المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أصوات شعرية عمانية وعربية ترسم عشق الحياة وترثي حال الإنسان


سالم الوشاحي
08-12-2014, 06:12 AM
http://im81.gulfup.com/wTiRhH.jpg (http://im81.gulfup.com/wTiRhH.jpg)



انطلاق مهرجان الشعر العماني في نزوى –
كتب: محمد الحضرمي –شهدت نزوى مساء أمس انطلاقة مهرجان الشعر العماني في دورته التاسعة، وذلك في مسرح كلية العلوم التطبيقية، بمشاركة 30 شاعرا عمانيا، اختارتهم لجنة الفرز ليكونوا الأصوات المغردة في هذا المهرجان طوال ليالي الأسبوع، رعى حفل الافتتاح معالي الشيخ محمد بن عبدالله بن زاهر الهنائي مستشار الدولة، وبحضور صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة، ومجموعة من أصحاب المعالي الوزراء وأصحاب السعادة الوكلاء، وأعضاء مجلس الشورى وضيوف المهرجان من داخل وخارج السلطنة، الذين قدموا إلى نزوى ليشهدوا انطلاقة المهرجان، والذي خطط له ليكون ختام مسك ثقافي كبير لهذا العام، وبراعة استهلال وتقديم قشيب ورقيق لفعاليات نزوى عاصمة للثقافة الإسلامية 2015.

