المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دخان الخيانة الجزء التاسع


ناجى جوهر
04-02-2014, 10:42 PM
دخان الخيانة

الجزء التاسع

الجني

فأستأذنت من زوجها لزيارة أهلها و المكوث عندهم عدة ايام
خاصة و أنها قد أسقطت الحمل,فهي بحاجة إلى الراحة و الإستجمام
وافق الرجل دون تردد فحزمت ما تحتاج إليه من ثياب ومتاع,وتأهبت للرحيل
و حين همّت بالانصراف قال لها زوجها: لابد لي من اصطحابك فأقسمت عليه ان لا
يرافقها لإبعد من منتصف الطريق,فهي تعرف بقيّة الدرب جيدا و لا داعي للقلق
فقال الولد لأبيه:
دعني يا ابي ارافق عمتي,وأبقى معها إلى ان تعود
فرفضت المرأة بشدة,مدّعية انه عنيد,ولا يسمع الكلام,فصمم الوالد والولد
وانصاعت مرغمة
وبعد ان فارقهما الأب ظلت طول الطريق ساكتة واجمة لم تنبس ببنت شفه
رغم محاولات الولد جرها للحديث
لأنها كانت تخشى من ان تفلت من فمها كلمه تفضح سوء نيتها فألتزمت الصمت
وعندما وصلا الديار إستقبلهما الأهل بالترحاب,ولما علم الجيران بوصولهما قدموا ليسلموا عليهما
كان ذلك العشيق مسعود من ضمن الناس الذين جاءوا لإلقاء التحية
فلما رآه الولد محيدان انزعج كثيرا و شعر برغبة عارمة في مهاجمته لكنه تمالك نفسه
و أخذ يراقب حركاته و سكناته،كذلك لم يرفع طرفه عن زوجة أبيه
التي كانت تثير شكوكه خاصة بعد ان رآها تقوم بحركة بادلها مسعود بمثلها
ذبح اخوة المرأة فُعُورا ـ عجل ـ وصنعوا عشاء دعوا اليه الأهل و الجيران
كما أقاموا جلسة سمر ريفية تتضمن غناءــ النانا و دبرارت ــ وأحاديث وحكايات شتى
و بعد جلسة السمر نام الولد وعمته في كوخ صغير
وعند منتصف الليل سمع الولد صوتا هامسا ينادي : (اشش ...اشش)
من خلف الكوخ الذي ينامان فيه
ففتح عينيه وجال بنظره في ارجاء الكوخ،فلاحظ وجود عمته في مكانها وهي نائمة
ولم يكد يضع رأسه على الفراش مرة اخرى حتى سمع الصوت السابق لكن بنبرة اقوى
ولاحظ تململ زوجة أبيه على الفراش دون أن تنهض,ثم رآها تجلس وتفرك عينيها
فخاف أن تلاحظ يقظته فأغمض عينيه وأرهف سمعة ونام نومة الذئب
كان الصوت الهامس يزداد وضوحا وكذلك الحصى التى كانت ترمى على الباب يكبر حجمها
ولم تلبث المرأة ان إنسابت كأنها افعى،ولم يشعر الولد إلا برائحة عطرها تزكم انفه
وهي تقترب منه لتتأكد,من نومه فتسارعت نبضات قلبه،وارتجفت أوصاله
لكنه سرعان ما تناوم وأخذ يشخر شخيرا خفيفا,عندها اطمأنت الى نومه
فتوجهت نحو باب الكوخ،وقبل أن ترفع قدمها سمعت الولد يهذي ويقول :
يا أبي ... إن عمتي ...إنّ البقرة الحمرء... ففزعت المرأة وتراجعت
لكن الذي في الخارج فقد الصبر ونزع الى التهور بدل التعقل فتقدم
من باب الكوخ والولد يلاحظه،وقبل أن يدخل صاح محيدان بأعلى صوته:
النجدة النجدة..أنجدني يا ابي ...أماه أغيثينى ...أنقذوني
فتسمرت قدما المعتدي من هول المفاجأة، وأرتبك ارتباكا فضيعا
ولكنه فر في الحظة الأخيرة عندما سمع أصوات الرجال تقترب منه وقد أسرجوا الفوانيس
اما المرأة فقد بلغت روحها الحلقوم من شدة الهلع،وأخذ منها الإحراج كل مأخذ
إلا أنها سكنت قليلا عندها ارتمى الصبي في حضنها خائفا مرتجفا باكيا وهو يقول:
رأيت جنيا كبيرا يا عمة,لقد أمسك برقبتي,يريد قتلي,أنظري إليه
إنه هنا في الكوخ
فلم تقل المرأة شيئا,بل غضبت غضبا مروعا,و أرادت
البطش بالولد ومعاقبته,غير انها تراجعت عندما امتلاء الكوخ بإخوتها
و أخواتها الذين سألوها عن سبب صراخ الولد المفاجئ
فسألته متلعثمة :ماذا بك يا محيدان؟
فأجابها:رأيت جنيا كبيرا هنا في داخل الكوخ,لقد أراد ان يخنقني
فلما سمعوا هذا الادعاء تنفسوا الصعداء،وحاولوا طمأنة الولد وتشجيعه لكنه استمر
في البكاء والصراخ وهو يقول :أريد العودة إلى أبي
فغضبوا من هذا التصرف وشعروا بالحرج الشديد عند حضور الجيران
ولم يغير الولد موقفه في الصباح،بل رفض تناول شيئا من الحليب او الطعام، وظل يبكي حتى
قرروا أن يرافقه أحدهم ليعيده إلى أبيه،لكن محيدان أصر على إصطحاب عمته
التي رفضت بشدة،فما كان منه إلا ان اخذ يجري في البرية ويصيح كان به مسّ
ليحرج عمته وأسرتها،فما كان منهم إلا ان اقنعوها بالعودة مع الصبي وقالوا لها:
انه طفل يتيم وأنت بمثابة امه
وعندما ابتعدا عن امساكن بدأت تكيل له اصناف الشتائم والسباب وتصب عليه اللعنات
اندهش سعيد حرشات عندما عاد في المساء ووجد زوجته و ولده قد عادا
وبادر زوجته بالسؤال :
لماذا رجعتما سريعا؟
فقالت له مغضبة: ابنك الخواف
قال انه راى جنيا
ابنك السخيف
لا يرافق احدا إلا وأحرجه
ثم جلست تندب حظها العاثر الذي حرمها من المكوث عند أمها فغضب الزوج
وتوجه وهو يتميز من الغيظ الى حيث يجلس ابنه في الخارج بعيدا عنهما
وعندما اقترب منه بما يكفي رفع كفه عاليا يريد ان يصفع ابنه
ولكنه تذكر وصية زوجته المرحومة:
لاتصدق على
فتراجع مستغفرا الله،ثم خفف من حدة لهجته وسأل الولد
عن سر العودة المبكرة فأجابه بأنه لم يتكيف
مع اهل زوجته ولم يشعر بالارتياح معهم
فاختلق ذلك العذر ليعود الى الديار
فضحك الاب وقال لابنه:
لابأس ولكن لا بد لي من توبيخك حتى ترضى عمتك
اخذ الاب يصرخ في وجه ابنه ويؤنبه على جبنه و خوفه من لا شيء
فلما احس ان المرأة قد ارتاحت،ادخل ابنه وامضوا ليلة كئيبة حزينة بالنسبة لها
لم تكن تلك المرأة راضية عن حياتها مع زوجها وولده. فلقد حرماها من حبيبها
لذلك كانت ايامها ولياليها تمر تعيسة مريرة،لا تعرف الهناء ولا تتذوق السعادة التي تحيط بها
و استمرت تحيك المكائد لتتخلص من الولد قبل الوالد
وترسم الخطط الخبيثة لعلها تعود الى حبيبها
لاحظ الرجل الوجوم والسخط والشحوب على وجه زوجته فأعتقد انها تشعر بالملل والضجر
فعزم على اصطحابها وولده الى المدينة فأبلغهما بذلك وطلب منهما حزم وتجهيز الاغراض

