المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة حلم


حمد السيابي
03-04-2010, 09:52 PM
رأيت فيما ير النائم هذه القصة :
(( قصة حلم ))
كان هناك فتاتان في عمر الجمال والزهور .. غزت الأقدار بلدتهما الصغيرة .. فخرجت الفتاتان هائمتان في أراضي الله الواسعة .. لا يعرفان إلى أين يسيران وليس لهما هدفا إلا الحصول على مكان آمن تتوفر فيه أدنى أسباب العيش الكريم .. كانتا متفاوتتين في الجمال والذكاء .. كانت صفية أكثر ذكاء .. لذا كانت حكيمة في كل خطواتها .. أما مياء فكانت أكثر جمالا ونضارة .. تعاهدتا على المحبة والإخلاص منذ أيام الطفولة وشاءت الأقدار أن يكونا معا في محنتهما المفاجئة ..
الطريق موحش ومليء بالهوام والوحوش ولكن صفية ومياء لم يكونا خائفتين سوى من وحوش البشر ..
تعبت أقدامهما من السير الطويل عبر الجبال والأشجار الكثيفة .. وما أن حل الليل بهدوئه وظلامه الحالك حتى استقر رأيهما على اللجوء إلى مكان مرتفع وشبه آمن ..
لجأت الصديقتان إلى تلة مشرفة على غابة مليئة بأشجار الصنوبر و(والعلعلان ) .. ومن شدة التعب نامتا ليلتهما بدون تناول ما كان يحملان من طعام بسيط ..
وفي الصباح استيقظت الصديقتان بعد أن لسعتهما حرارة الشمس .. واقتسمتا لقمة من الطعام وواصلتا سيرهما ..
النهار مؤنس ولكنه مليء بالمفاجاءات .. فبينما كانت الصديقتان يحثان السير ويتبادلان أطراف الحديث حول ما ينتظرهما من مستقبل.. ويستذكران ما حل ببلدهما الجميلة الوادعة .. حدث مالم يكن في الحسبان
مجموعة من شياطين الإنس يكمنون على جانب من طريق سيرهما ..
وفجأة انقض أولئك الشياطين على الفتاتين وأوثقوهما بحبل وأخذوا يجروهما بكل قسوة .. أخذت الصديقتان تصرخان وتتوسلان من أجل الحرية .. لكن الجبروت والطغيان يأبى التنازل عن حقارته .. كان الألم شديدا والخوف من مستقبل مظلم يملأ تفكيرهما ..
توقف الخاطفون لحظة استراحة .. والتفتوا إلى الفتاتين وأخذوا يقهقهون ويسخرون من منظرهما وقد أخذ التعب منهما نضارة الوجه وقوة التحمل رفعت صفية رأسها ونظرت نظرة قوية نحو زعيم المختطفين وقذفت باتجاهه قطعة من ماء فمها ممزوجة بالدم وما علق فيها من تراب ولطخت وجهه البغيض .. اخذ أصحابه ينظرون إليه ويضحكون فازداد غيضا .. أخذ قطعة خشب غليظة واقترب من صفية وهي تنظر إليه وكأنها قد شفت غليلها فضربها بتلك الخشبة على عينها اليسرى فاندلعت فوق خدها فأخذت تصرخ بصوت مخيف ارتعدت له فرائص تلك العصابة وأخذ الخوف يتسلل إلى أعماق نفوسهم الجبانة .. فلما رأت مياء ما حل بصديقتها وبالوقع المزلزل الذي أحدثته صرخات تألمها ، أخذت تشاطر صديقتها الصراخ المدوي في وجه أولئك الحثالة وكأنها نوبات جنون مما زادهم خوفا ورعبا ، فولوا هاربين ..
مرت الساعات مليئة بالمعاناة على مياء وهي ترى صديقتها وقد أغمي عليها من شدة الألم .. وبينما كانت مياء تضع قطرات من الماء في فم صديقتها فتحت صفية عينها السليمة ونظرة دامعة إلى صديقتها وكأنها تقول لها : أنا بخير يا صديقتي رغم الألم .. ربطت مياء عين صفية بخرقة وانطلقتا في رحلة جديدة بحثا عن حلم لحياة سعيدة ..
