المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دخان الخيانة الجزء السادس


ناجى جوهر
15-12-2013, 11:22 PM
مكائد زوجة الأب



الجزء السادس



موت الجنين



و خوار الأبقار فتوقف

اما المرأة فبعد إنصراف الولد محيدان بقليل فإنها أوقدت النار وصنعت الدخان

ثم ساقت الأبقار وأدخلتها كهفا قريبا وأغلقت مدخله

ثم قعدت تنتظر حبيب القلب على أحر من الجمر

تقدم الولد نحو الكهف والقى نظرة,فلما رأته الحيوانات المحبوسة و شمّت رائحته

ارتفع خوارها، فعلم أنها أبقار أبيه

فكاد ان يصرخ من شدة الإنفعال والقهر,ولكنه فضّل التأكد قبل أي تصرف

فتسلل حتى صعد الشجرة،فشاهد الدخان المنبعث،فأدرك أن عمته تستدعي عشيقها

و رآها تجلس لوحدها في الكوخ وهي في أحسن هيئة وهندام يفوح عطرها

و يزكم عرف البخور أنفه وهو على الشجرة

فلعنها وزاد بغضه لها,وقرر إفشال خطتِها الخبيثة

مضى وقت طويل قبل أن يلمح محيدان ذلك الرجل الآثم يقترب من الأكواخ متسللا

توقف الرجل على مدخل المسكن وأخذ يلتفت يمنة ويسره ليتأكد من أنَّ لا احدا يراه

وقد نسي السميع البصير

فنزل على عجل وركض نحو الكهف وأخرج مجموعة من الأبقار وساقها نحو المسكن

ولما صار على بعد خطوات منه قام بإفزاعها وضربها،فهامت الأبقار

على وجوهها فزعة جائعة عطشى و أتجهت جامحة نحو باب الكوخ

وقبل أن يجلس عشيق الزوجة الخائنة كانت الحيوانات تنطح الباب بقرونها

وقد علا خوارها

فأصيب الخائنان بالهلع والدهشة,وأسقط في يد المرأة

فخرجت تستطلع إن كان احد قد فعل ذلك عمدا,لكن محيدان علا الشجرة قبل خروجها

وحين لم ترى المرأة أحدا عادت أدراجها وأخذت وعشيقها يدخلان الأبقار الى الحظيرة

فلما شاهد الولد محيدان فعلهما نزل وتوجّه من فوره إلى الكهف

وأرسل بقية الحيوانات المحتجزة وفعل معها كما فعل بسابقاتها

اما المرأة وعشيقها فما إن تخلصا من المجموعة الأولى من الأبقار

وتنفسا الصعداء حتى أطلّت عليهما المجموعة الكبرى

يتقدّمها ثور هائج

فارتاع الرجل وغضب على المرأة وكال لها سيلا من الشتائم

و أراد الإنصراف فأمسكت المرأة بإزاره راجية إيَّاه أن يعاونها في إيواء الأبقار

لكنه إنتهرها و ولى هاربا,فقامت بذلك وهي تسب وتلعن الظروف

نام محيدان على الشجرة بعد أن رأى الرجل يبتعد هاربا

ولم ينتبه إلا قبيل الغروب بقليل،فنزل من على شجرة الطيق

وتوجه إلى المسكن بخطى ثقيلة

قلما رآه ابوه مقبلا ناداه وسأله عن سبب تأخره,فأحتجّ ببعد المسافة

مرّت أيام على الحادثة,لم يرصد خلالها محيدان أية خروقات

أمّا المرأة الخائنة فلم تكن لترضى بالواقع،أو تهتدي لفعل الصواب

وتتخلص من ذلك العشق المحرم

فلقد تشربت الخيانة حتى نخاعها,وأصبحت لا تفكر الا في كيفية اشباع رغبتها الجامحة

مع ذلك النذل

فملَّت العيشة الرتيبة,كل يوم تطبخ وتكنس,ولا ترى غير الوجوه المعتادة

وزاد اشتياقها لعشيقها،وشجعها حلم الزوج وصبر الولد على التمرد وكفر النعمة

فبعد أربعة أشهر من ادعائها الحمل،طلبت من زوجها أن يحضر لها بعض الأغراض من المدينة