يتبع الجزء العاشر إن شاء الله

عبدالله الراسبي
05-02-2014, 12:27 PM
اخي العزيز والقدير ناجي جوهر تسلم على هذا النص الرائع والجميل
ونحن في شوق لمعرفة الاحداث القادمه
ودمت بكل خير وموده اخي الكريم
وتقبل تحياتي

زياد الحمداني (( جناح الأسير))
06-02-2014, 09:56 PM
أخي العزيز الأديب أ. ناجي جوهر..

لا تترك للقلم مجال إلا أن يتقدم ليتكلم ، ليهنى منك ويتعلم، ومن فيضِ حرفك لا يُحرم...

في كل جزء يكمن اسلوبك النادر الخاص الذي يستحيل تقليده ، اخي العزيز بكل أمانة عنان النثر يخضع لسمو فكرك الراقي المتزامن بكل لحظاته مع مفردات النصوص التي تجعلها كالبنيان المرصوص..

أخيرا وليس آخرا من القلب إلى القلب هنيئاً لنا بك ..

ناجى جوهر
07-02-2014, 12:52 AM
شكرا لك ابو نصر على التفاعل
لا عدمت مرورك الراقي
وتقبل تحياتي

ناجى جوهر
07-02-2014, 12:53 AM
حفظك الله ورعاك استاذة
عبير الكلبانية
تفاعلك شرف لي

ناجى جوهر
07-02-2014, 12:53 AM
أهلا بك ايها الرائع
يسعدني هذا التكريم منك
أستاذ زياد الحمداني
الله يخليك

ناجى جوهر
07-02-2014, 12:54 AM
حفظك الله ورعاكِ أستاذة سوير
كلماتك وسام ارصع به صدري
شكرا على التفاعل العذب
تحياتي