المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سبب نزول سورة التحريم..1


مملكة الطموح
12-06-2014, 12:49 AM
في قسمنا الإسلامي سوف نتجول في رحاب القرآن الكريم مستمتعين بمعرفة الكثير مما شاء الله لنا تسخيره فنتعرف على أسباب النزول للسور في حلقات عدة...شاركونا لنتقاسم شطر الفائده

من موقعhttp://www.omaniyat.com/quran/tafseer/1_66_1.html جلبت لكم سبب نزول سورة التحريم لتفسير ابن كثير لنتخذها فرصة للمعرفة والقراءة المستنيره..


يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ↓


اُخْتُلِفَ فِي سَبَب نُزُول صَدْر هَذِهِ السُّورَة فَقِيلَ نَزَلَتْ فِي شَأْن مَارِيَة , وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَرَّمَهَا فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى " يَا أَيّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك تَبْتَغِي مَرْضَات أَزْوَاجك " الْآيَة قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن يُونُس بْن مُحَمَّد حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ لَهُ أَمَة يَطَؤُهَا فَلَمْ تَزَلْ بِهِ عَائِشَة وَحَفْصَة حَتَّى حَرَّمَهَا فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " يَا أَيّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك " إِلَى آخِر الْآيَة . وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنِي اِبْن عَبْد الرَّحِيم الْبَرْقِيّ حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي مَرْيَم ثَنَا أَبُو غَسَّان حَدَّثَنِي زَيْد بْن أَسْلَمَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابَ أُمّ إِبْرَاهِيم فِي بَيْت بَعْض نِسَائِهِ فَقَالَتْ أَيْ رَسُولَ اللَّه فِي بَيْتِي وَعَلَى فِرَاشِي ؟ فَجَعَلَهَا عَلَيْهِ حَرَامًا قَالَتْ أَيْ رَسُول اللَّه كَيْف يُحَرَّم عَلَيْك الْحَلَال ؟ فَحَلَفَ لَهَا بِاَللَّهِ لَا يُصِيبهَا فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى " يَا أَيّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك " قَالَ زَيْد بْن أَسْلَمَ فَقَوْله أَنْتِ عَلَيَّ حَرَام لَغْو وَهَكَذَا رَوَى عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد عَنْ أَبِيهِ وَقَالَ اِبْن جَرِير أَيْضًا حَدَّثَنَا يُونُس ثَنَا اِبْن وَهْب عَنْ مَالِك عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ قَالَ : قَالَ لَهَا " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَام وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك " وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ اِبْن عُلَيَّة عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ مَسْرُوق قَالَ آلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَرَّمَ فَعُوتِبَ فِي التَّحْرِيم وَأُمِرَ بِالْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِين رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَكَذَا رُوِيَ عَنْ قَتَادَة وَغَيْره عَنْ الشَّعْبِيّ نَفْسه وَكَذَا قَالَ غَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف مِنْهُمْ الضَّحَّاك وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَمُقَاتِل بْن حَيَّان وَرَوَى الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : قُلْت لِعُمَرَ بْن الْخَطَّاب مَنْ الْمَرْأَتَانِ ؟ قَالَ عَائِشَة وَحَفْصَة وَكَانَ بَدْء الْحَدِيث فِي شَأْن أُمّ إِبْرَاهِيم مَارِيَة أَصَابَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْت حَفْصَة فِي نَوْبَتهَا فَوَجَدَتْ حَفْصَة فَقَالَتْ يَا نَبِيّ اللَّه لَقَدْ جِئْت إِلَيَّ شَيْئًا مَا جِئْت إِلَى أَحَد مِنْ أَزْوَاجك فِي يَوْمِي وَفِي دَوْرِي وَعَلَى فِرَاشِي قَالَ " أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أُحَرِّمَهَا فَلَا أَقْرَبَهَا " قَالَتْ بَلَى فَحَرَّمَهَا وَقَالَ لَهَا " لَا تَذْكُرِي ذَلِكَ لِأَحَدٍ " فَذَكَرَتْهُ لِعَائِشَةَ فَأَظْهَرَهُ اللَّه عَلَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى " يَا أَيّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك تَبْتَغِي مَرْضَات أَزْوَاجك " الْآيَات كُلّهَا فَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَّرَ عَنْ يَمِينه وَأَصَابَ جَارِيَتَهُ وَقَالَ الْهَيْثَم بْن كُلَيْب فِي مُسْنَده ثَنَا أَبُو قِلَابَةَ عَبْد الْمَلِك بْن مُحَمَّد الرَّقَاشِيّ ثَنَا مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم ثَنَا جَرِير بْن حَازِم عَنْ أَيُّوب عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر عَنْ عُمَر قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَفْصَةَ " لَا تُخْبِرِي أَحَدًا وَإِنَّ أُمّ إِبْرَاهِيم عَلَيَّ حَرَام " فَقَالَتْ أَتُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّه لَك ؟ قَالَ " فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُهَا " قَالَ فَلَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى أَخْبَرَتْ عَائِشَة.

