة، فالنوم كان واقفا من فترة من الزمن على رأسها، ولكن لم تأذن له، فتعب من الانتظار فدخل بدون إذن مسبق، ولم أنم خوفا من أن يصيبها شوكة في جسمها فيؤثر على نومها الطبيبعي، وفرت لها كل سبل الراحة وكأنها في فندق بسبعة نجوم، حيث جعلت ركبتي وسادة لها، وفرشت عمامتي لتنام فيها، وجعلت ردائي لحافا لها خوفا من أن يصيبها برد فتمرض، عندما أيقنت على راحتها التامة، قررت أن أزيل من رأسي النعاس فنمت جالسا متكئا خوفا من أن أسبب لها إزعاجا أثناء نومها.

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 02:14 PM
البراءة المسلوبة
لـ : مريم اليعربي

ذهبَ قاصداً ليجلس تحتَ شجرةِ الغافِ التي تعتلي التلةَ المقابلةَ للمسجدِ الكبيرِ ، محاولاً أن يسترجعَ ذكرياتِ خمسةً وثلاثين عاماً قد مضتْ. جلسَ متكِئً على الشجرةِ بعد ان احسَ بمرارةِ الذكرى ، وكأنها تعودُ من جديد لتجعله يصارعُ لحظاتِ الموتِ الصامتِ. أخرجَ صورةٌ من جيبهِ البالي ، وأخذَ يتأملها ، ويداهُ ترتجفان.
كان كل شي في رأس أحمد حائرا ولكن الذكرى أخذتْ به الى يومٍ ظل يتجرعُ الامهُ لسنواتٍ طوالٍ لم يشعرْ بها سواه. ظل ينشرُ حزنهُ بصمتٍ في كلِ ليلةٍ مظلمةٍ بالسكون.
حكاية أحمد بدأت منذ أن قرر أن يقطن في هذه القرية الملعونة التي سلبته أزهار حياتهِ ، فهذه الصخور والرمال تعلم جيدا بأنها ليست مجرد ممرا مشؤما لهذه القرية, بل مر بينها وادي واحتضن في مجراه صغارا فارقوا الحياة لانهم قرروا يوما أن يمارسوا حقوقهم في اللعب ولكن قسوةَ المكان سلبتهم تلك الحرية التي يحظى بها الاطفال من حولهم ليصبحوا ضحايا في غمضة عين.
قرر أحمد بعد صراع مع ذاته أن ينزل من أعلى التلة ؛ ليتجول في ذلك المكان ومن زاوية قاتمة بدأ ينصت جيدا لحوار دار بين اهل القرية وشيخها عن امكانية دفن مجرى الوادي وتحويله الى معبرٍ رئيسي لدخول القرية.
في هذه اللحظة داهمه حنين وشوق لحقيقة المكان , كيف لهم ان يجعلوا دفتر ذكريات الصباح والمساء معبرا للمارةِ ؟ وحده جعل من المجرى موعدا للقياهم ، ولا زالت رائحة دمائهم تعطر المكان ولا زالت اصواتهم كأسراب طيور تغرد ليتردد صوتها في مسمعه.
أخذ ينشج وهو يتذكر ناصر، ومريم ، وعبدالله تلك الأرواح البريئة التي جرفها الوادي في لحظة غضب تذكر ايام صباه ، وأبنائه من حوله يلعبون.
خمسةٌ وثلاثون عاما وأحمد كما كل يوم يذهبُ للجلوسِ تحت شجرة الغاف ليصارع حقيقة عجزَ عقلهُ عن استيعابِها , يحاولُ أن ينسى ، وتعود به ذاكرته من جديد.

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 02:15 PM
نوبه !
لـ : نوف السعيدي

