المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجنية و العاشق الجزء الأخير النجاة


ناجى جوهر
21-10-2013, 10:54 PM
الجزء الأخير
النجاة

وهمت الجنّية أن تفتك به
وأن تنتزع جزءا من قلبه، لكنها تمالكت أعصابها، فقد كان من أحبابها
وأظهرت التسامح والديمقراطية، في خطة غبية إعتباطية
تريد منها سبر غوره، وإستكمال أجزاء الصورة، فقالت في هدوء ورصانة
وليس من طبعها الرزانة :
لكنك كنت تقف أمامي الساعات، تخاطبني بأجمل العبارات
و تغرقني في عالم المسرات, تبعث إلى قلبي أمارات
تنظر الي بشكل مباشر، ليس بيني وبينك ساتر ,كأنك منشد أو شاعر
إن كنت لا تراني فأنا أراك، أسمع أنينك ونجواك
فأنا أعيش في قلب الصخرة، هي منزلي والحجرة
أرى هيامك في, والمس إهتمامك بي
فأنا غرامك, أنا أجمل أحلامك ,أنا مرامك أنا...
فقاطعها العاشق برد حاسم :
لا لا عيني ما هو لازم, إسمعي وعي ولا تتسرعي
أغبية أنتِ إلى هذا الحد؟ولا تفرقين بين المزاح والجد؟
تجرين خلف السراب، كأنك أكثرتِ من الشراب
أم في عقلك تلف وخراب؟
فأنا إنّما كنت أتمرن، وبالألفاظ أتفنن
كي أقنع الحبيبة،لتبقي مني قريبة, تعيرني لبها، و أتفانى في حبها
دوب الدهر بي هائمة، على محبتي دائمة،وفي عالمي عائمة
وأنا لا أرى في الوجود سواها,تبرمج عقلي على هواها
تسمع كلامي فتفهمه، وأهديها كياني بمعظمه
لا تراجعني أبدا، ولا أقارن بها أحدا
أما أنتِ فليست لي بك علاقة، حتى وإن أبديتي اللياقة
وأخفيتي القبح والصفاقة
لا أُحبك ولا أهواك، ولا يسعدني أن ألقاك
ولا يهمني سخطك أو رضاك
أُغربي قبل أخذك بالعقوبة، وشدتي والصعوبة, يا ساذجة يا أُلعوبة
فلما سمعت الجنية هذه الإهانات، والتجريح والتهديدات
فاض كيدها والحنق، ونوت تعمل من لحمه مرق
فطارت في السماء مغضبة، ثمّ عادت الى الأرض معصبة
قررت أن تسحقه، أو أن تلقي به في المحرقة
فشمرت ثيابها، وكشفت عن أنيابها
ثم فغرت فاها، و أظهرت وجها في قفاها
وأنتفخت رئتاها، وبان قلبها وكليتاها
ثم كبدها وأمعاؤها، والمعدة وأحشاوها
وهي تزعق وتنهق, ولهيب النار تطلق
فهاله المنظر الفضيع، وكادت نفسه تضيع
لكنه إنسان، لديه العلم والبرهان، فقابلها بالبسملة
وبالآيات المنزلة، فلما وقع ذكر الله في سمعها
صاحت من ذعرها, وغطت وجهها بشعرها
وحاولت أن تمنعه من التلاوة, فأحضرت له كيس حلاوة
لكنه لم يبالي بخديعتها, وقد عرف سلوكها وطبيعتها
فأستمر في تلاوة الآيات والسور, وعينه تراقبها في حذر
فرآها وقد ذُعرت,و صرعت من طولها و دُحرت
وخارت قواها,ولم يفدهاسحرها و دواها
ففقدت وعيها, وخاب سعيها, فتشجّع قلبه
وفرح بعد تعبه, لكنه إستمرّ في التلاوة, فللقرآن طلاوة
ولما فاقت الجنية ولولت وناحت، و رجلاها في الأرض قد ساخت
فغمرت وجهها الكآبة، وضاق صدرها بعد الرحابة, وأذاقها الآدمي عقابه
فنادت بالويل والثبور، وظهرت على وجهها بعض البثور
لأن القرآن كان يحرقها, من أخمص قدمها إلى مفرقها
فظل يرتل القرآن، والمعوذات من الفرقان
وهي تبكي وتستغيث, والرجل يسعى لتأديبها سعيا حثيث
حتى راءها تضمحل وجسمها ينتحل, وكان البدر ليلتها مكتمل
وهي ترجوه أن يتوقف، و تستقيله وتستعطف,لكنه نهرها وتأفف
وهي تقول أنها نادمة، قد كانت له ظالمة, ووعدته أن لا تعود
ولا تتجاوز الحدود، وإنها آسفة، لم تفهم السالفة
لكن جسدها ضمر، وجبل هامتها إنحدر
فصغرت حتى صارت كالبقرة, ثم صغرت حتى صارت كالدجاجة
ثم صغرت حتى صارت كالجرادة
وحلت عليها اللعنة والقرادة, ثم إختفت للأبد
ونجى منها بفضل الأحد الصمد
فحمد الله على النجاة و شعر بحرارة الحياة
فعاد إلى البيت مسرعا وقلبه من الحنين مولعا
ولما إقترب من العمران، شاهده بعض الصبيان
فجرى كما تجري الريح, وأخذ الصبي من فرحته يصيح:
البشارة البشارة، اسمعوني يا أهل الحارة
فخرج الكبار والصغار, يستطلعون الأخبار
و يتسألون في إستنكار:
ماذا جرى ماذا حدث؟ لماذا يجري هذا الحدث؟
لكن الولد لم يتوقف، ولا هاب أحدا ولا تخوف
بل مضى بسرعة البرق، مقصده المنازل في الشرق
حتى وصل إلى بيت الغائب المفقود
فأستقبلوه بالمسك والعود, ومنحوه الهدايا و النقود
ثم إتجه صوب الحبيبة، لعله يجدها قريبة، فلما اقترب من دارها
إستوقفته أشعارها:
يا أيّها الراكـــبُ الغــــادي لطيّتهِ ** عرّج أبثّك عَن بعضِ الّذي أجدُ
ما عالجَ الناسُ مِن وجدٍ تضمّنهم ** إلّا وَوجـدي به فــوقَ الّذي أجدُ
حَسبي رِضــــاه وأنّي فــي مسرّتهِ ** وَودّه آخـــــرَ الأيّـــام أجتــــــهدُ
فلما سمع الصبي هذه الأشعار الجميلة, ترقرقت في عينه أدمع جزيلة
ثم شد العزم و ضاعف النشاط والحزم , فناداها من بعيد:
البشرى يا بنت سعيد .. البشرى يا بنت سعيد
إعتبري هذا اليوم عيد
فألتفت إليه و صاحت عليه:
ما هي البشار, وضح و أعطى إمارة ولا تكتفي بالإشارة
فقال لها: محبوبك رأيته في ذاك الحي ,و أقسم بالله إنه حي
فإستخفتها الفرحة, و لبست الفستان والطرحة
و غادرت البيت منشرحة
يقودها إحساس العشاق, بلوعة البعد و الأشواق
تطوى الطريق طى السجل, بنبضات قلبها تستدل
تكاد تطير من البهجة, صوب الحبيب متجهه
لا تفارقها احلام المحبين ولا أوهام العاشقين
أما بطل القصة فقد وافق من السعد حصة
فها هي فرقة البحث و الانقاذ تعثر عليه بين الأنقاض
و تحمله على بغلة و توصله الى أهله
ففرحوا كثيرا و اقاموا حفلا كبيرا
ثم خطبو له المليحة و زفنوا في الصبيحة
وعاش في سعادة و سرور, وراحة و حبور
بعد أن توظف في الجمارك, وفي خدمة المجتمع شارك
الصخرة في مكانها رابضة, والجنية على حسرتها قابضة

