المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذاكرة الحب والموت


حمد السيابي
19-05-2010, 09:42 PM
ذاكرة الحب والموت
ليلة مختلفة تماما عن ليالي الشتاء .. ها أنا أستيقظ باحثا عن لحظة هدوء .. لا شيء إلا الظلام .. لا شيء إلا البرد .. أخبار الفضائيات مفزعة هي الأخرى .. لا شيء إلا الموت .. لا شيء إلا الخراب ..
أدخل غرفة مكتبي وأنا ألتفت كل لحظة إلى الوراء .. شيء ما يتتبع خطواتي المتثاقلة .. أتخيله يزحف نحوي من كل الاتجاهات .. أفتح الباب .. ألج .. أعيد إغلاق الباب بيدين ترتجفين .. أي شيء هذا الذي يفقدني حق التوازن ؟ وأي ليلة هذه التي تعيد رسم أصابعي ممسكة بقلم يرتجف كسيف مصقول ؟ ما الذي أتى بك أيها الفزع في زمن الخوف .. ؟
تتسابق أصابعي نحو المجهول .. هنا أسترجع ذاكرتي المشوشة بأخبار الموت .. جرس الباب يعلن قدوم زائر بعد منتصف الليل .. بينما أغرق أنا في نوم لم أتعوده من قبل .. أفتح عيني بقوة هائلة .. أي رعب هذا ..؟ وأي زائر جاء ليقتل لحظة الهدوء المفقودة .. ؟
أتحرك نحو الباب الخارجي بقدمين ثقيلتين .. وكأن قيدا يشدهما .. خفقان قلبي أسمع صدى صوته يملأ المكان .. وجه أبي بعينين يملأهما الدمع : ماتت أمك .. هي الآن في المستشفى .. اجهز للذهاب لإحضار جثمانها ..
آآآه .. أي عالم هذا الذي نتسابق لاقتناء ملذاته ؟ وأي حياة هذه التي نتمسك بها والموت يقرع كل لحظة بابا من أبوابنا ؟ أهو الأمل في يوم جديد ينفض غبار الحزن عن وجوهنا .. لنشرب كأسا أخرى تحت سياط المطر ..
تلك الليلة عرفت أن لا قيمة للنوم فوق وسائد الأحلام . .
أضع القلم جانبا كي يستريح .. أنهض متثاقلا نحو النافذة .. أزيح الستارة قليلا .. كل شيء يلفه الظلام .. والبرد القارص يتسلل من زجاج النافذة كلص محنك .. أعود أدراجي نحو القلم الذي تشتاقه أصابعي لحظة الخوف .. الآن تذكرت طلبك لكتابة برنامج رحلتنا القادمة .. الآن عرفت ما الذي أيقظني وأنا المثقل بذكريات الأمس .. طيفك يملأ ذاكرتي بالألوان الجميلة .. فيمنحني حق الكتابة .. وأنا أفترش أرصفة الظلام وألتحف ببرد ليلة شتائية مختلفة ..
طيفك هذا الذي يحلق بي كطائر خرافي .. يأخذني إلى جزر الأحلام وشواطئ الضياء .. تذكري معي رحلة الحلم الجميل .. حينها ولأول مرة طلبت مني أن أسابقك فوق رمال شاطئ ( صور ) .. تلك المدينة التي سحرتك إلى حد الجنون .. لا أعرف مدينة أتذكرها إلى حد البكاء مثل ( صور ) تلك المدينة المذهلة الجمال .. كفتاة فاتنة تتنزه فوق شاطئ بحر العرب ..
