المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من أجمل ما قرأت العجوزان والجدار


ناجى جوهر
27-11-2013, 12:07 AM
العجوزان والجدار

http://up.arabseyes.com/uploads2013/thumbs/26_11_13138549614276761.jpg (http://up.arabseyes.com/uploads2013/26_11_13138549614276761.jpg)
في أحد المستشفيات يرقد مريضان هرمان في غرفة واحدة.
كلاهما يعاني من مرض عضال. أحدهما كان مسموحاً له
بالجلوس على سريره لمدة ساعة كل يوم بعد العصر
ولحسن حظه فقد كان سريره بجانب النافذة الوحيدة في الغرفة.
أما الآخر فكان عليه أن يبقى مستلقياً على ظهره طوال
يقضي المريضان وقتهما في الكلام,دون أن يرى أحدهما الآخر
لأن كلاً منهما كان مستلقياً على ظهره ناظراً إلى السقف
تحدثا عن الأهلهما والأولاد وعن بيتيهما وعن حياتهما
وعن كل شيء
وفي كل يوم وبعد العصر، كان الأول يجلس على سريره
حسب أوامر الطبيب، وينظر من النافذة،
ويصف لصاحبه المستلقي على ظهره العالم الخارجي
وكان العجوز الآخرينتظر هذه الساعة كما بكل شوق
لأنها تجعل حياته مفعمة بالحيوية وهو يستمع لوصف
صاحبه للحياة في الخارج
وذات يوم أخذ العجوز يصف لصاحبه المنظر قائلا:
في الحديقة بحيرة كبيرة يسبح فيها البط. وهاهم والأولاد
وقد صنعوا زوارقا,وأخذوا يلعبون بها داخل الماء.
وهناك رجل يؤجِّر المراكب الصغيرة للناس يبحرون بها في البحيرة.
والنساء وقد تأبطت أذرع الأزواج وهم يسرحون في غبطة
والجميع يتمشى حول حافة البحيرة.
وهناك آخرون جلسوا تحت ظلال الأشجار و بجانب
الزهور ذات الألوان الجذابة والروائح المنعشة
ومنظر السماء بديع يسر الناظرين
وفيما كان يقوم الأول بعملية الوصف هذه
كان الآخر ينصت إليه.ثم يغمض عينيه ويغفو راضيا
وفي أحد الأيام وصف له عرضاً عسكرياً.
وبرغم أنه لم يسمع عزف الفرقة الموسيقية إلا أنه كان
يسمعها بأذني عقله من خلال وصف صاحبه
ومرت الأيام والأسابيع وكل منهما سعيد بصاحبه.
وفي أحد الأيام جاءت الممرضة صباحاً لخدمتهما كعادتها
فوجدت المريض الذي بجانب النافذة قد قضى نحبه
خلال الليل. ولم يعلم الآخر بوفاته إلا من خلال حديث الممرضة عبر
الهاتف وهي تطلب المساعدة لإخراجه من الغرفة.
فحزن على صاحبه أشد الحزن.
وعندما وجد الفرصة مناسبة طلب من الممرضة أن تنقل
سريره إلى جانب النافذة.ولما لم يكن هناك مانع فقد لبَّت طلبه
ولما حانت ساعة ما بعد العصر وتذكر الحديث الشيق
الذي كان يتحفه به صاحبه إنتحب لفقده. ولكنه قرر أن يحاول
مكانه الجلوس ليعوض ما فاته في هذه الساعة
وتحامل على نفسه وهو يتألم ورفع رأسه رويداً رويداً
ثم اتكأ على أحد مرفقيه وأدار وجهه ببطء شديد تجاه النافذة
لينظر إلى العالم الخارجي.

http://up.arabseyes.com/do.php?thmbf=26_11_13138549614280632.bmp (http://up.arabseyes.com/do.php?imgf=26_11_13138549614280632.bmp)

وهنا كانت المفاجأة!!
لم ير أمامه سوى جداراً أصما من جدران المستشفى.
فقد كانت النافذة على ساحة داخلية.
فنادى الممرضة وسألها إن كانت هذه هي النافذة
التي كان صاحبه ينظر من خلالها؟
فأجابته:نعم إنها هي!!
فالغرفة ليس فيها سوى نافذة واحدة. ثم سألته عن سبب تعجبه
فقص عليها ما كان يرى صاحبه عبر النافذة وما كان يصفه له.
فكان تعجب الممرضة أكبر، إذ قالت له:
ولكن المتوفى كان أعمىّ
ولم يكن يرى حتى هذا الجدار الأصم!
ولعله أراد أن يجعل حياتك سعيدة
حتى لا تُصاب باليأس فتتمنى الموت.
أفلا تسعد إذا جعلت الآخرين سعداء؟
إذا جعلت الناس سعداء فستتضاعف سعادتك!
ولكن إذا وزعت الأسى عليهم فسيزداد حزنك.
إن الناس في الغالب ينسون ما تقول
وفي الغالب ينسون ما تفعل
ولكنهم لن ينسوا أبداً الشعور
الذي إعتراهم من قِبلك
فهل ستجعلهم يشعرون بالسعادة أم غير ذلك؟
فليكن شعارنا جميعا وصية الله التي وردت في القرآن الكريم:
{وقولوا للناس حسناً}

و دمتـــــــــــم ســــــــــالمي

عبدالله الراسبي
27-11-2013, 12:47 PM
اخي العزيز والقدير ناجي جوهر قصه جميله جدا ورائعه
وفي غاية الجمال والابداع
نص يحمل في طياته معنى الانسانيه والقول الحسن
ودمت بكل خير وموده اخي الكريم
وتقبل تحياتي

ناجى جوهر
29-11-2013, 12:44 AM
السلام عليكم أخي الحبيب عبد الله الراسبي
أسعد الله أوقاتك
سررت بمرورك الرائع
لك فائق الإحترام يا أبا نصر
دمت بصحة وعافية

رحيق الكلمات
01-12-2013, 09:51 AM
اختيار رائع وموفق
نعم نستطيع ان نجعل السعادة تتسرب الى قلوب الآخرين بأشياء بسيطة بكلمة بإحساس نشاركهم به حياتهم
فالسعادة صناعة قبل ان تكون حلما
تحيتي اخي

خليل عفيفي
01-12-2013, 03:24 PM
أيها الراقي ناجي جوهر
يسعدنا أن نقرأ جواهرك الأدبية
لثقتنا فيما تكتب وتختار لنا
أسعدك الله