المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كلّما فتحتُ أثيرَ إذاعاتنَا المحليّة للكاتبة : عائشة السيفي


محمود النبهاني
18-06-2010, 12:09 PM
كلّما فتحتُ أثيرَ إذاعاتنَا المحليّة

عائشَة السيفيّ





1/ قرأتُ لأحدِ آبائنا من الكتّاب العمانيين القدَماء هذا المقطعَ من مقالٍ طويل:

" فإنّ من علاماتِ فقرِ المجتمع وإفلاسهِ فكرياً هو الحديث الذي لا طائلَ لهُ ولا منفعَة فيه دنياً ولا آخرة ، وإنّ من علامات فقرِ المجتمعِ استوَاء الصغير والكبير في التفكير فلا يفاضلُ الكبير على الصغيرِ لا بحفاصةِ المنطقِ ولا بواسعِ الحكمَة فكلاهمَا سواءٌ في مرتبَةِ الجهل"



لا أدريْ إن فهمَ أيٌ منكُم العبارةَ أعلاه . . لكنْ صدقاً كلّما فتحتُ أيّ إذاعةٍ من أثير إذاعاتنا المحليّة

شعرتُ بالأسفِ لمستوَى الضحالة الفكريّة التي يمرّ بها المتصلونَ والمذيعُون على السوَاء !

وأدركتُ تماماً كم تنطبقُ عليهم صناعة الغباءِ التيْ ذكرتها في مقالٍ سابقٍ تكرسُ لها إذاعاتنا المحليّة "مشكُورة"



2/ اتصالات "هايفة" . . فتيَات "يتأوهنَ" عبر الأثير وكأنهنّ في محادثة غراميّة ولسن على الهوَاء!



يتمسّحن بالمذيع كأنّه "البوي فريند" . .



ومذيعَة كلمَا بعثَ لها أحد المستمعينَ إهداءً ردّت بنبرَة متصنّعة الأنوثة : فدِيتك يا أبو علي الفلانيّ . .



فديتك يا قيس الفلانيّ

ودخلتْ في دوّامة "تفديَّة" لا تنتهيْ !



3/ كلّما فتحتُ أثير إذاعاتنا المحليّة !

وجدتُ أناساً يتصلونَ لتفريغ الهمُوم اليوميّة غير ممانعين في الدخول في أحاديث سخيفَة جداً

لابدّ أنهم يدركُون حجم سخفها مع المذيع الحاصلِ على شهادَة السخف الدوليّة !



4/ كلّما فتحتُ أثيرَ إذاعاتنا المحليّة . .

عجبتُ من استوَاء الصغير والكبير في "مصوخيّة" الحديث!

يتّصل رجل من الواضح من صوتهِ أربعينيّته في السن . .

ويبدأ في كيل التخاريف على الهوَاء . .

ويسمّونها في العرف الإذاعي "مداخلَة" وقيلَ في مسندٍ آخر "إهداء" !

وتتصلُ بعدها فتاةٌ لا تكادُ تتخطّى الإعداديّة لتهديْ "الغالي" الذي يسمعها تلك اللحظَة . .

الأغنيَة الفلانيّة !



ثم تهديها لرحّوم ووفوي وشوشة وندّوش وعلاوِي وشموسَة وأسومة وتعدّد بنات الصفّ والحلّة كلها !



5/ ساعتَان على الهوَاء والمذيع يتلقّى الاتصالات

من المستمعين ليفتُوه في موضوع الزوَاج فقد أعلنها على الهواء . .

برغبتهِ في الخطبَة . .

يرن الهاتفُ فيعلن المذيع: والحين نستقبل الاتصال من عريسنا القادم . .

- والحين بناخذ اتصال من العريس أبو حمد . . أهلين بعريسنا!

- ها شـ يريد يقول العريس لي بخصوص الزواج !



6/ يعقّب المذيع وكأنّه سيذهب غداً ليزفّ الفتاة التي لم يتقرر حتّى اللحظة من تكُون !

- مشكلة لما السوق ما يفتح 24 ساعة وانت محتاج تروح تتسوق عشان العرس . .

الواحد يتمنى لحظتها أنه الدكاكين تكون مفتوحة 24 ساعة عشان يخلص جهاز العرس . .

تتصلُ متصلة وتسلم على المذيع وكأنها لم تلتقهِ منذ عامين . .

تقول له: عرفتني. فيقول : لا . . مين العروس المتصلة؟

فترد : أفا ما عرفتني . . طيب حزّر .. ما ميّزت نبرة صوتي !؟

ونستمعُ حينها إلى حوار تعارفي يتضح في النهايةِ أن اسم صاحبتهِ: شـ . . .!



7/ يستقبلُ المذيع اتصالاً جديداً من متّصلة يتضح من صوتها أنها لا تزال مراهقَة !

تقول للمذيع: ناوي تعرس؟

فيرد المذيع: ايه والله ناوين. .

فترد عليه بقمة الوقاحة وقلّة الأدب: شو رايك تعرس بي أنا؟

فلا يملك المذيع سوى أن يقول : أوهو !! قويّة !



8/ لمدّة ساعَةٍ تستقبلُ المذيعَة اتصالاتِ المستمعين لكي "يغنوا على الخطّ" . .

تستقبلُ الاتصالَ وراء الأخير لكي يغنّي المستمع و"يهزهز" طبقاتِ صوتهِ عبر الأثِير !