تمت بحمد الله
نلتقي إن شاء الله مع حكاية
زوجة الأب

رحيق الكلمات
21-10-2013, 11:13 PM
الجزء الأخير
النجاة

وهمت الجنّية أن تفتك به
وأن تنتزع جزءا من قلبه، لكنها تمالكت أعصابها، فقد كان من أحبابها
وأظهرت التسامح والديمقراطية، في خطة غبية إعتباطية
تريد منها سبر غوره، وإستكمال أجزاء الصورة، فقالت في هدوء ورصانة
وليس من طبعها الرزانة :
لكنك كنت تقف أمامي الساعات، تخاطبني بأجمل العبارات
و تغرقني في عالم المسرات, تبعث إلى قلبي أمارات
تنظر الي بشكل مباشر، ليس بيني وبينك ساتر ,كأنك منشد أو شاعر
إن كنت لا تراني فأنا أراك، أسمع أنينك ونجواك
فأنا أعيش في قلب الصخرة، هي منزلي والحجرة
أرى هيامك في, والمس إهتمامك بي
فأنا غرامك, أنا أجمل أحلامك ,أنا مرامك أنا...
فقاطعها العاشق برد حاسم :
لا لا عيني ما هو لازم, إسمعي وعي ولا تتسرعي
أغبية أنتِ إلى هذا الحد؟ولا تفرقين بين المزاح والجد؟
تجرين خلف السراب، كأنك أكثرتِ من الشراب
أم في عقلك تلف وخراب؟
فأنا إنّما كنت أتمرن، وبالألفاظ أتفنن
كي أقنع الحبيبة،لتبقي مني قريبة, تعيرني لبها، و أتفانى في حبها
دوب الدهر بي هائمة، على محبتي دائمة،وفي عالمي عائمة
وأنا لا أرى في الوجود سواها,تبرمج عقلي على هواها
تسمع كلامي فتفهمه، وأهديها كياني بمعظمه
لا تراجعني أبدا، ولا أقارن بها أحدا
أما أنتِ فليست لي بك علاقة، حتى وإن أبديتي اللياقة
وأخفيتي القبح والصفاقة
لا أُحبك ولا أهواك، ولا يسعدني أن ألقاك
ولا يهمني سخطك أو رضاك
أُغربي قبل أخذك بالعقوبة، وشدتي والصعوبة, يا ساذجة يا أُلعوبة
فلما سمعت الجنية هذه الإهانات، والتجريح والتهديدات
فاض كيدها والحنق، ونوت تعمل من لحمه مرق
فطارت في السماء مغضبة، ثمّ عادت الى الأرض معصبة
قررت أن تسحقه، أو أن تلقي به في المحرقة
فشمرت ثيابها، وكشفت عن أنيابها
ثم فغرت فاها، و أظهرت وجها في قفاها
وأنتفخت رئتاها، وبان قلبها وكليتاها
ثم كبدها وأمعاءها، والمعدة وأحشاءها
وهي تزعق وتنهق, ولهيب النار تطلق
فهاله المنظر الفضيع، وكادت نفسه تضيع
لكنه إنسان، لديه العلم والبرهان، فقابلها بالبسملة
وبالآيات المنزلة، فلما وقع ذكر الله في سمعها
صاحت من ذعرها, وغطت وجهها بشعرها
وحاولت أن تمنعه من التلاوة, فأحضرت له كيس حلاوة
لكنه لم يبالي بخديعتها, وقد عرف سلوكها وطبيعتها
فأستمر في تلاوة الآيات والسور, وعينه تراقبها في حذر
فرآها وقد ذُعرت,و صرعت من طولها و دُحرت
وخارت قواها,ولم يفدهاسحرها و دواها
ففقدت وعيها, وخاب سعيها, فتشجّع قلبه
وفرح بعد تعبه, لكنه إستمرّ في التلاوة, فللقرآن طلاوة
ولما فاقت الجنية ولولت وناحت، ووجدت رجلاها في الأرض قد ساخت
فغمرت وجهها الكآبة، وضاق صدرها بعد الرحابة, وأذاقها الآدمي عقابه
