المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ((وقفات إيمانية مع البلاء والمحن))


زياد الحمداني (( جناح الأسير))
02-03-2014, 10:45 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أُلقي بين الأيادي الكريمةِ هذه الوقفات الإيمانية مع البلاء والمحن ....


إن الفتن تحل بجميع البشر، ولكن وقعها على المؤمن الصادق يختلف من غيره، فيصبر عليها ويحولها إلى نعمة كما قال تعالى في سورة النساء :

(وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) .

تألمون أي : تتألمون مما أصابكم من الجراح فالكفار يتألمون أيضًا مما يصيبهم ولكن لكم ميزة وهي أنكم ترجون ثواب الله وهم لا يرجونه .

فما هي أسباب وقوع هذه الإبتلاءات في حياة المؤمن؟

- لأن الدنيا هي دار الفتن والمصائب والبلاء، ولولا ذلك لركن المؤمن لها ولصارت فتنة له .

- ليرتبط قلب المؤمن بالله -تعالى- لجوءً وطلبًا وانكسارًا ،لأن المصيبة تجعل صاحبها يلجأ إلى الله ويلوذ إليه فتنقلب في حقه نعمة بعدما كانت نقمة.

- أن يطلب المؤمن حاجته من الله تعالى؛ فهو سبحانه يحب أن يُسأل، بل ويلح عليه في الطلب والسؤال. مصداقا لقول الله تعالى :"(وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (الطلاق).

- والمؤمن مأجور على صبره وعلى تصبره كلما حل به بلاء ؛ فقد أخرج مسلم والبيهقي عن صهيب
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ).

- وقد يكون نزول البلاء عقوبة إما على فعل المعاصي أو على ترك الشكر لله تعالى لذا فمن فوائد نزول البلاء والفتن أن يعود المرء لربه فيكفيه البلاء ويبعد عنه الفتن .

فقد ورد أن العباس رضي الله عنه لما استسقى به عمر قال : "اللَّهم إنه لا ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجه بي القوم إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة فاسقنا الغيث"

فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض وعاش الناس.

- قد تكون المصيبة نعمة: فهي كفارة للسيئات، وهي تورث المؤمن انكسارًا بين يدي الله تعالى؛ وهذا تحقيق لمعنى من العبودية لا يستحضره الإنسان حال العافية..

عن أم سلمة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِيمُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إِلاَّ أَجَرَهُ اللَّهُ فِي مُصِيبَتِهِ وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا) (رواه مسلم).

خرج ابن أبي الدنيا عن شريح قال :

"إني لأصاب بالمصيبة فأحمد الله عليها أربع مرات : أشكره إذ لم تكن أعظم مما هي ، وإذ رزقني الصبر عليها ، وإذ وفقني إلى الاسترجاع -يعني قول : إنا لله وإنا إليه راجعون-، وإذ لم يجعلها في ديني".

وعن أبي بن كعب -رضي الله عنه- أنه قال : يا رسول الله ما جزاء الحمى ؟
قال: (تَجْرِي الْحَسَنَاتُ عَلَى صَاحِبِهَا مَا اخْتُلِجَ عَلَيْهِ قَدَمٌ أَوْ ضُرِبَ عَلَيْهِ عِرْقٌ) (رواه الطبراني، وقال الألباني: حسن لغيره).

وقد بيَّن أهل العلم كيفية تكفير السيئات بالمرض أو البلاء فهو إما مأجور وإما مغفور له ما سبق من الإساءة .

فبهذه الروح الإيمانية الصادقة علينا أن نتعامل مع البلاء والمحن لتكون لنا نعمة ، فما أجملها من إستغاثة تتجرد دونها الجوارح مُنقادةً بكل صفاء وبثقةٍ عمياء إلى البارئ عزوجل صبراً لينال المنال الأخروي بكل جدارة ، فرحمتهُ تعالى لا حدود لها فسبحانه القدير الذي مَنَّ علينا نعمة الإسلام والإيمان ثبتنا اللهُ على القول الحسن وجنبنا سوء الظن ونقى قلوبنا بضياءِ ذِكرهِ وقُرآنِه.


والحمدلله ربِ العالمين

وهج الثريا
03-03-2014, 11:08 PM
الدنيا دائما هي دار إبتﻻء للمؤمن يوقن فيها أن ما يواجهه من شدائد ومحن إنما هو إختبار من رب العالمين لمدى شكره وصبره ..

قد يصيبه بعض اليأس أحيانا ولكن سرعان ما يعود القلب لربه ﻻنه يوقن أن بمقدار الصبر سيفاجأ بشي أجمل مما توقعه ..

جعلنا الله واياكم جميعا من الصابرين الشاكرين له في السراء والضراء ..
تشكر أ. زياد الحمداني على هذا الموضوع المثري وعلى هذا التذكير ..في ميزان حسناتك

أطيب التحايا لك ..

