المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دخان الخيانة الجزء العاشر


ناجى جوهر
05-03-2014, 02:16 PM
دخان الخيانة

الجزء العاشر

في الصباح حملوا على بعيرا حطبا وعلى آخر جلود ا وثالثا إمتطته المرأة
مع جرار السمن والعسل وزجاجات الكحل والمر
بينما ساق الاب وابنه قطيع الحملان باتجاه المدينة التي تبعد عن مسكنهم
8 كيلو مترات .
لم تكن علامات السرور بادية على وجه المرأة أثناء الرحلة
غير ان ذلك التقطيب اختفى من على ووجهها , في حين كان الرجل وابنه
في منتهى السرور وغاية الفرح والانشراح , فهاهما يشدوان بأغاني الناناه
ويتبادلان المقالب ويضحكان ويتمازحان طوال الرحلة
بينما ظلت هي لا تبدي ولا تعيد
ولكن كلما اقتربوا من المدينة كانت اساريرها تنبسط اكثر فأكثر
وعلى بعد كليلو متر من مدخل المدينة اناخ الرجل الجمال
وقاد الحملان الى نبع الماء ثم اخذوا جميعا قسطا من الراحة
و اطلع زوجته وابنه على خطة البيع والشراء.
وبعد الضحى بقليل كانت العائلة في السوق , وتمكن الرجل من بيع صغار الماعز والحطب
وفي ذات الوقت كانت المرأة ضيفة عند بعض معارفها
اما الولد فقد التقى ببعض الفتية من اترابه فسمح له والده باللعب معهم .
بعد صلاة الظهر عقد سعيد اتفاقا مع احد التجار
يأخذ التاجر بموجبه باقي بضاعته مقابل مبلغا من المال علاوة على الزاد
كما تمكنت المرأة من بيع المر و الكحل والسمن والعسل.
وقبل عودتهم مروا على تاجر آخر إشترت منه المرأة ما يلزمها واشتروا للولد ما يسره.
ثم انصرفوا راجعين فوصلوا الى مساكنهم بعد الغروب بقليل.
كانت رحلة العودة أسعد بكثير بالنسبة للرجل والمرأة , اما الولد فكان
مغتاظا لأنه لم يشبع من اللعب بعد.
تجددت آمال محيدان في صلاح زوجة أبيه بعد تلك الرحلة
فكان يراقب تصرفاتها, ويمني نفسه بالوفاء منها والإخلاص.
غير انها وبعد مدة يسيرة عاودها الحنين , واشتعل صدرها شوقا ووجدا
ففكرت في حيلة ماكرة تبعد بها الوالد والولد عن الديار لساعات طويلة
فهداها شيطانها الى فكرة ماكرة تضمن بتنفيذها وقتا يكفيها لقضاء رغبتها
وذات ليلةٍ وبينما كان زوجها ينتظرها شاهدها تخرج من الكوخ
تتعثّرة في مشيتها وهي تحاول الوصول الى موقد النار تكاد تقع على الارض
فهب اليها واسندها بذراعيه القويتين وأجلسها بالقرب من الموقد
فاعتذرت عن تقصيرها في خدمته ، وشكت اليه آلآما مبرحة
وتصلبا شديدا اطبق على ظهرها و مفاصلها ، وصداعا شديدا يعصف برأسها
فطلب منها ان تجلس ، وان تأخذ قسطا من الراحة.وتوهم انها حامل
لذلك أسر في نفسه امرا اراد ان يفاجئها به.
لم يشهد الولد تلك التمثيلية إذ كان في الخارج
وفي اليوم التالي وقبل ان يغادر الاب السعيد المتوهّم استدعى ابنه
وأوعز اليه برعاية عمته
وابلغه بذهابه الى المدينة لشراء بعض الادوية الضرورية وطلب منه كتمان امره
وعندما دخل محيدان الكوخ رأى عمّته مستلقية قرب النار
فخاطبها قائلا :
كيف اصبحت يا عمة؟
فردت عليه بصوت ضعيف لا يكاد يسمع : ادنو مني يا بني
فلمّا إقترب منها قالت له :
