المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دخان الخيانة الجزء السابع


ناجى جوهر
25-12-2013, 11:51 PM
مكائد زوجة الأب

الجزء السابع
الساحرة

فكر راجعا الى مدفن اخيه المزعوم,وأثناء سيره طرأ على قلبه سؤال
كان غائبا:
لماذا لم تطلب مني عمتي سعدية دفن أخي بجوار أمي؟
و أصيب محيدان بحيرة شديدة اشعلت في فؤاده أفران شكٍّ و بوابير وسواس
فجدّ في السير متسللا,وفجأة توقّف مرعوبا,وكاد قلبه الصغير أن يخرج من
جنبه هلعا عندما باغته احدهم وكمم فمه,فتجمّد الدم في عروقه محيدان
وكذلك تخدّرت ساقيه النحيلتان فلم يرم حراكا
غير ان القبضة إرتخت تدريجيا يرافقها صوت هامس:
أُسسسّ
وعندما إلتفت إلى الخلف وجد نفسه وجها لوجه مع عمّته
سعدية,فأيقن بسوء المنقلب,وبالنكد عقب العافية,وسألت العمة المتوتِّرة:
لماذا جئت إلى هنا متسللا يا محيدان؟
فأجابها بدهاء انتجه الرعب:رأيت ضبعا ضخما يتّجه صوب
قبر أخي,فأردت منعه من التهام جثته
فأظهرت سعدية سعادة زائفة,وقبّلت مشمئزة جبينه المبتّل بعرق الذعر.
ثم قالت له آمِرة:عد إلى أبقارك,و سوف أتصدى أنا للضبع
كان محيدان أيضا ممثلا بارعا,فأظهر السمع والطاعة,والسرور والغِبطة
و أنصرف في الحال,لكنه عاد سريعا من ناحية أخرى,وكمن غير بعيد
فرآها تقترب من الحفرة,وتدور حولها مهمهمة,ثم إفترشت الأرض,فعلم أنها لن تغادر عاجلا
فأسرع إلى أبقاره,وهو متلهفا لمعرفة ما هيّة المدفون هناك
وفي المدينة تأخر سعيد حرشات إلى ما بعد المغرب,فأصيب ابنه بالقلق
فكان يدخل و يخرج,ويجلس وينهض مرارا وتكرارا,متسائلا عن سر تأخر أبيه
فتضايقت العمّة وقالت:إذا كنت خائفا على أبيك إلى هذا الحدّ فأذهب إليه
فوجدها فرصة ذهبية لنبش قبر الأخ المزعوم
فقال في خبث:سأنتظركِ في الخارج يا عمة لنذهب سويّة إلى المدينة
فأستشاطت غضبا و نبحت ككلبه:
لن أذهب معك,إذهب لوحدك إن شئت.
فأستعبر و هو يرجوها ان ترافقه,لكّنها كانت أصمت من قبر
فانصرف باكيا,وعندما إختفى عن عينيها توجّه إلى القبر وهو خائف
و لكن فضول الآدمي له فعل السحر في قلب المرء,وكان نور القمر الخافت يشجّع محيدان
على التقدّم,وعندما عجز عن مقاومة فضوله,و طمأنة شكوكه إقترب من الحفرة رويد رويدا
يحثّه الفضول وتدفعه الشكوك,وفيما كان يقدّم خطوة و يؤخّر اخرى شاهد
منظرا مروعا,فأراد النجاة بنفسه,والفرار من المواجهة,ونسي رغبته الملِّحة في كشف
سر المدفون,لقد رأى رجلين ضخمين,ليسا بآدميين,إذ يبدو شعر رأس أحدهما كلبدة أسد
وللآخر حدبة كانها سنام بعير,فارعا الطول,وهما واقفين أمام القبر,كأنهما حارسين
ولاحظ أنّ لكل واحد منهما ذيل كالتمساح,فزاد خوفه وذعره,وفي الحال تقدّم أحدهما منه
شاهرا حربته الطويلة حتى كاد يلمسه بها,فشهق محيدان شهقة فقد بعدها وعيه
وصرع في مكانه ـ لا سوح ولا روح ـ كما نقول في بلادي
أمّا المرأة فبعد تيقُّنها من ابتعاده بادرت بالخروج,وتوجّهت صوب القبر,و لا ندري لماذا؟
وكان من حسن حظ الفتى أن عثرت عليه,فانتابتها الوساوس بشأنه,وتذكّرت فشل مخططاتها
