المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وردتان


بيت حميد
24-10-2013, 01:44 PM
وردتان
تعرفون الممشى الرائع المقابل لفندق دانات العين(الانتركونتينينتال سابقاً). تعودت المشي هناك بعد التاسعة في بعض الأيام، وكثيراً ما أصادف على رأس الممشى المجاور للجسر منظراً قد تجدونه غريباً أول الأمر. رجل يبدو من لباسه أنه باكستاني أو أفغاني، يجلس القرفصاء على الحاجز الأسمنتي وبيده مشغل موسيقى صغير. دائماً يبقي صوت الموسيقى مرتفعة ويمكن سماعها من مسافة على الممر، وعندما تقترب منه تكتشف أن عينيه مغمضتان ورأسه يتمايل مع الموسيقى القروية السابحة.

شيء آخر مثير بخصوصه، بالتحديد بخصوص درّاجته الهوائية التي دوماً بجانبه في نفس المكان.....وردتان حمراوان....واحدة مثبتة في المقود، وأخرى في الجزء الخلفي للدراجة. وعادة لا يلتفت للمارين بقربه، فهو سابح في دنيا بعيدة مع تموجات الموسيقى التي يبدو أنها آخذة بتلابيب قلبه.

البارحة قصدت الممشى، لم أكن وحدي هذه المرّة، كان معي أحدهم....شخص فضولي بعض الشيء. قبل أن نصل كنت قد أخبرته عن ذلك الرجل، وعندما وصلنا بقربه وجدناه على الحالة التي وصفت.

تقدم من معي نحوه رغم إني طلبت منه ألا يفعل، سلّم عليه بصوت مرتفع ليضمن أنه سمعه....فتح الرجل عينيه والتفت نحونا. ردّ السلام وهو يطفئ جهاز التسجيل. أول شيء فاجأني هو طريقة نطقه للحروف العربية وهو يردّ السلام....بدا لي أنه يجيد العربية عن تعلّم.
ألقيت عليه تلك الملاحظة
-عربيتّك جيّدة.

-نعم....أنا خريج الجامعة الإسلامية في كراتشي.

هنا تدخل الفضولي الذي معي وقال

-يا سلام.....ولماذا تجلس هنا تستمع للموسيقى؟!

نظر الرجل له مطولاً، ثم نظر لي ، ثم نظر للفضاء وقال

-فتك بي عشقها.....آه لو كنتم رأيتم غطاء رأسها!!!! حين تفرده قليلاً يصبح أوسع من السماء، وتنتثر منه الزهور والعطور على كل الأرض.....

أي قلب سيصمد أمام عينيها لو نظرت؟!؟!؟.

هل ترون هذه الشقوق في رجلي؟!....هل ترون يدي كم هما خشنتان؟!....لا أبالي بشيء.......علي فقط أن أحلم بها لأنسى حتى نفسي.

إنها تنتظرني وحلفت لي على المصحف.....هكذا أخبرتني قبل سنتين، قالت إذهب واجمع المهر لأبي.....يومها أهدتني وردتين.

هل ترون هاتان الوردتان البلاستيكيتان؟! لقد وضعتهما مكان وردتيها، واحدة في الأمام وواحدة في الخلف، أنظر أمامي غالباً فأذكر وعدها، وكلما التفت للخلف ازددت طمأنينة أنّها عند وعدها.
حاولوا الكذب علي كثيرا وقالوا لي أنها تزوجت ...... لا أصدق أحداً إلا هي.

عندها عاد لجلسته، وأطلق موسيقاه القروية، وأغمض عينيه وغادرنا.

تركناه ونحن صامتين....لمّا تكلّمنا اكتشفنا أن كلينا كان يفكّر في ذات الأمر....هؤلاء لهم قلوب مثلنا

سالم الوشاحي
24-10-2013, 04:57 PM
نعم لهم قلوب مثلنا ياأخي سالم ...ولكنها متينه تحمل الإرادة القوية

وحسن الظن بالآخرين ....قويه بفعل الحب والإيمان ... أعجبني السرد

الأنيق في هذه القصة الرائعه ... لذا أعتذر منك سأنقلها لقسم القصة القصيرة

رحيق الكلمات
24-10-2013, 10:40 PM
وردتان
تعرفون الممشى الرائع المقابل لفندق دانات العين(الانتركونتينينتال سابقاً). تعودت المشي هناك بعد التاسعة في بعض الأيام، وكثيراً ما أصادف على رأس الممشى المجاور للجسر منظراً قد تجدونه غريباً أول الأمر. رجل يبدو من لباسه أنه باكستاني أو أفغاني، يجلس القرفصاء على الحاجز الأسمنتي وبيده مشغل موسيقى صغير. دائماً يبقي صوت الموسيقى مرتفعة ويمكن سماعها من مسافة على الممر، وعندما تقترب منه تكتشف أن عينيه مغمضتان ورأسه يتمايل مع الموسيقى القروية السابحة.

شيء آخر مثير بخصوصه، بالتحديد بخصوص درّاجته الهوائية التي دوماً بجانبه في نفس المكان.....وردتان حمراوان....واحدة مثبتة في المقود، وأخرى في الجزء الخلفي للدراجة. وعادة لا يلتفت للمارين بقربه، فهو سابح في دنيا بعيدة مع تموجات الموسيقى التي يبدو أنها آخذة بتلابيب قلبه.