بالأمس كتبت قصة عن شاعر صغير، ينتبه لفتاة ليست صغيرة جدا، تضع خلخالا لا يفارق كعبها. جاء صديقه متوسلا يطلب منه كتابة قصيدة لا يعيبها أن تكون صغيرة عن فتاة بخلخال لا يفارق كعبها، كانت قد لفتت انتباهه. فقرر الشاعر الصغير أن يكتبها على طريقة التعيس "سيرانو دي برجراك" الذي كان يكتب باسم صديقه رسائل للتي يحبها قلبه، لكن شاعرنا الصغير على خلاف سيرانو انتظر طويلا أن يطلب منه كتابة قصيدة أخرى، للفتاة نفسها. وحين ظهر الصديق مجددا طلب بالفعل قصيدة أخرى لكن لفتاة أخرى، لا ترتدي خلخالا هذه المرة!
×××
لابد أن أتوقف عن كتابة هذه القصص اللعينة، كل مشهد فيها يظل يدور ساعات في خاطري، لا يزول إلا بعد أن أحاكيه. لقد فقدت القدرة على التركيز في أي شيء ، بل وفقدت الاهتمام بأي شيء سوى كتابتها ومن ثم إعادة قرائتها مرارا ومرارا. أتعرف أنني لم أذهب إلى الجامعة طوال هذا الأسبوع؟ أصبحت أفوت محاضراتي، وأنسى مواعيد الأكل والنوم! حتى برامج الحيوانات التي كنت أفضلها على أي شيء، ما إن أبدأ في متابعتها حتى تتسلل إلي أحداث قصة جديدة من خلال العشب والأشجار والأنهار، فلا انتبه لما تحكيه الشاشة إلا في المشهد الذي يأكل فيه الأسد غزالا، أو يغرق جاموس في البحيرة.
لم أتمم قصتي الأخيرة بعد، وها أنا اليوم أرتدي خلخالا سخيفا في قدمي، أدق الأرض فيصدر صوتا، يذكرني بالحية ذات الأجراس. هل سمعت من قبل الصوت الصادر عن ذيل الحية ذات الأجراس؟ لا أعتقد.. فأنت لا تحب برامج الحيوانات، ولكني أحبها كثيرا، وسأترك كتابة القصص وأتفرغ لمتابعتها بعد أن أتخلص من هذه السلسلة النحاسية الغبية.
×××
معقدة! أنا! .. أتذكر ذلك اليوم، حين اتفقنا أن نلتقي في حفل توقيع كتاب "ما بقي في الإنسان من أسلافه" كان كتابا جيدا ولا شك، يتحدث عنا، نحن القرود التي شائت المصادفة البيولوجية أن ننطق، ونفكر، ونرتدي ملابس وخلاخل، ونكتب قصصا نتقمصها. فكرتُ بأنه من السخيف أن أقف في الطابور لآخذ توقيع كاتبه الأشقر، ماذا إذا ابتسم برضًا معبرا عن سعادته بالإنجاز. أقسم أني سأقتله، لا مشكلة لي مع سعادته، مشكلتي بأن يشعر أنه مركز الإهتمام، هذا شعور يقتل الإنسان، ولو تقمصه للحظة واحدة. لابد أن تكون غير راض عن نفسك، بل يجب أن تحتقرها إذا أردت تقبل هذا العالم. يجب أن تكون قمامة لتشعر أن وجودك في هذا المكب الممتد من البحر إلى البحر هو أمر طبيعي وعادل. أردتُ أن توقعه أنت لي لكن شجاعتي خذلتني. وضعت الكتاب في الحقيبة، وإذا بك تمد يدك بالكتاب وتقول: "هلا وقعتِ لي، طابوره أطول من طابورك". سألتك :"لماذا ؟". لم أكن أريد أن أعرف دوافعك، كنت راغبة بمعرفة دوافعي حين فكرت بذات الأمر، أردتك أن تساعدني على فهم ما أريد، ظننتك أبسط مني، وأن بإمكانك أن تجيب عن سؤال أعجز عن إجابته. كنت مظللة، سألتك "لماذا؟" أنت الذي اخترت أن تفهم سؤالي على أنه رفض. كنتَ أجبن مني، كان بامكانك أن تقول شيئا، أي شيء. كأن تقول ما قالته البطلة في قصة الأسبوع الماضي "لو مات الكاتب غدا وأنا أشرب قهوتي، سأستمر في شربها، وسأذهب لعملي، وأمارس الرياضة، وأفعل ما أفعله كل يوم، وحين ألتقي بك مساءً سأخبرك وأقول رحمه الله، وستهزين رأسك ثم ينتهي الأمر. لكن لو فقدتكِ يومًا سأحب أن أحتفظ بشيء يخصك". يا أخي قل "لأن هذا ما أشعر أني أريده ببساطة" ثم تنام الليل وأنت مرتاح، لكنك لم تفعل. ألا تعلم أننا لا نسأل الآخرين إلا لنجيب أنفسنا؟! "نوبه؟"، نعم نوبه اقترحت على نفسك شعورا واهما بأنك غير مرغوب، وانتظرت اعتذاري. كل ذلك وتقول أنني أنا المعقدة، معقدة بسبب أفعالك، التي أجاهد لوحدي في تحليلها .
هل أخبرك بما خطر في بالك حينها؟ الخيانة، هكذا أنتم دائما أيها الذكور، مع أي سوء فهم تظنون أن هناك ذكرا آخر ينافسكم. وإذا كان هذا الذكر متكبرا تماما كحالتك، فسينسحب مدعيا أنه لا يبالي. نعم أيها المغرور المهزوم، انسحبت حتى عدتُ إليك، أو بمعنى آخر أعطيتك إشارة التقدم، لكنك أبدا لم تسألني عن ما كنت تؤمن به من وجود رجل آخر. إما لأنك تعتقد بوجوده فتكون مناقشة الأمر شيء محرج لكلينا، أو أنك تظن أنك الوحيد الذي يعجبني!
إذا دعني أخبرك أن إناث العديد من الحيوانات – وهذا بالطبع ذُكر في الفلم الوثائقي بعد أن أكل الأسد غزاله وإلا لما انتبهتُ للمعلومة؛ لاني كنت أفكر في قصة عن فتاة بخلخال – اقول أن الكثير من الإناث تتزاوج مع أكثر من ذكر، هذا يمنح فرصة لصغارها أن يكونوا متنوعين جينيا. وهل انثى الإنسان إلا حيوان يريد أن يمنح حضوره وأفكاره تنوعا. دعني أشرح الأمر أكثر. بالنسبة لك مثلا، أنا المعقدة الثائرة وجاذبيتني – واسمح لي أن اتحدث عن شيء يخصني بهذه الحيادية – أقول أن جاذبيتي تنبع من مزاجي المتقلب، الذي يملأ حياة قاضٍ – حكيم، خبير بالناس، كثير التأمل، وهادئ المزاج مثلك – بالحياة. فارق العمر بيننا يمنح هذا الإطار – إطار الصغيرة الممتلئة المرحة، والزوج الدافئ العجوز – يمنحه الصلابة. اممم يبدو هذا موضوع صالح ليكون في قصة!
لكن ألا تعتقد أنني بحاجة إلى تغذية الشعور بالندية، أي أن أكون في علاقة أشعر فيها بأني أكثر من تابع. أشعر أني ند، والمسير في كثير من الأحيان، مع شخص أقل حكمة، يسمح لي بالتشاجر معه، ومخاصمته، وكل ما في العلاقات العادية من تهور وقلة نضج. ولا يستخدم كلمة "نوبه" أبدا أبدا، ربما لا يكون عمانيا حتى، أخبرني الآن أليست هذه مقدمة جيدة للاعتراف بأني أخونك!
حان دورك عليك أن تفعل ما يفعله الأسد حين يقتل الأشبال التي يشك بأنها ليست منه. أطلق الحيوان الذي بداخلك. قلب الفساتين التي ألبسها، واقتل أي شيء لا ألبسه لك، لأني قد ألبسه لغيرك.
إلى أين تذهب؟ أنا أحدثك! دعني أكمل حديثي، ستذهب إذا؟ حسنا إذهب أيها الجبان وأنا سأكمل كتابة قصتي عن المرأة التي تخون زوجها العجوز مع رجل لا يقول "نوبه"!