فأيقنت بإنه يقف وراء ذلك الفشل كلّه,وقدّرت أنّه يعرف أسرارها,فقررت التخلّص منه بقتله
فحملت حجرا كبيرا وهمّت برضخ رأس الفتى,غير أن الله نجّاه,إذ سمعت زمجرة ضبع في الجِوار
ففرحت,وقالت في نفسها:سيتولى الضبع القضاء على جثة محيدان,وحين يعثر الناس على بقاياه لن يتهمني أحد
بقتله,وسوف أخبرهم بعناده وإفلاته من بين يدي,وخروجه إلى المدينة لوحده ليلا بحثا عن أبيه
وقبل ان تعيد سعديّة محاولة القتل,سمعت طلقات بندقية أفزعتها و اذهلهتا عن جريمتها
فخذلها الله وخافت ونكست على عقبيها مرعوبة,بعد أن خاطبت الحارسين اللذين تواريا عن الأنظار.
وعندما إستعاد الولد وعيه و فتح عينيه والتفت صوب القبر ولم يرى الحارسين أطلق ساقيه للريح
وهرع يطلب النجاة وق إستبدّ به الخوف,وأثناء فراره سمع هدير جمل,فتوقع أن يكون ذلك
جمل أبيه,فتوقّف رغم الهلع,ثمّ إتّجه من لحظته صوب مصدر الهدير
وفعلا صدق تنبؤه,فهاهو يسمع أيضا صوت أبيه يحث الراحلة على الإسراع
ـ في اللحظة التي همّت فيها سعدية بقتل الولد قدّر الله سبحانه وتعالى
أن يطلق والده الرصاص على الضبع,ففزعت سعدية وهربت,ونجى الولد بتدبير
العلي القدير,وهو لا يعلم بما حدث له,فسبحان الله وبحمده ـ
تقدّم محيدان حتى وقف على قارعة الطريق,وحين رأى والده
صاح:يا بآه يا بآه هىء به هىء
ابي أبي أنا هنا أنا هنا,ثم ركب خلف أبيه غير مصدّق أنه نجى,ورغم ذلك كلِّه
لم يحدِّث أباه مطلقا بما يحدث,فلقد عزم على التصدي لكل حيل سعديّة لوحده
وفي السكن وجد سعيد حرشات زوجته منزوية في ركن الكوخ واجمة
ينتابها الخوف من ان يكون محيدان قد فضح مكائدها
فكانت تنتظر ردة فعل زوجها,وقد اعدّت جملة من الحجج تبرئها إذا ما صدق حدسها
غير أنها فوجئت بمحيدان يناديها:
أ خاولاتي إيي زَحَم
يا عمة والدي عاد
عندها فقط ظنّت ان محيدان لا يعرف عنها شيئا,فخرجت من مخدعها تبكي بكاء مرا
وقد عصبت رأسها وربطت على بطنها,و اخذت تولول وتنوح
فأسرع سعيد إليها متسائلا: كايت ؟ اينه جيرىء؟
ماذا بك؟ ماذا جرى؟
فلم تتمالك نفسها,وقامت تحثو التراب على رأسها وهي تندب بحرقة:
يي بري .. يي بري وآ ولداه
آ فات بعاود ال شثيني ديني,بعك ال قُرك بش
لقد مات قبل ان يرى الدنيا,لقد خطفه الموت قبل أن أقبّله
كنت أتمنى أن أسمع صوته يناديني ماما ماما
كم حلمت بان أن أراه يلبس دشداشة العيد
و أن أختار له عروسا بنفسي
و أخذت تعزف سيمفونية رثاء مزيّف على مقام النهاوند
فحزن الرجل وخارت قواه،و أدركته عاطفة الأبوّة,لكنه تماسك سريعا
وأخذ يعزي سعدية ويشجعها و يواسيها:
كل الناس تموت,محمود الله الكريم,شافع نافع إن شاء الله
فهدأت المرأة قليلا وشرعت في توبيخ نفسها والاعتذار من زوجها
لأنها تسببت في إجهاض الجنين برعونتها وطيشها
لكن الرجل الشهم أرجع سبب الوفاة الى القضاء والقدر و أن لا ذنب لها
فشعرت الخبيثة بسرور وغبطة عظيمين لأنّ المسكين صدق الكذبة
وانطلت عليه الخدعة وبلع الطعم
وظلّت متوجسة من الولد محيدان،لكنّها بقدرة قادر