اصبحت سقيمة , و أحتاج إلى بعض الكمأ , فإنّه يفدني وبنفعني
فصعق الولد من هذا الطلب الغريب العجيب ، فما ترغب به عمته
يوجد على مسافة بعيدة جدا ، يستغرق الوصول اليه ساعات طويلة
وكذلك تحتاج عملية البحث والاستخراج الى وقت ليس بالقصير
وعندما لاحظت تردده لجأت الى الحيلة
فتأوهت وتنهدت عدة مرات ثم قالت باكية :
لو كنت أُمك لكنت مضيت دون تردد , ولو كان لي ولد لما خذلني
ثم أخذت تبكي وتولول
فوقعت هذه الكلمات في ضمير الولد كأنها طعنات الرماح الغسانية
فلام نفسه واعتذر اليها ثم حمل قربة كبيرة وتظاهر بالرواح
فوقفت المرأة تراقبه وهو يبتعد ، فلما غاب عن ناظريها
أسرعت وأخرجت كيسا كبيرا من الدقيق وأخذت تعجنه.
أما محيدان فعندما تأكد من أنها لم تعد تراقبه عاد خلسة في خفة ورشاقة
وصعد على الشجرة والقى نظرة على المسكن
فبهت المسكين حينما رآها قد شمرت عن ثيابها , وهي تعجن كتلة عظيمة من الدقيق
ففرك يديه فرحا وسرورا، لاعتقاده بانها تخبز له ولوالده
ولام نفسه على سوء الظن
ثم نزل من على الشجرة وأخذ يجري ويقفز في الهوى فرحا وسرورا
لكنه توقف فجاءه عندما تذكر مواقفها السابقة
وعاد أدراجه حتى وقف خلف الكوخ , وعندما ألقى نظرة
لاحظ أنها كلما انضجت مجموعة من الخبز اليابس حملته ورصته
على سريرها. ثم إضطجعت على السرير و اخذت تتقلّب
فصدر عن تفتت الخبز صوتا يشبه طرقعة مفاصل الإنسان
فادرك أنها تعمل على مكيدة جديدة ، بإستخدام الخبز اليابس
فذهب غير بعيد وملاء قربتة بكمية من نبات الشوك الكبير الحجم
ثم نام على الشجرة حتى وقت المغيب.
وعندما إجتمع شمل الأسرة ليلا ، لم تستطع المرأة أن تسال عن الكمأ
بل تحدث الأب قائلا : لقد أحضرت لك دواء من المدينة
فاثنت عليه وشكرته
فأردف قائلا :
لكن تعليمات الطبيب تتطلب منك الإستلقاء على السرير مدة طويلة
فسكتت راضية ولم تذكر شيئا عن الخبز الذي خبزت.
فتأكد محيدان من سوء نيتها
وعندما سمع الجملة الأخيرة من والده برقت عيناه سرورا
فهاهي لحظة الثأر والانتقام لكرامة أبيه ولشرف عائلته قد حانت
وبعد قليلٍ إستأذنت المرأة زوجها في الذهاب إلى السرير
فأمسك بذراعيها يسندها, فجلست على حافة السرير متماوتة
ولما إنصرف وثبت إلى الفراش , ثم أخذت تصيح وتتأوه

يتبع الجزء الأخير إن شاء الله

عبدالله الراسبي
05-03-2014, 06:36 PM
اخي العزيز والقدير والمبدع ناجي جوهر نص جميل جدا ورائع
ونحن في شوق لمعرفة الاحداث القادمه
ودمت بكل خير وموده اخي الكريم
وتقبل تحياتي

زياد الحمداني (( جناح الأسير))
05-03-2014, 09:29 PM
هنا اللقاء يتبعه الإصغاء والأسرة بإجتماعها من أجلِ الدواء بعد العناء فما اروعها من لحظات تتغنى بها المشاعر حتى لا تُغادر ..

دائما ما نجد المُتعة هنا بكل معانيها ،- ما شاء الله - الأقلام بوصف هذا السحر القصصي لا يسعها إلا الإمضاء بكل صدق من القلب إلى القلب هنا الفكر متبلور بكل أنحاءه..

بإنتظار الجزء الأخير من هذه السلسلة الممتعة الأخ العزيز الأديب أ. ناجي جوهر..