المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كلاب المدينه


محمد عباس على
22-06-2010, 12:55 PM
كلاب المدينه قصة قصيرة


رأته ..تفجرت البسمة على شفتيها..نسيت الورق الذى أتت من أجله ،الضيق الذى كان منذ لحظات يخنق أنفاسها ،والطابور الذى لايبشر بانتهاء..وتعلقت نظراتها به !
وجهه يتميز عن وجوه الكلاب التى تعرفها بصفاء جسده ونقاء بشرته التى تفوح منها رائحة نظافة ..مؤكد يأكل مالم تسمع عنه الكلاب الأخرى ..الطابور طويل بطول الملل الذى لاينفك يطاردها ..ينقبض ويتلوى كأفعى تلتصق بالرصيف ،بينما الشمس تتربص بالأجساد المتراصة ، وهى تنتظر دوراً لايجىء ..تعاود شغل عينيها به.. يسير مختالاً..مرفوع الذيل كأنه أسد ..الطوق فى رقبته ناعم الملمس ،رقيق ،تمتد منه سلسلة
معدنية أنيقة ،تقبع نهايتها فى يدٍ متراخية تسحبها على مهل .
تنتبه للطابور ، على غير توقع يتحرك ..صارت أقرب من ذى قبل ..ترى الشباك الآن
والرجل الجالس خلف القضبان الحديدية الخضراء اللون،والمنديل الكاروهات الذى يغطى صلعته ..عما قليل تسلمه الأوراق ،تتجاهل غلظته وتجهم وجهه الذى ينز العرق من خلاياه ،ودوران رأسه الخالى من الشعر،تتغاضى عن كم السباب الذى يسيل من زوايا فمه ..تسلمه الورق وتأخذ إيصالا بالاستلام وتمضى ..يقولون أنه لايتسلم الأوراق الا ومعها خمسة جنيهات صحيحة تسلم له باليد ،يأخذها جهاراًً ويلقى بها متبرماً فى صندوق من الورق المقوى فى نهاية مكتبه ،بجوار الجدار ،كل هذا وهو يلعن من اضطره للتعامل مع هذه النوعية من البشر يومياً .
تدير وجهها عنه مشفقة من لحظة مواجهتها له ..لن تعطيه شيئا .. .مؤكد سيرميها بكلمة من العيار الثقيل ،وستضطر لتحملها من أجل خاطر الورق .ترتطم نظراتها بفسحة الطريق ..ترى الرجل يمسك السلسلة ..يرخيها ليعطى الكلب فرصة الحركة يمينا وشمالا ..يشدها اذ ا
رآه يحاول الخروج عن الدائرة المسموحة له ..الكلب لايستقر على حال ..يشم الارض ..يدور حول نفسه ..يرفع رأسه ..يرمق كلباً على البعد بائس الملامح مترب الوجه بغضب ..يحاول الوثوب اليه..تعبس قسماتها وهى تراه يجاهد محاولاً الوصول اليه
مكشراً عن أنيابه ،معلناً عن نيته فى الفتك به ،مرسلاً صيحاته هادرة فى الأرجاء ..تبتعد بوجهها عنه ..الكلاب فى القرية لها شأن آخر ..تنتبه لنفسها وعينيى الرجل الضيقتين ترسلان نارهما الى قسماتها من خلف القضبان الحديدية الباهتة اللون ..مدت يدها بالأوراق..قلب فيها باحثاً عن المعلوم
هرولت يدها الى كيس نقودها ..ثلاثة جنيهات ضئيلة أمامها ..لاشىء آخر ..ارتعشت نظراتها .. هى كل ماتملكه ..ستعود بها من حيث أتت ..هزها صوته الغليظ مستحثا ..امتدت أصابعها مرتعشة وسحبتها ..مدتها اليه
حدق فى خلايا وجهها المرتعدة بنظرات ذئبية البريق ، محاولاً التفتيش فيما وراء ها
هربت بعينيها رغماً عنها الى الأرض ، وقلبها فى فضاء صدرها يهرول هابطاً الى
مالا انتهاء..مؤكد سيلقى بالأوراق اليها ..ستعود لتأتى بالنقود ..تكابد الوقوف فى الصف وانتظار دورها من جديد و.. انتبهت له يترك الشباك ..يتجه بجسده الثمين فى خفة نحو الباب ومنه الى الطابور ..قبض على رسغها بيد والجنيهات الثلاثة فى اليد الأخرى وقد احمّر وجهه الغارق فى عرقه وضاقت عيناه أكثر وارتفع صوت تنفسه ،أما هى فقد شعرت بجسدها يترنح ،وتنسحب المرئيات من أمام عينيها فلا ترى الا ضباباً ،وأطرافها تتثلج ،ولولا إنه يمسك برسغها لتهاوت ارضاً .دفعها الى رئيسه خلف المكتب المواجه للباب مباشرة صارخاً : -
- هاهى إمرأة والنقود بيدها ...لتصدقنى !
وتركه ومضى..تأكدت العيو ن المتابعة أن هذه المرأة قد انتهت ..هى قضية لامفر منها يخزى بها العيون ويلهيها عن نفسه ويثبت بها أنه برىء ،خاصة إنه عاد الى الشباك وتسلم أوراقاً أخرى ومعها المعلوم .
إعتدل الرجل من جلسة الاسترخاء التى كان يجلسها وحدق فى وجه المرأة الأصفرطويلاً ..أمسك الورق بيد والنقود بيد أخرى ..نظراته حادة ..صارمة ..لم يقل لها أحد انهم سيقبضون عليها والاماعرضت نفسها لهذا ..بحثت عن صوتها لتتكلم ،عن ريقها لترطب به جفاف حلقها ،عن أعصابها لتتماسك ..لم تجد شيئا من هذا ..قاسها الرجل بنظراته من أسفل الى أعلى ..أخيراً وبصوت بارد النصل سأل :
- هذه نقودك ؟
راودتها فكرة أن تنكر هذا ..تقسم أنها لاتعرف تلك الجنيهات المتهالكة وليست لها بها صلة ولم ترها من قبل ..تذكرت الأعين التى تابعتها وهى تفتش كيس نقودها وتخرجهاهزيلة منه ..هزت رأسها متخاذلة بمعنى نعم وأطرقت برأسها .
قال مؤنباً :- الرجل يأخذ خمسة جنيهات ..يشقى ويعرق ويستحقها ..ماهذا البخل ؟
الاتستحين ..؟
كانت السماء باهتة الازرقاق ،والشمس تميل عن قبتها غرباً والغبار ركام فى الطرقات
..رجع بظهره الى الوراء متراخيا كما كان ، أما هى فلم تنطق بحرف !