زياد الحمداني (( جناح الأسير))
04-03-2014, 08:34 PM
الدنيا دائما هي دار إبتﻻء للمؤمن يوقن فيها أن ما يواجهه من شدائد ومحن إنما هو إختبار من رب العالمين لمدى شكره وصبره ..

قد يصيبه بعض اليأس أحيانا ولكن سرعان ما يعود القلب لربه ﻻنه يوقن أن بمقدار الصبر سيفاجأ بشي أجمل مما توقعه ..

جعلنا الله واياكم جميعا من الصابرين الشاكرين له في السراء والضراء ..
تشكر أ. زياد الحمداني على هذا الموضوع المثري وعلى هذا التذكير ..في ميزان حسناتك

أطيب التحايا لك ..


آمين .. جوزيتي خير الجزآء على هذا السخاء الروحاني الذي نال هذه الإشراقة الإيمانية ، اضفتي جليل المعاني الوجدانية التي إن استشعر منها المرء وجد فيها الدواء لكل داء ...

دائما ما ينال تواضع هذا القلم جمال حرفك الصادق النبيل بعطاءه الرائعة الكاتبة المتوهجة بكل ما أوتيت الكلمة من معنى أ. وهج الثريا...

جزاك الله خيرا كثيرا ...

ناجى جوهر
04-03-2014, 10:47 PM
السلام عليكم استاذ / زياد الحمداني
شكر الله سعيكم
موضوع في غاية الروعة
جعله الله في ميزان حسناتك
فإن البلاء وهو بمعنى الإمتحان سنة من
سنن الله يميز بها بين عباده , قال تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
{الم (1)
أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) }
سورة العنكبوت
فالدنيا دار ابتلاء واختبار
وعلى قدر اهل العزم تاتي العزائم وهذا شأن الإبتلاء
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل
يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتد به بلاؤه
وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه
فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة)
أخرجه الإمام أحمد وغيره.
وقال صلى الله عليه وسلم :
(إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم
فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط)
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
والابتلاء يكون بالسراء وبالضراء، و بالحروب والفتن والاضطرابات
وتسلّط الأعداء على المسلمين ، وأيضا الابتلاء بتولي المسؤوليات
ولاسيما العظيمة منها، وكذلك بكثرة الفرق والبدع والضلالات
وكثرة الشهوات و الفجور، وانتشار الفساد في الأرض ونحو ذلك
فاللهم الهمنا الصبر و أرزقنا الأجر
وأجعل خير أعمالنا خواتيمها
وخير أيامنا يوم نلقاك
يا أكر الأكرمين
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم
آمين

زياد الحمداني (( جناح الأسير))
04-03-2014, 11:47 PM
السلام عليكم استاذ / زياد الحمداني
شكر الله سعيكم
موضوع في غاية الروعة
جعله الله في ميزان حسناتك
فإن البلاء وهو بمعنى الإمتحان سنة من
سنن الله يميز بها بين عباده , قال تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
{الم (1)
أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) }
سورة العنكبوت
فالدنيا دار ابتلاء واختبار
وعلى قدر اهل العزم تاتي العزائم وهذا شأن الإبتلاء
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل
يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتد به بلاؤه
وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه
فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة)
أخرجه الإمام أحمد وغيره.
وقال صلى الله عليه وسلم :
(إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم
فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط)
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
والابتلاء يكون بالسراء وبالضراء، و بالحروب والفتن والاضطرابات
وتسلّط الأعداء على المسلمين ، وأيضا الابتلاء بتولي المسؤوليات
ولاسيما العظيمة منها، وكذلك بكثرة الفرق والبدع والضلالات
وكثرة الشهوات و الفجور، وانتشار الفساد في الأرض ونحو ذلك
فاللهم الهمنا الصبر و أرزقنا الأجر
وأجعل خير أعمالنا خواتيمها
وخير أيامنا يوم نلقاك
يا أكر الأكرمين
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم
آمين




وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أخي العزيز أ. ناجي جوهر...

جزاك الله خير الجزآء على هذه الإضافة التي اعتبرها متممة لأصل الموضوع ..

لا حرمنا الله من ضيءِ حرفك المنير بالنفحات الإيمانية..

زياد الحمداني (( جناح الأسير))
04-03-2014, 11:50 PM
والناس حين نزول البلاء ثلاثة فئآآت ..
الأول: محروم من الخير يقابل البلاء بالتسخط وسوء الظن بالله واتهام القدر.
الثاني : موفق يقابل البلاء بالصبر وحسن الظن بالله.
الثالث: راض يقابل البلاء بالرضا والشكر وهو أمر زائد على الصبر.
،
الله يجزاك الجنه اخوي زياااد
\





الأخت الفاضلة أ. سوير..

