المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب «الجامع في الأدب العماني» يتتبع الملامح الشعرية والنثرية ويقدم تراجم لأهم الأدبا


سالم الوشاحي
18-02-2015, 06:43 AM
الباحث سالم البوسعيدي لـ «عمان»:-
أجرى الحوار: محمد الحضرمي –

صدر للكاتب والباحث سالم بن سعيد البوسعيدي هذه الأيام، أربعة عناوين حديثة، تضاف إلى سلسلة إصداراته المتنوعة، والتي تحقق مبيعات عالية جدا وطبعات متعددة، قياسا بمبيعات الكتاب العماني الحديث، الكتاب الأول بعنوان «الجامع في الأدب العماني»، إضاءات على الشعر العماني الذاتي والتعليمي والنثر العماني الأدبي والعلمي، مبرزا الدور العلمي والأدبي والحضاري العماني، صدر الكتاب في ثلاثة مجلدات كبيرة، تضمن الأول الأدب العماني القديم والوسيط، والثاني والثالث الأدب الحديث والمعاصر.
في هذا الكتاب، يقدم الباحث متابعة شيقة لتطور الأدب العماني عبر تتبعه التاريخي، وتوطئة سياسية وثقافية لكل عصر، مع إبراز الملامح الشعرية العامة في كل عصر، وتقديم نماذج شعرية، تبدأ بالترجمة للشاعر، ثم نص مختار منه، وإيضاحات عابرة على النص.ويحمل الكتاب الثاني عنوان: «الجوهر في التاريخ العماني المصور»، يجمع فيه بين التاريخ العماني القديم والمعاصر، وفق تسلسل تاريخي منذ بدء التاريخ وحتى الوقت الحاضر، في تقسيم جديد وترتيب واضح سهل وممتنع، كما هو أسلوب الكاتب المعتاد، راصداً فيه المشهد الفكري والأدبي والجوانب الحضارية، وكاشفا عن أسباب التهاون والضعف الذي أصاب الحضارة العمانية في بعض أزمنتها وعصورها.
الكتاب الثالث يحمل عنوان «الموجز في التاريخ العماني»، وهو خاص بالسياح الذين يفدون إلى السلطنة، حيث يقدم لهم أنموذجاً مختصراً ووافياً بلغةٍ معاصرةٍ وترتيباً مبتكراً وترابطاً موضوعياً، موثقاً نماذجه التاريخية المختارة بالصورة الضوئية، كدليل مصغر للزائر، حتى يخرج بصورة واضحة وإلمامة شاملة بالتاريخ العماني.
يوجه الكاتب كتابه الرابع لأطفال الصغيرة، مقدما لهم نماذج من عظماء التاريخ، بأسلوب بسيط وسلس، مع لوحات تشكيلية وتعبيرية. ويأمل أن يقدم في كتابه عظماء التاريخ سلسلة من الشخصيات التاريخية، التي أحدثت حراكاً ووضعت بصمة في التاريخ الإنساني.
المعروف عن الباحث أنه متعدد الاهتمامات، ويطرق بجراءة مختلف التخصصات البحثية، صدرت له سابقاً كتب في الفقه والتفسير والعقيدة والدواوين الشعرية، والتاريخ وغيرها، وتتميز مواضيع مؤلفاته بالمسحة التربوية، والمنهج المنتظم والمتسلسل، مع تقديم خلاصات مهمة وتلخيصات للأفكار التي يطرحها، بأسلوب عصري حديث، مشبعا كتبه بالصور البيانية والضوئية التي تخدم كل فكرة، حتى يكون القارئ على اطلاع بما يقرأ، ومن أهم هذه الكتب التي ظهرت بالصور الملونة كتابه الأخير «الجوهر في التاريخ العماني المصور».
حول هذه الإصدارات أجرى (عمان الثقافي) محاورة سريعة مع الكاتب سالم بن سعيد البوسعيدي، ليقدم صورة ملخصة لإصداراته الحديثة.