إقتنعت بانّه طفل صغير تافه لا يفهم شيئا سوى رعي الأبقار
أمّا الصغير فقد كان يسمع حديثهما مذهولا من قدرة تلك المرأة
على الكذب والتمثيل و المراوغة و التضليل وتبرير قبيح الأفاعيل
فجدد عزمه على معرفة حقيقة المقبور
وفي اليوم التالي وعندما خرج سعيد حرشات لزيارة قبر إبنه تفاجىء بأنّه مدفون في غير
مقبرة القوم,وعندما سال زوجته عن السبب أقنعته بانها ترغب في ان يكون قريبا منها
تزوره متى شاءت.
وفي مساء اليوم التالي قدم إليهم تمّان,و أبلغ أخه سعيد بحاجة زوجته
إلى مساعدة سعدية لها على ختان طفلة حديثة الولادة,وعندما عرض سعيد على زوجته المسالة
أبدت إعتذارها وتحججت بانها لا تعرف ذلك العمل,غير انّ الرجلين الحا عليها
ولم يتركا لها مجالا للإفلات,فغادرت إلى بيت تمّان بعد إنصراف زوجها وولده
وحين عاين محيدان دخول سعدية إلى بيت عمّه أسرع إلى القبر المزعوم
وهناك قام بنبش الحفرة و هو خائفا مرتبكا,لكنه اصر على المتابعة ليقف على الحقيقة
فصدم المسكين .. وانهارت اعصابه وكاد صوابه يطير عندما وجد ان المقبور كان
مجرد جديا صغيرا،وليس آدميا،فصعق, ثم أعاد دفن الجدي ورجع مسرعا الى حيواناته
وجلس متفكرا في وقاحة تلك المرأة،وقلة عقلها،وعاهد نفسه على الثأر منها لكرامة أبيه
مرت الايام و المرأة تتظاهر بتحسن حالتها النفسية والجسدية
ولكنها في أعماق نفسها تغلي غلي المراجل
وتتوقد نار السخط والحقد في صدرها،ولما عيل إصطبارها عن عشيقها
عزمت على تدبير حلية محكمة تجمعها به طوعا أو كرها
ولم تجد بدأ من اللجوء إلى السحر الأسود,و قررت إستخدام ما
لا تضر به أحدا إلا بإذن الله,وكانت قد تعلّمته منذ سنوات
على يدي أم زوجها السابق وعشيقها الحالي,والذي طلّقها مرغما بعد
نزاع بينه وبين إخوته الذين ساندوا زوجة أخيهم الأكبر
ولا أحد يعرف سبب الخلاف الذي دبّ فجأة بعد رحيل أم الزوج
السابق سواها وسوى غريمتها زوجة الأخ الأكبر,و قيل ان كل منهما
سعت إلى الإستحواذ على تركة العجوز من الذهب والفضة
إذ لا بنات لها ولا لأي من أولادها,فاستخدمت زوجة سعيد حرشات
سحرها للتخلُّص من غريمتها,ولم تكن تعلم بأنها أعظم منها سحرا
فما كان من الأخيرة إلا أن ردّت لها الصاع صاعين,وتمكّنت
من سحر أعين جميع أفراد العائلة بما فيهم زوج الخائنة سعدية
الذي طلّقها وطردها من منزله في ظروف غامضة
وبعد ان تلاشى ثأثير السحر عليه لم يتمكّن من إرجاعها
إذ زوجها أبوها من سعيد حرشات رغما عنها
و لأنها لا زالت تحب زوجها السابق,فإنها لم تتمكن من
الوفاء و الإخلاص لزوجها الجديد و ولده محيدان.
وفي ليلة من الليالي وبعد ان نام سعيد حرشات
و ولده خرجت تلك المرأة حاسرة الرأس منفوشة
الشعر,حافية القدمين لا تلبس شيئا,ومشت حتى وقفت وسط وادٍ من
الأودية المحيطة بالحي الريفي,وهناك جعلت القبلة من خلفها
و بدأت تصلي صلاة لغير الله,ويذكر الذي سمعها ورآها
انها كانت تقول في صلاتها الماجنة تلك كلماتٍ تخرج من الملّة
ثم أخذت ترقص رقصا فاضحا وتستدعي خدمها من الشياطين والمردة

