المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بكائية مالك بن الريب


شاعرة الليل
26-10-2013, 11:47 AM
عندما نقف امام بكائية مالك بن الريب التميمي نجد انفسنا امام سيل من الحزن اللامتناهي نستشف عاطفة شاعر متشبث بالحياة حتى آخر رمق وشاعرنا الفذ مالك بن الريب روي انه كان صعلوكا قاطع طريق حتى طلب منه أمير خراسان (حفيد الصحابي عثمان بن عفان أن يتوب ويستصحبه ، فأطاعه وحسنت سيرته حتى كان في الطريق الى غزوه و في انثناء الراحه و في القيلوله لسعته افعى و جرى السم في جسمه فأحس بالموت فرثى نفسه) وقد قال قبل موته يرثي نفسه :


الا ليت شعري هل ابيتن ليلة
بجنب الغضى ازجي القلاص النواجيا

فليت الغضا لم يقطع الركب عرضه
وليت الغضى ماشى الركاب لياليا

لقد كنت في اهل الغضا لودنا الغضا
مزار ولكن الغضا ليس دانيا

ألم ترني بعت الضلالة بالهدى
فاصبحت في جيش ابن عثمان غازيا

دعاني الهوى من اهل ودي وصحبتي
بذي الطبسين فالتفت ورائيا

أجبت الهوى لما دعاني بزفرة
تقنعت منها أن الام ردائيا

لعمري لأن غالت خراسان هامتي
لقد كنت عن بابي خراسان نائيا

فلله دري يوم اترك طائعا
بني باعلى الرقمتين وماليا

ور الظباء السانحات عشية
يخبرن اني هالك من ورائيا

ودر كبيري الذين كلاهما
علي شفيق ناصح قد نهانيا

ودر الهوى من حيث يدعو صحابه
ودر لجاجاتي ودر انتهائيا

تذكرت من يبكي على فلم اجد
سوى السيف والرمح الرديني باكيا

واشقر خنذيذ يجر عنانه الى الماء
لم يترك له الموت ساقيا

ولكن باطراف السمينة نسوة
عزيز عليهن العشية مابيا

صريع على ايدي الرجال بقفرة
يسوون قبري حيث حم قضائيا

ولما تراءت عند مرو منيتي
وحل بها جسمي وحانت وفاتيا

اقول لأصحابي ارفعوني لأنني
يقر بعيني ان سهيل بدا ليا

فيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا
برابية اني مقيم لياليا

أقيما علي اليوم او بعض ليلة
ولا تعجلاني قد تبين مابيا

وقوما اذا ماستل روحي فهيئا
لي القبر والاكفان ثم ابكيا ليا

وخطا باطراف الاسنة مضجعي
وردا على عيني فضل ردائيا

ولاتحسداني بارك الله فيكما
من الارض ذات العرض ان توسعا ليا

خذاني فجراني ببردي اليكما
فقد كنت قبل اليوم صعبا قياديا

فقد كنت عطافا اذا الخيل ادبرت
سريعا الى الهيجا الى من دعانيا

وقدكنت محمودا الى الزاد والقرى
وعن شتم ابن العم والجار وانيا

وقد كنت صبارا على القرن في الوغى
ثقيلا على الاعداء عضبا لسانيا

وطورا تراني في ظلال ومجمع
وطورا تراني والعتاق ركابيا

وطورا تراني في رحى مستديرة
تخرق اطراف الرماح ثيابيا

وقوما على بئر الشبيك فأسمعا
بها الوحش والبيض الحسان الروانيا

بأنكما خلفتماني بقفرة
تهيل علي الريح فيها السوافيا

ولاتنسيا عهدي خليلي انني
تقطع اوصالي وتبلى عظاميا

فلن يعدم الولدان بيت يجنني
ولن يعدم الميراث مني المواليا

يقولون لاتبعد وهم يدفننوني
وأين مكان البعد الامكانيا

غداة غد يالهف نفسي على غد
اذا ادلجوا عني وخلفت ثاويا

واصبح مالي من طريف وتالد
