المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مستنقعات الخيانة للنقاش الجاد المثمر


جاسم القرطوبي
08-04-2010, 02:42 PM
مستنقعات الخيانة

أُخِذ عليَّ في أطروحاتي السابقة مأخذين : طولها ، وعدم ختمها بأسئلة تتفرع النقاشات بعدها منها . ولربتما أتلقى من البعض همزٌ ولمزٌ هما أشد من قذائف الهاون علي ، ولعمري أن ما أكتبه في هذه الأطروحات التي لا ترقى لمصطلح المقالة والمقال ما هي إلا عصارة فكر عميق واستصحابا لقاعدة ٍ أصولية ٍ تقولُ : إعمالُ الفكر أولى من إهماله . وها أنا أطرح مختصرا قضية ً لا أشك أنها تلامس داخلنا من الأعماق ولولا القيود والضوابط لأمطرت آفاقنا عوضا عن دموع الخفاء أمطار الغضب بأبشع سحبها وأوديتها ، أطرحها متخيلا أنني آخذ فرصتي في التعبير عن هذا الموضوع من زاوية أتمنى أن تكون قائمة ً وسأترك بعده الحبل على الغارب لكل مَكْلـُوم ٍ يريد التعبيرَ بشفافيةٍ ولننفي قاعدة ويل للشجي من الخلي فلسان الحال يقول : لا تخفي ما فعلت بك الأشواقُ = واشرح هواك فكلنا عشاقُ ، فلعل يعينك من شكوت له الهوى = في حمله فالعاشقين رفاقُ، وحتى لا أطيل سأحاول أختصر الشمس في إناء ، وقبل أن أتكلم عن الخيانة ومستنقعاتها أقول :- ما الحب إلا سهمٌ خارج من القلب وما خرج من القلب أصاب القلب بدون استئذان وإلا ليس حريا أن يُسمّى حبّا ، وإذا ما كان هذا الحُبَّ في الله وإن كان بهدف زواج ٍ سيستمرُ ويدومُ مدى الأزمان وإلا فليس بالحريِّ أن يسمى حبا فلا تبك ِ عينٌ باكية ٌ على فقدِ مفقود ، ولا تسعدْ أخرى بلقياء مطلوب وعسى أن تكرهوا شيئا .. وعسى أن تحبوا شيئا ... ، فضلا أكملوا الفراغ وردوده حتى يرسخ في بالكم .

لا شكَ ولا ريبَ أننا إذا أردنا القراءة أوالبحث في موضوع ما نلاحظ بادئ ذي بدء تعريفا لغويا له وآخر اصطلاحيا ، وربما سنصطدم - سلمكم الله – باسم ٍ واحدٍ له أكثر من مسمى وتعريف ٍ . وإذا ما أردنا أن نأخذ الخيانة في الميزان سنجد أنها خلاف جميع الأسماء فهي الوحيدة التي لها تعريف واحد ومسمى واحد وأكثر من اسم قولا واحدا . وسنجد أن الخيانة تنقسم قسمين : خيانة زوجية كثر الحديث عنها وسنتكلم عنها في مقال ٍ آخر ، وخيانة قبل الزوجية وهي أفضع بكثير ٍ لا تقل عن أيِّ أكبر فاجعة ٍ ضراوة ًإذ أنها لو حدثت فلن يطيق البلبل العيش في القفص بعدُ إلا ما يكون ذهبيا ً، يُبنى عش الزوجية إلا ما شذ عن القاعدة وندر والأصل الثابت بالاستقراء صدقُه يقول : النادر لا حكم له . وهذه الأخيرة ستكون رذاذ حديثنا ونقاشنا .

