المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نهاية قرار


حمد السيابي
10-04-2010, 08:39 AM
نهاية قرار
ذات يوم تلقى رسالتها القصيرة عبر هاتفه تطلب منه أن يتواجد في المكان والزمان المتعرف عليهما منذ أن تعرفت عليه وتعرف عليها عبر اتصال خاطئ منها .. معرفة لها من العمر شهور ، وعلاقة تتأزم حينا وتنفرج أحيانا أخرى ..
كانت عنيدة لكنها تشتهيه ، وكان يتألم من تصرفاتها ولكنه يملك من الصبر الكثير
فكر كثيرا في قطع علاقته بها ، لكن كان يتذكر يدها السخية وهداياها الغالية الثمن
يتذكر لهفتها له عندما يلقاها ، اشتياقها الشديد له .. كان دائما وبعد كل لقاء يقول لنفسه :
ـ إلى حد هنا ، وكفى .. لقد تعبت .. ضميري يؤنبني .. لا أستطيع الاستمرار على هذا المنوال ..
ولكن جواب نفسه كان حاضرا أيضا :
ـ ماذا بك ؟ ما الذي اعتراك ؟ أي ضمير هذا الذي يؤنبك ؟ أين كان ضميرك هذا عندما لا تجد ريالا في جيبك آخر الشهر ؟ أين كان ضميرك عندما تشعر بالضيق فلا تجد أحدا على هذه الأرض إلا هذه التي تريد إنكار معروفها .. ؟
عاد إلى أسئلته المحيرة مرة أخرى :
ـ لكني تعبت .. نعم تعبت .. أقطع هذه المسافات لأطفئ شهوة امرأة لا أعرف منها إلا اسمها الأول .. كما إني أعاني من أزمة أعذار أقدمها لزوجتي .. زوجتي المسكينة التي لا تعرف عن جنوني هذا شيئا ..
قال هذا وسكت ، فجاءه الصوت مدويا هذه المرة :
ـ نعم ..؟ ماذا تقول ؟ تعبت .. ؟ أي تعب هذا الذي تعنيه ؟ تبات في أرقى الغرف الفندقية .. وفي حضن امرأة الآلاف غيرك يتمنون كلمة من شفتيها .. ثم تعال هنا : أنت ماذا قصرت في زوجتك التي وصفتها بالمسكينة ؟ أليست هي من أوصلتك إلى هذا الأمر ؟
أغلق ملفا كان على طاولة مكتبه .. نظر في الساعة .. إنها تقترب من نهاية الدوام مسح الرسالة من هاتفه ورماه في جيبه الأيمن ..
أدخل الملف الوحيد المتواجد فوق طاولة مكتبه في أحد الأدراج ، وقفله ثم شد الدرج ليتأكد من إحكام قفله ..
خرج مع الآخرين مسرعا من مقر عمله على عكس حضوره الصباحي فقد كان متثاقلا وكثير التثاؤب ..
في البيت جلس يقلب في رصيد أعذاره باحثا عن عذر يقدمه لزوجته .. قلب صفحات فكره باحثا عن عذر مناسب .. انشغل كثيرا .. شاهدت زوجته شروده وتفكيره العميق .. سألته :
ـ ماذا بك ؟ أراك مهموما ؟
هنا انفتحت أمامه أبواب عشرات الأعذار .. انتقى منها الأكثر تأثيرا :
ـ أحد الأصدقاء على فراش المرض بمستشفى العاصمة .. والواجب يحتم علي زيارته ..
ـ وما المانع ؟
ـ تعبت من هذه الشوارع ، كل إجازة أريد قضاءها معكم يحدث أمر ما ، يجبرني على ترككم ..
ـ أنت معنا دائما.. وعلاقاتك الطيبة مع الناس تتطلب منك الصبر في التواصل معهم
ـ أشكرك عزيزتي .. ولكن ......
ـ لا تعطي نفسك مبررا .. لتنقص من حق الآخرين .. ثم إنني أريدك أن تشتري لي من العصمة هدية لأختي فهي ستتزوج الأسبوع القادم ..
تنفس الصعداء كمن أزاح عن كاهله حملا ثقيلا ..
أعدت له زوجته حقيبته كالعادة وودعته بألطف العبارات .. وقبل أن يغادر بوابة منزله ألقى نظرة كمن يودع عزيزا إلى غير رجعة ..
قاد سيارته ومسح دمعة سقطت فجأة وعاهد نفسه بأن هذا الموعد هو الأخير ..
فلن يترك زوجته وبيته وأطفاله كل نهاية أسبوع ليذهب يطفئ شهوة امرأة سقطت في طريقه ذات يوم .. وقبل أن يصل إلى مكانها تذكر الهدية التي طلبتها زوجته لأختها .. عرج بسيارته إلى محل الهدايا ، وانتقى هدية ستعجب من طلبه ومن تهدى إليه ..
لم يكن دافئ المشاعر كعادته .. هكذا وجدته من كانت في انتظاره .. حاولت تعرف منه سبب بروده وشروده الدائم .. رغم ما هيأته له من أجواء حميمية ..
كان يضغط على نفسه كي يبوح لها بقراره لكن لسانه تيبس في مكانه ..
شعرت هي بأن هذا الجالس أمامها في غرفة اللقاء ليس كما عرفته من قبل ..