نفحات إيمانية أختصرت الموضوع بشكل ملفت...

وفكر روحاني دائما ما ننال منه العبر والتذكرة..

جزاك الله خير الجزآء اختي الجليلة..

أمواج
18-03-2014, 10:27 PM
الفاضل زياد الحمداني

تسلم علي الموضوع والمواعظ والحكم التي تندرج من السطور

فالابتلاء إنما يكون لأجل الاختبار وإعلاء الدرجات وتقوية الإيمان ؛ فإن الإنسان مهما كان مؤمناً ومطيعا لله

فإنه يوجد لديه فراغ ومجال للتكامل والتقرب إلى الله أكثر فأكثر ، إن من أهم العوامل للتكامل الروحي هو الابتلاء والاختبار فإن الإنسان

مهما كان غافلا عن الله والتوجه إليه فإنه عندما تحل به المصائب والمحن سوف يفيق من غفلته ويلتجئ إلى الله ويدعوه في النجاة والخلاص

مما هو فيه بل نفس المحن والابتلاء هي في حد ذاتها تصفية وتطهير عن البعد عن الله وعن مايحمله من الذنوب .

زياد الحمداني (( جناح الأسير))
21-03-2014, 01:40 PM
الفاضل زياد الحمداني

تسلم علي الموضوع والمواعظ والحكم التي تندرج من السطور

فالابتلاء إنما يكون لأجل الاختبار وإعلاء الدرجات وتقوية الإيمان ؛ فإن الإنسان مهما كان مؤمناً ومطيعا لله

فإنه يوجد لديه فراغ ومجال للتكامل والتقرب إلى الله أكثر فأكثر ، إن من أهم العوامل للتكامل الروحي هو الابتلاء والاختبار فإن الإنسان

مهما كان غافلا عن الله والتوجه إليه فإنه عندما تحل به المصائب والمحن سوف يفيق من غفلته ويلتجئ إلى الله ويدعوه في النجاة والخلاص

مما هو فيه بل نفس المحن والابتلاء هي في حد ذاتها تصفية وتطهير عن البعد عن الله وعن مايحمله من الذنوب .


الفاضلة الكاتبة الرائعة أ. أمواج..

لمرورك نفحة إيمانية تستقيم معها الأنفس إجلالا وامتثالا ..


طريق النجاة والخلاص متزامن مع إخلاص النوايا نحو البارئ عزوجل ..

وأوافقك الرأي حتماً أن هذه الإبتلاءات والمحن هي تصفية وتطهير وتزكيةً للنفوس لتنال الرضى والأجر من الله تعالى..

والصبر مفتاحاً لجميع أنواع البلاء والمحن ...


جزاك الله خير الجزاء على هذه النفحات المُثرية..

مملكة الطموح
08-06-2014, 01:11 AM
سيدي الجناح الأسير... روائع الشكر والتقدير لإختيارك هذه الوقفه التي تحتاجها الروح لتفقهها..

استوقفتني كثيرا هذه العباره " - ليرتبط قلب المؤمن بالله -تعالى- لجوءً وطلبًا وانكسارًا ،لأن المصيبة تجعل صاحبها يلجأ إلى الله ويلوذ إليه فتنقلب في حقه نعمة بعدما كانت نقمة "

هذا هو سر البلاء في حياة المؤمن أن يظل بقرب الله دائما ملتجئا طالبا منكسرا خاضعا له..

سبحان الله حتى في البلاء نعمه..

زياد الحمداني (( جناح الأسير))
09-06-2014, 09:43 PM
سيدي الجناح الأسير... روائع الشكر والتقدير لإختيارك هذه الوقفه التي تحتاجها الروح لتفقهها..

استوقفتني كثيرا هذه العباره " - ليرتبط قلب المؤمن بالله -تعالى- لجوءً وطلبًا وانكسارًا ،لأن المصيبة تجعل صاحبها يلجأ إلى الله ويلوذ إليه فتنقلب في حقه نعمة بعدما كانت نقمة "

هذا هو سر البلاء في حياة المؤمن أن يظل بقرب الله دائما ملتجئا طالبا منكسرا خاضعا له..

سبحان الله حتى في البلاء نعمه..


بارك الله فيك أختي الفاضلة أ. مملكة الطموح ،بلى وربي فالبلاء نعمة يختص الله عباده ليعلم من منهم سيتقبل هذه الهدية التي رغم حجم البلاء تجدِ من استقر في سريرته حب الله عزوجل لا تهمه اعباء تلك المعضلات المحنية مصداقا لقوله تعالى ((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (البقرة: 155/ 156 /157)


وهذه لمحة قليلا مطولة لتفسيرها لكن تستحق إلقاء الضوء عليها لأهميتها ..

لنبلونكم: هنا تأكيد بثلاثة مؤكدات: القسم، واللام، والنون؛ والتقدير: واللَّهِ لنبلونكم؛ والفعل هنا مع نون التوكيد مبني على الفتح.



