المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القارئ العماني يبحث عن صدى حياته وحياة الكاتبة في الروايات النسائية العمانية


سالم الوشاحي
18-02-2015, 06:50 AM
http://store1.up-00.com/2015-02/1424227480391.jpg (http://www.up-00.com/)

جوخة الحارثي في ورقة «تلقي رواية المرأة في عمان» :-
العُمانية: قالت الكاتبة والروائية الدكتورة جوخة الحارثي إن الكتابة الروائية للمرأة تأخّرت في عُمان إلى عام 1999 حين صدرت رواية «الطواف حيث الجمر» لبدرية الشحّي. وأضافت الحارثية التي تعمل أستاذة للأدب في جامعة السلطان قابوس: إن الشخصيات الرئيسية في معظم الروايات التي صدرت للمرأة في عُمان، من النساء، وإن كل رواية فيها شخصية أو أكثر تجسد المرأةَ متمردةً، وتدور معظم الأحداث في فضاء المكان العُماني، مع امتداد طبيعي للمهجر، كزنجبار وبريطانيا ودول الخليج.جاء ذلك في ورقة بحثية قدمتها الكاتبة ضمن محاضرة نظمها النادي الثقافي بعنوان «حوار حول الأدب السردي النسوي» شاركت فيها الكاتبة الكويتية ليلى العثمان.
وتحدثت الكاتبة عن كيفية تلقي واستقبال الرواية التي تكتبها المرأة في عُمان، مركّزة على الصدى الذي أحدثته رواية المرأة في المراجعات النقدية، وفي حجم الإقبال القرائي، وفي المناقشات الالكترونية، وفي الأطروحات النقدية الأكاديمية.
وبدأت الدكتورة جوخة ورقتها التي حملت عنوان «تلقي رواية المرأة في عُمان»، بطرح التساؤلات التي فتحت لها مسارات البحث لاحقاً: كيف نفسر حجم المبيعات الهائلة والدعاية الإعلامية لأعمال روائية بعينها، في حين تلقى أعمال أخرى التجاهل والإهمال؟ وهل لموضوعات الرواية التأثير الأكبر على نوع التلقي، أم أن طبيعة المجتمع وآلية الرقابة في بعض الأحيان تحكم هذا التلقي؟ وأين الجودة الفنية والإقناع الفكري من هذه المعايير؟
وأوضحت الباحثة: إن «الطواف حيث الجمر» لبدرية الشحّية، وهي أول رواية بقلم نسائي في عُمان، تدور أحداثُها حول امرأة تفرّ من قريتها، ومن قدَرها الموسوم بالزواج بمن لا تهوى، فتهاجر إلى زنجبار في مغامرة صعبة على ظهر سفينة، وتحاول البحث هناك عن ابن عمها وبطل أحلامها، وتمر هذه الشخصية بتحولات كثيرة عبر رحلتها، ويبدو أن ما تجده في النهاية هو ذاتُها.
ولاحظت الكاتبة أن هذه الرواية جذبت اهتمام الكاتبات والناقدات خاصة، ولأنها أول رواية تكتبها امرأة عُمانية فقد جذبت اهتمام المرأة المثقفة . كما جذبت أقلام النقاد والناقدات. ورأت أن تلقي الرواية اختلف باختلاف النظرة لكيفية المعالجة السردية للموضوع، ففي حين تُلقِّيَت الرواية بوصفها رواية عنصرية تركّز على الأوصاف والألقاب الدونية للبشر، فقد تُلقِّيَت كذلك بوصفها تركز على موضوع الطبقية لإدانته وليس لتمجيده، أما البناء الروائي والشخصيات والعناصر
السردية فقد حظيت بعناية أقل لدى المتلقي المشغول بالموضوع نفسه، أو بأساساته الفكرية كما قالت إحدى الكاتبات.
وتتبعت الباحثة شكلَ التلقي لرواية أخرى هي رواية «حفلة الموت» للكاتبة فاطمة الشيدية، والتي يميل موضوعها إلى النزعة التحررية التي بدأتها الشحّي في «الطواف حيث الجمر»، لكن الفرق هو أن رواية الدكتورة فاطمة الشيدية حادة في تمردها وموجعة في هجائها، فالبطلة الشابة «أمل» تلاحقها سطوة الأساطير الاجتماعية التي تعدّها «مغيّبة» متلبّسة بشيطان يسكنها ويسيطر عليها، فلا يحق لها أن تحب أو تتزوج رجلاً. وركز النقد في قراءاته للرواية على «نجاح الكاتبة إلى حد
