المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جلسة الرواية العربية المعاصرة تفنّد الواقع وتستعرض المفاهيم من جانبها العربي في الناد


سالم الوشاحي
05-02-2015, 05:08 AM
عبده خال : عندما أكتب ربما لا أقف بهذه اليقظة النقدية الباحثة عن المختلف داخل النص لكنني استهلك النص وفق الحالة النفسية !

محمد اليحيائي : الرواية ليست ابنة المدينة ولكنها ابنة الحياة والخبرة والحكمة والحساسية والخيال
كتب – خالد السيابي : تصوير : عادل العبدلي

أقيمت مساء أمس الأول بالنادي الثقافي جلسة في “الرواية العربية المعاصرة” قدمها الروائي السعودي عبده خال والروائي محمد اليحيائي ، وذلك ضمن الفعاليات التي تنظمها اللجنة الثقافية بمهرجان مسقط للعام الجاري بالتعاون مع النادي الثقافي بحضور نخبة من الكتّاب والأدباء والمهتمين في الساحة الثقافية والأدبية من السلطنة وخارجها.
وبدأت الجلسة التي أدارها القاص حمود الشكيلي بتقديم نبذة عن المشاركين حيث أشار مدير الجلسة إلى أن الروائي عبده خال يعد أحد رموز الرواية العربية (الحائز على جائزة البوكر عن روايته “ترمي بشرر”) وهو معلم بوزارة التربية والتعليم في المملكة العربية السعودية ويزاول مهنة الصحافة منذ ثمانينيات القرن الماضي وحاصل على بكالوريوس علوم السياسة بجامعة الملك عبد العزيز وله العديد من الروايات والقصص القصيرة والقصص القصيرة جدا ومن بين رواياته ” لوعة الغاوية ” التي فازت مطلع العام الماضي بجائزة معرض الرياض الدولي للكتاب وأيضا رواية ” الموت يمر من هنا “ورواية “مدن تأكل العشب” ورواية “الأيام لا تخبيء أحدا” ومن مجاميعه القصصية “حوار على بوابة الأرض”، و”ليس هناك ما يبهج” ، و”من يغني في هذا الليل” ، و”الأوغاد يضحكون” ، وفي القصص القصيرة جدا أصدر مجموعة تحمل عنوان “محاولة للوصول إلى الأصعب” وكان يقصد القصه القصيرة جدا وهي في سطر واحد وعنونها “وميض لدهشة باهتة ” وأقام بجمع أساطير عديدة صدرت في مجلدين الأول ” قالت حامدة ” والثاني بعنوان ” قالت عبيبة ” صدرت عن دار المدى.
بعدها قدم “الشكيلي” نبذه عن الروائي محمد اليحيائي معرفا به كقاص وإعلامي وله مجاميع قصصية وهي ” خرزة المشي 95م” و” يوم نفضت خزينة الغبار عن منامتها 98م ” و” طيور بيضاء طيور سوداء 2007م ” وصدرت له أول رواية قبل أيام عن دار الانتشار العربي بعنوان “حوض الشهوات”، كما قام محمد اليحيائي العديد من الأفلام الوثائقية ومنها ” تونس ثورة الكرامة 2011م ” ” تونس جمهورية الفيسبوك 2011م ” و” الطريق من التشدد إلى الاعتدال 2012م” .