الخيانة ُ بوجه ٍ عام ٍ ضد الأمانة والأمانة إن ذكرت لها عهد وميثاق ووثاق ، الطرفان فيها تعاهدا إخلاصا إما حياة تسر الصديق أو موت زؤام يغيظ العذال ؛ ومن يريد معرفة هل ما ادعيته بأن كلمة الخيانة وحدها لها تعريف واحد ومسمى واحد لاسم واحد ؟ فسأبرهن على صدق قولي بقولي : سلوا أي فتاة ٍ سألت حبيبها الذي هجرها بعد محبة غير عابرة وليست قصيرة ؛ لماذا خنتني وتركتني ؟ واسمعوا إجابته ليس خيانة وإنما لأجلك تركتك حفاظا عليك ومصلحتك!! إذن وباختصار ما في نظرها خيانة بنظره تضحية . وبالمقابل سلوا ذلك الشاعري الذي يقضي حياته أمام المرآة كالمرأة مع العذر لرجولته ، وفي منامه ويقتضه يرد لسان حاله :

أحبائي أنتم أحسن الدهر أم أسى = فكونوا كما شئتم أنا ذلك الخلُّ
عسى عطفة منكم علي بنظرة = فقد تعبت بيني وبينكم الرسلُّ
أخذتم فؤادي وهو بعضي فما الذي = يضركمو إن كان عندكمو الكلُّ

سلوهُ إذا سلتـَهُ مَنْ هواها وتنفس هواها مرة وقال لها : يا قرة العين لماذا هذا البين ؟ ومهما تعددت إجابتها فلن تكون الإجابة في اعتقادها الجازم تحت طائلة الخيانة وإنما فوق دائرة حفظ ماء الوجه : يا حبيبي حياتي روحي آه ٍ لو تعلم كم أنا أحبك ولكن حفظا لكرامتك لكي لا تداس ، وحفظا لحبنا الطاهر سأهجرك ، واسمعوا تعليلاتها وبالعامي الفصيح : ( يا آخي نحن تسرعنا ، ما تحكمنا بمشاعرنا من الأولى، وإحنا صورة تحدها براويز مختلفة كثيرة القبيلة والنسب والجاه والمال والجمال والحسب ، يعني بكل بساطة نفترق ) ومن النكت أن شابا توفر لديه ما حباها وأهلها الله فكان ردهم عليه بالفصيح العامي: إن المسافة بين بيتنا وبيتكم أكثر من مسافة قـَصُر !!!!

إننا إنْ تتعبنا القصص فسنجد الأمر باك مضحك يجمع النقيضين والمتضادين وكلنا نعرف ماهيتهما . وفي اعتقادي أن معرفة الأسباب الرئيسية للخيانة وأمراضها لهي ما تقينا من مصارعها وسأذكر بعضها وأنتظر مشاركة الجميع لأوارها لنجني من الجمر أعذب الثمر : -
1 - التفريق بين الحب وسواه . فقد تجر الصدفة اثنين للكلام أو اللقاء أو على الأقل الشعور براحة جمة أثناء تحاورهما فلا يعني هذا أن الحب قد نزل ولربما يكون أحدهما منبهرا بالآخر فيظنه الحب وفي حالة نشوة وانجذاب إليه فيصارح طرفـَه الثاني بانبهاره وهو يعتقده الحب ، فإذا ما خفت هذا الضوء أطلقنا على هجر أحدهما للآخر مزاج ، وخير تعريف لهذا إن تبادل الأرقام والصور ألخ يكون بنفس اللحظة . وقد ما يكون أحدهما صادقا لكن الثاني يكذبه بفعله وليس لجراح الألسنة التئام . وسأضرب مثالا على ما نعتقده شيئا وهو شئ آخر اثنان معا منذ فترة صديقان يفترقان ويلتقيان كشقي الباب وفجأة ولسببٍ تافهٍ تنشأ العداوة والبغضاء بينهما ويبدأن بالسباب وبتعداد ما حصرته ذاكرتُهما سابقا من مواقفَ فبالله أهذا أساسه صداقة ام شفا جرف ٍ هار .