سالم الوشاحي
12-06-2014, 05:44 AM
الأستاذة القديرة والأخت الفاضلة مملكة الطموح

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ماأجمل التجوال في رحاب وضلال القرآن الكريم وتفسيرة القويم ..

فاللوم والعتاب الجميل من الله لنبيه عليه أفضل الصلاة والسلام

صار سببًا لشرع حكم عام لجميع الأمة.

فشكراً سيدي الفاضله لهذه النفحات العطرة وهذه النسمات الإيمانيه

تحياتي وتقديري .

زياد الحمداني (( جناح الأسير))
12-06-2014, 04:06 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...


الأخت الفاضلة أ.مملكة الطموح...

رائعة هذه الأفكار الراقية التي تتحلى بالقيمة المثرية للفكر من ناحية اسنباط المفاهيم لأسباب النزول وتفسير الآيات الكريمة ، لما يجعل مجال المثابرة في اكتساب المعرفة ما يتكفل به طالبه..

لذلك الخوض في رحاب محكم الكتاب المنزل له اثره على حياة المسلم الطامح من اجل الإستنارة في هذا المجال الحميد...

وسورة التحريم لها ابعادها السلسة التي توضح الكثير من الأمور ولطفاً اختي الفاضلة استمر على ضوء إضاءتك الفريدة للتوغل في مشارف السورة الكريمة وهذه إضاءتي المتواضعة لعلها تستلهم البنان بارك الله فيك...



سورة التحريم سورة مدنية.

وهي تبدأ بقوله عز وجل:

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

[الآية : 1]


روى في سبب نزول الآيات الخمس الأول من هذه السورة..

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب شرب العسل، وبالذات عند زوجته أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها.

وأصابت الغيرة زوجتيه حفصة وعائشة رضي الله عنهما، فاتفقتا على أن تقول له من يدخل عليها منهن بعد شربه العسل: إني أجد منك ريحاً غير طيبة، حتى لا يشربه عندها بعد ذلك.

وحدث أن شرب صلى الله عليه وسلم، ثم دخل بعدها على حفصة رضي الله عنها: فقالت له ما قد عرفنا.
وأراد صلى الله عليه وسلم أن يطيب خاطراً: فحلف لا يشربه مرة أخرى، وطلب منها أن لا تخبر أحداً بذلك.

ولكنها.. أخبرت بعد ذلك عائشة.

فنزلت هذه الآيات.

وهناك رواية أخرى تفيد أن الذي حرمه النبي صلى الله عليه وسلم هي جاريته ماريه القبطية.
والروايتان صحيحتان.

ويبدو أنهما حدثا في فترات متقاربة، قبل نزول الآيات.

وكل واحد من الرواة ذكر ما وصل إلى علمه على أنه سبب نزول الآيات، كما يقول الإمام الآلوسي عليه رحمه الله.