بعدها بدأت الجلسة مع الروائي السعودي عبده خال الذي قال في البداية “تأتي هذه الأمسية بعد سنوات طويلة من زيارتي لمسقط تتجدد فيها تلك المشاعر التي كانت بدايتي من خلالها مع مشواري الكتابي أذ كانت أول تمثيل لي شخصيا أن أكون ضيف ضمن مهرجان القصة والشعر الرابع”.
وحول موضوع الجلسة “الرواية العربية المعاصرة” تطرق الروائي عبده خال إلى “الكلمة” مؤكدا ان “الكلمة” هي الأصل والكلمة تحمل لونها وهذا اللون يظهر على الكتابة لكننا عادة نأخذ الكلمة بدلالاتها المعرفية والثقافية لكننا ننسى لونها وصوتها فالكلمة لون وإذا أردنا أن نبحر في هذه المسالة كنوع من الزحزحة عن الواقع سنعود إلى الخلق الأول سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام حين سمي آدم وحمل اسم وحمل لونا وحمل صوتا وبالتالي عندما يعلمه الله الأسماء تصبح من الضرورة أن الأصل اذا كان ملونا تكون الفروع ملونة ومن هنا تأتي كل كلمة حاملة لونها فإذا جاءت هذه الكلمة بهذا اللون علينا أن نستوعب تماما أن كل كلمة ننطقها هي مشكلة لهذا الوجود من خلال مجرد كلمة.
وأضاف “خال” : أن أي أسم أن لم يكن يحمل لونا فإن المحصلة لهذا الاسم في أول وجوده يكتسب خلال السير ليس معناه فقط بل يحمل دلالاته وصوته والوانه ربما خلال القراءات العديدة لنا كبشر بغض النظر أن يكون مثقف أو غير مثقف هو استخدم هذه الجزئيتين الدلالة والصوت لكنه نسى الألوان أو أن ليس هناك من دربه تدريبا على الاهتمام باللون داخل الكلمة فضلت الدلالة فقط مقتصرة على الدلالة وعلى الصوت لو أدخلنا هذا العنصر الثالث وهو اللون سوف نكتشف أننا نحن من نقدم الحلو ونقدم الكآبة ، كلمة واحدة أن تدخلنا في البهجة ويمكن لها أن تدخلنا في السوداوية .
وذكر عبده خال في ذات الإطار أن محصلة الكلمات التي تنثر داخل الرواية تلوثت وأصبح لونها قاتما ويتم تلقيها من قبل القاريء المستهلك لهذا النص بتلوثاتها اللونية على تلوثاتها اللونية الداخلية وينتج من هنا الحكم بسوداوية. إذ أننا أمام اللحظات الزمنية التي عشنا فيها سعداء تكون الكلمات أكثر بهجة وأكثر تلونا وأكثر دافعا للنفس لتعيش مزهوة بتلك اللحظة…كل ما ذهب الإنسان للأمام بدأت الكلمات التي استهلكها في السابق منيرة في داخله بينما وجودها الحاضر مغبر أو رمادي أو جالب للكآبة لان ثمة كثير من الأحداث غير سعيدة بنسبة له أوقعته في هذا الجانب.
وأضاف الروائي عبده خال : عندما أكتب ربما لا يتنبه لهذا القول أو ربما لا أقف بهذه اليقظة النقدية الباحثة عن المختلف داخل النص لكنني استهلك النص وفق حالته النفسية وفي كثير من الأوقات عندما أقرأ أي نص سواء شعري أو مقاله أو مجرد مسودات على الورقة لا يتنبه لحالته النفسية ومن الصعب أن تقول لشخص اقرأ وأنت في حالة استرخاء فإذا أقدم عليك شخص وقال أنك سوداوي أنت من هنا تستدل على لحظة قراءته ولم تنر كثيرا وبالتالي رآك مسودا ولم يرك متعدد الألوان، لان الرواية لا تسير في خط واحد هي عدة شخصيات وكل شخصية تحمل رؤية مختلفة.
بعدها قدم الروائي محمد اليحيائي ورقته وتمثلت في ملاحظتين الأولى “عن الكتابة ومصادرها عن المكان والناس في الرواية “جاء بعض ما فيها” في الأدب كما هو معلوم يوجد كل شيء ولكن لا يوجد شيء واحد محددا في النص يمكن مطابقته مع مكان واحد محدد خارج النص ولا شخوصا محددة في النص يمكن مطابقتها مع شخوص محددة خارجه.
وأضاف “اليحيائي” : كل الأشياء وعناصر النص الروائي وكائناته تتطابق مع أشياء وعناصر وكائنات الواقع وتختلف عنها في الوقت ذاته والنص الروائي هو تأريخ الإنسان ليس بوصفه إنسانا فقط ولكن بوصفه سلسلة متصلة من السلالات والكائنات والأشباح والأحلام والخيبات إنما ليست توثيقا ماديا ومباشرا لا لكائنات الإنسان ولا لأشباحه ولا أحلامه ولا لخيباته .
وأضاف الروائي محمد اليحيائي : الرواية بهذا المعنى تظهير للشريحة السالبة من فيلم الحياة لكن مع تعديل الأحجام ودرجات الضوء واللون وذلك عبر ما أصفه بمعامل الذاكرة .وذكر أن الخلية العضوية المكونة للنص الروائي تؤخذ من الواقع لكنها تزرع في جسد حر، طيع، قابل للتشكل ، هذا الجسد الحر هو المخيلة.
وتطرق “اليحيائي” إلى أن الرواية ليست ابنة المدينة ولكنها ابنة الحياة والخبرة والحكمة والحساسية والخيال.والشكل الفني للرواية ما بعد البلزاكية عالميا وما بعد المحفوظية عربيا هو الذي يحدد العلاقة بين الكاتب ومصادر موضوعاته وليس ” الموضوع الاجتماعي أو السياسي ” هو الذي يحدد هذه العلاقة.
أما الملاحظة الثانية في ورقة محمد اليحيائي فتحدث فيها عن “المشهد الأدبي الراهن في عمان ، عن السرد والشعر ” وذكر أن نعلم دور ومكانة الشعر قديما في حياة العرب بل في حياة البشرية لكن ما نعلمه جيدا هو أن الحكاية هي الأصل وربما ينسى الكثيرون أهمية التفريق بين الشعر بوصفه حالة ومناخا شعوريا وبين القصيدة بوصفها شكلا للتعبير الفني وبين الأراجيز والمنظومات الفقهية واللغوية.حتى في الشعر ، في القصيدة ، نجد الحكاية ، بل أن القصائد العظيمة عبر التاريخ بدءا بفن الهوى لأوفيد وليس انتهاء بمديح الظل العالي لمحمود درويش نجدها تنهض على الحكاية والسرد.
يذكر أن هناك دولا عربية عديدة أوجدت جوائز للرواية العربية ونذكر هنا جائزة البوكر وهناك جائزة اخرى ستبزغ شمسها قريبا وهي جائزة كتارة للرواية العربية ونجزم أن هذه الجائزة ستخلف حراكا ثقافي جميلا نتيجة ما تفرزه من نصوص روائية أصيلة.
وفي نهاية الجلسة قام عدد من المهتمين بالنقاش والمداخلات مع المشاركين في الجلسة حيث طرح بعضهم الأسئلة العامة حول الموضوع بعمومه وتطرق البعض الآخر في خصوصية الرواية العربية وأثرت هذه النقاشات الجلسة مع الحضور.

جريدة الوطن