تريد من ذلك إبعاده,لتتمكن من تدبير حيلة اخرى

فوجدها الرجل فكرة سديدة,إذ يمكنه بيع بعض الحطب المتراكم خلف المسكن

وفي اليوم التالي وعندما أيقنت المرأة من رحيل الزوج طلبت مرافقة الولد محيدان

في رحلة الرعي لأنها تشعر بالملل,و ترغب في الحركة والنشاط

فوافق دون تردد,لأنه كان يأمل أن تؤثر الصحبة والمعاملة الطيبة في نفسها

و أن تغير من سلوكها المشين

طلبت المرأة منه أن يسبقها لأنها سترتدي لباسا مناسبا

وعندما ولى محيدان و أبقاره دخلت الكوخ وأخرجت جديا صغيرا وذبحته

ثم جمعت دمه في قربة وأخفت الجثه في مخدعها,ثم لحقت بالولد

بعد أن ربطت قربة الدم على بطنها

ساق محيدان قطيع الأبقار و المرأة من خلفه تسير حينا وتستريح حينا

وعندما وصلا الى منحدر بسيط قال لها:

يا عمة تعالي من الجانب الأسهل لكي لا تتعثري وتسقطي

فاغتنمتها المرأة فرصة وقالت له:لا تخف لن أسقط

فتقدم خلف حيواناته،ولما غاب عن ناظريها صعدت إلى منتصف المنحدر

وتدحرجت عدة مرات،ثم شقت قربة الدم وأخذت تصرخ وتستغيث

فعاد إليها مسرعا ليجدها فاقدة الوعى والدم ينساب من بين فخذيها

ففزع وارتبك،ثم رش بعض الماء على وجهها,فأستعادت وعيها

وفتحت عينيها,و أخذت تتأوه وتتصنع الألم

فسألها الولد بحسن نية:ما هذا الدم يا عمه ؟

فانتصبت مذعورة فزعة وصاحت:دم ؟ اين؟

فقال لها في وجل:إنّه بين رجليك

فتلمست المرأة الدم ثم ولولت

فسألها محيدان مجددا:ماذا بك يا عمتي؟

فقالت بحسرة ومرارة:إنّه أخوك..أعتقد أنّه مات في بطني

فجلسا يبكيان،هو حسرة على فقد أخيه،وهي كذبا وتضليلا

ثم إستندت عليه وعاد بها إلى المسكن،وبعد أن ذهب لجمع الأبقار

وعندما وصل الى المسكن سمع عمته تصرخ: آه وآ بطنا آه وآ إبناه

وآ فقيداه..وآ غاليا..وآ حبيباه

وعندما حاول أن يدخل إليها قالت له:لا تقترب فأنني مكشوفة

وطلبت منه الابتعاد،لأنها تشعر بأنّ الجنين سينزل من بطنها

وأوصته إلا يدخل عليها إلا حينما تناديه,وأن لا يخاف مما يسمع

فما كاد الولد محيدان يبتعد خطوات قليلة حتى سمعها تصرخ صرخات عالية متتالية

ثم سكتت فجأة،فهّم ان يدخل،لكنها سمعها تقول:يا الله يا الله فتراجع

اما هي فقد أخرجت جثة الجدي من مخبئه وأودعتها القربة وربطتها جيدا

ثم غطتها بعدة قطع من القماش

و أستدعت الولد وقالت له وهي تندب وتنوح:

أخوك ها هنا في هذه القربة,لقد مات المسكين,لقد قتلته برعونتي

لماذا سلكت المنحدر الصعب؟ لماذا لم أسمع نصيحة محيدان؟

و أخذت تعاتب نفسها حتى رثي لحالها,فقال:أرجوكِ يا عمة

كفي عن البكاء,وما قدر الله لابد أن يكون.

فقالت الشيطانه:صدقت يا بني,كل شىء بقضاء الله و قدره

ثم تظاهرت بالهدوء وقالت:

أريد منك يا محيدان أن تحفر قبرا لآخيك و أن تقبره,لأن أباك سيتأخر

و أخشى أن ينتن جسد أخيك قبل وصول أبيك,و انا سأعاونك

فذهب محيدان بعيدا,وحفر حفرة عميقة وهو حزين القلب باكي العين

ثم عاد الى عمته فوجدها تبكي وتنوح على وليدها.

