المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيت الغشام ترصد حوارات سيف الرحبي وتقدمها في كتاب


سالم الوشاحي
02-03-2015, 04:35 AM
يوجد في جناح بيت الغشام بمعرض مسقط الدولي للكتاب الإصدار الجديد الذي ضم حوارات الشاعر سيف الرحبي وقام بجمعها خلف العبري. ويجد القارئ في الكتاب جانبا آخر موازيا لإبداعات الشاعر حيث يستعرض عبر 29 حوارا نشرت في صحف ومجلات عربية مختلفة الكثير من الرؤى في قضايا شعرية وفنية ووجودية مختلفة.يقول الحربي «أُجريت هذه الحوارات في أكثر من مكان وزمان يمتد إلى التسعينات من القرن الماضي، ولا تتعدّاها، حصيلة ما استطاع الزميل خلف العبري مشكوراً، على اصطيادها من المواقع الالكترونيّة المختلفة، إذ لا يوجد إرشيف ورقي لها ولا لغيرها، فليس من عادتي أرشفة أي شيء.. أترك الأشياء والمواد والحيوات في مهّب الصُدف التي تأخذها مثل الحياة في مجراها الطبيعي هدوءً وعصْفاً… وعلى الأرجح ليست فقط عادةً وإنما كراهيةً للأرشفة والاحتفاظ أو التوثيق،على جاري قيم العابر الذي لا يقيم وزناً لبقاء الأثر وديمومته.. ذات ليل في إحدى المُدن أحرقتُ ألبومات كاملة من الصور تعود إلى أيام الصِبا ومطلع الشباب، رغبةً في الهروب والمحو؛ لكن الوجوه والأماكن، صارت بعد الحرق أكثر إلحاحاً في الذكرى والحضور» ويضيف الرحبي «هذه الحادثة علمتني أن لا مهرب إلا بالمواجهة على طريقة بعض المتصوفّة: حين تحيط بك ألسنة النيران من كل الجهات، يكون الحل أن ترمي نفسك في خضمّها وإلا ستلاحقك أنى ذهبت..
ليس في هذه الحوارات ما يمتد إلى الثمانينات الحافلة على ما أظن بأشياء كثيرة من الصخب والتنقل وحافلة بالاختلاف.. وهذه الحصيلة المنجزة تحمل هي الأخرى آراء ومواقف أملتها أحداث وكتب صدرت في حينها، وأملتها قراءآت ثقافية وفكريّة بالطبع، وهي في معظمها عدا حوارين أو ثلاثة جاءت بشكلها الشفوي العفوي إلى حد ما، المسجّل غالباً أو المكتوب كتابة فوريّة. من هنا ربما يتبدّى نوع من التباس أو تكرار في الرؤية والعبارة والموضوع الذي يتمحور حوله هواجس الكلام، وقد تمحور حول كتب وآراء بعينها في تلك الفترة ولم يتجاوزها إلى أخرى. أو أن “الموضوعات” المطروحة مثل الأمكنة وتحولاتها والغياب والطفولة والترّحل بمعناه الواقعي والرمزي يحتم مثل هذا التكرار في هكذا حوارات متفرقة لأكثر من مجلة وإسم وجريدة. ربما يشفع لهذا التكرار محاولة إضاءة “الثيمة» أو الموضوع المطروح من أكثر من جانب وزاوية.
أشرت إلى بعديْ الترحّل أو الرحيل والسفر، ودلالاته المختلفة الواقعي و”الرمزي” والبعد الأخير الذي يغمر حياة البشر الفانية من المهد إلى اللحد، هو الهاجس الأكبر والمستبّد، إذ أن البعد الواقعي للسفر أو الرحيل لا قيمة له إلا كذريعة، ويظلّ برّانيا وسطحياً من غير تلك العاصفة الداخليّة للشعور المحتدم بهباء الكائن ورحيله الدائم..
هناك الكثير من الأسماء التي قامت بصنع هذه الحوارات من الأصدقاء كتاباً وشعراء وإعادة نشرها، إحياءً واحتفاءً بتلك اللحظات والأماكن التي جمعتنا ذات يوم من غير رجعة، وهي تختلف في هذا المنحى (الحوارات) عن الكتاب الذي يشكّل حواراً طويلاً من قبل شخص واحد وزمن محدّد، إذ يأخذ نوعاً من التسلسل المنطقي واللُحمة الخارجيّة في تماسك ووضوح أكبر… جاءت الحوارات على هذا النحو من التقطع والتشظي والعبور. ولم يكن يخطر في بالي على الإطلاق جمعها في كتاب لولا اقتراح دار الغشّام، الصاعدة والتأسيسيّة على المستوى العماني، إذ جاء الاقتراح عبر مديرها العام الكاتب محمد سيف الرحبي.
أتمنى لهذه المادة المجموعة في كتاب أن تؤشر إلى مرحلة ومسار شخصي بقدر ما هو موضوعي عام.. هناك آراء ومواقف تظلّ صدى لزمنها، وإن تغيرّتْ بعض القناعات تجاهها أو شارفت على النضج، تظل لصيقة بمعطيات زمنها ومرحلتها. التغيّر من السمات العضويّة للحياة والفكر حيث يمكن استعادة الأفعى (النتشويّة) تلك التي حين لا تستطيع تغيير جلدها فتموت».
الكتاب مهم لمتتبعي مشوار الرحبي لأنه يرصد أفكاره حول المشهد الثقافي العربي والعماني ورؤيته للكثير من الأشياء.

جريدة عمان