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 02:16 PM
"حفلةُ مَوت"
لـ : حمد المخيني


" صديقاتي
طيور في مغانرها
تموت بغير أصوات"
نزار قباني


كل شيء أصبح ساكناً,
فجركِ بالكاد بلع ريقه, ليلكِ الجافُّ بالخطيئة ساح, السرير لم يعد يئن بإلحاح,
الأنفاس الكريهة تلاشت,
والمصباح المتدلي من أعلى الجدار, حسر ضوءه لأحزان أخرى.
كل شيء سكن , عدا غصة في قلبكِ,
ظلت تدوي.
جسدكِ مسجى على سرير لعنتكِ.يأتيك سعاله من دورة المياه, كهزيم رعد, يجتركِ إلى فجيعتكِ, تلتقطينَ أنفاسكِ فتخنقكِ رائحة العار. تولولينَ مرتجفة ضاربة كفيكِ على خديكِ, تلملمين ثيابك على عجل. يطل عليكِ "عقبى لكِ مائة عام". تبصقينَ عليه وجعك, وتهربين...
تتهادى إليكِ ضحكاتهِ الماكرة , وأنتِ تذرعين المسافة جرياً بعيدا عن شقته. تلاحقكِ , تحوم حولكِ كالذباب حول جيفة عفنة. تُضَّيعينَ الدروب, توقفين سيارة أجرة ...

***
مبتلة بالعرق والخوف.
تقفين بلا حراك أمام باب منزلكِ, توارين شحوب وجهكِ, تفرغين زجاجة العطر في ثيابكِ. بدوت قلقة , وحين هممتِ بالدخول, أسقطتكِ خطواتكِ , دفعتكِ الأرض. انتصبت قائمة تنفضين الغبار وتتحسفين. من أنت؟ إمرأة غبية في مأزق , لا يمكنها حتى اختلاق حكاية تطوي سيرة الليل. ماذا ستقولين لأخوتك حين يواجهونك؟ السواد أسفل عينك سيفضحك ونشيجك المخنوق لن يخبو أمام زئيرهم.
تعضِّين أصابعكِ ندما. تتمنين لو تعود بكِ الأيام إلي حيث كنتِ مصانة, تعاونين أمك، و تتفاخرين كلما امتدحتك و أوقفتكِ إلى جانبها؛ حتى إذا أقبلَ إخوتك , قبلّوا رأسَك.
تتمنين والألم يعتصرك , لو تعود عقارب الساعة , فتلسعُ لحظةَ ارتميتِ في حضن صديقتك, يوم شكوتِ لها مرارة الوحدة بعد وفاة أمك , انكساركِ على يد الأيام, وعمرك الذي يمضي دون أن تعيشينه.ظللت تشتكين وتشتكين, لم يهدأ بركانكِ الثائر في أعماقكِ حتى أفشت لكِ عن أمر سيغير حياتك:- "تزوجي, اظهري أمام الناس ليرونك.ستعنِّسين وتذبلين.عدة أشهر و يُطبقُ عليكِ الأربعين بشؤمهِ... خذي, هذا رقمُ هاتفِ ابن حلال , امنحيه الفرصة..."
تجاهلتها, فقد كبرتِ على مثل هذه التفاهات, انغمستِ في خدمة أخوتك , متناسية نفسكِ, و ظل صك خلاصكِ المزعوم مخبىء تحت السرير. لم يخطر على بالكِ أنك قد تفعلينها؛ حتى جَلبَتْ لك الصديقةُ ذات يومٍ تفاحة حمراء, مشدودة, تفوح رائحتها الزكية, وضَعَتها في يدك, طلبت منك لفّها بخرقة و تركها, فاستجبتِ لها. امتلئتْ الغرفة برائحة التفاحة الشهية المهملة على الطاولة منذ عدة أيام , لم تستطيعي المقاومة, سال لعابك , أزلتِ الخرقة, فوجدتِ التفاحة فاسدة ومترهلة, أرعبكِ منظرها, أشعلَ فيكِ فتيلاً من الهواجس, فـ لجأتِ إلى ابن الحلال...


