المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ملوك الراس لحمر الجزء السابع


ناجى جوهر
18-05-2014, 10:21 PM
وقعت أحداث هذه الحكاية في عام
1979 ميلادية


حكاية رائعة




ملوك الراس لحمر


الجزء السادس

التُبّع أطغاي


http://up.arabseyes.com/uploads2013/18_05_14140043592145721.jpeg (http://up.arabseyes.com/) العاب (http://games.arabseyes.com)

سمعنا رنينا عجيبا يملاْ الفضاء ثم شاهدنا مناطيدا

كثيرة تطير في سماء الوادي على علو منخفض وهي تلقي

بمظاريف وأكياس وعلب ورقية صغيرة ظريفة ولفائفا

بيضاء وسودءا وحمراء وصفراء إلى المتنزهين

فهرع الشقر يلتقطون تلك الهدايا بفرحة غامرة

وهم يضحكون ويهتفون في نشوة وسعادة وسرور

فأردت أن أخرج وأبتهج , بيد أن تلك المهجّنة

ظلّت تحاول الوصول إلى خيمتي وقد منعتها الزحمة

الشديدة من تحقيق غايتها

وكانت قد شمّت رائحتي وحددت مكاني

فقررت مواجهتها والتخلص من إزعاجها

وعندما لمحتني أخرج من الخيمة أسرعت نحوي

فوقفت في مكاني وأنتظرها , وعندما دنت مني

أنتهرتها وقلت لها :

ماذا تريدين مني؟

أنا إنسان ولست أشقرا ولست رماديا

لا أريد صداقتك , فلا تقتربي مني بعد اليوم

فصاحت صيحة عظيمة , ثمّ جثت على ركبتيها

وضمت كلتا يديها إلى صدرها كما يفعل العشاق

في محاولة لإستدرار عطفي

لكنني لويت عنقي متأففا

فغادرت وهي تجر ذيل خيبة طويل

وقد رأيت دمعة حزينة تترقرق في عينها

ولكنني تجاهلتها وأسرعت أشارك في المهرجان

ولم تتعرض لي بعد ذلك مطلقا

ولست أعلم من الذي سلطّها عليّ

وبقينا في ذلك الوادي نمرح ونلهو ونلعب

ونسابق الشقر ونمازحهم حتى عانقت الشمس كبد السماء

فأوينا إلى خيامنا لا فرارا من الحر إذ لا وجود له

بل إستعدادا لمفاجاة جديدة من مفاجآت الشقر

فلقد أقبل الآليون في طابور طويل عريض

يحملون أدوات ومعدات وتجهيزات

يحيط بهم أطفال الشقر الأشقياء

وهم يقلدون حركات الرجال الآليين في سعادة غامرة

ثم شرع الآليون في نصب خيامٍ ضخمةٍ

وبسطوا السفر الأنيقة ومدوا الموائد الطويلة

وعمروها بأطعمة وأشربة

ومشمومات وحلويات كثيرة

فأكلنا وشربنا وحمدنا الله تعالى

وفي المساء عدنا إلى دار الضيافة , وقد نال منا

التعب والإرهاق , ولكننا شعرنا بنوع من الأنس

وهكذا إسستمر الشقر يحسنون معاملتنا.

قال حمود بَرْ غَبْرى :