• حدثنا عن تجربتك في تأليف كتابك «الجامع في الأدب العماني»، والدافع لجمعك لمادته، والمراحل التي يرصدها بين فصوله؟
ما دفعني لإخراج هذا الكتاب أمور منها: الشكوى من شحة المصادر المكتوبة المعنية بعُمان والعُمانيين ونشاطهم الحضاري، وهذه الظاهرة العُمانية العتيقة لم تؤثر فقط على كتابة التاريخ العُماني بمعناه التقليدي فحسب، بل ألقت بظلالها الكثيفة على الأنشطة الأدبية والعلمية والفنية، فولّد تغييبا الإرث العماني الفكري والأدبي الحقيقي، فكم من شاعر وأديب ومفكّر، لا نكاد نعرف عنه إلا من مصادر غير عمانية. وفي الآونة الأخيرة خرجت دراسات متفرقة عن طريق الجهات الرسمية أو الأكاديميين أو مجلة نزوى، فاحتاج ذلك إلى جمع الشتات، لنقدم بشكل موجز مرتب منظّم وجبة خفيفة للناشئة وعامة الناس ومضات من أدب عمان.
هذا من جانب، ومن جانب آخر فقد ظهرت في المجتمع مقولات تتحدث عن جدة الحركة الثقافية في عمان، فاحتاج ذلك إلى توجيه النظر إلى المنجز الأدبي العماني عبر العصور، لنقدمه بشكل موجز مرتب منظّم للناشئة وعامة الناس، هذا إضافة إلى افتقار المكتبات المدرسية إلى كتاب منهجي يمثّل الشعر العماني.
وعليه فإن محاولة إعادة قراءة الأدب العماني بعين المبدع لا المؤرخ، وفق منهجية واعية سهلة مبسطة، أصبحت ضرورة ندعو إليها كل المثقفين العمانيين، وها نحن بهذه المحاولة نلقي حجراً في هذا النهر الراكد، فاخترنا من ذلك الكم الضخم من الأدب العماني في كل مجالاته الشعرية والنثرية ما يقدم لمحات ومعالم عامة لكل عصر.

• هل يمكن أن تقدم لنا صورة واضحة عن أهم المراحل الزمنية التي ازدهر فيها النتاج الأدبي العماني شعراً ونثراً ؟ والمراحل التي خفت فيها من وجهة نظرك ؟
من الصعوبة إطلاق أحكام عامة، ولكن في العموم نجد ازدهارا للأدب العماني في المهجر العباسي، وفي عصور الظلام، والعصر النبهاني، إضافة إلى عصر الدولة البوسعيدية، غير أننا لا نعدم نماذج رائعة في غير هذه العصور.

عشرة عصور تاريخية

• ما هي المنهجية التي سلكتها في تأليف وجمع مادة هذا الكتاب ؟
من أجل متابعة تطور الأدب العماني عبر تتبعه التاريخي، قسمنا مادة الكتاب إلى عشرة عصور تاريخية، وقدّمنا توطئة سياسية وثقافية لكل عصر، كما قدمنا ملامح للشعر العامة في كل عصر، ثم أعقبناه بنماذج شعرية، وكل نموذج شعري، بدأناه بالترجمة للشاعر، ثم نص مختار، وإضاءات عابرة على النص، وقدمنا ملامح النثر العامة في كل عصر، ثم أعقبناه بنماذج نثرية، كل نموذج نثري، بدأناه بالترجمة للناثر، ثم نص مختار، وإضاءات عابرة على النص.
ثم تتبعنا الملامح الأدبية العامة الشعرية والنثرية، وترجمنا لأهم الأدباء مع تقديم نماذج للدراسة، دون تقطيع القصيدة أو القصة أو المقالة؛ لأن التمزيق والتشريح، لا يبقى من روح الأدب غير جثة الجمال. وحتى لا نمزق القصيدة، فالإحصاء، والحساب، والتحليل، والفكر المنطقي يجب أن تتوارى مع الأدب.

• في العصر الحديث ظهرت أسماء أدبية تجمع بين الشعر والنثر بمختلف أشكاله ومدارسه، فهل جاء انتقاؤك لهذه النماذج من قبيل شهرتها فقط، وهل سلطت الضوء على نماذج مجهولة وغير معروفة، رأيت أنها تستحق أن تظهر في الساحة باعتبارها أسماء مبدعة ؟
لا أدَّعي أن هذه المحاولة شاملة في طرحها، فقد ذكرت أنها إضاءة للناشئة والعامة من غير المختصين، ولعلها الشرارة الأولى لخروج كتاب جامع عن الأدب العماني، وحسبنا أننا حاولنا قدر جهدنا أن نختارها من بين ركام ضخم من الأدب العماني. وبالفعل هناك الكثير الكثير من النماذج التي سيطلع عليها المختص لأول مرة.
يأتي كتابنا هذا في إطار مشروعنا الهادف إلى تقديم ثقافة عامة للناشئة ترتكز على دينه وقيمه وهويته الوطنية، وسميناه الجامع ليس فقد لأنه جمع إضاءات لكل مراحل الدب العماني في كتاب واحد، ولكنه أيضا جمع شتات كثير من المقالات المكتوبة عن الأدب العماني.

الجوهر في التاريخ

• ماذا عن كتابك «تاريخ عمان المصور»؟، هل كانت الصورة مصاحبة لكل مادة تاريخية كتبت عنها؟ وماذا تقصد بتاريخ عمان المصور ؟
كتاب الجوهر، يقع في أكثر من 650 صفحةً وخرج في طباعة فاخرة، تليق بالتاريخ العماني، فهو يجمع التاريخ العماني عبر تسلسل تاريخي منذ بدء التاريخ وحتى الوقت الحاضر، يقع في عشرة فصول، متبعا ترتيباً واضحاً سهلاً ممتعاً بلغة معاصرة، مع حضور الصورة المعبّرة، كما أنه يرصد المشهد الفكري والأدبي والعلمي والحضاري. معرّفا بالشخصيات والدول والحركات المؤثرة في تاريخ عمان.