وتعالوا بنا الآن إلى تفسير الآيات.

يا أيها النبي خطاب إلهي للحبيب صلى الله عليه وسلم بصفته النبوة لم تحرم على نفسك ما أحل الله لك من شرب العسل ..

تبتغي تطلب بذلك مرضاة أزواجك وأنت تعلم أن التحليل والتحريم لا يكون إلا لله فقط.

على أية حال قد غفر الله لك ما فعلت والله غفور رحيم وأعلم جيداً أنه..

{ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ }
[الآية : 2]


نعم قد فرض الله وشرع لكم تحلة أيمانكم التي حرمتم بها، وذلك بكفارة اليمين.

فأطيعوا الله ولا تخالفوا أحكامه والله مولاكم يأمركم بما فيه نفعكم وصالحكم.

وهو سبحانه العليم بما يصلحكم الحكيم فيما يشرعه لكم.

* * *


ثم يكون تفصيل الموضوع.. بقوله تعالى:

{ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ العَلِيمُ الخَبِيرُ }
[الآية : 3]


و اذكر وتعلم أيها المؤمن إذ أسر النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض أزواجه وهي السيدة حفصه رضي الله عنها حديثاً وهو موضوع تحريم شرب العسل أو وطء الجارية، وطلب منها أن يكون هذا الموضوع سراً بينهما فلا تخبر به أحداً.

ولكنها رضي الله عنها لم تحتفظ بهذا السر.

فلما نبأت وأخبرت به السيدة عائشة رضي الله عنها:

عرف الله حبيبه صلى الله عليه وسلم ما دار بينهما وأظهره الله عليه بتفاصيله.

وهنا: كلم النبي صلى الله عليه وسلم السيدة حفصه أنها أفشت السر، ومن أدبه صلى الله عليه وسلم أنه
عرف لها مما دار بينهما بعضه وأعرض عن بعض فلم يذكره، من باب الستر، وعدم الضغط على الأعصاب.

فلما نبأها به تعجبت؛ حيث لم يخبره أحد منهما.

لذلك قالت له من أنبأك وعرفك هذا الذي دار بيننا؟

قال لها صلى الله عليه وسلم نبأني ربي العليم الخبير سبحانه.

* * *


ثم قال تعالى لهما:

{ إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ المُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ }
[الآية : 4]


دعوة إلى التوبة إن تتوبا إلى الله عما حدث منكما من هذا التدبير الذي فعلتماه فقد صغت واستمعت واستجابت قلوبكما لأمر الله، وقبل الله توبتكما.

و أما إن تظاهرا عليه بسبب الغيرة، في إفشاء سره، وعمل ما يسوؤه: فلن يكون لكما أدنى تأثير عليه.. فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ومع كل هؤلاء ظهير له ونصير.

* * *


كما أنه إن لم تتوبا، وتتظاهرا عليه..

{ عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً }
[الآية : 5]


أي: فإنه يطلقكن. وعسى ربه سبحانه إن طلقكن في هذه الحالة أن يبدله أزواجاً له خيراً منكن إذْ لن تكن حينئذ من زوجاته، من أمهات المؤمنين.

وهؤلاء الزوجات الجديدات سيكن..

مسلمات مسلمات لله ولرسوله.

مؤمنات واثقات مخلصات.

قانتات مطيعات.

تائبات راجعات في كل أمورهن لله ولرسوله.

عابدات لله بجميع أصناف العبادة.

سائحات صائمات.

ثيبات كن زوجات للغير قبل ذلك.

وأبكاراً لم يتزوجن من قبل.

وهذه هي الصفات التي ينبغي أن يفطن لها المربون وأولياء الأمور في تربية المرأة المسلمة.

* * *


وبعد ذكر هذه الصفات الطيبة للمرأة المسلمة: يهيب الله بالمؤمنين أن ينتبهوا إليها، وأن يربوا بيوتهم عليها.