وفي صباح يوم من الأيّام أتانا مرسول يحمل دعوة

من نائب الحاكم العام لمدينة هاشاباشا

فمشينا على أرض مبلَّطة نظيفة , وبين أروقة وسيعة

نسمع زقزقة العصافير وصفير البلابل وهديل الحمائم

وسجع القمارى ونحن سائرون , والشمس ترسل

نورا معتدلا وشعاعا خافتا , والطقس يميل إلى البرودة

والشقر يلقون علينا التحية والإبتسام

فأبهجتنا تلك المناظر الخلابة والأنغام الشجية وأطربتنا

وآنستنا المعاملة الحضارية , فهاجت كوامن نفسي

وثارت نوازع قلبي , فأسرعت ومددت خطواتي حتى صرت

إلى جانب كبير الحراس , فوضعت يدي على كتفه مداعبا

فتوقف مذعورا , وقد الجمته المفاجئة

ونظر إليَّ عابسا من مفرق رأسي إلى أخمص قدمي

ثم إبتسم إبتسامة خبيثة

فأبتسمت وأغمضت عيني سرورا

فغمز للآخرين , ثم صفق بيديه مرات كثيرة

فأقبلت سحابة ضوئية عجيبة من أحد الأعمدة الزجاجية

التي تملاء أركان تلك المدينة

وأخذت السحابة ترفرف فوق رأسي وتدور حولي

ثم أشار إليها الحارس بيده

فأهتزّت وربت ثم أخذ يديرها حتى أحاطت بي

فصرت بداخلها لا أقوى على تحريك جسدي

وأخذت أركض برجلي وأخبط بيدي يمينا وشمالا

وأصرخ وأستغيث وقد أخذ مني الخوف كل مأخذ

ولكن لا أحد كان يعيرني إهتماما

بل كانوا جميعا يضحكون في شماتة

فحملتني تلك السحابة وقد سيطرت

حتى على فمي فلم أعد أستطيع فتحه

فندمت على طيشي وتهوري

وقد إنعكس على جسمي ضوء الشمس البهي

فكان ظلي المرتسم على الأرض في غاية العجب

فكان ذلك الظل يؤجج ضحكهم وتهكمهم

وكنا لا نمر بشارع إلا ورأينا على جانبيه الأشجار المثمرة

والرياحين الزكية والورود المفتحة والزهور الندية

ونوافير المياه البديعة الصنع والأعمدة والأقواس المتداخلة

فإذا مررنا بأحد الشقر إنحنى تحية لنا وإجلالا

ثم زفونا برفق ولطف إلى مبنى كبير

قد دمرت أجزاء منه , يقوم الآليون بترميمه

والعجيب أننا لا نسمع ضوضاء معداتهم ولا نرى

أثرا لمخلفات البناء على الأرض

إذ كانوا يحيطون المنشأة بكرة معدنية شفافة ضخمة مغلقة

ومكيفة الهواء , تكتم الأصوات

وتمتص المخلفات وترسلها في أنبوب ضخم إلى مكان ما

وعندما إقتربنا من البوابة عالج ذلك الحارس السحابة

فطارت مبتعدة حتى تلاشت , وتحرر جسمي وفمي

فأخذ الجميع يضحك مني وقد وقفت منتفضا مذهولا

وعند البوابة إستقبلنا الكثير من الشقر الذين تركناهم

في أسر الرماديين , ففرحنا برؤيتهم كثيرا وحمدنا الله تعالى

ثم أخذوا يحدثونا بلغة لا نفهمها ويضحكون فكنا نتضاحك

وقد زال عنا الخوف والقلق

فأدخلونا إلى قاعة عظيمة السعة , لها سقف زجاجي

يسمح برؤية السماء , وفي وسطه ثريا من الكوارتز الملون

بها ما يزيد على الألف مصباح , عجيبة الشكل بهية المنظر

وكان ينبعث منها دخانا باردا عطري الرائحة

أمّا جدران القاعة فمغطاة بتصاوير ورسوم لرجال ونساء

وشيوخ وأطفال وصور مناظر طبيعية وصناعية

بعضها منقوش بالفسيفساء البديعة , وأخرى محفورة

في خشب الأبانوس الفاخر المطعم بالذهب والنيكل

والأحجار الكريمة

وأرضية القاعة أيضا من الرخام الملون المزخرف برسوم مذهلة

وقد بثت في أرجاء القاعة مقاعد وكراسي صنعت من خشب الصندل

وهي تحيط بطاولة كبيرة دائرية ضخمة من المرمر النقي

الأبيض الشفاف

http://up.arabseyes.com/uploads2013/17_05_14140035753412051.jpeg (http://up.arabseyes.com/) العاب (http://games.arabseyes.com)

وحين أقبلنا سمعت من يرحب بنا قائلا :

أهلا بكم يا بني آدم في مدينة هاشاباشا العظيمة

فإذا هو الشيخ الأشقر الذي كان يناقشني في سجن الرماديين

ففرحت لرويته , وبادرت إلى معانقته وحمدت الله على سلامته

ثم أمطرته بسيل من الأسئلة عن رفاقنا وعن النساء والأطفال الآدميين

فكان يبتسم مسرورا , فلمّا أضجرته بكثرة الأسئلة

قال : صدق الله العظيم

فقد قال سبحانه وتعالى :

{وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا}

الإسراء آية 11

فقلنا جميعا صدق الله العظيم

ثم عرفنا بنفسه قائلا :

انا التّبع أطغاي ذو الجدايل نائب الحاكم العام لمدينة هاشاباشا العظيمة

وقد سبق لكم العلم بتاريخنا وتعلمون ما فعله الرماديون بنا وبمدينتنا

فقلت له : ولكن كيف تحررتم من قبضتهم

وقد كانت غواصتهم تفر بسرعة البرق الخاطف؟

فسألني التّبّع أطغاي : الستم عربا؟

فقلت له : بلى

فقال : وما أداب الضيافة

قال برْ غَبْرى : فأخجلني والله , وندمت على تسرعي

لكنني بادرته بقولي :

إنني يا سيدي ربّان تلك السفينة , وانا مسؤول عن سلامة ركابها

وليس يهناء لي عيش ما لم

أعرف مصيرهم وأطمئن على سلامتهم أو أيئس من نجاتهم

وانا مستعدا لأن أدفع حياتي ثمنا لنجاتهم

فنهض التبع أطغاي واقفا

يتبع إن شاء الله

أبو مسلم الصلتي
22-05-2014, 09:29 AM
لك الود وخالص التقدير على هذه السردية الجميلة
دمت بخير

ناجى جوهر
22-05-2014, 09:46 PM
ومتابعين معك استاذنا الفاضل ناجي
وسرد احداث هالقصه الخياليه المشوقه والغريبه!
مشكوور والله يعطيك العافيه :)




أهلا بكِ سوير المبدعة
أسعدني كثيرا مرورك العاطر
لك شكري وتقديري

ناجى جوهر
22-05-2014, 09:48 PM
لك الود وخالص التقدير على هذه السردية الجميلة
دمت بخير


أهلا بك أيها الشاعر القدير
والباحث الخبير
الف شكر على المرور
وتقبل تحياتي