المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المعتوهة والعجوز الجزء السادس


ناجى جوهر
12-04-2014, 01:36 AM
المعتوهة والعجوز

الجزء السادس

لكّنه لم يحظى بما كان يرغب فيه من رؤيتها وسماع

حديثها بطريقة أفضل , فواصل سيره إلى السوق

وفي المساء عاد برفقة رجالٍ آخرين , وحين أمسوا

في ذلك الحي سمع أهازيج الصبية وشاهد رقصهم الصاخب

وهم يستخدمون علب حليب ـ النيدو ـ الخالية كطبول

فلم يفاجئه الموقف لأنه إعتقد أنهم يلعبون فقط

وعندما إقترب منهم أكثر , لاحظ أنّهم يدورون

حول منزل الشابة المسكينة

وأن بعض الأشقياء منهم قد اعتلوا السطح يدكونه بأرجلهم

في إستفزاز ورعونة وطيش , بينما كان هناك آخرون يصرخون

و يصفقون و يصفرون , ويغنون هذه الأغنية :

وعجوزن ما تصلي ادجاجه خير منها

وعظـاما يـوم تبــلي إبليسن با يشـلـها

فشعر بالغضب الشديد , إذ لاحظ انَّ أيٍّ من رفاقه لم يحرّك ساكنا

بل كانوا يضحكون في منتهى السادية

وفيما كانت عواطفه تتصارع وتموج و تمور في صدره

خرجت عجوز من المنزل وبيدها هراوة غليظة , فعرفها

وعندما شاهدها الصبية هرعوا وابتعدوا وهم يضحكون

ثم رفعوا من وتيرة الغناء والرقص والتصفير والتصفيق

فلم يطق الرجل صبرا , وهمّ بتوبيخهم وإبعادهم

غير أنه سمع العجوز توزع عليهم اللعنات

وتتناول آبائهم وأمهاتهم بالهجاء , وتقذفهم بالألقاب المزرية

ثم إختتمت وصلتها بهذا المثل الشعبي :

كم من جوهرة جابت صدفة , وكم من صدفة جابت جوهرة

و شاهد الصبية يتفرقون بعدما غابت الشمس

فتنفس الصعداء ومضى و الفضول يكاد أن يفتك به

لكنه كان حاقدا على رفاقه

ورغب عن معرفة أي شيء عن طريقهم.فظل صامتا حانقا

فقال أحدهم ضاحكا : إن العجوز والمعتوهة

ستقتلان أحد الأطفال يوما ما

فردّ عليه آخر : من المفروض أن تسجنا , فلا يسمح لهما

بالخروج أبدا , أو أن تطردا من البلدة

كان الغريب يسمع هذا الحديث , وقد تمكن منه الغضب

ولم يكد يفارق القوم حتى هرع إلى صديقه , وفي ذهنه الف سؤال

فرحب به الصديق , لكن الغريب أصر على أن يرافقه إلى الساحل

وهناك قال الصديق :

خير إن شاء الله ؟ أراك غاضبا

قال الغريب : نعم رأيت صبيانا يعبثون بإمرأة عجوز ويسخرون منها

بل إن بعضهم قد ارتقى سطح منزلها وأخذوا يدكونه بأرجلهم لإغاظتها

ويتلفظون بالفاظٍ قبيحة .وحدثه بما سمع من الرفاق

فتنهّد الصديق ثم قال : هذا ديدنهم كل يوم ولا يجروء أحد على منعهم

قال الغريب : ولماذا يفعلون ذلك بتلك المسكينة؟

قال الصديق : إن العجوز وابنة اخيها لا سند لهما

وما تراه من فعل الصبية يتم بتوصية من أخ العجوز وعم المعتوهة

إستغرب الرجل وقال : أخ ويرضى بالهوان لإخته؟

ليس هذا والله بأخ

قال الصديق : إنّه الجشع يا صديقي . ثم أخبره بكل شيء

وقال : فإذا تدخّل إنسان وحاول منع الصبية

هاجموه وشتموه وسخروا منه وأتهموه بالجنون

فإذا عاتب ذويهم لم يصدقوه , بل صدقوا ابناءهم

وإن شكاهم إلى الوالي تدخل أعيان البلدة وبخاصة

أخو العجوز ومنعوا العقوبة عن المعتدين

حتى غدوا كما ترى , عديمي التربية والأخلاق

قال الغريب : فهذا أهم الأسباب التي أدّت إلى تعاسة تلك المسكينة بشارة

سوف أمنعهم من إزعاجهما . وسوف لن تسمع لهم صوتا قريبا إن شاء الله

قال الصديق : إن فعلت ذلك فستشكرك البلدة بأكملها

قال الغريب : أخبرني بالمزيد عن العجوز وابنة اخيها

قال الصديق : لقد أخبرتك بسبب مرض بشارة

ولكنها تسترد طبيعتها في معظم الأحيان

وتمارس عملها بحرفية عالية , إنما تتعرض أحيانا

لنوبات الحزن الطاغي أو السرور المبالغ فيه

إذا تعرضت لما يذكِّرها بليلة زفافها

قال الغريب : وما العمل الذي تتقنه؟

يتبع إنْ شاء الله

وهج الثريا
12-04-2014, 11:56 AM
قصة تخفي وراءها قاص بارع يستميل القراء لقراءة ما يخطه ..
تسلم أ.ناجي على السرد الرائع وبنتظار بقية الأحداث ..

تقبل مروري ..

ناجى جوهر
12-04-2014, 01:15 PM
حفظك الله ورعاك / وهج الثريا

زياد الحمداني (( جناح الأسير))
14-04-2014, 12:04 AM
قيمة العجوز لم يتداركها إلا الرجل الغريب الحنون كما شغفهُ ألما بالبنت المريضة ..

الرجل الغريب بوابة جديدة لها الأثر في تغير منحنى الاحداث ، نتابع بشغف فمثل هذه الوقائع لا تفوت اخي الراقي الكاتب أ. ناجي جوهر انتقل الآن إلى الجزء السابع...