لغيري وكان المال بالأمس ماليا

فياليت شعري هل تغيرت الرحى
لرحى الحرب اوأضحت بفلج كماهيا

اذا القوم حلوها جميعا وانزلوا
لها بقرا حم العيون سواجيا

وعين وقد كان الظلام يجنها
يسفن الخزامى نورها والاقاحيا

وهل ترك العيس المراقيل بالضحى
تعاليها تعلو المتون القياقيا

اذا عصب الركبان بين عنيزة
وبولان عاجوا المنقيات المهاريا

وياليت شعري هل بكت ام مالك
كما كنت لوعالوا نعيك باكيا

اذا مت فاعتادي القبور وسلمي
على الريم اسقيت السحاب الغواديا

ترى جدثاقد جرت الريح فوقه
غبارا كلون القسطلاني هابيا

رهينة احجار وترب تضمنت
قرارتها مني الظام البواليا

فياراكبا اما عرضت فبلغن
بني مالك والريب الا تلاقيا

وبلغ اخي عمران بردي ومئزري
وبلغ عجوزي اليوم الاتلاقيا

وسلم على شيخي مني كلاهما
وبلغ كثيرا وابن عمي وخاليا

وعطل قلوصي في الركاب فانها
ستبرد اكبادا وتبكي بواكيا

اقلب طرفي فوق رحلي فلا ارى
به من عيون الؤنسات مراعيا

وبالرمل مني نسوة لوشهدنني
بكين وفدين الطبيب المداويا

فمنهن امي وابنتاها وخالتي
وباكية اخرى تهيج البواكيا

وماكان عهد الرمل مني وأهله
ذميما ولا ودعت بالرمل قاليا

شاعرة الليل
28-10-2013, 10:27 PM
ولكم من عابقِ التحايا نصيب ..
ممتنه وبشدَّة لكل من مَر من هنا:)

أسعدكم الله بباقة فرح دائمة

سالم الوشاحي
29-10-2013, 07:09 AM
قصيدة جميلة ومؤثرة جداً وهي تعتبر من عيون الشعر العربي وهي

التي أعتبرها النقاد أول القصائد في رثاء الذات...

كل التحية لروحك ولقلمك أختي شاعرة الليل

شكراً لجمال النقل والذوق الرفيع

تقديري واحترامي

عبدالله الراسبي
29-10-2013, 06:12 PM
الاخت الفاضله والقديره شاعرة الليل تسلمي على هذا النقل الرائع
ابيات جميله جدا وفي غاية الجمال والابداع
ودمتي بكل خير وموده اختي الكريمه
وتقبلي تحياتي

ريم الحربي
30-10-2013, 01:40 AM
ما أرقى الاختيار أيتها الشاعرة

لطالما أحببت هذه القصيدة وقرأتها مراراً وتكرارً

هي حقا من نفائس الشعر العربي

شكرا جزيلاً لك

شاعرة الليل
30-10-2013, 10:18 PM
قصيدة جميلة ومؤثرة جداً وهي تعتبر من عيون الشعر العربي وهي

التي أعتبرها النقاد أول القصائد في رثاء الذات...

كل التحية لروحك ولقلمك أختي شاعرة الليل

شكراً لجمال النقل والذوق الرفيع

تقديري واحترامي

القدير/ سالم الوشاحي

روعة حضوركَ لا وصف لها
تقديري

شاعرة الليل
30-10-2013, 10:26 PM
الاخت الفاضله والقديره شاعرة الليل تسلمي على هذا النقل الرائع
ابيات جميله جدا وفي غاية الجمال والابداع
ودمتي بكل خير وموده اختي الكريمه
وتقبلي تحياتي

القدير/ عبدالله الراسبي
اسعدني تواجدكَ
وهطولكَ في متصفحي..

تحياتي

شاعرة الليل
30-10-2013, 10:28 PM
ما أرقى الاختيار أيتها الشاعرة

لطالما أحببت هذه القصيدة وقرأتها مراراً وتكرارً

هي حقا من نفائس الشعر العربي

شكرا جزيلاً لك





ريم الحربي

ويبقى حضوركِ كـ اكتمال القمر
لينير المكان بجمال وهيبة اشراقتك سيدتي..