كبير في إقامة توليفة بين الأسطوري والواقعي، والاستفادة من أسلوب التداعي في التنقل بين الأحداث والمشاهد».
كما كان تلقي الرواية، بحسب الكاتبة مشغولاً بفكرة النموذج (نموذج المرأة) وكيفية تقديمه في الرواية، وهو أقل حدّة ومساءلة من التلقّي السابق، لكنه يركز أيضاً على الهجاء الاجتماعي، وله صلة أيضاً بالمجتمع. كما يَفترض هذا التلقي من روايةٍ كاتبتُها امرأة أن تقدم «نماذج» للمرأة في المجتمع العُماني، وفكرة النموذج هي فكرة النسق والمثال.
وتوقفت الدكتورة جوخة عند تجربة أزهار أحمد في روايتها «العصفور الأوّل»، التي طغى عليها هاجس الكتابة، فقد طرحت الكاتبة أسئلة من خلال شخصياتها القلقة التي تمرّ بالسفر والتشرد والمرض وتنتهي بالاضطراب النفسي.
وبينت الباحثة أن نظرة المتلقي لرواية «العصفور الأول» ظلت محصورة في نطاق مجموعة من الأسئلة، من قبيل: هل التجربة شرط ضروري للإبداع ؟ وهل ما يتمخض عن التجربة يشكل بالضرورة نصاً إبداعياً ؟ ولاحظت أن هذه التساؤلات كانت تدور في ذهن بطل الرواية نفسه، وعلى أساسها انطلق في رحلته إلى الهند من أجل خوض التجربة وصقل إبداعه.
ورأت أن بُعد الرواية عن المجتمع العُماني وانشغالها بالهواجس الفكرية، أضعف تلقيها جماهيرياً، فقد نُشر خبر عن الرواية في منتدى الحارة العُمانية منقولاً من صحيفة، لكنه لم يثر أي نقاش، ونُشرت قراءة قصيرة للعمل في منتديات ركزت على بعده الوجودي وأسئلته الفلسفية والاستعارات الجميلة فيه، لكن هذا الموضوع لم يثر نقاشاً أيضاً.
وذهبت الحارثية إلى أن تفسير هذا يمكن تلمّسه في تعبير إحدى قارئات الرواية: «للأسف، الرواية يمكن تغييرها بسهولة لتصبح رواية من بلد آخر، أعني أن الملامح العُمانية لشخصية الفرد والمكان لم تكن محفورة بذلك العمق، فالجامعة يمكنها أن تكون جامعة في أي دولة أخرى، والعاصمة كذلك يمكن أن تكون أي مدينة عربية أخرى.. تمنيت لو أشعر بحميمية وأهمية المكان العُماني، بعكس ما قدمته الكاتبة من صور للهند تجعلك تدرك يقيناً أنها الهند لا بلد سواها».
ولفتت جوخة الحارثي إلى أن هذا الرأي يدل على أن القارئ العُماني قارئ نهم للروايات العربية والأجنبية بلغاتها الأصلية أو مترجمةً، ولكن حين يتعلق الأمر برواية عُمانية كاتبتها امرأة، فإن هذا القارئ نفسه سيظل يبحث عن صدى حياته هو ومجتمعه في كتابتها، وسينتظر من الرواية أن تقدم النماذج، «سيمتدح جرأتَها حيناً، وسيشجبها حيناً آخر»، فكلما التصقت الرواية بالمجتمع أثارت ردود أفعال أكثر عند تلقيها بين مادح للشجاعة والجرأة وشاجب لطريقة التعاطي الفكري مع الموضوع.
وأوضحت الكاتبة في ورقتها التي قدمتها بالنادي الثقافي أن المتلقي يحاول أن يجد صدى للحياة الشخصية للكاتبة في روايتها، حتى أن عدداً من الروايات عُدَّت سيراً ذاتية من قِبَل المتلقين الذين لم يترددوا في توجيه أسئلة شخصية للكاتبات تضعهن على حد المساءلة.. كما وضعتهن من جهة أخرى في حدود الاحتفاء.

جريدة عمان