يتبع إن شاء الله

رحيق الكلمات
26-12-2013, 01:19 PM
القراءة المتعمقة للرواية تعطي انطباعا رائعا عن قدرتك الجميلة في سرد الحدث بطريقة لا تسرب الملل للقارئ مجهود ممتاز اخي الفاضل ننتظر بشوق بقية الرواية

ريم الحربي
26-12-2013, 03:13 PM
متابعة منذ البداية أستاذ ناجي جوهر
وكنت انتظر هذا الجزء بشوق
وللحقيقة هذه قصة شعبية رائعة تجعلنا نتابعها دون ملل
وكم اعجبتني حكمة هذا الولد الصغير الذي رأى أن يعالج الأمور
بروية وحكمة دون إندفاع أو تهور ولازلت في شوق لأعرف كيف سيحل الأمر
ألف شكر لك أيها القدير لما تقدم من متعه وفائده

عبدالله الراسبي
26-12-2013, 07:24 PM
اخي العزيز والقدير المبدع ناجي جوهر نص جميل جدا ورائع
وسرد رائع
وفي غاية الجمال والابداع
ودمت بكل خير وموده اخي الكريم
وتقبل تحياتي

زياد الحمداني (( جناح الأسير))
26-12-2013, 09:29 PM
أخي الرائع أ. ناجي الجوهر

لجمال اسلوبك السردي عنوان مميز , أمتازت به اعمالك الجذابة في مجال السرد القصصي الراقي للذائقة فهذه السلسة الرائعة لها البعد الفكري الجزيل الذي يحتذى به لأي متذوق أو قاصٍ ليستفيد من هذا النتاج السخي منك , سرني الاسمتاع بهذه السلسة الجذابة وننتظر بفارغ الصبر الآتي من الأحداث...

ناجى جوهر
26-12-2013, 11:37 PM
القراءة المتعمقة للرواية تعطي انطباعا رائعا عن قدرتك الجميلة في سرد الحدث بطريقة لا تسرب الملل للقارئ مجهود ممتاز اخي الفاضل ننتظر بشوق بقية الرواية


حفظك الله ورعاكِ أستاذة / رحيق الكلمات
سررت جدا بتعليقك الأنيق
تقبّلي فائق إحترامي

ناجى جوهر
26-12-2013, 11:39 PM
متابعة منذ البداية أستاذ ناجي جوهر
وكنت انتظر هذا الجزء بشوق
وللحقيقة هذه قصة شعبية رائعة تجعلنا نتابعها دون ملل
وكم اعجبتني حكمة هذا الولد الصغير الذي رأى أن يعالج الأمور
بروية وحكمة دون إندفاع أو تهور ولازلت في شوق لأعرف كيف سيحل الأمر
ألف شكر لك أيها القدير لما تقدم من متعه وفائده





شرفني تواجدك الرائع أستاذة ريـم الحربي
ويسرّني تفاعلك
فشكرا لك عظيم الشكر

ناجى جوهر
26-12-2013, 11:42 PM
اخي العزيز والقدير المبدع ناجي جوهر نص جميل جدا ورائع
وسرد رائع
وفي غاية الجمال والابداع
ودمت بكل خير وموده اخي الكريم
وتقبل تحياتي

حيا الله أخي الشاعر القدير / عبد الله الراسبي
يسعدني مرورك الراقي
حفظك الله ورعاك يا أبا نصر
وتقبل تحياتي

ناجى جوهر
26-12-2013, 11:44 PM
أخي الرائع أ. ناجي الجوهر

لجمال اسلوبك السردي عنوان مميز , أمتازت به اعمالك الجذابة في مجال السرد القصصي الراقي للذائقة فهذه السلسة الرائعة لها البعد الفكري الجزيل الذي يحتذى به لأي متذوق أو قاصٍ ليستفيد من هذا النتاج السخي منك , سرني الاسمتاع بهذه السلسة الجذابة وننتظر بفارغ الصبر الآتي من الأحداث...


حفظك الله ورعاك أستاذ / زياد الحمداني
يشرفني جدا هذا الإهتمام من جانبك
تقبل عاطر التحايا

ناجى جوهر
28-12-2013, 11:44 PM
أهلا بك سوير المبدعة
أسعدني مرورك
و أبهجني حضورك
و تقبلي تحياتي

أمل فكر
29-12-2013, 09:39 AM
تتطور القصة من أجمل لأجمل

متابعون ^^

ناجى جوهر
29-12-2013, 09:17 PM
تتطور القصة من أجمل لأجمل

متابعون ^^


عود حميد يا أمل فكر
الفين حيا
تحياتـي

أمل فكر
01-01-2014, 02:16 PM
مرحبا/

متابعون في انتظار التتمة بفضول...

ناجى جوهر
01-01-2014, 02:55 PM
مرحبا/

متابعون في انتظار التتمة بفضول...

هلا بك أمل فكر
ملتزمون بجدول زمني
شكرا لك على المتابعة والتفاعل
تحياتي