و «نبلو» بمعنى نختبر. والبلاء يكون حسنا ويكون سيئا . وأصله المحنة والمعنى لأمتحننكم لنعلم المجاهد والصابر علم معاينة حتى يقع عليه الجزاء.





* بشيء : التنكير هنا للتقليل؛ ويحتمل أن يكون للتكثير.يقول القرطبي:أي بشيء من هذا وشيء من هذا , فاكتفى بالأول إيجازا.



*منَ الْخَوْفِ:أي الذُّعْر؛ وهو شامل للخوف العام، والخوف الخاص؛ الخوف العام: كأن تكون البلاد مهددة بعدو؛ والخوف الخاص: كأن يكون الإنسان يبتلى بنفسه بمن يخيفه ويروعه.
وقال الشافعي : هو خوف الله عز وجل.



*وَالْجُوعِ:يعني المجاعة بالجدب والقحط , في قول ابن عباس . وقال الشافعي : هو الجوع في شهر رمضان .



*وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَال:الأموال جمع «مال»؛ وهو كل ما يتموله الإنسان من نقود، ومتاع، وحيوان.



قيل :بسبب الاشتغال بقتال الكفار . وقيل : بالجوائح المتلفة . وقال الشافعي : بالزكاة المفروضة .


*وَالْأَنْفُسِ:قال ابن عباس : بالقتل والموت في الجهاد . وقال الشافعي : يعني بالأمراض .




*وَالثَّمَرَاتِ:قال الشافعي : المراد موت الأولاد , وولد الرجل ثمرة قلبه , كما جاء في الخبر .



وقال ابن عباس : المراد قلة النبات وانقطاع البركات .





*وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ: أي بالثواب على الصبر . والصبر أصله الحبس , وثوابه غير مقدر , . لكن لا يكون ذلك إلا بالصبر عند الصدمة الأولى , كما روى البخاري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما الصبر عند الصدمة الأولى ) .





أي إنما الصبر الشاق على النفس الذي يعظم الثواب عليه إنما هو عند هجوم المصيبة وحرارتها , فإنه يدل على قوة القلب وتثبته في مقام الصبر , وأما إذا بردت حرارة المصيبة فكل أحد يصبر إذ ذاك.





ولذلك قيل : يجب على كل عاقل أن يلتزم عند المصيبة ما لا بد للأحمق منه بعد ثلاث .





والصبر صبران : صبر عن معصية الله , فهذا مجاهد , وصبر على طاعة الله , فهذا عابد .




فإذا صبر عن معصية الله وصبر على طاعة الله أورثه الله الرضا بقضائه.




وعلامة الرضا سكون القلب بما ورد على النفس من المكروهات والمحبوبات .


وقال الخواص : الصبر الثبات على أحكام الكتاب والسنة .



وقال رويم : الصبر ترك الشكوى .



وقال ذو النون المصري : الصبر هو الاستعانة بالله تعالى .





وقال الأستاذ أبو علي : الصبر حده ألا تعترض على التقدير , فأما إظهار البلوى على غير وجه الشكوى فلا ينافي الصبر , قال الله تعالى في قصة أيوب : " إنا وجدناه صابرا نعم العبد " [ ص : 44 ] مع ما أخبر عنه أنه قال : " مسني الضر"





*الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ: المصيبة : كل ما يؤذي المؤمن ويصيبه , يقال : أصابه إصابة ومصابا.

والمصيبة : النكبة ينكبها الإنسان وإن صغرت , وتستعمل في الشر , روى عكرمة أن مصباح رسول الله صلى الله عليه وسلم انطفأ ذات ليلة فقال : " إنا لله وإنا إليه راجعون " فقيل : أمصيبة هي يا رسول الله ؟ قال :
( نعم كل ما آذى المؤمن فهو مصيبة ) .





قال القرطبي : هذا ثابت معناه في الصحيح , خرج مسلم عن أبي سعيد وعن أبي هريرة رضي الله عنهما أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته ) .




خرج ابن ماجة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من أصيب بمصيبة فذكر مصيبته فأحدث استرجاعا وإن تقادم عهدها كتب الله له من الأجر مثله يوم أصيب ) .




وقد أفاض العلماء الأجلاء إفاضات واسعة حول المصائب.





يقول الشيخ النابلسي :المصائب نوعان في الأصل ؛ نوع يتجه إلى الكفار، ونوع يتجه إلى المؤمنين.




فمصائب الكفار... نوعان ؛ قصمٌ وردعٌ .



بمعنى أن الله سبحانه وتعالى إذا علم أن فلاناً لن يؤمن ولن يزيده استمرار حياته إلا انحرافاً ، يقصمه الله سبحانه وتعالى ، وهذه مصائب قصمٍ ، وهذا ما جرى لقوم نوح عندما أغرقهم الله بالطوفان



و الدليل قوله تعالى: " وأُوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون" .