إذ يقول سبحانه:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }
[الآية : 6]


يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً بترككم المعاصي، وفعلكم الطاعات وأهليكم عن المعاصي، وأمرهم بالطاعات وتربيتهم على حب الله ورسوله.

هذه النار وقودها الناس والحجارة

كما أن عليها ملائكة غلاظ شداد يعذبون من فيها، وهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون به

* * *


وهذه النار: هي التي يدخلها الكافرون.

وهي التي: يقال لهم عند دخولها

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَعْتَذِرُوا اليَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }
[الآية : 7]


أي: لا تعتذروا لأنه لا يقبل منكم اعتذار، وأنتم اليوم تجزون بأعمالكم.

* * *


ولأن طريق الوقاية من النار هو التوبة: فإن الغفور الرحيم يطالب المؤمنين بالتوبة قائلاً:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
[الآية : 8]


أي: توبوا إلى الله توبة نصوحاً صادقة.

عسى ربكم أن تبتم توبة نصوحاً أن يقبل توبتكم، ويكفر أي: يمحو عنكم جزاء سيئاتكم التي كانت منكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار.

وذلك: يوم القيامة يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه.
بل يكون نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يضئ طريقهم إلى جنات النعيم.

وهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير.

* * *


وإذا كان رب العزة قد أمر المؤمنين بوقاية أنفسهم وأهليهم من النار وعذابها..!!

وإذا كان تعالى ـ أيضاً ـ قد أمرهم بالتوبة تطهيراً لهم من سيئاتهم التي قد تقودهم إلى النار..!!

فإن هناك فريقاً من الناس لا يعنيهم وقاية أنفسهم ولا أهليهم من عذاب النار، كما أنهم لا يتوبون عن معاصيهم، بل يصرون على اقترافها ويعيثون في الأرض فساداً.

هؤلاء: يجب جهادهم حماية للأمة من إفسادهم، وللبلاد من تخريبهم.

حيث يقول تعالى:

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ }
[الآية : 9]


أي: جاهدهم إعلاما لهم بالدين، ومنعاً لهم من الفساد والإفساد وأغلظ عليهم لا تتهاون معهم.
فإن آمنوا، وتابوا.. فبها ونعمت.
وإن لم يؤمنوا فلا تحزن عليهم، فقد اختاروا طريق السوء ومأواهم جهنم وبئس المصير

* * *


أيها الأحبة...
صدر هذه السورة: كان في عتاب وتأديب اثنتين من زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد كان درساً لجميع المسلمين رجالاً ونساءً في ضرورة الالتزام بحدود الله وشرعه.
إذْ في ذلك النجاة والفلاح.

لذلك تختم السورة بضرب المثل الذي يوضح ويؤكد للدنيا كلها أن اللجوء إلى الله والعمل بشرعه: هو حبل النجاة، ومن ابتعد بعد عن مرضاته سبحانه.

إذ يقول جل وعلا في مثل من ابتعد عن ربه.

{ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ }
[الآية : 10]


نعم.. ضرب الله مثلاً للذين كفروا يتعظ به المؤمنون، وينتفع به الغافلون وهو أن امرأة نوح وامرأة لوط كانتا زوجتين تحت عبدين من عبادنا صالحين نبيين رسولين، يدعوان الناس إلى الإيمان بالله وتوحيده.

فخانتاهما هاتان الزوجتان، ولم تؤمنا بما جاءا به، بالرغم من هذه المخالطة والمعاشرة.

فلم يغنيا عنهما كونهما زوجتين لنبيين من غضب الله عليهما شيئا حيث غضب عليهما.

وقيل لهما ادخلا النار مع الداخلين من الكافرين والمنافقين.

وبذلك لم يستفيدا من القرب والقرابة للصالحين.