فنادت بالويل والثبور، وظهرت على وجهها بعض البثور
لأن القرآن كان يحرقها, من أخمص قدمها إلى مفرقها
فظل يرتل القرآن، والمعوذات من الفرقان
وهي تبكي وتستغيث, والرجل يسعى لتأديبها سعيا حثيث
حتى راءها تضمحل وجسمها ينتحل, وكان البدر ليلتها مكتمل
وهي ترجوه أن يتوقف، و تستقيله وتستعطف,لكنه نهرها وتأفف
وهي تقول أنها نادمة، قد كانت له ظالمة, ووعدته أن لا تعود
ولا تتجاوز الحدود، وإنها آسفة، لم تفهم السالفة
لكن جسدها ضمر، وجبل هامتها إنحدر
فصغرت حتى صارت كالبقرة, ثم صغرت حتى صارت كالدجاجة
ثم صغرت حتى صارت كالجرادة
وحلت عليها اللعنة والقرادة, ثم إختفت للأبد
ونجى منها بفضل الأحد الصمد
فحمد الله على النجاة و شعر بحرارة الحياة
فعاد إلى البيت مسرعا وقلبه من الحنين مولعا
ولما إقترب من العمران، شاهده بعض الصبيان
فجرى كما تجري الريح, وأخذ الصبي من فرحته يصيح:
البشارة البشارة، اسمعوني يا أهل الحارة
فخرج الكبار والصغار, يستطلعون الأخبار
و يتسألون في إستنكار:
ماذا جرى ماذا حدث؟ لماذا يجري هذا الحدث؟
لكن الولد لم يتوقف، ولا هاب أحدا ولا تخوف
بل مضى بسرعة البرق، مقصده المنازل في الشرق
حتى وصل إلى بيت الغائب المفقود
فأستقبلوه بالمسك والعود, ومنحوه الهدايا و النقود
ثم إتجه صوب الحبيبة، لعله يجدها قريبة، فلما اقترب من دارها
إستوقفته أشعارها:
يا أيّها الراكـــبُ الغــــادي لطيّتهِ ** عرّج أبثّك عَن بعضِ الّذي أجدُ
ما عالجَ الناسُ مِن وجدٍ تضمّنهم ** إلّا وَوجـدي به فــوقَ الّذي أجدُ
حَسبي رِضــــاه وأنّي فــي مسرّتهِ ** وَودّه آخـــــرَ الأيّـــام أجتــــــهدُ
فلما سمع الصبي هذه الأشعار الجميلة, ترقرقت في عينه أدمع جزيلة
ثم شد العزم و ضاعف النشاط والحزم , فناداها من بعيد:
البشرى يا بنت سعيد .. البشرى يا بنت سعيد
إعتبري هذا اليوم عيد
فألتفت إليه و صاحت عليه:
ما هي البشار, وضح و أعطى إمارة ولا تكتفي بالإشارة
فقال لها: محبوبك رأيته في ذاك الحي ,و أقسم بالله إنه حي
فإستخفتها الفرحة, و لبست الفستان والطرحة
و غادرت البيت منشرحة
يقودها إحساس العشاق, بلوعة البعد و الأشواق
تطوى الطريق طى السجل, بنبضات قلبها تستدل
تكاد تطير من البهجة, صوب الحبيب متجهه
لا تفارقها احلام المحبين ولا أوهام العاشقين
أما بطل القصة فقد وافق من السعد حصة
فها هي فرقة البحث و الانقاذ تعثر عليه بين الأنقاض
و تحمله على بغلة و توصله الى أهله
ففرحوا كثيرا و اقاموا حفلا كبيرا
ثم خطبو له المليحة و زفنوا في الصبيحة
وعاش في سعادة و سرور, وراحة و حبور
بعد أن توظف في الجمارك, وفي خدمة المجتمع شارك
الصخرة في مكانها رابضة, والجنية على حسرتها قابضة