2- من النقطة الأولى تنشأ تلقائيا معنا نقطة ثانية أساسية وهي الأساس فما أساسه على الموج فالغوص نهايته بعبارة ٍ أخرى وإن وئد هذا الحب الفاشل من أول يوم ٍ فإنَّ ترسابته وأحزانه ستبقى وهذه النقطة هي التي أدت إلى انتحار الكثيرات من البنات . وسنرد على حقيقة أعتبرها شبهة يقال أن الانتحار في هذه الحالة سببه عدم الإيمان وقلته وأنا أوافقُ من يقول هذا في ماهية الشئ لا حقيقته فالحقيقة ُ هي ما ترسب من خيبة أمل ٍ هي التي تجعل الدنيا بعين الفتاة أو الشاب ضيقة بما رحبت فيفكروا بالانتحار والعياذ باللهِ ، فها هو وها هي عند إبرام عهد حبهما يسمعان الحلف باسم الله ، ويضحي كل منهما للآخر بمال ٍ ، ويبذل الثاني من الرصيد ما إن جمّعه وباعه سيفتح محل َ هواتف خمسة نجوم ، ويدوس الطرفُ الأولُ إجلالا للطرف الثاني على مبادئه وجواهره الثمينة ليشبع رغباته ونزواته ؛ والنتيجة ماذا ؟ بِاسْم الحب قتل الحب . وهنا أطلب أيضا ممن يرغبون في النقاش أن يناقشوا هذه النقطة نقاشا غير تقليديٍّ فلا يقولوا مثلا : قلة عقل ، أو الشيطان أو ما شابه هذه العبارات فإنها مناديل قذرة لا تصلح لإزالة قذارة ِ الحيوان – أعزكم الله – فضلا من ما يستقبح ذكرُهُ هنا خاصة ً وكلنا مؤمنين أنَّ حبك للشئ يصمّ أذنك عن سماع إلا ما تحب سماعه ويعمي بصرك عن رؤية ما تريده أنت كأنك شخص – أجاركم الله – أدمن حبوب الهلوسة .

3 - ما أتى سريعا يذهب سريعا وهي الأمور التقليدية. وأستغرب من الذين تنطوي عليهم حيلة بالخطأ اتصلت وبالخطأ أرسلت وإلى غير ذلك ، أو من يقعون أو يقعن في شِراك المعجبين .

3 - التشبب بذكر مفاتن المرأة وتدليعها أكثر من حده ومقداره ، وهذا ما يسمى بعشق الصور وقد أسهبتُ الحديث فيه في أطروحات سابقة . ولذلك تابت أشهر راقصة بمصر عندما سمعت بيبت شوقي :
خدعوها بقولهم حسناء = والغواني يغرهن الثناء


4 - الجوارح الجارحة ولن أقول : إن العيون التي في طرفها حور = قتلنا ثم لم يحيين قتلانا بل أقصد نظرة فابتسامة فموعد فلقاء .. نظرة العمى خير منها ، وابتسامة التكشيرة خير منها ، وموعد الوعيد خير منه ولفاء الفراق بالموت أبرك منه ... كم كنت أرغب في الاسترسال ولكن ..

وعليه أعتقد أنه وجب علينا أن نحذر منها ، ونقول للملدوغين منها : (هردلك ) ولا يلدغ المؤمن من جرح مرتين .

(وقبل الختام وقبل تشوقي في انتظار مداخلتكم في كل ذلك كله أوجه نداء : -

لكــ َ : ميزك الله على سائر مخلوقاته بعقل ٍ فاجعله وسيلة لإصلاح وإعمار لا إغمار .

لكــ ِ : أتدرين أنكـ جوهرة ٌ فكوني مصونة فإن الجوهرة التي لا تحفظ في حرز ٍ لا يقلها قيمة فإنها لا تكون مرغوبة إلا للغربان فإن الغرابَ كما قال المثل العماني : ( يصقل بعينه البو يلمع علوه ) ، وهل سيأوي الصقر كاسرا جناحيه لما قال فيه المثل الخليجي ( لو فيه خير ما عافه الطير )

للأب : إذا كانت عندك قلبٌ شاب فدلع زوجتك وابنتك وابنك واحذر كمال الحذر إذا أويت بيتك يتغير وجهك لزاوية حرجة فتبحث زوجتك وابنك وابنتك عن ما غرب من إشراقة وجهك لرعيتك .