• أربعة كتب هي أحدث إصداراتك التي يبلغ عددها مع هذه الإصدارات 27 عنواناً، وهي تتنوع في فنون ثقافية ومعرفية شتى، لم لا تتخصص في جانب واحد، بدلاً من أن تسهم في جوانب معرفية مختلفة؟
في الحقيقة كل هذه الكتب -عدا دواوين الشعر وكتب التراجم- مرتبطة بمشروع واحد، هو مشروعنا الهادف إلى تقديم ثقافة عامة للناشئة ترتكز على دينه وقيمه وهويته الوطنية، فقدمنا في سيل ذلك «نزهة المؤمنين في تفسير القرآن المبين» بأجزائه المتتابعة، ثم «الدليل في شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع» بجزأيه، وكتاب «الخلاصة في العقيدة الإسلامية»، وكتاب «الفقه الشامل الميسر»، وكتاب «الرائع في التاريخ العماني» بجزأيه، ثم هذا كتاب «الجامع في الأدب العماني»، وكل هذه الكتب متحدة في تقديم نفس المشروع ونفس الأسلوب التربوي، الهادف لتبسيط المعلومة وإعطائها القيمة التربوية والفكرية.

• ما هي المعارف التي تجد فيها ذاتك، وتستطيع أن تبدع فيها أكثر؟
أجد نفسي كثيراً مع القرآن والتاريخ.

البحث شغلني عن الشعر

• نحن نعرف أنك شاعر ولديك إصدارات شعرية مختلفة، فهل صحيح أن الانشغال بالبحث والتأليف يضعف الوهج الشعري لدى الشاعر؟
لا أستطيع أن أحسم الأمر، لكن بالنسبة لي الأمر صحيح بدرجةٍ كبيرةٍ، لقد شغلني البحث عن الشعر أو كاد. ولكنني أحاول أن أتشبث ببعض اللحظات، لأبقى مع الشعر، فأجدد روحي وأستمتع بمعنى الحياة، والحقيقة أني أحس بين الفينة والأخرى بحاجتي للشعر، لأتجدد وأتلذذ بمعان لا يشعر بها إلا الشعراء. وأشعر أنني ظلمت نفسي كثيراً بتركي انصرافي عن الشعر.
وأرجو أن أعود للشعر أو دعني أقول: أن يعود لي.

• كتبك تنفد سريعاً ويعاد طباعتها مراراً، وهي ظاهرة قليلة في حركة التأليف العماني، حيث نجد أن كثيراً من المؤلفات لا تجد قارئاً، ولا تنفد طبعاتها إلا بعد مرور سنين طويلة، برأيك ما هو السبب؟
هناك عوامل أخرى مثل الطباعة الجيدة، والدعاية المصاحبة، واللغة المعاصرة، والسعر المناسب، وحضور الصورة المعبّرة، وتبسيط المعلومة، وحضور القضايا المعاصرة، بمعنى أن تتحدث عن شيء يهم الناس.

• ماذا عن كتابك الموجز في التاريخ العماني، وإمكانية ترجمته إلى اللغة الإنجليزية؟
هذا الكتاب يأتي ضمن سلسلة مكتبة الأسرة المكونة من عشرة كتب تخاطب الأسرة، ولكنه ينزل مفرداً إلى المعرض هذا العام، وهو بالفعل يصلح للمواطن وللسائح، ليعلم تاريخ عمان، وقد وضعته بطلب من بعض السائحين في البلد، ليكون كتابا سهلا مبسطا لا يهمل أي مرحلة من مراحل التاريخ.

عظماء عمانيون للأطفال

• لديك تجربة قادمة في التأليف للأطفال، ستظهر بعنوان «عظماء عمانيون»، ماذا ستقدم في هذه السلسلة؟
لي تجربة سابقة مع الأطفال، ظهرت مع كتاب «قصص الإيمان»، ووجد الكتاب إقبالاً كبيراً، خاصة مع الاهتمام بالطباعة، والصور المصاحبة، والألوان، ونوعية القصة، والتوجيه الذي يصاحبها. أما هذا العام فلي تجربة مع سلسلة «عظماء عمانيون»، فنقدم بشكل لطيف سيرة أحد عظماء عمان في كل جزء، وقد اهتممنا بالتصميم والرسوم والإخراج، خاصة مع عناية مكتبة الأنفال بها.

• كيف تقيم حركة التأليف الحديثة في عمان؟
الحركة الثقافية تبشّر بكل خير، خاصة مع انفتاح الكتّاب الشباب على دور النشر العربية خارج السلطنة، ووجود مؤسسات داعمة كالنادي الثقافي والمنتدى الأدبي ووزارة التراث والثقافة ومجلس البحث العلمي، ورغم أنني شخصيا لم أتلق أي دعم من هذه الجهات، لكنني سعيد بما تنجزه، وسعيد بدعمها للكتاب العماني

جريدة عمان