ومنْ "هشاشة" البرنامج يشعرُ الواحدُ منّا بأنه "سيزوع" قدّامه في تلكَ اللحظَةِ !

لماذا؟ لأنّ هنالكَ كرنفَال "نشاز غنائيّ" مدّتهُ سَاعة !



9/ أصبحَ الشبابُ -لانتشار "موضة السخافة الإذاعيّة"

- يتناقلون بلوتوثوهاتٍ لهذه الاتصالات ملقينَ النكات على هؤلاء المتصلينَ

الذينَ أصبحوا محط استهزاء وسخريَة . .

يعرفُ كثيرُون أسماءهم المستعارة التيْ يتصلُون بها ويتساءل البعض

كيف لا تزال الإذاعَة تسمحُ باستقبال اتصالاتهم المسيئة لجديّة برامجها . .

ويعمد البعض لإرسال إشارات حول استئجار الإذاعاتِ لهؤلاء المتصلين. .





10/ سيقولُ قائلٌ: الناس مهمُومة . .

تريد أن تفرّغ وإن لم يرقكِ ما تسمعين فأغلقي الإذاعة . .



وسأقولُ أنا ما قالهُ ذلكَ الكَاتب:

" فإنّ من علاماتِ فقرِ المجتمع وإفلاسهِ فكرياً هو الحديث الذي لا طائلَ لهُ ولا منفعَة فيها دنياً ولا آخرة ،

وإنّ من علامات فقرِ المجتمعِ استوَاء الصغير والكبير في التفكير

فلا يفاضلُ الكبير على الصغيرِ لا بحفاصةِ المنطقِ ولا بواسعِ الحكمَة فكلاهمَا سواءٌ في مرتبَةِ الجهل""

وإنْ صحّ ما قيلَ أعلاهُ فلا أقولُ سوَى: قاتلَ اللهُ الفقر . .



قاتلَ اللهُ الهموم اليومية التيْ ينسحقُ تحتهَا هذا الشّعب . . قاتلَ اللهُ الإفلاس الفكريّ !





اللهم إني أستودعك قلبي فلا تجعل فيه أحداً غيرك

وأستودعك لا إله إلا الله فلقني إياها عند الموت

وأستودعك نفسي فلا تجعلني أخطو خطوة إلا في مرضاتك

وأستودعك كل شيء رزقتني وأعطيتني فاحفظه لي من شر خلقك أجمعين

وأغفر لي ولوالدي ولمن قرأ هذا الدعاء ووالديه ...أمين

إبراهيم الرواحي
18-06-2010, 04:00 PM
الله يرحمنا بس


صدقت عائشة


كلامها صحيح وواقعي

فاطــ (محمد) ــمة عبدالله
18-06-2010, 11:54 PM
واقع ...يا سيد النبهاني ...

يشهد له السامع ..............


ومازال مستمر ذاك التدني .....

شكرا لك وللكاتبه ......

وعذرا على المرور الركيك ...........

محمد الطويل
19-06-2010, 10:55 PM
نص من عائشة السيفي في مكانه وهو يحكي الواقع الذي نعيشه من تدني تام لمستوى بعض المذيعين والمذيعات والفقر التام في البرامج الهادفة .

البرامج للأسف تتكئ على الأغاني فقط وتدلل بأغانك والطلبات الرخيصة ليدور الحوار بين متصل فقير من كل شيء مع مذيع / مذيعة هي الأخرى رخيصة وفقيرة من كل شيء .

هكذا وضعت عائشة السيفي النقاط على الحروف والحمد لله الذي أكرمنا بكثير من المحطات الخليجية التي تأتينا عبر الأثير لنتعلم منها ونستفيد تاركين الجمل وما حمل من إذاعاتنا التي ازدات فقل خيرها .


متى سنفيق من هذا السبات ؟ .

والله صارت برامجنا فضيحة .


ألا من منقذ ؟





هناك من مذيعينا / مذيعاتنا وهم القلة يشار لهم البنان في صنع القنوات العمانية وبرامجها الهادفة وأسلوب الحوار الرائع فمثل هؤلاء نفتخر بهم حقاً .

سالم الوشاحي
19-06-2010, 11:08 PM
تسلم أخي محمود على النقل ... والله يرحمنا برحمته

هذا حالنا اليوم ... اللهم اصلح احوالنا واحوال المسلمين

نبيلة مهدي
21-06-2010, 03:06 AM
للآسف تحولة بعض محطات الإذاعة للهدر التفهات فقط..
و الثقافة ضائعة و سط كل هذا..؟
من يتحمل كل هذا..؟ إلا تعتقدون إن القائمون على بعض المحطات الإذاعية هدفهم فقط لملم المال..
و هدر الوقت بلا فائدة..
مع الإسف الإذاعة التي تعتبرأحد معالم الثقافة و نشرها.. اليوم باتت في تدني..


أخي العزيز محمود النبهاني..
شكرا لك لأنك أتحفتنا بمثل هذا المقال الجميل..
تقبل مروري هنا..

و كن بخير

ولد بن كعب
22-06-2010, 06:22 PM
إبصراحه مقال يحكي واقع إذاعاتنا بكل أسىً وحرقه , وفعلآ باتت هذه المحطات ملاذآ لكل جهلٍ وفقرٍ فكري , فلا الجمع الغفير من الجمهور الكريم يعي ماهية المأساه ولا المسؤول عن هذه الإذاعات أوعى بما يقدمه للعامه .. شكرآ أستاذي محمود على النقل الموفق , دمت بخير