كما يقول جل وعلا في مثل من أرضى ربه واحتمى بجنابه:

{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ القَانِتِينَ }
[الآيتان : 11 , 12]


نعم.. وضرب الله مثلاً للذين آمنوا يسيرون على هديه، وذلك بامرأتين صالحتين هما: امرأة فرعون الذي كان أطغى أهل الأرض إذ قالت متبرأة مما هي فيه من بريق سلطان الظالم، ومتاع الدنيا وزخرفها، رافضة لكل ذلك طالبة من ربها ثلاثة أشياء:

أن يبني الله لها عنده بيتاً في الجنة ويلاحظ أنها قد اختارت الجار قبل الدار؛ حيث اختارت رضوان الله قبل
جنته، ولم تفتن بما هي فيه أن يخلصها الله من فرعون، ويبعد عنها نتائج عمله.

أن يخلصها ـ كذلك ـ من قوم فرعون، بسبب ظلمهم وبغيهم.

الثانية: مريم ابنة عمران، أم عيسى عليه السلام.
وقد وصفها ربها بثلاث صفات في قوله:

((ومريم ابنة عمران التي أحصنت حفظت فرجها وصانته فنفخنا فيه من روحنا
وصدقت بكلمات ربها وكتبه))

أي: بشرائعه، وقضائه وقدره، وكتبه التي أنزلها على رسله.
وثالثاً كانت من القوم القانتين الطائعين لربهم.


وهنا إضاءتي اختي الكريمة تتوقف وتكتفي بذلك وعند إطلاعي على تفسيرها كان لها العمق التعليمي الكبير الذي يوجه به الله العباد من اجلِ جعل مجتمع يسوده التراحم والتآلف والمودة في المحافظة على البعض...


جزاك الله خير الجزاء وجعله في ميزان حسناتك ،وفي انتظار المزيد من السور التي تستلهم البنان ...

مملكة الطموح
13-06-2014, 02:23 AM
الأستاذة القديرة والأخت الفاضلة مملكة الطموح

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ماأجمل التجوال في رحاب وضلال القرآن الكريم وتفسيرة القويم ..

فاللوم والعتاب الجميل من الله لنبيه عليه أفضل الصلاة والسلام

صار سببًا لشرع حكم عام لجميع الأمة.

فشكراً سيدي الفاضله لهذه النفحات العطرة وهذه النسمات الإيمانيه

تحياتي وتقديري .

وعليك سلام الله وتوفيق دائما سيدي الوشاحي...

نعم ما ذكرت هنا فالسبب صار شرعا وهكذا كانت حياة نبيي محمد أحداث تحكي بشريته وواقعية احكامه..
روائع العفو سيدي..

مملكة الطموح
13-06-2014, 02:28 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...


الأخت الفاضلة أ.مملكة الطموح...

رائعة هذه الأفكار الراقية التي تتحلى بالقيمة المثرية للفكر من ناحية اسنباط المفاهيم لأسباب النزول وتفسير الآيات الكريمة ، لما يجعل مجال المثابرة في اكتساب المعرفة ما يتكفل به طالبه..

لذلك الخوض في رحاب محكم الكتاب المنزل له اثره على حياة المسلم الطامح من اجل الإستنارة في هذا المجال الحميد...

وسورة التحريم لها ابعادها السلسة التي توضح الكثير من الأمور ولطفاً اختي الفاضلة استمر على ضوء إضاءتك الفريدة للتوغل في مشارف السورة الكريمة وهذه إضاءتي المتواضعة لعلها تستلهم البنان بارك الله فيك...



سورة التحريم سورة مدنية.

وهي تبدأ بقوله عز وجل:

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

[الآية : 1]


روى في سبب نزول الآيات الخمس الأول من هذه السورة..

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب شرب العسل، وبالذات عند زوجته أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها.

وأصابت الغيرة زوجتيه حفصة وعائشة رضي الله عنهما، فاتفقتا على أن تقول له من يدخل عليها منهن بعد شربه العسل: إني أجد منك ريحاً غير طيبة، حتى لا يشربه عندها بعد ذلك.