الآن وارتعاشة يدي تذكرني لحظة الإمساك بمعصمك ونحن نشاهد إبداع الإنسان في تسخير الأشياء لخدمته في مصنع السفن . حينها عرفت وبيقين لا يقبل الشك أن الحياة معك جميلة وأن السفر معك أجمل ..
المكان يزداد وحشة وأنا أتذكر مشهد نقل جثمان أمي من المستشفى .. لم نتمكن من الحصول على سيارة مخصصة لنقل الموتى .. عرفت حينها أن أمي لا تريد فراقنا .. هاهي جثة هامدة فوق المقعد الخلفي لسيارتي حيث كانت تحب أن تجلس .
الجميع كان يسألني : هل أحتمل القيادة وجثمان أمي يلوح في المرآة أمام وجهي ؟
كان جوابي أكثر شجاعة عندما صرخت في وجه أحدهم : إنها أمي وشاءت الأقدار أن أكون معها وتكون معي حية وميتة ..
هذه الشجاعة التي كنت تصفينني بها عندما أتذكر مشهد الموت ..
قد أكتب برنامجا مغايرا لرحلتنا هذه المرة .. سيكون للحزن فيه مكان .. وأنا أفتقدك شيئا فشيئا ..
أعرف الآن أنني أرقد على فراش المرض وأتذكرك .. ذاكرتي مليئة بالحزن .. بالألم .. بالمرض .. وبك أنت .. مليئة بك إلى حد الفيضان .. أتساءل وأنا أنتظر قدومك : على أي ورق أقدم لك برنامج رحلتنا القادمة ؟ على ورقة وصفة الطبيب .. أم على وجهي وهو يفتقد السعادة ؟ بأي جواب أرد على استفساراتك حول المرض والرحلة والموت والحب و الضياع ؟ بكلمات مخنوقة يلفظها لسان أثقله الألم ؟ أم بدمع عيون أحرقها البكاء ؟ ماذا أقول لك وأنت قادمة في أزهى حلل الجمال .. ؟
ستنطلق رحلتنا صباحا كعادتنا .. لنشرب فنجان قهوتنا تحت شجرة على جانب الطريق .. سنبدأ الكلام بابتسامة منك .. ابتسامة اشتقت إليها إلى حد الجنون .. كي تعيد لي شيئا من بقايا الأمل .. وتمنح المكان أغنية الذوق ..
لا مكان أفضل من شاطئ البحر ..كي أتسكع معك .. كي أراك فيه أكثر جمالا ونضارة.. رماله أحسبها مشتاقة إلى قدميك مثلما أشتاق أنا إليك وإلى عينيك ..
إلى ضحكاتك .. إلى هدوئك .. إلى انفعالاتك .. إلى كل شيء فيك ..
هو الشوق إذا وإطفاء جذوته نضعها في المرتبة الثانية من برنامج رحلتنا ..
تمضي الدقائق بطيئة وأنا أنتظر قدومك .. وقد فتحت أبواب المستشفى للزائرين ..
وأخذ المرضى يستقبلون زائريهم .. كثر الكلام والضجيج من حولي .. وأنا أراقب الساعة .. أنتظرك بلهفة عاشق أيتها الغائبة الحاضرة ..
سنلغي بند التسابق فوق رمال الشاطئ من برنامج رحلتنا .. لأنني لا أستطيع رؤيتك تهتزين أمامي كشجرة تفاح أثقلتها الثمار اليانعة .. ولا أحتمل تطاير أطراف فستانك الوردي كبستان زهور حركتها النسائم الصباحية ..
سنكتفي في رحلتنا هذه بتبادل التهاني .. أقدم لك قلبي ممزقا.. هدية زواجك القادم .
وسأحظى منك بباقة ورد أخيرة.. تباركين فيها سلامة خروجي من المستشفى ..