وصلت الصديقتان إلى منطقة رائعة الجمال .. تلة مرتفعة مليئة بالأشجار وتنبع فيها عيون الماء من كل مكان .. تركت مياء صديقتها عند متاعهما وأخذت إناء الماء كي تملأه .. جالت بعينيها الجميلتين حول المكان وفي كل الاتجاهات ، ثم عادت إلى صديقتها محملة ببعض الثمار .. كانت صفية تتألم ولكنها تخفي شدة الألم عن صديقتها وهي تناولها ما تبقى من طعام وما اقتطفته من ثمار .. وبينما هما في حالتهما تلك ، سمعا صوت قافلة تقترب من مكانهما .. حاولتا الاختباء ولكن منظر القافلة كان مهيبا فهي تحوي الكثير من الرجال والنساء والأطفال والحيوانات .. اقتربت القافلة أكثر .. تشجعت مياء واقتربت من طريق القافلة ولسان حالها يقول : لعلي أجد دواء لعين صديقتي يخفف عنها ألم السهر والمعاناة ..
توقفت القافلة واقترب أحد أفرادها من مياء وحياها ثم سألها عن سبب وجودها وحيدة في هذا المكان الخالي .. ردت مياء باكية وأخبرته بما حل بقريتها وبما لاقته هي وصديقتها من معاناة .. سألها الغريب عن مكان صديقتها .. فأخبرته بحالها .. فقال الغريب : أبشري خيرا يا أختاه ففي قافلتنا هذه طبيبا ماهرا .. أناخت القافلة رحالها ، وانتشر أصحابها في كل مكان ، فهنا تشاهد الأطفال وهم يركضون ويمرحون وهناك نسوة يملأن أواني المياه وبعض الرجال يطعمون الدواب والحيوانات ..
أخذ الطبيب عدته واتجه لعلاج عين صفية وما أن رأى حال عينها هز رأسه أسفا وابتعد قليلا طالبا من مياء اللحاق به .. كان كلامه مؤلما وهو يخبرها بأن لا علاج لعين صديقتها إلا الإزالة ومن ثم علاج ما تخلفه من جراح .. بكت مياء وهي تسمع رجاء الطبيب بأن تسمح له بمواصلة عمله استأصل الطبيب الماهر ما تبقى من عين صفية .. أصاب أفراد القافلة صغيرهم وكبيرهم حزنا شديدا وهم يتناوبون على حمل عين صفية في كفوفهم لدفنها .. اختارت مياء مكانا يليق بمكانة صديقتها في قلبها وطلبت من الذين حملوها أن ينزلوها بكل إجلال ..
أخذ الطبيب يداوي جرح صفية أسبوعا حتى شفيت .. وفي ذلك الأسبوع تعرف أفراد القافلة على المكان وأعجبوا به فقرروا البقاء فيه وبناء بيوتهم على تلك الأرض الخصبة الجميلة ..
تزوجت صفية الطبيب الشاب وهي تعيش معه حياة سعيدة ، تعلمت منه الكثير من المهارات الطبية فهي تساعده في علاج النساء .. أما مياء فقد أسرت بجمالها ابن زعيم تلك القافلة وكان شابا وسيما ، بنا لها بيتا جميلا على ضفاف رافد مائي عذب تحيط به الظلال من كل جانب ..
أطلق زعيم القافلة اسما على قريته الجديدة بعد أن استشار زوجة ابنه صاحبة الفضل في نزول القافلة إلى ذلك المكان إنها قرية ( عين صفية ) .

سالم الوشاحي
03-04-2010, 10:11 PM
أحسنت ياحمد قصه جميله

أستمتعت بها شكرا وربي

يعطيك العافيه

((ابوسامي))

أحمد خميس المجرفي
04-04-2010, 12:51 PM
يا سلام على قصصك الرائعة والجميلة أخ حمد....
ربي يعطيك العافية والتوفيق....