***
بلا هدى تسيرين, تدركين أنْ لا مفر ولا ملجأ, تتأهبين للشقاء والموت, لأول مرة في حديقة المنزل تلمحين غرابا يقف على غصن النرجس, ينعق حظكِ البائس. تقذفينه بحصاة؛ يطير مواصلا نعيقه,وفي سواده الحالك, تتراءى لكِ الذكريات كالصفعات المتوالية.
يوم حادثته أول مرة, كنت تلهثين وكأنك قد خضتِ الأقدار جريا , تنفستهِ كالنسمة, أحيا رغبتك في الحياة. انتشلك من حضيض الوحدة إلى نعيم العاطفة. كتب أحلامك قدرا محتوما. فالتفَتِّ إلى الأنثى المنسية بداخلكِ اتسعت حياتك للحب, ورفرفتِ بجناحيك الصغيرين خارج العش الضيق إلى الأفق الرحب , تحلمين بحضنٍ يكنس سنين حرمانك عن الذاكرة.
لم تستمري طويلا حتى رضيت أن ترينه خاطفا بسيارته. قال لك يومها, أنك تبدين كمراهقة صغيرة بضة, رددتِ عليه مازحةً , أن المراهقة هذه تكمل الأربعين قريبا, وهي تقف كسلعة مهملة أمام زبون لا تعتقد أنه يحب اقتناء الأشياء العتيقة. لم يضحك لمزحتك, بل ناشدك باسم الحب أن تقابلينه. استجبت لطلبه ؛ خوفا أن يتركك تصارعين الوحدة مجددا. و ازدادت لقاءاتك معه في الأماكن العامة مدعية زيارة صديقتك , متخفية خلف نقابك. و بقي هو يدس لك الطعم , وبقيت أنت تهنئين بحبه.
حين اقترب يوم ميلادك, دعاك إلى حفلتك بين أمه وأخواته. وكفأرة جائعة , قادك النزق نحو الفخ مغمضة العينين لا تفكرين سوى فيما ينتظرك من سعادة و هناء...

***
أيتها المرمية في وحل الخديعة, وعدك بحفلة ميلاد فأهداك حفلة موت. أينَ ستخبئين حسرتكِ اليوم و أنتِ تسيرين على طينةٍ ملتهبة ؟ تحدقين في جدران البيت أمامكِ؛ فيتراءى لكِ خيال أخوتكِ من خلفها كالأشباح , يلفظون صبرهم الأخير. يطوفون حولك أشواطا, يتطاير الشرر من حمرة أعينهم.عين تصرخ من أعماق الغضب:وحده الموت يغسلك.عين تنقب عن خطيئة في تقاسيم وجهكِ المفضوح , دو أخرى ترميكِ سهاما من اللوم.وأنت موبوءة بالذنبِ تتوقين للفرار نحو حضن أمك التي تتوشح البياض , و تطل عليك من السماء باكية.
تصعدين الدرجات واحدة تلو الأخرى مستسلمة, يوقفكِ الباب الخشبي, يحذركِ صريره. كل شيء بدا ساكنا عدا غصة في قلبكِ ظلت تدوي وتدوي.تحثين الخطى, تستشعرين من القدر خلاصا ينجيكِ اليوم ببدنك , كلما خطوتِ نحو غرفتك سالمة, خالجتكِ مشاعر الإنتصار على خيباتكِ المتلاحقة ,كلما اقتربتِ أكثر, إلتئم جرح من حكايةٍ بائسة, وانعقدت مسبحةُ عمرٍ كادت أن تنفرط على دم العار...
و كنتِ لا تزالين تدفعين باب الغرفةِ حين تعالت أصوات الأبواق وغمرتك قصاصات عيد الميلاد المزركشة والملونة بألوان براقة. أخوتك يحتفلون بك، أحدهم يغني أغنية عيد الميلاد, آخر يؤدي حركاته البهلوانية التي لطالما أضحكتك, وثالثٌ اقترب ليحملك نحو كعكتك المزينة بالشموع, وأنت تقلِّبين بصرك حولهم , تستحثين منهم ردة فعلٍ , فلا تلمحين في لمعة أعينهم سوى ثقة عمياء. صفقوا لك لتباشري قص الكعكة. و في لحظة, غرستِ السكينَ في أعماقكِ, انتفضتِ.