تقديري

خليل عفيفي
31-10-2013, 04:09 PM
الأخت شاعرة الليل
قصيدة "مالك بن الريب يرثي نفسه" تمثل أنموذجا من نماذج رثاء النفس
لقد استذكرت أيام دراستها في الجامعة في الثمانينات أيام دراستنا الجامعية
لك التقدير

يزيد فاضلي
01-11-2013, 06:41 PM
...هذه ( اليائية البكائية )-أختي الكريمة البديعة شاعرة الليل-التي يَعْزوها مُؤرخوا الأدب العربي القديم إلى شاعر بني تميم وفارسِها النجْدي الفاتك مالك بن الرِّيَب،واحدة ٌمن أشهر قصائدِ ( الرثاءِ الذاتي ) التي ترسِمُ لنا لحظة فريدة في حياةِ النفس بَعْدَ أن عرَكتها خطوبُ الحياة ومَحَّصتـْهَا لأواؤها المريرة...

ونماذجُ هذا النوْع من المونولوج الذاتي الحزين ليسَ جديداً بجِدَّةِ هذه القصيدةِ التليدة،فهي موْجودة هنا وهناكَ في تاريخنا الشعري العربي-خصوصاً المعاصر ذي النزعةِ الفلسفية الرمزية-وإنْ كانتْ قليلة،أو ربما تتواجدُ على ندرةٍ في الشعر الجاهلي...

وقد سبقَ المَلِكُ الضِّلـِّيلُ الكِندِيُّ امرؤ القيْس مالِكاً في نعْي ذاته..حينما نزلَ سَفحَ ( جبل عسيب ) وهو يُعاني آثارَ السُّمِّ الذي سَرى في جسِدِهِ المنهَكِ حينَ أمرَ قيْصرُ الروم أنْ يُدسَّ في ثيابه..فلما بلغَ الجبل-في أنقرة بأرض تركيا-تهاوَى عند قبر أميرةٍ دفينةٍ هناك وراحَ ( ذو القروح ) يبكي لحظاتِه الأخيرة قائلاً :

أجارتـَنا إن المَــــــــــزارَ قريـــــبُ ** وإني مقيم ما أقام عسيبُ
أجارتـــــــنا إنا غريـــــبان هاهُـنا** وكلُّ غريبٍ للغريب نسيب
فأن تصِــــــلينا فالقرابة بيــــننا** وإن تَصْرمِينا فالغريب غريب..!!
أجارتنا مافات ليس يَــــــــؤوبُ ** وماهو آت في الزمان قريب
وليس غريباً من تناءت ديارُه ** ولكن من وارى الترابُ غريب..!!

وشَيْءٌ مثلُ ذلكَ حدثَ أيضاً لطرفةِ بن العبد البكري حينَ عرفَ أنه مقتولٌ لا محالة وهو سجينٌ عند والي البَحْريْن-بأمْرٍ من مَلِكِ الحِيرةِ عَمْرو بن هندٍ-قالَ ناعيًّا ذاتـَهُ :

لا اعتزليني اليوم خولة أو غُضِّي** قفد نزلتْ حـــــــــــدباءُ مُحكمـة القبضِ..!!
أزالتْ فؤادي عن مَقَـرِّ مكانـــــــــهِ** وأضحى جَناحي اليومَ ليسَ بِذي نهضِ
وقد كنتُ جلدًا في الحياة مُــــــدَرَّئًا ** وقد كنتُ لبَّاس الرجال على البُــــغضِ
وإني لحلوٌ للخليــلِ وإنَـني لمُـــــــــــــــرٌّ لذي الأضغـانِ أُبــــــــــدي لهُ بُغضي..!!
ولا تَعْدِليني إنْ هَلكــــــتُ بعاجـــــزٍ** مِنَ النَّـاس مَنقوضَ المَريـرة والنقضِ..!!!

بوركتِ-أختي الكريمة-على إتحافِنا وتذكيرنا بهذهِ الجوهرةِ العربيةِ الشعريةِ الأثيلةِ..ودمتِ لنا...

شاعرة الليل
04-11-2013, 07:57 PM
الأخت شاعرة الليل
قصيدة "مالك بن الريب يرثي نفسه" تمثل أنموذجا من نماذج رثاء النفس
لقد استذكرت أيام دراستها في الجامعة في الثمانينات أيام دراستنا الجامعية
لك التقدير


الأستاذ/ خليل عفيفي
وهي من القصائد التي تداولتها كتب الأدب العربي لما تحمله من مشاعر و صور و تعبير متقن ..
ما شاء الله جميله هي تلك الذكريات أخي خليل عفيفي
أشكرك جداً..