تمت بحمد الله
نلتقي إن شاء الله مع حكاية
زوجة الأب



احييك
بحرارة اخي ناجي
استطعت ان تكسب هذه الراويه الشعبية
عبق خاص
بعد ان اضفت لها
من روعة اسلوبك
وجمال سردك
ان لك نفسا طويلا في ملاحقة الحدث
وبلورته بحيث
لا يشعر القرئ بالملل رغم
طول المسافة
الف تحية لك
وننتظر ابداعك القادم

ناجى جوهر
22-10-2013, 12:25 AM
أشكرك أستاذة رحيق الكلمات على الدعم والمساندة
ويشرفني ان أحظى بإشراف كاتبة مبدعة مثلك أستاذة رحيق
و الحكاية شعبية عمانية مائة في المائة
كنت قد سمعتها في صغري
آمل ان تتحسن كتاباتي في مقبل الأيام
حفظك الله ورعاك أستاذة رحيق الكلمات
و تقبلي شكري وتقديري

عبدالله الراسبي
23-10-2013, 04:52 PM
اخي العزيز والقدير ناجي جوهر لقد استمتعنا كثيرا
بهذه القصه الجميله والرائعه
بل انها اجمل من رائعه بوح راقي وسرد جميل
ودمت بكل خير وموده اخي الكريم
وتقبل تحياتي

ناجى جوهر
24-10-2013, 12:53 AM
حفظك الله ورعاك يا أبا نصر
شرفتني أخي العزيز بتواجدك وتفاعلك
و آمل ان أكون عند حسن ظنّكم في الحكايات التالية
بإذن الله
و تقبل أحر تحياتي
وفائق إحترامي
وبالغ تقديري

سالم الوشاحي
24-10-2013, 10:04 AM
لقد امتعتنا بجمال السرد وروعة الأسلوب الشيق في الطرح

فكانت السطور الرائعة الصريحة... والقصة الشعبية إبداع بالتصوير وبإنتقاء الكلمات ...

الرقيقة ....فلك مني كل الشكر والتقدير ياأستاذ ناجي

ولرقي حرفك وإحساسك عظيم الود والتقدير...