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 06:56 PM
بيوت التيه
لـ : أماني السعدي

من بيوت التيه قامت في قصيدي ديرة
القوافي رتبت حرفي وفكري حاير

الشعر جاري فكيف آخون حق الجيرة !
قلبي يوم إنه تقطع جا ملبي زاير

حبر من دمعي يسطر في أنيني حيرة
جرح ينزف ما لحق يبرى وحزني ثاير

في سجايا الروح غابت قصتي والسيره
قصة الآه اليتيمة من شهر فبراير

دسّها صمتي وبعثرها هنا تعبيره
من رحل والحب مجهول الهوية صاير

في شواطي الشوق أرسم للحلم تأشيرة
والبحر يضرب على حلمي زبد متطاير

ما لقينا للأمل معنى يصح تغييره
الأمل أصبح حضوره في غياب مغاير

ما عرف إلا طريق الصدْ وماله غيره
الوصل يبعد طريقه لا مشى له طاير

المحبه في حياتي مالها أي سيرة
انمحى نور الشعور و ما بقى له ناير

كن حزني من حكاوي الحب جاته غيرة
الألم أعلن طواري فيني جاي مساير

بعثر الحب وتبعثر بيت من تأثيره
ما عرفت احكي عن أوجاعي وراسي داير

دوّرت بين المعاجم للوجع تفسيره
فاضت الأحرف وبعده جرح قلبي غاير

يا غفور اشكيك هم و للقلب تقصيره
علتي قلب ن عشق وأصبح جنونه خاير

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 07:10 PM
حضرة الكل
لـ : حسام الجابري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سافر.. مراياك القديمة تناديك
لملم وجوهكْ يا غريب وْ ترحّلْ

ما عاد فينا شيْ يمكن يراويك
لما انمحيت وغبت في حضرة الكِلْ

ذاب الزمن..
وتكسرت من حواليك
كل الجهات
وْ شهوة الشمس
والظلْ

وحدك بقيت وْ مايْ سركْ سرى فيك
لما تفلتْ قيدك/الوهم وانْحَلْ
وْمن الأزل يجري و تجري مجاريك
في كل شيّ وْ إنتهْ الكِل و المِثلْ

وانتهْ نهاياتك وانته بداويك
دوم العوالم فيك تحيا وتذبَلْ

عينك على غيرك تصك الشبابيك
وتشوف وجهك كل حينٍ تبدّلْ

في داخلكْ بحركْ يذوّبْ مرافيك
ومخروقَة ألواحَكْ ولا بُد حَ تضلْ
غرقانْ في ذاتكْ .. و محّدْ يلاقيك
غيرك .. ومحّدْ عن غيابك بيسْأَلْ

مشغوفْ بالحِيرَةْ .. و أنثى ترابيك
تصعق رسومكْ في شهودكْ وتجْفَلْ

أنثى تحب الحب وتمحي أساميك
لا اسمْ يحوي ما بدا لكْ ولا يْدِلْ

ما بين هالعتمة و صحرا منافيك
يركض غزال وْ يصطدم فيكْ و يفِلْ
ترميك عينه للبعيد وْ تواريك
ما تدري ترحلْ وين أووين بتْحِلْ
ويفيضْ قلبكْ وجْدْ ويغيبْ طاريكْ
لا انتْ انتْ وْ لا بقى منك مقتَلْ
مفقود في عين الفراغ وْ معانيكْ
تثقب فوادك لين للموت ينسَلْ

لا حِسْ لا معنى و لا شي يساويك
لما انمحيت وغبت في حضرة الكلْ !

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 07:11 PM
نزف على سطور الليل .
لـ : أشرف العوفي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تساقط نرجس أحلامـــــه على منفــــى عذاب الليل