سالم الوشاحي
22-06-2010, 01:40 PM
تسلم اخي محمد على قصة (( كلاب المدينه))

أبدع قلمك الراقئ هنا ...

وأسلوبك الشيق في تصوير الأحداث

لكن لم أجد لها نهايه ...

كما عهدنا في القصص

أكان سؤا فهم مني ..!!!!

محمد عباس على
24-06-2010, 07:00 PM
تسلم اخي محمد على قصة (( كلاب المدينه))

أبدع قلمك الراقئ هنا ...

وأسلوبك الشيق في تصوير الأحداث

لكن لم أجد لها نهايه ...

كما عهدنا في القصص

أكان سؤا فهم مني ..!!!!
أخى أبو سامى ..تقديرى لك على مرورك الكريم على كلماتى ..حروفك نور هطل على صفحتى ..شكراً لك ..وسلام

نبيلة مهدي
01-07-2010, 07:12 AM
قصة جميلة و أحداثها تحبس الأنفاس..
شكرا يا أخي الكريم محمد عباس علي..
في انتظار جديدك..

كن بخير

محمد عباس على
02-07-2010, 10:01 PM
قصة جميلة و أحداثها تحبس الأنفاس..
شكرا يا أخي الكريم محمد عباس علي..
في انتظار جديدك..

كن بخير

شكراً لك أخت نبيله ..تحياتى لك وتقديرى ..وسلام

ريماني
02-07-2010, 10:25 PM
أحداثها جميله
قصه رائعه
تسلم أخوي محمد ع هالتعبير

محمد عباس على
06-07-2010, 04:33 PM
أحداثها جميله
قصه رائعه
تسلم أخوي محمد ع هالتعبير

بل الشكر والتقدير لمرورك الكريم على كلماتى ..تحياتى لك ..وسلام

طه حسين
22-07-2010, 04:32 PM
أبدعت فأجدت في أنتظار جديدك
تقبل مروري ودمت بخير

محمد عباس على
22-07-2010, 04:52 PM
أبدعت فأجدت في أنتظار جديدك
تقبل مروري ودمت بخير

بل الشكر والتقديرلك لمروك الذى أسعدنى ..تحياتى لك وسلام