البارحة قصدت الممشى، لم أكن وحدي هذه المرّة، كان معي أحدهم....شخص فضولي بعض الشيء. قبل أن نصل كنت قد أخبرته عن ذلك الرجل، وعندما وصلنا بقربه وجدناه على الحالة التي وصفت.

تقدم من معي نحوه رغم إني طلبت منه ألا يفعل، سلّم عليه بصوت مرتفع ليضمن أنه سمعه....فتح الرجل عينيه والتفت نحونا. ردّ السلام وهو يطفئ جهاز التسجيل. أول شيء فاجأني هو طريقة نطقه للحروف العربية وهو يردّ السلام....بدا لي أنه يجيد العربية عن تعلّم.
ألقيت عليه تلك الملاحظة
-عربيتّك جيّدة.

-نعم....أنا خريج الجامعة الإسلامية في كراتشي.

هنا تدخل الفضولي الذي معي وقال

-يا سلام.....ولماذا تجلس هنا تستمع للموسيقى؟!

نظر الرجل له مطولاً، ثم نظر لي ، ثم نظر للفضاء وقال

-فتك بي عشقها.....آه لو كنتم رأيتم غطاء رأسها!!!! حين تفرده قليلاً يصبح أوسع من السماء، وتنتثر منه الزهور والعطور على كل الأرض.....

أي قلب سيصمد أمام عينيها لو نظرت؟!؟!؟.

هل ترون هذه الشقوق في رجلي؟!....هل ترون يدي كم هما خشنتان؟!....لا أبالي بشيء.......علي فقط أن أحلم بها لأنسى حتى نفسي.

إنها تنتظرني وحلفت لي على المصحف.....هكذا أخبرتني قبل سنتين، قالت إذهب واجمع المهر لأبي.....يومها أهدتني وردتين.

هل ترون هاتان الوردتان البلاستيكيتان؟! لقد وضعتهما مكان وردتيها، واحدة في الأمام وواحدة في الخلف، أنظر أمامي غالباً فأذكر وعدها، وكلما التفت للخلف ازددت طمأنينة أنّها عند وعدها.
حاولوا الكذب علي كثيرا وقالوا لي أنها تزوجت ...... لا أصدق أحداً إلا هي.

عندها عاد لجلسته، وأطلق موسيقاه القروية، وأغمض عينيه وغادرنا.

تركناه ونحن صامتين....لمّا تكلّمنا اكتشفنا أن كلينا كان يفكّر في ذات الأمر....هؤلاء لهم قلوب مثلنا


منذ بداية القصة ... كان المقصود لفت انتباه القارئ ان هناك حدث
ما يسكن خلف هكذا بدايات
قصة انسانية
تشير بطريقة رمزية الى النظره الخاطئة والسائدة
بين بعض الناس في المجتمعات العربية والخليجية خاصة
الى بعض الجاليات
وفقت في تسليط الضوء اخي بيت حميد بطريقة فنية جميلة
ننتظر جديدك

ناجى جوهر
26-10-2013, 02:45 AM
أجدت التعبير عن حالة إنسانية
قد لا يلتفت إليها الكثيرون
فذلك الرجل على الرغم من المستوى العلمي
الرفيع الذي يمتلك
قد إنطلق إلى الغربة باحثا عن مهر
معشوقته الوفية التي رسم لنا
جمالها الأخاذ بطرح أسئلة يستبعد
فيها قدرتنا على الصمود أمام سحر عينيها
ورشاقة قوامها وعطر خمارها الفواح
إنه لا يبالي بالشقى الذي يعيشه
طالما كان كدحه في سبيل الحلال
وما إنسجامه مع الموسيقى
إلا رحلة تحمله إلى حيثما المحبوب ساكن
جميل منك بيت حميد هذا التواضع
وفقك الله
و تقبل تحياتي

عبدالله الراسبي
29-10-2013, 06:25 PM
اخي العزيز والقدير بيت حميد قصه جميله جدا ورائعه
تسلم على هذا النص الرائع
والسرد الجميل
ودمت بكل خير وموده اخي الكريم
وتقبل تحياتي

أمل فكر
21-11-2013, 09:11 AM
سبحان الله

الحب ما يختار قلب بجنسية معينة عن أخرى
أكبر مثال الأفلام الهندية ^^ -< مزحة ^^

قصة تستحق نقلها من واقعها إلى حروف تقرئ
وبأسلوب رائع.

أعجبتني جداً جداً،’،
وفقت أخي الكريم

محمود المشرفي
21-11-2013, 02:15 PM
كاتبتنا القديره
اشكرك على هذا الطرح الجميل والراقي
كلمات في غاية الجمال والروعه تحمل
في طياتها اجمل المعاني واعذبها
لك مني جزيل الشكر والتقدير
دمتي في حفظ من الله ورعايته

ضي
22-11-2013, 04:58 PM
اخوي بيت حميد سرد جميل
ومثل ما قالت اختي رحيق الكلمات هناك فئة من الناس سوى في مجتمعنا الخليجي او العربي
يستهين بهذه الجاليات
أليس لهم قلوب مثلنا ؟؟؟
تعرف الحب والكرهه ..
قصة جميلة اعجبتني ...
كن متألق ..