كسر غصن العمر عصْـف المشاعر وانتثر أوراق

محل وجه الحضور ولا وفا هملول شــــــوق النيل

خنق همسة ربيـــــع الأغنيــــات وسدرة العشّــاق

ومحراث العنا يحصد أمانـــــــــي الألف ميل وميل

مراجيح الأمل مزّق صــــداها غلغــلة أشــــــواق

وانا المفتول من وهم العــــــــروق ومن يباس التيل

أنا الفجر المسجّى والدجى نعشـــــي على الأعناق

نفث بركانــــــها غصّـــــة حنينـــه لين فاض الكيل

وانا المنثور في جوفي مراره عافــــــها تريـــــاق

أشوف الوقت فزّاعه على درب الشقــــــــى والويل

وانا ذاك الفــــــراغ اللي يسدّه غربله وفــــــــراق

أشدّ حْبال أشعـــــــــــاري فـ غبّه والهواجــس سيل

على شط المواجع أنبش حروفـــــــي من الأعماق

واخبّي التيه باصــــــــــداف الظما المتشبّث بْمنديل

يبعثرني خيال المدّ وشْــــــــــراع الحلـــــم ما فاق

يـ حلـمٍ زفّـه الديجـــــور قـــــــــرباناً إلــــى قــابيل

يـ حلمٍ ينسجه منفى المســـــاءات وفراغـــه ضاق

من اللي حرّض العتمـــــه تصوّت مثل طلع سْهيل؟

طيوفي المظلمه تسأل درايشها بصيص إشــــراق

ألملمني بْكفوف الحظ / تشتتّنـــــي عصـــــا التنكيل

عصافير المنــــــى تاهت وطــــــوفان الجفا دفّاق

كذا بْظل الســــواد يموت نور بحضــــــــرة القنديل

سكنت الخوف تابوتٍ مطرّز بالأســــــــى الحرّاق

عبث وانفاس حلمــــي تختنق في ثرثــــــرة إبريل

غدا يشبه معاناتـــــي تناثر شوقـــــــــي الخفّــــاق

أصلي المـــوت للآخــــر/ أرتّل غربتـــــــي ترتيل

ألوذ بْزحمة أشلائي مع الحرمـــــان لي ميثــــــاق

تعبت أهذي تعبت أسرج على درب السراب الخيل

مسافر في ضجيج الصمت دربي ليل ما ينطــــاق

تخضّب وجنة أحلامـــــي / تخيِّط لي الوله إكليل؟!

متى يا عنفوان الوقت تعتق فجـــــــري المشتاق ؟

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 07:12 PM
تساؤلات المعاناة
لـ : محمد المقبالي

و تتنفس صباحاته
تهز الصمت من حوله
تقوم الشمس من كبد البحر خجله
عقب سهرت لياليها
و تغسل عينها من زرقة أمواجه
ويقذفها على السيفه


على ضيّ الشمس تتوافد أشجانه مثل قطعان خيلٍ في الوغى تجري
عيونه من دموع الحزن غرقانه يدس وجه مـ بين فراشه البحري
نبت شوك السهر في بطن أجفانه يغز حــدّه عيـونٍ حالها مزري
تجــاعيد الوهن دبـت من أعيانه زفر أنفاس فيها ضيق مستشري
تقــولوا ضيّها نورٍ يـــا سبْحـانه إإ أنــا يحرق ضياها فلّي و زهري
ينـادي بصوته المخنوق أخوانه أنا ويني ؟و وين وسادتي وعطري؟
أنا ويني ؟ وضعفي طلّ شيطانه يوسوس لي يهد جبال من صبري
تعبت ابكي و روحي حيل شفقانه على ذاك الفـراش النــاعم المغري


دمــــوعي تبتهل اللــه غفرانه تصلي قبل مـــا تنزل على حِجري
كــــآبه تملئ المشفى .. و بيبانه تعلّــق في مقـابضها أمــل عمري
ملل ضيقٍ تساقط سقف جـدرانه أرق يسحب هدوء البال من فكري
قلق ينده من الشرفة على أعوانه صمتْ ينزل بكل ثقله على صدري
تهب ريح الأسى من لون حيطانه تبعثرني على أيّ الطرق مــدري؟؟

يا ليت الشمس ما تصحي
و لا تنشل
شعرها فوق أجراحي
أشوف الليل لي جِــنّه
عن أحزاني و آلامي
يا ليت الشمس ما قامت
و عن عيني غفت نامت
غفت نامت...

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 07:13 PM
إلــــيــــه !!!
لـ : ياسر الحارثي