الأم : لا شك وإن كان عنيفا زوجك فإنَّ لديك السلاح الذي تستطيعن إجبار زوجك إذا تقدم من ترضون دينه وخلقه وتضمون راحتها النفسية معه أن يوافق ولك الأجر إن شاء الله . والله سيأخذ بأيدي العرسين إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله .

أنتَ أنت ِ أنتم أنتن : كلكم مسلمون جربتم الشرق والغرب فجربوا الله مرة ولن تندموا ..

أنا : وأطلب منكم إجابتي أيضا فيما أجهلُ تفسيره فيما رأيته من قصص ٍ واقعية ٍ كقصة ٍ بنت أحبت شخصا ً وهذا الشخص توفى منذ فترة ٍ بعيدة ،ٍ وقد يكون لم يقم بخطبتها بعد ولم تعرف خيرَه من شرِّه ولكنها تظل تحمل حزنه وفرحه مدة طويلة ً جدا جدا جدا ، وكقصة ِ شابٍّ تعرف على فتاة ٍ في منتدى ً ما وكانت هذه الفتاة ُ تحب شخصا افترقا لخصام ٍ فلما حنت إليه ورجعت له أعطت أخاها الصغير أو شخصا آخر هاتفها وقالت له أرسل رسالة إلى هذا الرقم : أرجو منكم الدعاء بالمغفرة لصاحبة هذا الرقم فقد توفاها الله فيهرع فيتصل ، فيجيبه شخصٌ آخرٌ ، فيسأله الشابُ : من أنت . الآخر : الشرطةُ ، لقد توفت هذه واتصلنا بآخر رقم ٍ وجدناه لديها أتعرفها ، يتلعثم الشابُ نعم نعم سأعاود الاتصال بعد قليل ٍ، ولاحظوا ماذا كان مضمون الرسالة ، وماذا كان رد المجيب على اتصاله . لم يعبأ كالمجنون يجري اتصالاته حتى يعثر على رقم والدها فيخبره بحبه ويخبره أنها متوفاة ..... والبقية أتركها حتى لا نطيل أيضا على مريدي النقاش ...

خلاصة : يفترض كما تلقيتُ توجيهاتٍ ممن طلب مني أن أختصر وأضع أسئلة أني في نهاية الحديث يجب أن أضع أسئلة ً لكي يعرف القارئ ما المطلوبُ مني ، ولكني سأقول فيما كتبتُ أسئلة ًٌ دندنتُ حولها وأطلب ممن ألقى السمع وهو شهيد أن يثير زوبعة هنا يعقبها هدوءٌ يريح بالَ من يهمه الأمر ، ولنجعل النت مكانَ استفادة واستزادة ٍ لا مرح وهروب من الواقعٍ .

علي الريامي
18-04-2010, 11:04 AM
النظرة الثاقبه كما ينبغي لها يا جاسم ..
هنالك القليل ممن يطرحون القضايا ولكنهم لا يتقيدون بالتسلسل الفكري الذي يود الكاتب الاشاره إليه دون خدوش لفكرته ، والجميل ما يلفت الانتباه وما يؤيد بعد نظرتك هي أنك وضعت الأسباب بأبعاد مختلفه ثم إتضحت همة التفكير عندما تركت للقارئ حلولا ً وهذا ما يجب أن يحمله أي طرح .
الخيانه وحدت مفهومها لديك بالعلاقة العاطفيه لدى الجنسين وهذا ما أوافقك عليه وطرحت النوعان ، قبل / وبعد الحياة الزوجيه بإستدلالك الذي زاد ربط المطروح صلابة ، ولو تشعبنا بعد أخذ التعريف العام للخيانه وهو عكس الأمانه لوجدنا أن هنالك خيانات كثيره تجعل من مروحة الفكر تدور لتنتج لنا حلولا ً أخرى بعد وضع أسبابها كخيانة المسؤول في العمل وخيانة الدين وخيانة الأصدقاء ولكن ربما في الكثير من الاحايين جميعها تؤدي إلى المعنى الذي أجزمت على توحده لها ولكن يأتي بصور مختلفه .
وأرى أن كل هذه الصور المختلفه التي توسطت كل قضية بحاجه إلى قلمك ..


تحيتي