شاعرة الليل
04-11-2013, 08:07 PM
...هذه ( اليائية البكائية )-أختي الكريمة البديعة شاعرة الليل-التي يَعْزوها مُؤرخوا الأدب العربي القديم إلى شاعر بني تميم وفارسِها النجْدي الفاتك مالك بن الرِّيَب،واحدة ٌمن أشهر قصائدِ ( الرثاءِ الذاتي ) التي ترسِمُ لنا لحظة فريدة في حياةِ النفس بَعْدَ أن عرَكتها خطوبُ الحياة ومَحَّصتـْهَا لأواؤها المريرة...

ونماذجُ هذا النوْع من المونولوج الذاتي الحزين ليسَ جديداً بجِدَّةِ هذه القصيدةِ التليدة،فهي موْجودة هنا وهناكَ في تاريخنا الشعري العربي-خصوصاً المعاصر ذي النزعةِ الفلسفية الرمزية-وإنْ كانتْ قليلة،أو ربما تتواجدُ على ندرةٍ في الشعر الجاهلي...

وقد سبقَ المَلِكُ الضِّلـِّيلُ الكِندِيُّ امرؤ القيْس مالِكاً في نعْي ذاته..حينما نزلَ سَفحَ ( جبل عسيب ) وهو يُعاني آثارَ السُّمِّ الذي سَرى في جسِدِهِ المنهَكِ حينَ أمرَ قيْصرُ الروم أنْ يُدسَّ في ثيابه..فلما بلغَ الجبل-في أنقرة بأرض تركيا-تهاوَى عند قبر أميرةٍ دفينةٍ هناك وراحَ ( ذو القروح ) يبكي لحظاتِه الأخيرة قائلاً :

أجارتـَنا إن المَــــــــــزارَ قريـــــبُ ** وإني مقيم ما أقام عسيبُ
أجارتـــــــنا إنا غريـــــبان هاهُـنا** وكلُّ غريبٍ للغريب نسيب
فأن تصِــــــلينا فالقرابة بيــــننا** وإن تَصْرمِينا فالغريب غريب..!!
أجارتنا مافات ليس يَــــــــؤوبُ ** وماهو آت في الزمان قريب
وليس غريباً من تناءت ديارُه ** ولكن من وارى الترابُ غريب..!!

وشَيْءٌ مثلُ ذلكَ حدثَ أيضاً لطرفةِ بن العبد البكري حينَ عرفَ أنه مقتولٌ لا محالة وهو سجينٌ عند والي البَحْريْن-بأمْرٍ من مَلِكِ الحِيرةِ عَمْرو بن هندٍ-قالَ ناعيًّا ذاتـَهُ :

لا اعتزليني اليوم خولة أو غُضِّي** قفد نزلتْ حـــــــــــدباءُ مُحكمـة القبضِ..!!
أزالتْ فؤادي عن مَقَـرِّ مكانـــــــــهِ** وأضحى جَناحي اليومَ ليسَ بِذي نهضِ
وقد كنتُ جلدًا في الحياة مُــــــدَرَّئًا ** وقد كنتُ لبَّاس الرجال على البُــــغضِ
وإني لحلوٌ للخليــلِ وإنَـني لمُـــــــــــــــرٌّ لذي الأضغـانِ أُبــــــــــدي لهُ بُغضي..!!
ولا تَعْدِليني إنْ هَلكــــــتُ بعاجـــــزٍ** مِنَ النَّـاس مَنقوضَ المَريـرة والنقضِ..!!!

بوركتِ-أختي الكريمة-على إتحافِنا وتذكيرنا بهذهِ الجوهرةِ العربيةِ الشعريةِ الأثيلةِ..ودمتِ لنا...


الأستاذ الفاضل/ يزيد فاضلي

حضوركَ ممطر سيدي ..
عطرت المتصفح بمروركَ

شكراً جزيلا

طلال النوتكي
29-11-2013, 10:41 AM
بكائية بالفعل!

من أجمل ما قرأت في البكائيات.

شكراً لرقي الاختيار يا شاعرة الليل

شاعرة الليل
03-12-2013, 09:00 PM
بكائية بالفعل!

من أجمل ما قرأت في البكائيات.

شكراً لرقي الاختيار يا شاعرة الليل

أهلا أستاذ طـلال

وشكراً لكَ بحجم السماء
سعيده حق بـ مروركَ

أعذب التحـايـا