أما مصائب الردع فإذا علم الله سبحانه وتعالى أن هذا الإنسان فيه بقيةٌ من خير، وفيه أثر من إيمان ، فإنه يرسل له مصيبة لردعه عما هو فيه.





لكنَّ المؤمنين لهم مصائب خاصة تصور أنّ مؤمنًا مستقيمًا ومبتلًى...هو مؤمن صالح ,لكنه يسير في عبادته على وتيرة بطيئة ، ودونما نشاط في محاولة زيادة جهده في عبادة ربه ، واللهُ سبحانه يعلم أن باستطاعنه زيادة نشاطه و إقباله على ربه ، عندئذ تأتيه مصيبة (دفع) يدفعه الله بها إلى بابه ليزيد من إقباله على طاعة ربه ،ويرفع له من ثوابه.




فكذلك المؤمن الذي يريد أن يرفعه الله تعالى ، إذْ يعلم أن هذا المؤمن قادر على بلوغ مرتبة أسمىو أعلى فتأتيه (مصيبة رفع) ترفعه وتُعلي مقامه عند بارئها ،


فَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً قَالَ الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ (رواه الترمذي).





فإذا كنت مستقيمًا ملتزمًا مطبقًا لأمر الله ، وجاءتك مصيبة ، فهذه من أجل أن يرفعك الله درجة أو درجات ، وأن يرفع مقامك إليه .




وإذا كنت في فتور بعبادتك ، بحكم الاعتياد ، ودينك صار دينًا شكليًا ، وكنتَ مستقيمًا ، فالله عزوجل يدفعك إلى بابه بطريقة ما .





فمصيبة المؤمنين ...إما دفع إلى باب الله ، وإما رفع في المقام .





*-قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ:


جعل الله تعالى هذه الكلمات ملجأ لذوي المصائب , وعصمة للممتحنين , لما جمعت من المعاني المباركة , فإن قوله : " إنا لله " توحيد وإقرار بالعبودية والملك .



وقوله : " وإنا إليه راجعون " إقرار بالهلك , على أنفسنا والبعث من قبورنا , واليقين أن رجوع الأمر كله إليه كما هو له .


قال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى : لم تعط هذه الكلمات نبيا قبل نبينا , ولو عرفها يعقوب لما قال :" يا أسفى على يوسف" .





فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته أقبضتم ولد عبدي فيقولون نعم فيقول أقبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم فيقول فماذا قال عبدي فيقولون حمدك واسترجع فيقول الله تعالى ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد ) .



وروى مسلم عن أم سلمة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله عز وجل إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا أخلف الله له خيرا منها ) .




* أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة : الإشارة إلى {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله...}



*"اولئك" جاءت بلفظ الإشارة للبعيد للدلالة على علو مرتبتهم، ومنزلتهم، ومقامهم.




يقول القرطبي:هذه نعم من الله عز وجل على الصابرين المسترجعين .





*صلوات : اختلف العلماء في معناها على عدة أقوال:




*قيل: صلاة الله على عبده هي : عفوه ورحمته وبركته وتشريفه إياه في الدنيا والآخرة .




*وقال الزجاج : الصلاة من الله عز وجل الغفران والثناء الحسن .





*و قيل أن المراد بها الثناء عليهم في الملأ الأعلى.. رفعاً لذكرهم، وإعلاءً لشأنهم.




*ورحمة : عطفها على { الصلوات } من باب عطف العام على الخاص؛ لأن الثناء عليهم في الملأ الأعلى من الرحمة.




يقول القرطبي:" وكرر الرحمة لما اختلف اللفظ تأكيدا وإشباعا للمعنى".




وقيل : أراد بالرحمة كشف الكربة وقضاء الحاجة .




وفي البخاري وقال عمر رضي الله عنه : نعم العدلان ونعم العلاوة



: " الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون .



أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " .



أراد بالعدلين الصلاة والرحمة , وبالعلاوة الاهتداء .





*المهتدون: أي الذين اهتدوا




لكن إلى ماذا اهتدوا؟؟؟؟؟؟


*قيل: إلى طريق الحق.



· قيل : إلى استحقاق الثواب وإجزال الأجر .



· وقيل : إلى تسهيل المصائب وتخفيف الحزن .






المستفاد من الايات:




*- بيان حكمة الله عزّ وجلّ فيما يبتلي به العباد.




*-عظم ثواب الصبر؛ لقوله تعالى: { أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة




*-ان مصائب المومنين هي مصائب دفع ورفع.




*-وجوب الاسترجاع( قول "انا لله و إنا إليه راجعون")عند حلول المصيبة



*- إثبات رحمة الله عزّ وجلّ؛ وهي صفة حقيقية ثابتة لله؛ بها يرحم من يشاء من عباده؛ ومن آثارها حصول النعم، واندفاع النقم.