سألت نفسها : هل حان وقت التغيير ؟ ولكن ماذا فعلت أنا حتى ألقى هذا التغير البغيض ؟ أم أنه قد شبع عطايا وهدايا .. ؟( فالحمار عندما يشبع يرفس ) ..
لاحظ هو تفكيرها ونظرتها إليه وهي تبلع كوب الماء بشكل ملفت ..
صرخت في وجهه :
ـ تحدث ماذا بك ؟ هل تعاني من مرض لا سمح الله ؟ ما الذي أخرصك فجأة ؟ هل عندك مشكلة ؟ أنا في خدمتك وتحت أمرك .....
نظر إليها ولم يستطع الكلام ...
صرخت بشدة وهي تنظر إليه بغضب عارم :
ـ من تظن نفسك ؟ أنت لا تعرفني جيدا .. أنت لا تساوي قيمة أجرة هذه الغرفة ..
دارت به الدنيا .. وتمنى أن تبلعه الأرض قبل أن يسمع ما سمع .. دخله الغضب فجأة .. نهض واقفا .. تقدم نحوها .. رمقها بنظرة حارة وهو يشير بإصبعه السبابة إلى عينيها :
ـ لا ترفعي صوتك مرة أخرى .. أسمعتي ؟ أنت عندي لا تساوين شيئا ..
تراجع قليلا إلى الوراء :
ـ لكن أنا المخطئ .. تركت بيتا وزوجة لا تقدر بثمن كي أسمع منك كلاما يدل على أصلك وأخلاقك ..
نكست رأسها وهي تحاول تهدئة غضبه :
ـ أنا آسفة .. لقد أقلقني صمتك .. لقد تغيرت كثيرا .. أنت لست بالذي عرفته من قبل أين مرحك ؟ أين مزاحك ؟ أين تعليقاتك الساخرة ؟ أين نشاطك ولهفتك للقائي ؟
لكن لا بأس ، دعنا ننهي هذا اللقاء بأحسن حال .. عد إلى بيتك وزوجتك التي لم تذكرها من قبل أمامي بهذا الحب .. أحسدك على سعادتك مع زوجتك وأسرتك ..
وأنا أعتذر مرة أخرى ، وتأكد أنني لن أنساك ، وإذا أردتني في أي وقت لا تتردد ..
وهذه الفاتورة بها مجموعة أشياء ( ملابس وعطور وهدايا ) لك ولزوجتك ولأطفالك ، خذها إلى المتجر الذي سبق أن تعاملت معه واطلبها من هناك ، أنها مدفوعة الثمن مسبقا ، وهي عربون ذكرى بيني وبينك ..
تركها ودخل( الحمام) .. قلبت هاتفه سريعا .. ثم دست كعادتها ( ظرفا ) في جيب دشداشته المعلقة على مشجب أمامها ..
ودعها بقبلة باردة بعد أن تناول الفاتورة من يدها ..
أخذ هاتفه من فوق الطاولة الصغيرة وخرج ..
عاد إلى بيته في لهفة المشتاق ونشوة المنتصر .. محملا بهدايا آخر لقاء ..
رائحة عطرها تملأ أنفه .. صورتها تتقاطع أمامه فتحجب عنه رؤية أصابعه وهو يمسك مقود سيارته :
ـ ياااه .. كان كابوسا وانتهى ..
لم يتصل في زوجته كعادته عندما يرجع إلى البيت ، أراد مفاجأتها بما أحضره لها ،
باب منزله الرئيسي مقفل في وجهه .. اندهش للواقع الذي اصطدم به .. جالت في خاطره عشرات الأسباب إلا سبب افتضاح أمر ..
حاول الاتصال بهاتف زوجته .. لا أحد يجيب .. هاتف منزل أسرة زوجته مغلق في وجهه .. انتابه قلق شديد .. توجه إلى منزل أسرته مستفسرا .. كل الوجوه غاضبة منه .. كل الوجوه تنفر منه ..
يمم وجهه نحو أسرة زوجته .. شاهد بعض أطفاله يلعبون أمام المنزل .. علته ابتسامة شاحبة .. ساوره اطمئنان مفاجئ .. ترجل من سيارته .. سأل أحد أطفاله عن سبب غيابهم عن البيت دون إبلاغه .. أخبره الطفل عن الاتصال المجهول الذي تلقته الأسرة في غيابه وكان سببا في هجر البيت .. أراد دخول المنزل .. أوصدت الأبواب في وجهه .. يأتيه صوت زوجته حادا وجارحا ..
ـ ليذهب إلى الجحيم .. دعوه يعود إليها ويأخذ هداياها ليبيعها في سوق الجمعة..
قاد سيارته نحو المجهول ..
أظلمت الدنيا أمام عينيه ..
تبعثرت أشياءه على جانبي الطريق السريع .. بقايا سيارته اختلطت مع هدايا الحب
يذهب أطفاله كل عيد ليسلموا على بقاياه في مكان موحش ..
أحد العابرين قال لي : أن شاهدا يظهر على القبر المجهول منتصف كل شهر عليه عبارة ( ظلمته الحياة ولم ينصفه الموت ) ..
ساقني الفضول لرؤية ما سمعت ولكني وجدت عبارة ( حياة ظالمة وموت منصف )

سالم الوشاحي
11-04-2010, 09:56 AM
هذا جزاء كل من ينحرف

عن طريق الحق ويتبع طريق

الفساد والرذيله ، قصه جميله

ياحمد السيابي وربي يعطيك العافيه

((ابوسامي))

اراماس الحسناوي
11-04-2010, 06:13 PM
بروعه الحضور كان قلمك

سلمت اناملك

كنت هنا