سالم الوشاحي
19-05-2010, 11:19 PM
قصه رائعه ياحمد السيابي يلفها الحزن
وتجول بنا إلى ذاكره شواطئ صور الجميله
وتعود بنا إلى فراق أمك العزيزه وجثمانها
المسجا في سيارتك وانت تقول لهم أنها أمي
لتعود إلى مشفاك لتنتظر ......
.............................
لقد أذهلتني بهذه القصه ياحمد فالف سلامه
لك

فاطــ (محمد) ــمة عبدالله
21-05-2010, 06:15 PM
حزن ماجن - دمع غادق ..محزون كل شي حتى شواطيء مدينة صور ...

مشاهد مؤلمة يا حمد ..المساء الجثة ...المعاناة ...البعثرة بين ردهات المشفى...

المرض ...الإنتظار الضجر ...لا ادري ما اقول :

قراءتك كثيرا ..عدة مرات عاودت الدخول هنا ..عبث أن ارد....


فالمعذره على بعثرتي تلك ..دائما مروري بارد...

ضي
21-05-2010, 10:37 PM
حمد السيابي لا تعليق قصة رائعة نسجتها باحساس مؤلم ....عبرات حزينة تخللتها ...مناظر يتقطع القلب لها ...
قصة مؤثرة تسيل دموعي رغما عني ....
عبارات القصة متناسقة....
تقبل مروري اخي خمد ...
كاتب مبدع....فواصل ابداعك

غربة أسير
21-05-2010, 11:05 PM
أووووووووووواهُ منك أيها السيابي ..
لماذا حملت لنا كُلَّ هذا الألم ..
لماذا نثرتَ لأرواحنا كُلَّ هذا الوجع ..
وكأن هناك متسعٌ بأرواحنا لم يمتلئ بالحزن بعد !
.......................
حمد السيابي ..
مبدع ..

حمد السيابي
22-05-2010, 10:21 AM
أووووووووووواهُ منك أيها السيابي ..
لماذا حملت لنا كُلَّ هذا الألم ..
لماذا نثرتَ لأرواحنا كُلَّ هذا الوجع ..
وكأن هناك متسعٌ بأرواحنا لم يمتلئ بالحزن بعد !
.......................
حمد السيابي ..
مبدع ..

ليس بالفرح وحده نحيا يا عزيزتي ( غربة أسير )
بالحزن أيضا فهو يمنحنا جمال الروح
فكم من نفوس طهرها الحزن
فصارت تقدس قيمة السعادة ..
أنا لست سوداويا ولكن للحزن في قلبي مكان
كم هو الحزن قاس .. لكنه علمني الكثير
ها أنا أكتب أحيانا بلون الحزن ممزوجا بطعم الفرح
الفرح الذي أشعر به وأنا أقرأ كلماتك
لك الشكر يا عزيزتي ( غربه )
ولك مني الود
وباقة ورد

حمد السيابي
22-05-2010, 10:29 AM
حزن ماجن - دمع غادق ..محزون كل شي حتى شواطيء مدينة صور ...

مشاهد مؤلمة يا حمد ..المساء الجثة ...المعاناة ...البعثرة بين ردهات المشفى...

المرض ...الإنتظار الضجر ...لا ادري ما اقول :

قراءتك كثيرا ..عدة مرات عاودت الدخول هنا ..عبث أن ارد....


فالمعذره على بعثرتي تلك ..دائما مروري بارد...

الغالية (فاطمة )
ما الذي يدفعني للكتابة إلا مثل متابعاتك
وردودك التي تنسكب على القلب بردا وسلاما ..
ما فائدة أن تكتب ولا يقرأك أحد ..
كم هي الكتابة ممتعة ولكن أحلاها كلمة عفوية تخرج من عزيز
مرورك دافء كدفء روحك الطيبة يا فاطمة ..
أتمنى أن أكون عند حسن الظن ...
ما أنا إلا رجل الهذيان المنظم ..
أشكرك أيتها الغالية
دمتي بخير
لك مني الود
وأحلى باقة ورد ..

حمد السيابي
22-05-2010, 10:32 AM
قصه رائعه ياحمد السيابي يلفها الحزن
وتجول بنا إلى ذاكره شواطئ صور الجميله
وتعود بنا إلى فراق أمك العزيزه وجثمانها
المسجا في سيارتك وانت تقول لهم أنها أمي
لتعود إلى مشفاك لتنتظر ......
.............................
لقد أذهلتني بهذه القصه ياحمد فالف سلامه
لك

المتميز طيبة وإبداعا ( أبو سامي )
يا أخي تخجلنا بتواضعك
وتسعدنا بردودك الأنيقة
لك الشكر دوما
ولك التقدير أبدا ..

حمد السيابي
22-05-2010, 10:38 AM
حمد السيابي لا تعليق قصة رائعة نسجتها باحساس مؤلم ....عبرات حزينة تخللتها ...مناظر يتقطع القلب لها ...
قصة مؤثرة تسيل دموعي رغما عني ....
عبارات القصة متناسقة....
تقبل مروري اخي خمد ...
كاتب مبدع....فواصل ابداعك

شكرا العزيزة ( أسيرة البدر )
الإبداع هو أن يكون الواحد بينكم
يلامس مشاعركم
يغترف من مائكم ..
بكم ومن أجلكم يكون الإبداع
أنت أيضا يا ( أسيرة البدر )
رائعة البوح
جميلة القلم
عذبة الآحساس ..
أشكر مرورك فوق جسر الكلمات ..
لك الود
وأروع باقة ورد ..