*- الثناء على الصابرين بأنهم هم المهتدون الذين اهتدوا إلى ما فيه رضا الله وثوابه.



جعلنا الله تعالى و إياكم من الصابرين وممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ونفعنا بما علمنا

آمين

مملكة الطموح
10-06-2014, 01:11 AM
بارك الله فيك أختي الفاضلة أ. مملكة الطموح ،بلى وربي فالبلاء نعمة يختص الله عباده ليعلم من منهم سيتقبل هذه الهدية التي رغم حجم البلاء تجدِ من استقر في سريرته حب الله عزوجل لا تهمه اعباء تلك المعضلات المحنية مصداقا لقوله تعالى ((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (البقرة: 155/ 156 /157)


وهذه لمحة قليلا مطولة لتفسيرها لكن تستحق إلقاء الضوء عليها لأهميتها ..

لنبلونكم: هنا تأكيد بثلاثة مؤكدات: القسم، واللام، والنون؛ والتقدير: واللَّهِ لنبلونكم؛ والفعل هنا مع نون التوكيد مبني على الفتح.



و «نبلو» بمعنى نختبر. والبلاء يكون حسنا ويكون سيئا . وأصله المحنة والمعنى لأمتحننكم لنعلم المجاهد والصابر علم معاينة حتى يقع عليه الجزاء.





* بشيء : التنكير هنا للتقليل؛ ويحتمل أن يكون للتكثير.يقول القرطبي:أي بشيء من هذا وشيء من هذا , فاكتفى بالأول إيجازا.



*منَ الْخَوْفِ:أي الذُّعْر؛ وهو شامل للخوف العام، والخوف الخاص؛ الخوف العام: كأن تكون البلاد مهددة بعدو؛ والخوف الخاص: كأن يكون الإنسان يبتلى بنفسه بمن يخيفه ويروعه.
وقال الشافعي : هو خوف الله عز وجل.



*وَالْجُوعِ:يعني المجاعة بالجدب والقحط , في قول ابن عباس . وقال الشافعي : هو الجوع في شهر رمضان .



*وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَال:الأموال جمع «مال»؛ وهو كل ما يتموله الإنسان من نقود، ومتاع، وحيوان.



قيل :بسبب الاشتغال بقتال الكفار . وقيل : بالجوائح المتلفة . وقال الشافعي : بالزكاة المفروضة .


*وَالْأَنْفُسِ:قال ابن عباس : بالقتل والموت في الجهاد . وقال الشافعي : يعني بالأمراض .




*وَالثَّمَرَاتِ:قال الشافعي : المراد موت الأولاد , وولد الرجل ثمرة قلبه , كما جاء في الخبر .



وقال ابن عباس : المراد قلة النبات وانقطاع البركات .





*وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ: أي بالثواب على الصبر . والصبر أصله الحبس , وثوابه غير مقدر , . لكن لا يكون ذلك إلا بالصبر عند الصدمة الأولى , كما روى البخاري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما الصبر عند الصدمة الأولى ) .





أي إنما الصبر الشاق على النفس الذي يعظم الثواب عليه إنما هو عند هجوم المصيبة وحرارتها , فإنه يدل على قوة القلب وتثبته في مقام الصبر , وأما إذا بردت حرارة المصيبة فكل أحد يصبر إذ ذاك.





ولذلك قيل : يجب على كل عاقل أن يلتزم عند المصيبة ما لا بد للأحمق منه بعد ثلاث .





والصبر صبران : صبر عن معصية الله , فهذا مجاهد , وصبر على طاعة الله , فهذا عابد .




فإذا صبر عن معصية الله وصبر على طاعة الله أورثه الله الرضا بقضائه.




وعلامة الرضا سكون القلب بما ورد على النفس من المكروهات والمحبوبات .


وقال الخواص : الصبر الثبات على أحكام الكتاب والسنة .



وقال رويم : الصبر ترك الشكوى .



وقال ذو النون المصري : الصبر هو الاستعانة بالله تعالى .





وقال الأستاذ أبو علي : الصبر حده ألا تعترض على التقدير , فأما إظهار البلوى على غير وجه الشكوى فلا ينافي الصبر , قال الله تعالى في قصة أيوب : " إنا وجدناه صابرا نعم العبد " [ ص : 44 ] مع ما أخبر عنه أنه قال : " مسني الضر"





*الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ: المصيبة : كل ما يؤذي المؤمن ويصيبه , يقال : أصابه إصابة ومصابا.

والمصيبة : النكبة ينكبها الإنسان وإن صغرت , وتستعمل في الشر , روى عكرمة أن مصباح رسول الله صلى الله عليه وسلم انطفأ ذات ليلة فقال : " إنا لله وإنا إليه راجعون " فقيل : أمصيبة هي يا رسول الله ؟ قال :
( نعم كل ما آذى المؤمن فهو مصيبة ) .