لا طاحت الدمعه على خدّ الفقير

طاحت معاني يا سعد تبكي معه
لله ما أبقى ولله المصير

اِكتال من صبحه أماني مشرعه
وان عادت أنفاسه تطرّز له سرير

بين النجوم اللي غدت له مسرعه
سارت ركاب اللي معَا ظهره ظهير

متوشّحه سيفه ورمحه معمعه
وش حيلته هذا وفي بيتي حصير

من عام ما شفته ولا به منفعه
حتى المطر من كان به خير ٍ وفير

عيّا جماله يبهجه واصبح دَعه
خلّك على (مخاوي) عسى حالك يغير

جيش الهموم اللي بصدرك موجعه
تذكارهم أضحى شرى جنب الغدير

تطبش به اطفال ٍ وترمي مقلعه
قلّي وانا بعطيك من صافي الضمير

واحكي ظروفك يا سعد متجمّعه
إن كانت الضيقه تبي الكفّ الكبير

ثارت مداين بين صوته مفزعه
وان ضاقت الحلقه على ثوب الضرير

سبّح وناجى داخله من يسمعه
وان مالت الدنيا على ذاك الصغير

وَقـِّفْ ولا تسأل من اللي أفجعه
سافر.. تغرّب.. يا جعل دمعك يجير

ولّا المقابر ما تردّك في سعه
قدْ قالها من كان هو قبلي بصير

الجوع ما دنّس مخالب مترَعَه

الملتقى الأدبي
10-09-2013, 07:13 PM
دعوة حفل زفاف
لـ : يقظان الشهيمي

يستبيح الحزن منّي كل أحلام السنين***
منكسر حظي وصبرّه يرتوي قحط الجفاف

إنحنى قوس الربابه وأرتفع صخب الونين***
يرتشف ضحل المواجع لـ محل قيض النفاف

عانقيني يا ثريا طفل أحلامك سجين***
العواصف وسع صدره والهدوء هَمْ الرجاف

فيك يا صور العفيّة قصة العشق الحزين***
عاشقك لـ هاج صمته حرّكه ريح الجداف

إحترق ليخ(1) المشاعر من لظى وجد الحنين***
وأرتمت قمرا الليالي خايفه عتم الكفاف

الجمر في وسط صدري ينفخه فقد الضنين***
يرتكيء بجدار فقري حلم مسروق الولاف

تشكّلت غيم الصحاري من رَحِمْ ذاك الجنين***
وأعلنت روض الفيافي المَحَل باب العجاف


آه شطّ البحر كنتي قبل مـ أنتي تعرفين***
كل ما طيفك يجيني لفَّته أحضاني لفاف

إرقصي فيني تعالي البطأ هدَّ العرين***
إمتلئ كأس الخيانه من طُهر كذب العفاف

ذاك سِيِفْ البحر موجه ندفعه كنّا ثنين***
الحَداق بقاع بحرك والطُعم ريق الشفاف

علميني ما بقى لي خنجرك فيني دفين***
ما رفقت بحال قلبٍ هلّت عروقه نِزَاف!

ناس في جَفوْ المشاعر بارعه في كل حين***
بس أنا لي حال ثانِ ما نفض ذاك الغلاف

الضمأ بلَّيت ريقة قبل لا يعرق جبين***
والفلا ناخت ركابه جايعه أكل العَزَّاف(2)

إختبئ ضيم المفارق يحطب ضلوعي خصين(3) ***
الصدق طاحت ركونه بالقَفَرْ(4)هول(5) وحِشاف(6)

من عنا كل الليالي ومن متاهات السنين***
أمس في ظرف الرسالة دعوة حضور الزفاف




(1) شباك الصيد
(2)بساط من سعف النخيل يسخدمه المسافرون ليوضع به الزاد أثناء الجلوس للأكل
(3) الفأس
(4) الوعاء المصنوع من سعف النخيل يستخدم لوضع التمور فترة الحصاد
(5)بقايا الحشائش
(6) مافسد من التمر أو البسر بعد يباسه ويسميه البعض النفيعه

