المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جمعية الكتاب والأدباء تحتفي باليوم العالمي للفلسفة بندوة اللغة والعقل والحرية


سالم الوشاحي
04-12-2014, 05:41 AM
فيما دشّنت “لجنة الفلسفة” كأول لجنة متخصصة فيها
مسقط ـ “الوطن” : تصوير ـ محمد الحوسني :

دشّنت الجمعية العمانية للكتَّاب والأدباء منتصف هذا الأسبوع لجنة الفلسفة وهي أول لجنة متخصصة تدشنها الجمعية ضمن فعالية الاحتفاء باليوم العالمي للفلسفة والتي عقد الاجتماع التأسيسي لها في مطلع الشهر الجاري في المقر الرئيسي للجمعية العمانية للكتاب والأدباء بمرتفعات المطار بحضور كل من الباحث خميس العدوي رئيس الجمعية، ومحمد بن رضا اللواتي، وصالح البلوشي، وسعود الزدجالي، وعلي الرواحي ، حيث تمت مناقشة الأهمية القصوى للجنة الفلسفة بما يخدم الشأن العام من حيث جلب الاطمئنان للمجتمع تجاه القضايا الفلسفية، والقيام بالدور المتزن في مشاركة المواطن في قضايا مجتمعه.
وتسعى اللجنة إلى تحقيق العديد من الأهداف في مسارها المقبل، مثل تحسين صورة الفلسفة في الرأي العام العماني بشكل خاص والعربي بشكل عام. وإصدار ملحق فصلي يعني بالقضايا الفلسفية ، وإقامة حوار شهري يتم فيه استعراض القضايا الفلسفية والفكرية والأطروحات المتعلقة بهذا الشأن. ومن الأهداف المهمة أيضاً تأسيس قاعدة بيانات للعمانيين المهتمين بالفلسفة إلى جانب إقامة فعاليات تناقش من خلالها المفاهيم الفلسفية مع المهتمين، واستضافة المفكرين والفلاسفة في هذا الشأن ، وقد تم تعيين خميس بن راشد العدوي رئيسا للجنة، وعلي بن سليمان الرواحي المشرف العام على الأنشطة والفعاليات.
وقد احتفت جمعية الكتاب والأدباء باليوم العالمي للفلسفة، يوم الاثنين برعاية الشيخ سيف بن هاشل المسكري، حيث اقيمت ندوة بهذه المناسبة قدمت خلالها ثلاث أوراق عمل بحثت في فلسفة اللغة والعقل والحرية، وشارك في الندوة الباحث خالد بن مبارك الوهيبي بورقة بحثية عنوانها “فلسفة نشأة اللغة العربية وتطورها” وانقسمت الورقة إلى محورين رئيسيين بحث المحور الأول في اللسان العربي في زُبُر الأولين: وتطرق إلى الثنائية المرتبطة (الرسالة / اللسان العربي) التي عرفت ودونت في زُبُر الأولين، فأصول الرسالات ولسانها العربي. أما المحور الثاني فقد خصصه الباحث الوهيبي في “اللسان العربي والسننية الكونية”، وتناول فيه اللسان العربي الذي يستمد خصائصه من سنن الكون، وتلك السنن إنّما يكتشفها الناس بالسير في الأرض والنظر، وقد ربط القرآن بين مواقع النجوم والقرآن المكنون، للدلالة على مدى الترابط الوثيق بين آيات الكون وآيات الكتاب.
كما تطرق “الوهيبي” في ورقته البحثية إلى ما يتصل بنزول القرآن بلسان عربي مبين، وكيف صار منذ نزوله ذروة العربية، وذلك بعد تاريخ طويل من تدرج هذا اللسان عبر التاريخ في المنطقة العربية، إلى أن يصل في نهاية ورقته إلى أن صيغ لسان القرآن في شكله النهائي من وسط كل لغات ولهجات المنطقة كالأكادية والفينيقية والهيروغليفية والإرمية والحميرية والنبطية والعربية الحديثة، قد حفظت للسان كيانه من التفكك والتحلل إلى لغات ولهجات أخرى، كما حصل للعديد من الألسن القديمة والحديثة.