قال القرطبي : هذا ثابت معناه في الصحيح , خرج مسلم عن أبي سعيد وعن أبي هريرة رضي الله عنهما أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته ) .




خرج ابن ماجة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من أصيب بمصيبة فذكر مصيبته فأحدث استرجاعا وإن تقادم عهدها كتب الله له من الأجر مثله يوم أصيب ) .




وقد أفاض العلماء الأجلاء إفاضات واسعة حول المصائب.





يقول الشيخ النابلسي :المصائب نوعان في الأصل ؛ نوع يتجه إلى الكفار، ونوع يتجه إلى المؤمنين.




فمصائب الكفار... نوعان ؛ قصمٌ وردعٌ .



بمعنى أن الله سبحانه وتعالى إذا علم أن فلاناً لن يؤمن ولن يزيده استمرار حياته إلا انحرافاً ، يقصمه الله سبحانه وتعالى ، وهذه مصائب قصمٍ ، وهذا ما جرى لقوم نوح عندما أغرقهم الله بالطوفان



و الدليل قوله تعالى: " وأُوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون" .



أما مصائب الردع فإذا علم الله سبحانه وتعالى أن هذا الإنسان فيه بقيةٌ من خير، وفيه أثر من إيمان ، فإنه يرسل له مصيبة لردعه عما هو فيه.





لكنَّ المؤمنين لهم مصائب خاصة تصور أنّ مؤمنًا مستقيمًا ومبتلًى...هو مؤمن صالح ,لكنه يسير في عبادته على وتيرة بطيئة ، ودونما نشاط في محاولة زيادة جهده في عبادة ربه ، واللهُ سبحانه يعلم أن باستطاعنه زيادة نشاطه و إقباله على ربه ، عندئذ تأتيه مصيبة (دفع) يدفعه الله بها إلى بابه ليزيد من إقباله على طاعة ربه ،ويرفع له من ثوابه.




فكذلك المؤمن الذي يريد أن يرفعه الله تعالى ، إذْ يعلم أن هذا المؤمن قادر على بلوغ مرتبة أسمىو أعلى فتأتيه (مصيبة رفع) ترفعه وتُعلي مقامه عند بارئها ،


فَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً قَالَ الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ (رواه الترمذي).





فإذا كنت مستقيمًا ملتزمًا مطبقًا لأمر الله ، وجاءتك مصيبة ، فهذه من أجل أن يرفعك الله درجة أو درجات ، وأن يرفع مقامك إليه .




وإذا كنت في فتور بعبادتك ، بحكم الاعتياد ، ودينك صار دينًا شكليًا ، وكنتَ مستقيمًا ، فالله عزوجل يدفعك إلى بابه بطريقة ما .





فمصيبة المؤمنين ...إما دفع إلى باب الله ، وإما رفع في المقام .





*-قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ:


جعل الله تعالى هذه الكلمات ملجأ لذوي المصائب , وعصمة للممتحنين , لما جمعت من المعاني المباركة , فإن قوله : " إنا لله " توحيد وإقرار بالعبودية والملك .



وقوله : " وإنا إليه راجعون " إقرار بالهلك , على أنفسنا والبعث من قبورنا , واليقين أن رجوع الأمر كله إليه كما هو له .


قال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى : لم تعط هذه الكلمات نبيا قبل نبينا , ولو عرفها يعقوب لما قال :" يا أسفى على يوسف" .





فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته أقبضتم ولد عبدي فيقولون نعم فيقول أقبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم فيقول فماذا قال عبدي فيقولون حمدك واسترجع فيقول الله تعالى ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد ) .



وروى مسلم عن أم سلمة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله عز وجل إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا أخلف الله له خيرا منها ) .




* أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة : الإشارة إلى {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله...}



*"اولئك" جاءت بلفظ الإشارة للبعيد للدلالة على علو مرتبتهم، ومنزلتهم، ومقامهم.




يقول القرطبي:هذه نعم من الله عز وجل على الصابرين المسترجعين .





*صلوات : اختلف العلماء في معناها على عدة أقوال:




*قيل: صلاة الله على عبده هي : عفوه ورحمته وبركته وتشريفه إياه في الدنيا والآخرة .




*وقال الزجاج : الصلاة من الله عز وجل الغفران والثناء الحسن .





*و قيل أن المراد بها الثناء عليهم في الملأ الأعلى.. رفعاً لذكرهم، وإعلاءً لشأنهم.




*ورحمة : عطفها على { الصلوات } من باب عطف العام على الخاص؛ لأن الثناء عليهم في الملأ الأعلى من الرحمة.




يقول القرطبي:" وكرر الرحمة لما اختلف اللفظ تأكيدا وإشباعا للمعنى".