الملتقى الأدبي
11-09-2013, 08:55 AM
بعد اسبوع حافل بالانشطة الثقافية بين الشعر والقصة والفن التشكيلي والقراءات النقدية تختتم مساء اليوم في خصب فعاليات الملتقى الأدبي التاسع عشر للشباب الذي تنظمه وزارة التراث والثقافة وقد انطلق مطلع الاسبوع الجاري في ولاية خصب ، حيث من المؤمل ان تعلن مساء اليوم نتائج الفائزين في مسابقة الملتقى في مجالات الشعر الفصيح والشعبي ، والقصة القصيرة ، كما ستقدم لجنة التحكيم في مختلف المجالات تقريرها الفني حول النصوص الفائزة والنصوص المشاركة ، كما سيتم تكريم الفائزين وتقديم الشهادات التقديرية للمشاركين في حفل الختام الذي سيقام في قاعة التنمية الاجتماعية بخصب تحت رعاية سعادة السيد خليفة بن المرداس البوسعيدي محافظ مسندم.
معرض التشكيل بالخشب.
وكان قد افتتح صباح أمس معرض نتاج حلقة الفنون التشكيلية حول النحت والتشكيل بالاخشاب والتي اقامتها وزارة التراث الثقافة ضمن فعاليات الملتقى وقد بدأت حلقة العمل هذه منذ التاسع والعشرين من شهر أغسطس الماضي تحت إشراف الفنانين ايوب ملنج البلوشي وعلي الجابري ، واشرف على الحلقة اداريا سلطان بن سيف الرواحي مدير دائرة الفنون التشكيلية والمسرح بوزارة التراث والثقافة ، وكل من قيس بن عبدالله الصالحي ، وعواطف بنت علي الفزارية ، وابتسام بنت إبراهيم الظهورية. وشارك في المعرض الذي افتتح صباح أمس تحت رعاية سعادة محمد بن عبدالله بن يوسف الشحي عضو مجلس الشورى ممثل ولاية خصب، كل من الفنانين أحمد بن محمد الشبيبي، وعبدالكريم بن عبدالله الرواحي، وعامر بن سالم بن عامر الطلبي، وهزاع بن حمد بن راشد المعمري، ومريم بنت سلطان المرهوبية ، وخلود بنت خلفان بن علي الشعيبية ، ووفاء بنت سعيد بن حمد المرزوقية، وفايزة بنت خميس الوهيبية، وخالد بن سعيد المشايخي، وسالم بن راشد بن عبيد العويسي، ويوسف بن أحمد بن علي الشحي، ورضوان بن عامر بن سعيد الهاشمي، وطارق بن محمد بن مبارك كوفان، وخلفان بن مرهون بن على الرواحي، ومحمود بن طالب ، وإسماعيل بن حمد البلوشي ، وعبدالعزيز بن أحمد بن علي الشحي ، وحليمة بنت محمد بن جمعه الشحي، وفاطمة بنت ابراهيم الظهوري، وأميرة بنت احمد بن علي الشحي.
سيرة الصائغ
وعقب افتتاح المعرض عقدت جلسة للخطاط محمد الصائغ استعرض فيها تجربته ضمن برنامج "تجارب في الفن التشكيلي" حيث قدم "الصائغ" في البداية نبذة عن الحروفية التي عرفها بأنها حين ننطقها أو نسمعها يأخذنا الفهم إلى دلالة على انه إنتاج فني عربي ، أو بعبارة أخرى ظاهرة فنية عربية ، أو أنها أعمال فنية تعاملت مع اللغة العربية كحروف أو نصوص تعاملا تشكيليا، ونستبعد منها أعمال الخط العربي بأقلامه المعروفة على أنها أعمال خطية لا حروفية.
كما أجاب "الصائغ" على الكثير من التساؤلات التي قدمتها ورقته منها: كيف بدأت الحروفية ؟ ، كما تطرقت إلى الدراسات ومسائل الحروفية والحروفيين ومحاولة تصنيفها من حيث الأسلوب كجماعة استلهامية ، وجماعة الانكساريين ، وجماعة الهندسيين ، وجماعة الكلمة أو النص، والريازيون. اما من حيث المحتوى الفكري فتكونت جماعة متقيدة ، وجماعة الحروفيين ، وجماعة الجسارة.
بعدها قدم محمد الصائغ المبادئ الأساسية للحروفية ، واستعرضها بالصورة عبر حروفيات العديد من الفنانين العمانيين ، كما ناقش "الحضور" الصائغ في تجربته وإسهاماته.
قراءة الشعر الشعبي
وفي الفترة المسائية ليوم أمس أقام الشاعر حمد الخروصي حلقة عمل حول الكتابة في الشعر الشعبي وتحدث حول "الصورة الشعرية في الشعر الشعبي العماني الحديث" ، حيث عرف "الخروصي" الصورة الشعرية وقال انها منذ بداية النقد العربي اثارت الكثير من الجدل والاختلاف حول تعريفها ومصادرها وأنواعها غير أن جميع النقاد والبلاغيين والشعراء يتفقون على أهميتها البلاغية والجمالية في بناء القصيدة وكذلك على وظيفتها في تصوير الأفكار والعواطف والمشاعر بشكلٍ حسِّي، فالشاعر يحاول من خلال الصورة الشعرية تصوير المعاني العقلية في أشكال حسيّة تستطيع الأذهان تخيّلها، بعدها تحدث "الخروصي" عن مكونات الصورة الشعرية ، واستعرض العديد من نماذج التجربة العمانية وقال "الخروصي" :إن كنا قد تعرفنا في الأمثلة السابقة على وظيفة الصورة من خلال قراءة وتحليل بيت واحد لكل مثال فإننا سنحتاج في بعض الصور لقراءة أكثر من بيت أو جملة شعرية للتوصل إلى الفكرة التي يقصدها الشاعر كما في قصيدة جدب للشاعر حمود الحجري من مجموعة الغرفة بلد، حيث ختم القصيدة بصورة شعرية يقول:
الشمس جلاد غليظ
..... والرملة الخرساء مسيح
نلاحظ أن كل شطر يحتوي على صورة تحتوي على تشبيه شيء بشيء ، فالشمس تأخذ صفات الجلاد الغليظ والرملة تأخذ صفات المسيح، وقد حذفت أدوات التشبيه فأصبح المشبه والمشبه به كأنهما شيء واحد ففتح الشاعر بذلك بابا واسعا للتأويل والتفكر من قبل المتلقي من أجل كشف حجاب المعنى المتوارى والغامض، وعليه أن يتاابع الدفقة الشعورية منذ بدايتها حتى يصل للمعنى، فكون أن كل الصور المرئية هي صور حسية لا يعني بالمقابل أن تكون الصور الحسية صورا مرئية، لذا فعلى المتلقي أن يجد من أجل قضم تفاحة المعنى، وهذا ما سنناله مكأفاة لاجتهادنا، بداعي إن هذه الصورة وهي مقطوعة عما قبلها تظهر جامدة، فبرغم جمالها البرّاق غير أننا لا نشعر بارتباطها بذات الشاعر وعاطفته وكأنها تحمل معنى فكريا أكثر منه عاطفي، فالشمس جلاد قاس على الرملة الصامتة التي جسدت المسيح عليه السلام، والصورة تشي بمقاربة بين الآلام المسيح ساعة التعذيب وهو صامت وآلام الرملة من سياط الشمس الحارقة وهي صامته كذلك.. وكل هذا لا يرتبط بوجدان الشاعر غير أننا حين قراءة المقطوعة من بدايتها سنكتشف أن الصورة جاءت نتيجة صراع عاطفي مرير أثاره الحوار المتوسل مع السحاب.

الملتقى الأدبي
11-09-2013, 08:55 PM
نتائج الملتقى الأدبي التاسع عشر في خصب :
أولاً : الشعر الفصيح :
1- أحمد الفارسي
2- أشرف العاصمي
3- أحمد الكلباني
4- الشيماء العلوي
5- إبراهيم السوطي - تشجيعية

ثانياً : الشعر الشعبي :
1- عبدالناصر السديري
2- حمد البدواوي
3- حسام الجابري
4- حمود المخيني
5- عبدالله العمري - تشجيعية

ثالثاً : القصة القصيرة :
1- محجوب
2- حمد المخيني
3- حسام المسكري
4- عائشة النقبية
5- نوف السعيدية - تشجيعية