المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة قصيرة المدلل


ناجى جوهر
07-06-2014, 11:50 AM
السلام عليكم
هذه سلسلة قصص قصيرة تبرز قضايا إجتماعية
أتمنى المشاركة بقصص مماثلة أو بإفكار أو بنقد موضوعي
نبدأ بقضية (فرص العمل)


(1)

المدلل

يعتبر نفسه صاحب إنجاز خارق حقيق بمعاملة
خاصة من التبجيل والتفخيم والإحترام المبالغ فيه
فهو قد أنهى دراسته في كلية التقنية بمعدل جيد
ومع أن ملايين الشباب قد نالوا نفس الشهادة بل وأعلى منها بكثير
إلا أن عميران لا يرى سوى إنجازه العظيم , ولا يعترف بغير شهادته هو
والسبب الحقيقي لهذه الأناينة يعود إلى عوامل نفسية تختلج في صدره
فهو ابن أسرة فقيرة لا يطمح أفرادها إلى شىء من الرفعة
بقدر إنصراف أحلامهم إلى كيفية كسب لقمة العيش
كان والده أيضا فخورا به , ولكنه كان يتطلع إلى اللحظة
التي سيقدم له فيها ابنه جزء من مرتبه قائلا :
تفضل أبوي , هذا بعض الدين أرده عليك
لكن الإنتظار طال , وجدول عميران اليومي لم يتغيّر
إن أقصى ما يؤديه من خدمات لمساعدة أسرته تكمن في
ذهابه لشراء الخبز والجبن مساء من المخبز القريب
والديه الفاضلين يغلب الحياء على سلوكهما
وهذا ما منعهما من مصارحته بضرورة
قبول وظيفة من الوظائف التي تعرض عليه وعلى
أمثاله من الشباب الباحثين عن عمل صباحا ومساء
ولم تؤثر فيه شكوهما من ضيق
ذات اليد وعجزهما عن تلبية مطالب الصغار قبل الكبار
ومع ما يلفظه إخوته وأخواته من صرخات إستغاثة به بعد الله
طالبين النجدة من سطوة الفقر إلا أنه طمس كل حواسه
لئلا يتأثر بالواقع المرير
غير أخته رضية لم تكن تتمتع بطول البال كوالديها
فأيقظته صباح ذلك اليوم بعد أن أحضرت له الليلة الماضية نسخة من
الإعلان الذي يدعوه لإجراء مقابلة شخصية مع رب عمل
فنهض عميران غاضبا وقال لها : أيش تريدين؟
ليش صحيتيني من فجر الله؟
مش عارفة إني نمت بعد الفجر وإلا أيش؟
فقالت رضية : روح يا خي قابل حد من المندوبين , يمكن
تحصل وظيفة مناسبة في شىي من الشركات, ابوك خلاص تعب
والحالة تزيد صعوبة يوم بعد يوم , وانته ما تتحرك
فزمجر في وجهها وقال :
أنا وبعدني . انا عميران بن صالح أتوظف في شركة
يا خسارة الدراسة والتعب اللي تعبته
والدبلوم اللي حققته بدم قلبي , آخرتها أشتغل في شركة؟
فسألت رضية : وليش لا؟ . العمل هو العمل في شركة
وإلا في غيرها , المهم أن تعمل وتساعد أبوك
قال عميران بإصرار عجيب :
أرجوش يا رضية أنا إنسان أحمل الدبلوم
تعرفين أيش يعني دبلوم؟
وإلا هذا شي فوق تصورش؟
يعني وظائف الشركات ما تناسب مستواي العلمي فهمتي ولّا لا؟
قالت رضية : الله يهديك اخوي. فيه الآف ذكور وإناث
يحملون مثل شهادتك وأعلى من شهادتك , ويعملون
في الشركات مع أن ظروفهم الأسرية أفضل من ظروفك
العمل مش عيب يا عميران
قال عميران في غرور :
هذولاك السفلة الضعاف الشخصية هم اللي ضيعونا
يوم قبلوا العمل في الشركات , ولو أصروا على موقفهم
كان الحكومة با تخلق فرص عمل في القطاع العام غصبا عنها
ثمم أغلق باب غرفته وأستسلم للنوم حتى العصر
وعلى مأدبة الغداء دار هذا الحوار بين رضية ووالديها :
رضية : ابوي ليش ما تضغط على عميران من شان يتوظف
في شركة من هذي الشركات؟ رواتبها جيده والعمل معقول
قال الواد صالح نصيب :
وكيف أضغط عليه وهو عايش معانا ويشوف حالتنا؟
رضية : بصراحة انتو دللتوه كثير , حتى شاف نفسه
أحسن من كل الناس , ولا يقبل بوظيفة من هذيك
الوظائف اللي عرضت عليه مرات ومرات
قالت ام عميران : اعطوه فرصة
يمكن عاده ما اقتنع بشى من هذي الوظائف
قالت رضية : الحين صار له أربع سنوات من تخرج
وما رضي يشتغل في أي وظيفة بحجة أنها ما تناسبه
قالت الأم : الصبر طيب وعميران بعده صغير
قال الواد صالح نصيب : صبرت عليه حتى فقدت الأمل فيه
وما بقى لي أمل غير في الله ثم فيش انتي يا بنتي يا رضية
لأن بقية أخوانش صغار كما تعرفين
فقالت رضية : ولا يهمك أبوي
كلها أربعة أشهر وأتخرج بإذن الله من معهد التمريض
وإن شاء الله يصير خير
وفعلا توظفت رضية في عيادة خاصة , وقامت بمساعدة والديها
وظلت وظيفة عميران منحصرة في شراء الخبز والجبن من جيب والده
لكنه أصبح موضع سخرية من إخوته وأخواته الصغار
فكانوا يضايقونه بقولهم :
عميران إذا تريد خردة روح عند رضية
فكان يسب ويلعن حتى مقته الجميع

إنتهت


نرجو مشاركتنا بقصص أو بأفكار حول نفس الموضوع
(فرص العمل)

وتقبلوا تحياتي

زياد الحمداني (( جناح الأسير))
08-06-2014, 12:27 AM
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته..

أخي العزيز الرائع أ. ناجي جوهر..

فكرة رائعة تفاعلية بناءة تجسد واقعاً ما..

والموضوع الذي تستدرجه القصة يلقي ظلاله على العمل ويشكل عبء كبير من حيث صدق المقولة أن رضا الناس غاية لا تدرك، فطبيعة الإنسان الفطرية العجلة والتواكل و جلب المصالح بالسهل الممتنع بحيث لا يسمح إلا ما يسد به رمق يومه المعيشي دون وضع خطط مستقبلية لكيفية إنماء الذات لفتح سبل جديدة مثل ما يقول المثل، الي في جيبي يستر عيبي، هذا الفكر السائد في محيطنا الحالي المتعايش معه إلا من رحم الله...


هذه إطلالتي أستاذي العزيز ولي عودة في واقع قصصي آخر، بارك الله فيك فمثل هذا الفكر لا يسعنا إلا أن نحترمه ونقدره ونتخذه مرجعاً لنا ما شاء الله عليك. أخي الجليل...

ناجى جوهر
08-06-2014, 10:49 PM
أهلا بالرائع / زياد الحمداني
لا شك في أن مرورك قد أضفى على الموضوع
أهمية وقيمة ومعنى زيادة على ما كنا نطمح إليك
وكم سأسعد عندما أقرأ قصصا بأقلام الأعضاء
الكرام حول نفس القضية وهي فرص العمل
شرفني مرورك أيها الرائع
حفظك الله ورعاك