ذهبت المرأة برفقة الولد,لتتأكد من إتمام عملية الدفن

وعندما انهيا الدفن طلبت منه ان يذهب ليرعى أبقاره فهي ستكون بخير

وعندما وصل إلى المرعى مرت أحداث هذا اليوم في خاطره

فعاودته الشكوك نحو تلك المرأة,و سأل نفسه: كيف إنقلب حالها فورا؟

هاهي ذي بعد أن كانت تنوح و تلطم خديها,صارت فجأة بخير,لاتشكو بأسا؟

لكنه إستعاذ بالله من الشيطان الرجيم، وخاف ان يكون ظالما لها

فربما تكون صادقة,خاصة و أنّه رأى الدم بعيني رأسه

بيد أنَّ ما قد مر عليه من مكرها وخبثها لا يترك له مجالا لتبرئتها من الشر

و إستبعاد سوء النية عنها.فتردد قليلا و في الأخير قرر قطع الشك باليقين

فكرّ راجعا إلى حيث قبر أخيه المزعوم



يتبع إن شاء الله

محمود المشرفي
16-12-2013, 08:16 PM
كاتبنا القدير ناجي جوهر
اشكرك على هذا الطرح الجميل
قصه في منتهى الروعه والجمال
لك مني وافر الشكر والتقدير اخي الكريم
دمت بكل خير وموده

عبدالله الراسبي
16-12-2013, 08:49 PM
اخي العزيز والقدير ناجي جوهر نص جميل جدا ورائع
وفي غاية الجمال والابداع
ودمت بكل خير وموده اخي الكريم
وتقبل حياتي

ناجى جوهر
17-12-2013, 12:23 AM
أهلا وسهلا بالإبداع والتألق والطيبة
أهلا بســـوير الرائعة
منحك الودود الكريم بكل حرف كتبتيه
حسنات مضاعفات,ونورا و حبور
لا عدمت تفاعلك الراقي
و لا تعليقك المهذّب
و آمـل ان تجدي في بقية الحكاية ما
يسعد قلبك ويشرح خاطركِ
تحياتــــــي بعدد حبات الرمل

ناجى جوهر
17-12-2013, 12:26 AM
هلا والله بالفنان الخلوق والمصمم المبدع
شرّفتني يا مشرفي شرّفك الله
أسعدني مروك,و أبهجتني كلماتك العاطرة
فتقبل مني أصدق المنى و أجمل التحايا

ناجى جوهر
17-12-2013, 12:30 AM
السلام عليكم أخي الشاعر عبد الله الراسبي
حفظك الله ورعاك
من دواعي فخري و إعتزازي أن تمرّ
على مشاركاتي و ان أحظى منك بهذا
الثناء و الإطراء
فشكرا لك
ووفقك الله وسدد خطاك
و تقبّـل يا أبا نصر تحياتي

رحيق الكلمات
21-12-2013, 04:48 PM
تصوير رائع وكلمات منتقاة بحرفنة ايها المبدع
سلم قلمك الجميل
تقبل مروري من هنا

ناجى جوهر
21-12-2013, 11:55 PM
تصوير رائع وكلمات منتقاة بحرفنة ايها المبدع
سلم قلمك الجميل
تقبل مروري من هنا



شكرا لمرورك الراقي أستاذة رحيق الكلمات
لا نستغني عن كلماتكِ أبدا
وتقبّلي تحياتي

خليل عفيفي
22-12-2013, 07:20 AM
أخي المبدع : ناجي جوهر
نقرأ لك فنقرؤك ، لنرى ذلك الإبداع الذي ترسخ في فكرك
كاتب وأديب نعتز بوجودك بيننا

ناجى جوهر
22-12-2013, 11:58 PM
السلام عليكم أستاذ خليل
لا زلت والله غير مرتاح بشأن عنوان الحكاية (مكائد زوجة الأب)
أحاول من خلال الحكاية العجائبية الغرائبية هذه تصوير
صراع ذهني بين إمرأة تعبد لّذتها,وبين ابن زوجها الصبي
النجيب الذي يحاول المحافظة على عرض وشرف أبيه
ولا تستحق الحكاية التسمية بالعجائبية ما لم تتضمّن في متنها
احداثا غير مألوفة تثير الدهشة او الإستغراب
وهذا ما احاول فعله
لكنني متأزم فعلا بشان عنوان الحكاية
فهلا إقترحت علي مسمى؟