وحدث أن شرب صلى الله عليه وسلم، ثم دخل بعدها على حفصة رضي الله عنها: فقالت له ما قد عرفنا.
وأراد صلى الله عليه وسلم أن يطيب خاطراً: فحلف لا يشربه مرة أخرى، وطلب منها أن لا تخبر أحداً بذلك.

ولكنها.. أخبرت بعد ذلك عائشة.

فنزلت هذه الآيات.

وهناك رواية أخرى تفيد أن الذي حرمه النبي صلى الله عليه وسلم هي جاريته ماريه القبطية.
والروايتان صحيحتان.

ويبدو أنهما حدثا في فترات متقاربة، قبل نزول الآيات.

وكل واحد من الرواة ذكر ما وصل إلى علمه على أنه سبب نزول الآيات، كما يقول الإمام الآلوسي عليه رحمه الله.

وتعالوا بنا الآن إلى تفسير الآيات.

يا أيها النبي خطاب إلهي للحبيب صلى الله عليه وسلم بصفته النبوة لم تحرم على نفسك ما أحل الله لك من شرب العسل ..

تبتغي تطلب بذلك مرضاة أزواجك وأنت تعلم أن التحليل والتحريم لا يكون إلا لله فقط.

على أية حال قد غفر الله لك ما فعلت والله غفور رحيم وأعلم جيداً أنه..

{ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ }
[الآية : 2]


نعم قد فرض الله وشرع لكم تحلة أيمانكم التي حرمتم بها، وذلك بكفارة اليمين.

فأطيعوا الله ولا تخالفوا أحكامه والله مولاكم يأمركم بما فيه نفعكم وصالحكم.

وهو سبحانه العليم بما يصلحكم الحكيم فيما يشرعه لكم.

* * *


ثم يكون تفصيل الموضوع.. بقوله تعالى:

{ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ العَلِيمُ الخَبِيرُ }
[الآية : 3]


و اذكر وتعلم أيها المؤمن إذ أسر النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض أزواجه وهي السيدة حفصه رضي الله عنها حديثاً وهو موضوع تحريم شرب العسل أو وطء الجارية، وطلب منها أن يكون هذا الموضوع سراً بينهما فلا تخبر به أحداً.

ولكنها رضي الله عنها لم تحتفظ بهذا السر.

فلما نبأت وأخبرت به السيدة عائشة رضي الله عنها:

عرف الله حبيبه صلى الله عليه وسلم ما دار بينهما وأظهره الله عليه بتفاصيله.

وهنا: كلم النبي صلى الله عليه وسلم السيدة حفصه أنها أفشت السر، ومن أدبه صلى الله عليه وسلم أنه
عرف لها مما دار بينهما بعضه وأعرض عن بعض فلم يذكره، من باب الستر، وعدم الضغط على الأعصاب.

فلما نبأها به تعجبت؛ حيث لم يخبره أحد منهما.

لذلك قالت له من أنبأك وعرفك هذا الذي دار بيننا؟

قال لها صلى الله عليه وسلم نبأني ربي العليم الخبير سبحانه.

* * *


ثم قال تعالى لهما:

{ إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ المُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ }
[الآية : 4]


دعوة إلى التوبة إن تتوبا إلى الله عما حدث منكما من هذا التدبير الذي فعلتماه فقد صغت واستمعت واستجابت قلوبكما لأمر الله، وقبل الله توبتكما.

و أما إن تظاهرا عليه بسبب الغيرة، في إفشاء سره، وعمل ما يسوؤه: فلن يكون لكما أدنى تأثير عليه.. فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ومع كل هؤلاء ظهير له ونصير.

* * *


كما أنه إن لم تتوبا، وتتظاهرا عليه..

{ عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً }
[الآية : 5]


أي: فإنه يطلقكن. وعسى ربه سبحانه إن طلقكن في هذه الحالة أن يبدله أزواجاً له خيراً منكن إذْ لن تكن حينئذ من زوجاته، من أمهات المؤمنين.

وهؤلاء الزوجات الجديدات سيكن..