وقيل : أراد بالرحمة كشف الكربة وقضاء الحاجة .




وفي البخاري وقال عمر رضي الله عنه : نعم العدلان ونعم العلاوة



: " الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون .



أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " .



أراد بالعدلين الصلاة والرحمة , وبالعلاوة الاهتداء .





*المهتدون: أي الذين اهتدوا




لكن إلى ماذا اهتدوا؟؟؟؟؟؟


*قيل: إلى طريق الحق.



· قيل : إلى استحقاق الثواب وإجزال الأجر .



· وقيل : إلى تسهيل المصائب وتخفيف الحزن .






المستفاد من الايات:




*- بيان حكمة الله عزّ وجلّ فيما يبتلي به العباد.




*-عظم ثواب الصبر؛ لقوله تعالى: { أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة




*-ان مصائب المومنين هي مصائب دفع ورفع.




*-وجوب الاسترجاع( قول "انا لله و إنا إليه راجعون")عند حلول المصيبة



*- إثبات رحمة الله عزّ وجلّ؛ وهي صفة حقيقية ثابتة لله؛ بها يرحم من يشاء من عباده؛ ومن آثارها حصول النعم، واندفاع النقم.



*- الثناء على الصابرين بأنهم هم المهتدون الذين اهتدوا إلى ما فيه رضا الله وثوابه.



جعلنا الله تعالى و إياكم من الصابرين وممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ونفعنا بما علمنا

آمين





سيدي ..

تلك وقفة مع البلاء مستفيضة جمعت بها الدلائل واستشهدت بكل آية مفسرا خبايا القدر بها نعم الصبر مر ولكن هكذا يبتلى المؤمن حتى يدرك كيف كان الفوز بالأخير ..
تفسير الآيات دعم لنا لنتذكر الرحمن بأن ما أصابنا خير لنا وإن بدى الشر في ظاهره...

بوركت تلك الوقفة سيدي وبورك العطاء بها..

سالم الوشاحي
16-06-2014, 07:00 AM
- وقد يكون نزول البلاء عقوبة إما على فعل المعاصي أو على ترك الشكر لله تعالى لذا فمن فوائد نزول البلاء والفتن أن يعود المرء لربه فيكفيه البلاء ويبعد عنه الفتن .

فقد ورد أن العباس رضي الله عنه لما استسقى به عمر قال : "اللَّهم إنه لا ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجه بي القوم إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة فاسقنا الغيث"

فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض وعاش الناس.


الأستاذ القدير زياد الحمداني

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خير الجزاء على هذه الوقفات الإيمانية مع البلاء والمحن

وجعل ذلك في ميزان حسناتك....موضوع قيم ومفيد جدا ً

وحري بالجميع الاستفادة منه

شكرا ً لك من الأعماق أيها النبيل

سجل إعجابي وتقديري العميق

زياد الحمداني (( جناح الأسير))
16-06-2014, 11:32 PM
سيدي ..

تلك وقفة مع البلاء مستفيضة جمعت بها الدلائل واستشهدت بكل آية مفسرا خبايا القدر بها نعم الصبر مر ولكن هكذا يبتلى المؤمن حتى يدرك كيف كان الفوز بالأخير ..
تفسير الآيات دعم لنا لنتذكر الرحمن بأن ما أصابنا خير لنا وإن بدى الشر في ظاهره...

بوركت تلك الوقفة سيدي وبورك العطاء بها..

جزاك الله خيرا أختي الفاضلة أ. مملكة الطموح ..

اسعدتني هذه الإضافة النورانية التي تستلهم معاني الإيمان بقضاء الله وقدره فما كان ليصيبنا إلا أنه كتتب وقدر لنا والنتيجة العزيمة على تحمل هذه الإبتلاءات لننال الفوز الأخير بارك الله فيك ...

زياد الحمداني (( جناح الأسير))
16-06-2014, 11:38 PM
الأستاذ القدير زياد الحمداني

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خير الجزاء على هذه الوقفات الإيمانية مع البلاء والمحن

وجعل ذلك في ميزان حسناتك....موضوع قيم ومفيد جدا ً

وحري بالجميع الاستفادة منه

شكرا ً لك من الأعماق أيها النبيل

سجل إعجابي وتقديري العميق



وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته...

أخي العزيز القريب من الوجدان الشاعر أ. سالم الوشاحي...

هكذا طبيعة النفس البشرية التي اختصها الله لتنال منال الخلاص الإيماني ليلقى تلك الاختبارات التي تقيس مدى تحمله ما قضاه الله له هل على قدر البلاء يبقى هنالك متسع لإختزال الأمر واحتوائه حتى لايؤثر عليه هنا تبين منزلة المؤمن بالله أين مكانته من ما حباه الله من نعمة الإسلامِ ...


جزاك الله خير اخي الأصيل..