كما شارك في الندوة الباحث عبدالله بن حمد بن سعيد المعمري بورقة بحثية بعنوان “حركة الأرض وثباتها بمنطق القرن الخامس الهجري: القاضي نجاد مثالاً” وهي ورقة اهتمت بالشأن الثقافي العماني والاهتمام الذي أولاه بعض المفكرين العمانيين للشأن الفلسفي، حيث ذهب بنا الباحث “المعمري” في رحلة جغرافية إلى القرن الخامس الهجري ويبحث بالنظر والتأمل في “سؤال الدهشة” وكيف فكر العالم العماني نجّاد بن موسى من القرن الخامس الهجري حول موقع الأرض في الكون؟ هل هي متحركة أم واقفة؟ وإذا كانت واقفة فعلى أي شيء تقف؟. وقال: لقد ترك لنا القاضي نجاد بن موسى تأملات فلسفية حول هذه المسألة في كتابه “الأكلة وحقائق الأدلة” وإذا كان الباحث المعمري يتساءل مثلنا كيف يمكن أن نقرأ هذه الوثيقة المهمة؟ فإنه لا يكتفي بالوقوف عند ذلك السؤال، فقد قادته اشتغالاته البحثية واهتماماته إلى ربط فلسفة الماضي بالحاضر من خلال البحث في الإمكانية التي يمكن من خلالها أن تفيدنا نظرات القاضي نجّاد في العصر الحالي؟.
أما الباحث سلطان بن عبيد بن سعيد الحجري فقدم ورقة بحثية بعنوان “مشيئة الله ومشيئة الإنسان: قراءة في منهج البحث الكلامي” وتحدثت الورقة عن مشيئة الله رب العالمين التي عرّفها الجرجانيّ بقوله: “مشيئة الله عبارة عن تجلي الذات والعناية السابقة لإيجاد المعدوم أو إعدام الموجود”. كما ناقشت الورقة أيضاً عمّا يشاء الإنسان في أموره الاختيارية، وما ينتج عنها من سلوك، وما صلة علم الله المحيط بكل شيء باختيار الإنسان؟ ونظرت الورقة إلى جانب ذلك إلى الكيفية التي تكون بها الهداية مثلاً وفق مشيئته سبحانه وتعالى؟ وما معنى قوله تعالى يضل من يشاء؟
إن هذا المبحث كما يرى الباحث الحجري سيفضي إلى الحريّة، وهي إحدى مفردات الدرس الفلسفيّ، ويستطرد باحثاً في هذا الشأن الجدلي إلى الاعتقاد بأن مبحث الحرية هو لبّ الفلسفة ولحمتها وسداها، فمن لم يكن حراً فهو مقيد في ركاب التبعية يقفو بلا نظر ولا رشد. فالحرية الإنسانيّة لم تعدم لها نصيراً بين مفكري الإسلام “وقد تحدّث معظم الفلاسفة عن الحريّة” واشتهر المعتزلة بذلك؛ إذ رأوا أنَّ الإنسان لا يفعل الفعل إلا وهو قادر على تركه وفعل غيره بدلا عنه. بيد أن الباحث لم يقف عند ذلك فحسب، بل تطرق في ورقته إلى مناقشة بعض الآراء المختلفة ومحاولات التوفيق بين فكرتي الجبر والاختيار لدى عدد من الفلاسفة المسلمين كالأشاعرة وأبي حيان التوحيدي والفيلسوف ابن رشد. وتنبع أهمية الورقة من النتيجة التي وصل إليها “الحجري” حول تراثنا الفلسفي في عمان قائلا: ولم يعط تراثنا في عمان حقَّه مِن الدرس الكلاميّ حتى يعرف سبقه أو تأخره في بحث هذه القضيّة، فأردت أن أساهم ولو باليسير من خلال هذا الموضوع بتسليط الضوء على بعض هذا التراث.
الجدير بالذكر أن اليوم العالمي للفلسفة قد أقرته اليونسكو ليكون في نوفمبر من كل عام وذلك ابتداء من عام 2002م ويهدف هذا اليوم إلى تشجيع الناس في جميع العالم ليفتحوا مساحات فكرية حرة للحوار وتبادل التراث الفلسفي مع بعضهم البعض وتأمل الجمعية العمانية للكتّاب والأدباء أن تكرس هذا التقليد في مجتمعنا العماني للوعي بالتحديات المتصلة بالقضايا الفلسفية، والتأكيد على أن مبدأ الحوار هو مفتاح حضاري للتسامح والانفتاح على العالم.

جريدة الوطن