المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «بخّور عَدَني»: الرواية الرابعة للروائي والشاعر اليمني علي المقري


سالم الوشاحي
27-07-2014, 04:12 AM
بعد «طعم أسود.. رائحة سوداء» و”اليهودي الحالي” و»حرمة»، يتّجه الروائي والشاعر اليمني علي المقري مجدّداً، في روايته الرابعة الصادرة أخيراً عن «دار الساقي» في بيروت، صوب مدينة عدن، بحثاً عن وطن لأبطال روايته «بخور عدني»، والتي تتوّج سرديّته المتواصلة حول موضوع تعدديّة القوميّات والأعراق والأديان وإمكانية «التعايش» في ما بينها. وفي روايته الجديدة، يستعيد المقري لحظات تاريخية ماضية، عبر شخصيات تلتقي في بيئات اجتماعية يمنيّة مختلفة، كي تنسج البناء الإنساني للبلد: الفرنسي «فرنسواز» القادم إلى عدن هرباً من الحرب في بلده ليصبح جزءاً من المدينة في مقاومتها للاستعمار البريطاني، المرأة المتحوّلة إلى ضمير مدينة ودليله إلى خفاياها، واليهودية ذات الصوت البديع الذي يرسم حدود مدينة مترامية الأطراف.
وعلى امتداد أربعة فصول أسماها المؤلّف «نفحات»، وحملت عناوين: «بندر عدن»، و”دكّان اليهودي”، و»حلم الملكة»، و”كريتر.. كريتر”، تدور أحداث الرواية الحافلة بالمواضيع الإنسانية في مدينة عدن وهي تحت الاحتلال البريطاني، إبان الحرب العالمية الثانية ما بين منتصف الأربعينات وبداية السبعينات من القرن الماضي، فتغوص في التاريخ والحب والثورة، بالإضافة الى تتبّع الذاكرة العدنيّة ومخاضات المدينة بكل ما تحمله من تفاصيل.. وذلك، من بوّابة «تعايش» المسلمين واليهود والمسيحيين والهندوسيين والزرادشتيين والبوذيين والكونفوشيسيين وغيرهم من أتباع الديانات والمذاهب ومن لا دين لهم أو عقيدة.
وفي السياق، يبدو بطل الرواية «فرانسواز» القادم من فرنسا إلى عدن وكأنّه يبحث عن بديل عن الوطن.. وهذا البديل لا يقتصر على المكان أو على طريقة العيش فقط، بل يصل إلى التسمية المختلفة أو المغايرة لهذا المسمّى وطناً. وهو إذ ظن أنّه قد صار، بوصوله إلى عدن واندماجه في مجتمع متعدد الهويّات والأعراق، بعيداً عن «الواجبات الوطنية»، فإنّه بعد فترة سيرى أن هذا التعايش وفكرة اللاوطن سيواجهان محناً، لا تبدأ مع سطوة الخائفين الذين يخيفون أكثر من غيرهم، ولا تنتهي بالتطرّف الديني والسياسي.
واستناداً الى كلمة الناشر على الغلاف، فإن القادم من فرنسا إلى عدن حين سألوه عن اسمه وهويته قال لهم: « اسمي أيّ شيء». فالتفتت إليه «ماما» وأخذت بيده إلى المدينة التي كانت «تعيش حياة غنيّة بتنوّعها».
وبالرغم من أجواء الصراعات والحروب التي كانت قد صارت هواية عند البعض، يحاول القادم أن يخلع ذاكرته الماضية، بما فيها ذكرى «شانتال» التي اكتشف أنّه لم يكن الوحيد الذي قاسمها تطلعات الحب الأولى، فيندمج بصخب وأحلام المدينة، تلك الأحلام التي قد تتحقّق في غفلة من الحالمين أنفسهم كزيارة ملكة بريطانية اليزابيث الثانية إلى عدن، والتي قيل إنّها اختفت هناك متخفيّة ببرقع عدني، كان المتديّنون قد طالبوها بلبسه.
لكن من صار يحمل صفة العدني، ككلّ الذين لجأوا إلى هذه المدينة أو ارتضوها سكناً، أصبح مع التحولات الصاخبة يخشى من أن يفقد هذه الصفة.

عن الكاتب

علي المُقري روائي وشاعر وصحفي يمني، ولد في «حُمَرَه» تَعِز «اليمن» 30 أغسطس 1966. بدأ كتابة الأدب في الثامنة عشرة من عمره. بعد إعادة اتّحاد اليمن عام 1990 أصبح محرّراً ثقافياً لمنشورات عدّة. منذ سنة 1997 هو محرّر منشور أدبي «الحكمة» لجمعية الكتّاب اليمنيين ويترأس أيضاً مجلة أدبية بعنوان «غيمان» أُسسّت سنة 2007. مؤلفاته «نافذة للجسد» مجموعة شعرية، و”ترميمات” مجموعة شعرية، «يحدث في النّسيان» مجموعة شعرية، «العفيف زمن خارج السرب» سلسلة أعلام اليمن، «إديسون صديقي» قصة للأطفال، و”طعم أسود.. رائحة سوداء” رواية، و”بوكر العربية رواية، وأخيراً “ بخّور عَدَني» رواية.

جريدة عمان