30 قصيدة تعبر عتبات المهرجان
في بداية الحفل ألقى عاصم بن محمد بن عبيد السعيدي القائم بأعمال مدير عام الشؤون الإدارية والمالية بوزارة التراث والثقافة، مدير مهرجان الشعر العماني التاسع، كلمة قال فيها: ها هو مهرجان الشعر العماني يحط رحاله مرة أخرى في نزوى التاريخ والفكر، بعد تطواف بين حواضر عمان دام سنوات طويلة، وفي هذه السنوات، كان المهرجان ينضج ويتزيأ ويزداد ألقاً وجمالا، ليأتيكم في هذه الليلة النزوية المباركة،
وأضاف في تقديم شعري: يأتيكم حاملاً معه ثلاثين شاعرا وشاعرة استطاعت قصائدهم، قبل أسمائهم، أن تعبر عتبات المهرجان وتفرض حضورها الأخاذ، وليأتيكم بأحد عشر شاعراً من داخل عمان وخارجها، استطاعت قصائدهم وأسماؤهم أن تسطع نجوما في سماوات الشعر العربي.
تزامن مع نزوى عاصمة للثقافة
وكما كان المهرجان يكبر شعريا، كان يكبر فكريا، فانطلاقا من حرص وزارة التراث والثقافة على ديمومة العلاقة وحيويتها بين المثقف والمثقف، وبين المثقف والمؤسسة، سنقترب في هذا المهرجان من ظاهرة خفية ولكن مؤرقة، وهي ظاهرة الشللية الثقافية في المنطقة عموما وعمان خصوصا، لنقف على جذورها وتمظهراتها ومناهج التعامل معها، من خلال ندوة فكرية يحيها حضوركم مع كوكبة من المفكرين والمثقفين العمانيين.
وقال أيضا: لقد التقت روائع القدر مع الإرادة الصادقة لوزارة التراث والثقافة، ليتزامن هذا المهرجان النزوي المشرق، مع اختيار نزوى لتكون عاصمة الثقافة الإسلامية للعام 2015، وحق ذلك لنزوى، كما حق لهذا المهرجان أن يكون إطلالة على الاحتفاء بهذه المدينة العرقة عاصمةً للثقافة الإسلامية، وليكون استهلالًا لهذه الاحتفالية والمبشر بها، ولسان حاله ينشد:
فانــزل فـديتك عـنها إن حـاجتها عـدل وفـضل وانـصاف وإحسان
انـزل فـديتك عـنها إن وجـهتها تـخت الأئـمة مـذ كانت ومذ كانوا
انـزل عـلى عـرصات كـلها قدس لـلـحق فـيـهن أزهـار وأفـنان.
مدينة دوخت عشاقها
وقال السعيدي أيضا: بخشوع العاشقين وتواضع العارفين نقف الليلة في مدينة دوخت عشاقها كما دوخت أعداءها، وحيّرت الآن كما حيرت الأمس، وروت الثقافة والأدب والفكر من عروقها الخالدة، ومعينها الذي لا ينضب، فأهلا ومرحبا بكم جميعا في نزوى وفي مهرجان الشهر العماني التاسع.
ثم تابع الحضور الثقافي بث فيلم عن مهرجان الشعر، منذ انطلاقته من نزوى، حيث أقيم في مسرح قلعة نزوى خلال الفترة من 12- 16 ديسمبر 1998م، وتم فيه تكريم عدد من الشعراء من بينهم الشاعر العماني الكبير عبدالله بن علي الخليلي، وتواصل المهرجان بعد ذلك ليقام في عدة حواضر عمانية، مسجلا حضورا في الوسط الثقافي العماني، ومقدما شعراء حازت قصائدهم على مراكز متقدمة.
قصيدة إلى الأسيرات الفلسطينيات
بعد ذلك ألقى الشاعر الفلسطيني والناقد والأكاديمي د. عزالدين المناصرة ضيف مهرجان الشعر هذا العام مجموعة من قصائده، من بينها قصيدته (البنات .. البنات .. البنات)، والتي أهداها إلى الأسيرات الفلسطينات، يقول في مطلعها:
البنات البنات البنات
حارسات الكروم
تلألأن فوق النجوم
وتحت الغيوم
رياح السموم
تهب على باكيات الرسوم
كأن همومي
تفاعيل من شجن طافحاتْ
حاراسات الكروم،
يترغلن كالقبرات
في حبائلهن إجاص يغرد
ثم سفرجلة تتباهى بصفرتها الذهبية
حتى انحنى طائر مائع أزعر الحركات
يتنقل بين الغصون يداعب أشواقهن
وكن بلا خمر سافرات
البنات البنات البنات .. الخ.
طيّرْ حمامك يا رصاص
كما ألقى الشاعر المصري أحمد بخيت ضيف المهرجان قصيدة شعرية حملت عنوان «طيّرْ حمامَك يا رَصاصُ»، ومنها هذا المقطع:
صحوًا رأيتهما بيومٍ ماطرِ كقصيدتَيْ نثرٍ ببالِ الشاعرِ
كحنانِ سنبلةٍ توسِّع حقلَها حتى السماءِ بحبتَينِ لطائرِ
وكجوعِ ليلٍ ،لا تنام عيونُهُ عن شُرفةِ العذراءِ ،دونَ ستائرِ
كحنينِ مجروحٍ ،لبعضِ جراحِه كهوًى فرنسيٍّ بقلبِ جزائريْ
كالحبِّ ،يثقله شعورٌ غامضٌ بالذنبِ، مبتلٌّ ،بدمعٍ غافرِ
هل تبكيانِ على حبيبٍ راحلٍ أم تشفقانِ على غريبٍ عابرِ؟
لولاهما عيناكِ لو لمْ تبكيا لكسرتُ أقلامي وخنتُ دفاتري
يومَ ابتسمتِ معي استعَدتُ طفولتي أتُرى ربحتُك أم خسرت خسائري؟
هل كنتِ آخرَ «أورشليمٍ « يتَّمتْ أولادَها، وأنا المسيحُ الناصريْ ؟
والأمهاتُ كبِرنْ أيُّ رسالةٍ أو هاتفٍ يكفي لجبر الخاطرِ؟
عن أيِّ شيء سوف تحكي في غدٍ صورٌ معلَّقةٌ ببيتٍ شاغرِ ؟
تأبى البيادرُ أنْ تدلِّل مُتخَمًا وتجوعُ للجوعَى الكرامِ بيادري
لا تحبسي كتبي ، هبيها قارئا إنَّ الحياةَ أهمُّ من دَم شاعرِ
ما دمتِ أنت معي فجنَّاتي معي ويظلُّني جبريلُ ظلَّ مهاجرِ
لن تُخدعي عني بغيري لم أَدَعْ أثرًا لـ «موسى» في الممرِ «السامريْ»
أَوْصَتني امرأةٌ تقصُّ ضفيرةً: فلتَحْرُسِ الأقصى ولو بضفائري.
غريب بين نهرين
ثمر قرأ الشاعر العماني زاهر الغافري قصيدة باكية بعنوان «غريب بين نهرين»، أهداها إلى الراحل كمال سبتي، ومنها هذا المقطع:
على مهلك أيها الملاك
هنا الأرض رطبة والهواء يتعذب في الرئتين
في كل خطوة يرمي حبيس المدن
صرخة بين الأرصفة
أحيانا هي حياة كاملة تقاس بإشارة واحدة
من زهرة الحقل، وأحيانا هي الظل الذي يصل
إلى السلالم الكبيرة ويتكسر مثل
أصوات هؤلاء القتلى.
حقا، لقد مزجنا دم العصفور بلعاب البحر
تحت العاصفة
مزجنا الغبار بلون الخوف
في وجوه معتمة كالليل
لن تكون المرأة الشابة غير
حلم عابر في نسيم الصيف.
لن تكون الصخرة منسية في الوادي السعيد.
الأسى وحده ينمو على ضفاف الأنهار
في ضوء قنديل.
وفي ختام المهرجان قدم سعادة الشيخ حمد بن هلال المعمري وكيل وزارة التراث والثقافة للشؤون الثقافية رئيس لجنة مهرجان الشعر العماني التاسع هدية تذكارية لراعي الحفل .
عمان ولادة للأدباء
ومن جهته عبر معالي الشيخ محمد بن عبدالله بن زاهر الهنائي مستشار الدولة عن غبطته بهذا المهرجان، حيث قال: إن هذه الأمسية الرائعة والمشاركة المتميزة للشعراء والأدباء دليل على أن الشعر لا يزال بخير، وأن عمان والأمة لا تزال ولادة ومنجبة للعلماء والأدباء والشعراء، وما تقوم به وزارة التراث والثقافة من نشر للثقافة بإقامة مثل هذا المهرجان الشعري الكبير أوجد أرضية مناسبة وبيئة طيبة، لهؤلاء الأدباء لكي يبرزوا مواهبهم وملكاتهم.
وقال أيضا: لا شك أن الثقافة في السلطنة قد حظيت باهتمام كبير من القيادة السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه، فجلالته أعزه الله قد خصص جوائز في مختلف مجالات الثقافة والإبداع الأدبي، مما جعل الباب مفتوحا أمام المتسابقين في هذا المضمار.
ثم دعا المعنيين بمناهج التدريس أن يهتموا بالجانب الأدبي، وأن يعيروا المناهج والمقررات في مجال اللغة والأدب كل الاهتمام، حتى يمكن للمواهب من الإسهام الجيد في مجالات الثقافة المختلفة وخاصة الشعر والأدب، والذي يحتاج إلى جزالة في اللغة العربية، ومعرفة بآدابها، وكل ما أتمنى عليهم هو مراجعة مناهج والمقررات الخاصة باللغة العربية، وتطعيمها بما يثري المتعلم.

جريدة عمان