مسلمات مسلمات لله ولرسوله.

مؤمنات واثقات مخلصات.

قانتات مطيعات.

تائبات راجعات في كل أمورهن لله ولرسوله.

عابدات لله بجميع أصناف العبادة.

سائحات صائمات.

ثيبات كن زوجات للغير قبل ذلك.

وأبكاراً لم يتزوجن من قبل.

وهذه هي الصفات التي ينبغي أن يفطن لها المربون وأولياء الأمور في تربية المرأة المسلمة.

* * *


وبعد ذكر هذه الصفات الطيبة للمرأة المسلمة: يهيب الله بالمؤمنين أن ينتبهوا إليها، وأن يربوا بيوتهم عليها.

إذ يقول سبحانه:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }
[الآية : 6]


يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً بترككم المعاصي، وفعلكم الطاعات وأهليكم عن المعاصي، وأمرهم بالطاعات وتربيتهم على حب الله ورسوله.

هذه النار وقودها الناس والحجارة

كما أن عليها ملائكة غلاظ شداد يعذبون من فيها، وهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون به

* * *


وهذه النار: هي التي يدخلها الكافرون.

وهي التي: يقال لهم عند دخولها

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَعْتَذِرُوا اليَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }
[الآية : 7]


أي: لا تعتذروا لأنه لا يقبل منكم اعتذار، وأنتم اليوم تجزون بأعمالكم.

* * *


ولأن طريق الوقاية من النار هو التوبة: فإن الغفور الرحيم يطالب المؤمنين بالتوبة قائلاً:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
[الآية : 8]


أي: توبوا إلى الله توبة نصوحاً صادقة.

عسى ربكم أن تبتم توبة نصوحاً أن يقبل توبتكم، ويكفر أي: يمحو عنكم جزاء سيئاتكم التي كانت منكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار.

وذلك: يوم القيامة يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه.
بل يكون نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يضئ طريقهم إلى جنات النعيم.

وهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير.

* * *


وإذا كان رب العزة قد أمر المؤمنين بوقاية أنفسهم وأهليهم من النار وعذابها..!!

وإذا كان تعالى ـ أيضاً ـ قد أمرهم بالتوبة تطهيراً لهم من سيئاتهم التي قد تقودهم إلى النار..!!

فإن هناك فريقاً من الناس لا يعنيهم وقاية أنفسهم ولا أهليهم من عذاب النار، كما أنهم لا يتوبون عن معاصيهم، بل يصرون على اقترافها ويعيثون في الأرض فساداً.

هؤلاء: يجب جهادهم حماية للأمة من إفسادهم، وللبلاد من تخريبهم.

حيث يقول تعالى:

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ }
[الآية : 9]


أي: جاهدهم إعلاما لهم بالدين، ومنعاً لهم من الفساد والإفساد وأغلظ عليهم لا تتهاون معهم.
فإن آمنوا، وتابوا.. فبها ونعمت.
وإن لم يؤمنوا فلا تحزن عليهم، فقد اختاروا طريق السوء ومأواهم جهنم وبئس المصير

* * *


أيها الأحبة...
صدر هذه السورة: كان في عتاب وتأديب اثنتين من زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد كان درساً لجميع المسلمين رجالاً ونساءً في ضرورة الالتزام بحدود الله وشرعه.
إذْ في ذلك النجاة والفلاح.

لذلك تختم السورة بضرب المثل الذي يوضح ويؤكد للدنيا كلها أن اللجوء إلى الله والعمل بشرعه: هو حبل النجاة، ومن ابتعد بعد عن مرضاته سبحانه.

إذ يقول جل وعلا في مثل من ابتعد عن ربه.

{ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ }
[الآية : 10]


نعم.. ضرب الله مثلاً للذين كفروا يتعظ به المؤمنون، وينتفع به الغافلون وهو أن امرأة نوح وامرأة لوط كانتا زوجتين تحت عبدين من عبادنا صالحين نبيين رسولين، يدعوان الناس إلى الإيمان بالله وتوحيده.

فخانتاهما هاتان الزوجتان، ولم تؤمنا بما جاءا به، بالرغم من هذه المخالطة والمعاشرة.

فلم يغنيا عنهما كونهما زوجتين لنبيين من غضب الله عليهما شيئا حيث غضب عليهما.

وقيل لهما ادخلا النار مع الداخلين من الكافرين والمنافقين.

وبذلك لم يستفيدا من القرب والقرابة للصالحين.

كما يقول جل وعلا في مثل من أرضى ربه واحتمى بجنابه:

{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ القَانِتِينَ }
[الآيتان : 11 , 12]


نعم.. وضرب الله مثلاً للذين آمنوا يسيرون على هديه، وذلك بامرأتين صالحتين هما: امرأة فرعون الذي كان أطغى أهل الأرض إذ قالت متبرأة مما هي فيه من بريق سلطان الظالم، ومتاع الدنيا وزخرفها، رافضة لكل ذلك طالبة من ربها ثلاثة أشياء:

أن يبني الله لها عنده بيتاً في الجنة ويلاحظ أنها قد اختارت الجار قبل الدار؛ حيث اختارت رضوان الله قبل
جنته، ولم تفتن بما هي فيه أن يخلصها الله من فرعون، ويبعد عنها نتائج عمله.

أن يخلصها ـ كذلك ـ من قوم فرعون، بسبب ظلمهم وبغيهم.

الثانية: مريم ابنة عمران، أم عيسى عليه السلام.
وقد وصفها ربها بثلاث صفات في قوله:

((ومريم ابنة عمران التي أحصنت حفظت فرجها وصانته فنفخنا فيه من روحنا
وصدقت بكلمات ربها وكتبه))

أي: بشرائعه، وقضائه وقدره، وكتبه التي أنزلها على رسله.
وثالثاً كانت من القوم القانتين الطائعين لربهم.


وهنا إضاءتي اختي الكريمة تتوقف وتكتفي بذلك وعند إطلاعي على تفسيرها كان لها العمق التعليمي الكبير الذي يوجه به الله العباد من اجلِ جعل مجتمع يسوده التراحم والتآلف والمودة في المحافظة على البعض...


جزاك الله خير الجزاء وجعله في ميزان حسناتك ،وفي انتظار المزيد من السور التي تستلهم البنان ...

زادك ربي علما سيدي الأسير وأنار دروبك بما ألهم جوفك وفكرك..

اضاءة أضافت الكثير من التبيان والإيضاح جعله الرحمن في ميزان حسناتك فمن سيعبر هنا سيكون له نصيب الفائدة من العلم ...

خليل عفيفي
13-06-2014, 11:20 AM
الفاضلة والمبدعة :

مملكة الطموح

حينما نستظل بروعة التعبير لديك نرى المعاني تعبق بالمكان كما المســـــــــك والريحان

حروفك دائما تجذبنا نحوها فكيف حينما تكون من عمق ديننا الإســـــــــلامي الحنيف ؟!

أهلا بعودتك التي كنا ننتظرها كما تنتظر الأرض العطشى للمطر

لك الألق كله والشموخ سيدتي

مملكة الطموح
14-06-2014, 02:08 AM
الفاضلة والمبدعة :

مملكة الطموح

حينما نستظل بروعة التعبير لديك نرى المعاني تعبق بالمكان كما المســـــــــك والريحان

حروفك دائما تجذبنا نحوها فكيف حينما تكون من عمق ديننا الإســـــــــلامي الحنيف ؟!

أهلا بعودتك التي كنا ننتظرها كما تنتظر الأرض العطشى للمطر

لك الألق كله والشموخ سيدتي


زيزفون التحايا والتقدير لك أستاذي وسيدي المبدع

أعاد ربي عليك نسائم رحمته دائما..

هو دائما ارتباط الدين وحروفه تجذبنا نحوه لننهل منه ما يغذي الايمان...